مهذب الاحكام في بيان حلال والحرام المجلد 28

هوية الکتاب

بطاقة تعريف: سبزواري، سیدعبدالاعلي، 1288؟ - 1372.

عنوان العقد: عروة الوثقي . شرح

عنوان واسم المؤلف: مهذب الاحکام في بیان حلال والحرام المجلد 28/ تالیف عبد الاعلي الموسوي السبزواري .

تفاصيل المنشور: قم : دار التفسیر ، -1388

مواصفات المظهر: 30 ج.

ISBN : دوره 978-964-535-155-5 : ؛ ج.1 978-964-535-156-2 : ؛ ج.2 978-964-535-157-9 : ؛ ج. 3 978-964-535-158-6 : ؛ ج.4 978-964-535-159-3 : ؛ ج. 5 : 978-964-535-160-9 ؛ ج. 6 978-964-535-161-6 : ؛ ج.7 978-964-535-162-3 : ؛ ج.8: 978-964-535-163-0 ؛ ج.9، چاپ اول: 978-964-535-164-7 ؛ ج.10 978-964-535-165-4 : ؛ ج.11: 978-964-535-169-2 ؛ : ج.12، چاپ اول: 978-964-535-170-8 ؛ ج. 13 978-964-535-171-5 : ؛ ج.15،چاپ اول: 978-964-535-173-9 ؛ ج.14: 978-964-535-172-2 ؛ ج.16 978-964-535-174-6 : ؛ ج.17 978-964-535-175-3 : ؛ ج.18 978-964-535-176-0 : ؛ ج.19 978-964-535-177-7 : ؛ ج.21 978-964-535-179-1 : ؛ ج.20 978-964-535-178-4 : ؛ ج.22 978-964-535-180-7 : ؛ ج.23 978-964-535-181-4 : ؛ ج.24 978-964-535-182-1 : ؛ ج.25 978-964-535-183-8 : ؛ ج.26 978-964-535-184-5 : ؛ ج.27 978-964-535-185-2 : ؛ ج.28 978-964-535-186-9 : ؛ ج.29 978-964-535-187-6 : ؛ ج.30 978-964-535-188-3 :

حالة الاستماع: فاپا

ملاحظة : عربی.

ملاحظة : ج. 2 - 16 تا 30 (چاپ اول: 1430ق. = 2009م. = 1388).

ملاحظة : هذا الكتاب هو وصف ل ''عروه الوثقي ''، محمد کاظم یزدي هو .

ملاحظة : فهرس.

محتويات: ج.4. الطهاره.- ج.7، 8. الصلاه.- ج.10. الصومر.- ج.11. الزکاه الخمس.- ج.14. الحج.- ج.16. المکاسب.- ج.17. البیع.- ج.18. البیع الی الودیعة.- ج.19. الاجارة المضاربة.- ج.20. الشرکة الی الکفالة.- ج.21. الدین الی الغصب.- ج.22. الوقف الی الکفارة.- ج.23. الصیدوالذباحة الی اللقطة.- ج.24، 25. النکاح.- ج.26. الطلاق.- ج.27. القضاء.- ج.28. الحدودالقصاص.- ج.29. الدیاتج.30. الارث.

ملاحظة : یزدي، سیدمحمدکاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1338؟ ق . عروه الوثقي -- النقد والتعليق

ملاحظة : فقه جعفري -- قرن 14

الحلال والحرام

المعرف المضاف: یزدي، سیدمحمد کاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1338؟ ق . عروه الوثقي. شرح

ترتيب الكونجرس: BP183/5/ی4ع402152 1388

تصنيف ديوي: 297/342

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1 5 6 8 0 2 8

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

تتمة كتاب الحدود و التعزيرات

تتمة الحد و موجباته ستة

اشارة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه رب العالمين و الصلاة و السلام على سيد الأولين و الآخرين محمد و آله الطيبين الطاهرين.

الثالث مما يوجب فيه الحد: القذف

اشارة

الثالث مما يوجب فيه الحد: القذف و فيه فصول:

______________________________

الثالث: القذف القذف من الكبائر بل من الموبقات منها، و هي سبع: الشرك باللّه تعالى، و السحر، و قتل النفس المحترمة، و أكل الربا، و أكل مال اليتيم، و التولي عن الزحف، و قذف المحصنات.

و تدل على حرمته الأدلة الأربعة.

فمن الكتاب: قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ اللّهُ يَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (1).و قوله جل شأنه:

ص: 5


1- سورة النور آية: 19.

..........

______________________________

إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (1).

و من السنة: ما هي متواترة بين الفريقين، فعن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «كل المسلم على المسلم، حرام دمه و ماله و عرضه» (2)، و عنه صلّى اللّه عليه و آله: «أيما رجل قذف مملوكه و هو برئ لما قال، أقيم عليه الحد يوم القيامة، إلا أن يكون كما قال له» (3).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «اجتنبوا السبع الموبقات وعد منها قذف المحصنات الغافلات المؤمنات» (4)، و المراد من الموبقات المهلكات، و عن مولانا الرضا عليه السّلام: «و حرّم اللّه قذف المحصنات لما فيه من فساد الأنساب، و نفي الولد، و إبطال المواريث، و ترك التربية، و ذهاب المعارف، و ما فيه من الكبائر و العلل التي تؤدي إلى فساد الخلق»(5).

و من الإجماع: إجماع المسلمين بل العقلاء.

و من العقل: أنه ظلم و أي ظلم أشد منه.

و يقع البحث في فصول أربعة: الموجب، و القاذف، و المقذوف، و الأحكام.

ص: 6


1- سورة النور آية: 23.
2- السنن الكبرى للبيهقي ج: 8 كتاب الحدود باب: 38.
3- السنن الكبرى للبيهقي ج: 8 كتاب الحدود باب: 38.
4- الوسائل: باب 46 من أبواب جهاد النفس: 34.
5- الوسائل: باب 1 من أبواب حد القذف: 5.
الفصل الأول في موجب حدّ القذف و ما يتعلق به
اشارة

الفصل الأول في موجب حدّ القذف و ما يتعلق به

مسألة 1: موجب حدّ القذف الرمي بالزنا أو اللواط

(مسألة 1): موجب حدّ القذف الرمي بالزنا أو اللواط (1)، و أما الرمي بسائر الفواحش كالسحق و نحوه فليس فيه حدّ القذف (2). نعم لولي الأمر تعزير الرامي (3).

مسألة 2: يشترط في القذف أن يكون بلفظ له ظهور عرفي محاوري يعتمد الناس عليه في محاوراتهم

(مسألة 2): يشترط في القذف أن يكون بلفظ له ظهور عرفي محاوري يعتمد الناس عليه في محاوراتهم (4)،

______________________________

(1) إجماعا، و نصوصا، منها قول علي عليه السّلام في الموثق: «أن الفرية ثلاث- يعني، ثلاث وجوه- إذا رمى الرجل الرجل بالزنا، و إذا قال: إن أمه زانية، و إذا دعا لغير أبيه، فذلك فيه حدّ ثمانون» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا في خبر ابن صهيب: «إذا قال الرجل للرجل: يا معفوج [مفتوح] يا منكوح في دبره، فإن عليه حدّ القاذف» (2)، إلى غير ذلك من الأخبار.

(2) للأصل، و الحصر المستفاد من الأدلة الآتية في خصوص الزنا و اللواط.

(3) لأن حفظ حرمة المؤمن من شؤون ولاية الحسبة، و للحاكم الشرعي الولاية على أمور الحسبة و شؤونها، كما تقدم مكررا.

(4) لأن المناط كله في موضوعات الأحكام مطلقا إنما هو الظاهر

ص: 7


1- الوسائل: باب 2 من أبواب حد القذف: 2.
2- الوسائل: باب 3 من أبواب حد القذف: 2.

مثل أن يقول: «أنت زاني» أو «لائط» أو «ليط بك» أو «نكح في دبرك» أو «يا زاني» أو «يا لائط» أو نحو ذلك من الألفاظ الظاهرة في المعنى المقصود (5).

و يشترط أن يكون القائل عارفا بمعنى اللفظ الذي يقذف الغير به (6).

مسألة 3: لو تكلم الجاهل بالمعنى بأحد الألفاظ المذكورة فلا قذف و لا حدّ

(مسألة 3): لو تكلم الجاهل بالمعنى بأحد الألفاظ المذكورة فلا قذف و لا حدّ و إن علم المخاطب بمعناها (7)، و لو عكس كما إذا قال العارف باللغة ما هو قذف و جهل المخاطب ذلك يكون قذفا و عليه الحد (8).

مسألة 4: إذا قال لولده الشرعي: «لست بولدي» مع عدم القرينة على الخلاف يكون ذلك قذفا و عليه الحدّ

(مسألة 4): إذا قال لولده الشرعي: «لست بولدي» مع عدم القرينة على الخلاف يكون ذلك قذفا و عليه الحدّ، و كذا لو قال لغيره «لست لأبيك» (9)،

______________________________

المحاورية، فلا تختص بالصراحة المحضة، كما لا يترتب الأثر على المجملات مطلقا، فكل لفظ كان له ظهور عرفي في القذف يترتب عليه الأثر، كما في سائر الموارد من العقود و الإيقاعات و الأقارير و الوصايا و غيرها.

(5) لأن كل ذلك ظاهر فكل ظاهر، يعتمد عليه في المحاورات و يترتب عليه الأثر.

(6) لأن ذلك هو المنساق من الأدلة و المخاطبات في المحاورات، مضافا إلى الأصل، و الإجماع، و «درء الحدود بالشبهات» (1).

(7) لأصالة عدم ترتب الأثر إلا فيما إذا علم المتكلم بما يتكلم به، و إلا يكون من اللغو الباطل، فلو تكلم أحد بما يكون فحشا و هو لا يعرف تلك اللغة أصلا لا يلومه الناس أبدا و يعذرونه بجهله.

(8) لصدق القذف عرفا، فيترتب عليه الحكم قهرا.

(9) للصدق العرفي، مضافا إلى الإجماع، و النص، قال علي عليه السّلام في خبر السكوني: «من أقرّ بولد ثمَّ نفاه، جلد الحدّ، و الزم الولد» (2).

ص: 8


1- الوسائل: باب 24 من أبواب مقدمات الحدود.
2- الوسائل: باب 23 من أبواب حد القذف: 1.

و لو كانت في البين قرينة و لو حالية على الخلاف فلا قذف و لا حد (10).

مسألة 5: يختلف التعبير في القذف

(مسألة 5): يختلف التعبير في القذف.

فتارة: يكون المخاطب هو المقذوف كما مر من الأمثلة.

و أخرى: يقول القاذف: «يا أب الزاني أو الزانية» أو «يا أخت الزاني أو الزانية» أو «يا زوج الزانية» أو «يا أب اللائط أو أخاه» أو نحو ذلك من التعبيرات فيكون للمنسوب إليه الزنا أو اللواط فله المطالبة بالحدّ، فيحدّ القاذف لذلك و يعزر لإيذاء المخاطب و هتكه بما لا يجوز ذلك (11).

مسألة 6: لا يثبت الحدّ مع تحقق الاحتمال في البين

(مسألة 6): لا يثبت الحدّ مع تحقق الاحتمال في البين (12)،

______________________________

و عنه عليه السّلام أيضا: «لم يكن يحدّ في التعريض حتى يأتي بالفرية المصرّحة، مثل يا زاني، يا ابن الزّانية، و لست لأبيك» (1).

(10) للأصل، و الإجماع، و سقوط الظهور العرفي عن القذف بواسطة القرينة بل و للسيرة في الجملة، فكم من أب ذات مقام و شأن في العلم أو العمل أو هما معا يتوقع ذلك من ولده أيضا، و هو ليس بصدد تحصيله، يقول له: لست بولدي. و كذا بالنسبة إلى الغير، فلو كان زيد جوادا سخيا و كان له ولد بخيل لئيم، يقول الناس له: لست بولده، و هكذا في الأمثال و النظائر.

(11) لما تقدم من أن القذف هو الرمي و النسبة إلى الزنا أو اللواط، و المفروض أن القاذف لم ينسب المخاطب إلى شي ء منهما و إنما نسب غيره، فحينئذ له المطالبة بالحدّ أو يكون له العفو دون المخاطب، نعم لا ريب في أنه هتك المخاطب بذلك، فيعزر بما يراه الحاكم لهتكه المؤمن بما لا يجوز، و يحدّ لقذفه الآخر إن طالبه.

(12) للأصل، و ما دلّ على درئ الحد بالشبهة (2)، و أن التعيين و الجزم

ص: 9


1- الوسائل: باب 19 من أبواب حد القذف: 9.
2- الوسائل: باب 24 من أبواب مقدمات الحدود.

و في مورد الترديد بين نفرين يثبت الحدّ مع مطالبتهما له (13).

مسألة 7: لو قال للملاعنة: «يا زانية» أو قال لابنها: «يا ابن الزانية» فعليه الحدّ

(مسألة 7): لو قال للملاعنة: «يا زانية» أو قال لابنها: «يا ابن الزانية» فعليه الحدّ (14)، و لو قال: «زنيت أنت بفلانة» أو «لطت بفلان» يكون القذف للمخاطب (15)، و لو قال لامرأة: «أنا زنيت بك» فلا حدّ للقذف (16)، نعم لو أقر بذلك اربع مرات يحد حد الزاني (17).

______________________________

عرفا هو المنساق من الأدلة.

نعم، للحاكم التعزير بما يراه حفظا للنظام و دفعا للتقاذف بين الأنام بما لا يرتضيه الملك العلام.

(13) لأن الحق لا يعدوهما و قد طالباه، فالمقتضي له موجود و المانع مفقود، و لو قذف أهل محل أو قرية أو بلد، فللحاكم التعزير.

و هل له إقامة الحد ولاية؟ وجهان من إطلاقات ثبوت الولاية له، و كون المقام من الحسبة، فيجوز له إقامة الحد. و من تحقق الشبهة فلا حد له.

(14) لصدق القذف عرفا بالنسبة إليها، و للإجماع، و قول الصادق عليه السّلام في رواية سليمان بن خالد: «يجلد القاذف للملاعنة» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح الحلبي: «في رجل قذف ملاعنة، قال: عليه الحدّ» (2)، و في خبر أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «عن رجل قذف امرأته فتلاعنا، ثمَّ قذفها بعد ما تفرقا أيضا بالزنا، أ عليه حدّ؟ قال: نعم عليه حدّ» (3).

(15) لأنه المنساق عرفا من مثل هذا التعبير، و الشك في شموله للطرف يكفي في درء الحدّ بالشبهة.

(16) للشبهة الدارئة للحدّ كما مر مكررا.

(17) لقول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «في رجل قال

ص: 10


1- الوسائل: باب 8 من أبواب حد القذف: 1 و 3.
2- الوسائل: باب 8 من أبواب حد القذف: 1 و 3.
3- الوسائل: باب 13 من أبواب حد القذف: 2.
مسألة 8: كل ما ليس بقذف اصطلاحا و لكنه يوجب استخفاف الطرف و إهانته مع عدم كونه مستحقا للإهانة يوجب التعزير لا الحدّ

(مسألة 8): كل ما ليس بقذف اصطلاحا و لكنه يوجب استخفاف الطرف و إهانته مع عدم كونه مستحقا للإهانة يوجب التعزير لا الحدّ (18)، و لو كان مستحقا فلا يوجب شيئا (19).

______________________________

لامرأته: يا زانية أنا زنيت بك، قال عليه السّلام: عليه حدّ واحد لقذفه إياها، و أما قوله: أنا زنيت بك فلا حدّ فيه، إلا أن يشهد على نفسه أربع شهادات بالزنا عند الإمام» (1)، و تقدم ما يرتبط بالمقام في حدّ الزنا.

(18) إجماعا، و نصوصا، منها ما عن الصادق عليه السّلام في صحيح عبد الرحمن:

«في رجل سبّ رجلا بغير قذف فعرض به، هل يجلد؟ قال عليه السّلام: لا، عليه تعزير» (2).

و عن أبي جعفر عليه السّلام في خبر أبي مريم: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في الهجاء، التعزير» (3).

و في خبر إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السّلام: «أن عليا عليه السّلام كان يعزر في الهجاء، و لا يجلد الحد إلا في الفرية المصرحة، أن يقول: يا زان، أو يا ابن الزانية، أو لست لأبيك» (4).

و في خبر حسين بن أبي العلاء عن الصادق عليه السّلام أنه شكا رجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل قال احتملت بأمك، فقال عليه السّلام: سنضربه ضربا وجيعا حتى أنه لا يؤذي المؤمنين، فضربه ضربا وجيعا (5)، إلى غير ذلك من الأخبار.

(19) للأصل، و ظهور الإجماع، و النصوص، منها قول الصادق عليه السّلام: «إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له و لا غيبة (6).

ص: 11


1- الوسائل: باب 13 من أبواب حد القذف: 1.
2- الوسائل: باب 19 من أبواب حد القذف: 1 و 5 و 6.
3- الوسائل: باب 19 من أبواب حد القذف: 1 و 5 و 6.
4- الوسائل: باب 19 من أبواب حد القذف: 1 و 5 و 6.
5- الوسائل: باب 24 من أبواب حد القذف.
6- الوسائل: باب 154 من أبواب أحكام العشرة: 4.

و الفعل الذي يكون موجبا للهتك و الإيذاء مع عدم استحقاق الطرف لهما يكون كذلك (20).

مسألة 9: لو قال: «أنت ولد شبهة» أو «حملت بك أمك في الحيض»

(مسألة 9): لو قال: «أنت ولد شبهة» أو «حملت بك أمك في الحيض» أو قال لزوجته: «لم أجدك عذراء» كل ذلك ليس من القذف و لكن فيها التعزير (21).

______________________________

و عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «إذا رأيتم أهل الريب و البدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم، و أكثروا من سبهم و القول فيهم و أهينوهم- الحديث-» (1)، إلى غير ذلك من الأخبار المستفيضة.

(20) لعدم الفرق بين الهتك القولي و الفعلي، بل ربما يكون الثاني أشد و أقوى.

(21) أما الأول: فلما مر من بيان موضوع القذف سابقا.

و أما الثاني: فلأنه إيذاء للمؤمنين، و كل ما يوجب أذى للمؤمن- مثل قوله يا أبرص يا أجذم يا أعور- فللحاكم التعزير، كما مر في النصوص السابقة، و عن الصادق عليه السّلام في رواية أبي بصير: «في رجل قال لامرأته: لم أجدك عذراء، قال عليه السّلام: يضرب، فإنه يوشك أن ينتهي» (2).

و عنه عليه السّلام أيضا في خبره الآخر: «ان العذرة قد تسقط من غير جماع، و قد تذهب بالنكية و العثرة و السقطة» (3).

و أما صحيح ابن سنان: «إذا قال الرجل لامرأته: لم أجدك عذراء، و ليست له بينة، يجلد الحدّ، و يخلى بينه و بين امرأته» (4)، محمول على التعزير إجماعا.

ص: 12


1- الوسائل: باب 39 من أبواب الأمر و النهي: 1.
2- الوسائل: باب 17 من أبواب اللعان: الحديث: 6 و 1 و 5.
3- الوسائل: باب 17 من أبواب اللعان: الحديث: 6 و 1 و 5.
4- الوسائل: باب 17 من أبواب اللعان: الحديث: 6 و 1 و 5.
مسألة 10: يتوقف إجراء حدّ القذف على مطالبة المقذوف

(مسألة 10): يتوقف إجراء حدّ القذف على مطالبة المقذوف (22).

______________________________

(22) لأنه من حقوق الناس، و تقدم أنها تتوقف على مطالبة صاحب الحق، و في موثق عمار عن الصادق عليه السّلام: «في رجل قال للرجل: يا ابن الفاعلة، يعني الزنا، فقال: إن كانت أمه حية شاهدة، ثمَّ جاءت تطلب حقها، ضرب ثمانين جلدة، و إن كانت غائبة انتظر بها حتى تقدم ثمَّ تطلب حقها، و إن كانت قد ماتت و لم يعلم منها إلا خيرا ضرب المفتري عليها الحدّ ثمانين جلدة» (1).

ص: 13


1- الوسائل: باب 6 من أبواب حد القذف: 1.
الفصل الثاني في ما يعتبر في القاذف و المقذوف
اشارة

الفصل الثاني في ما يعتبر في القاذف و المقذوف

مسألة 1: يعتبر في القاذف البلوغ، و العقل، و الاختيار، و القصد

(مسألة 1): يعتبر في القاذف البلوغ، و العقل، و الاختيار، و القصد (1)، فلا حدّ لقذف الصبي، و المجنون، و المكره، و الغافل، و الساهي (2). نعم لو كان يؤثر فيه التأديب يؤدبه الحاكم بما يراه و كذا المجنون (3).

______________________________

(1) هذه كلها من الشرائط العامة التي قد مرّ مكررا أدلة اعتبارها، فيمكن أن يجعل اعتبار هذه الشروط من ضروريات الفقه، مضافا إلى أدلة خاصة، كما سيأتي.

(2) لحديث رفع القلم (1)، و قول الصادق عليه السّلام في صحيح الفضيل: «لا حدّ لمن لا حدّ عليه، يعني لو أن مجنونا قذف رجلا لم أر عليه شيئا، و لو قذفه رجل فقال له: يا زاني، لم يكن عليه حد» (2).

و عن أبي جعفر عليه السّلام في خبر أبي مريم: «سأله عن الغلام لم يحتلم يقذف الرجل، هل يحدّ؟ قال: لا، و ذلك لو أن رجلا قذف الغلام لم يحدّ» (3)، و يدلّ حديث الرفع (4) على عدم الأثر لقذف المكره.

و العقل يحكم بأنه لا أثر لقذف غير القاصد أيضا.

(3) لظهور الإجماع، مضافا إلى دفع مادة الفساد بأي وجه أمكن،

ص: 14


1- الوسائل: باب 4 من أبواب مقدمة العبادات: 10.
2- الوسائل: باب 19 من أبواب مقدمات الحدود.
3- الوسائل: باب 5 من أبواب مقدمة حد القذف: 1.
4- الوسائل: باب 56 من أبواب جهاد النفس.
مسألة 2: لو قذف العاقل أو المجنون الأدواري في دور عقله فجن العاقل و عاد دور الجنون في الأدواري لا يسقط الحدّ

(مسألة 2): لو قذف العاقل أو المجنون الأدواري في دور عقله فجن العاقل و عاد دور الجنون في الأدواري لا يسقط الحدّ، بل يحدّ و لو في حال الجنون (4).

مسألة 3: إذا قذف السكران و كان سكره بحق

(مسألة 3): إذا قذف السكران و كان سكره بحق كالمداواة، و الاضطرار، و الغفلة عن السكر أو غير ذلك- و لم يكن له قصد بالنسبة إلى القذف فلا حدّ عليه (5)، و إن لم يكن كذلك فعليه الحدّ (6).

مسألة 4: لا فرق في القاذف بين المسلم و الكافر

(مسألة 4): لا فرق في القاذف بين المسلم و الكافر (7)،

______________________________

فبالنسبة إلى الكامل بالحدود، و بالنسبة إلى غيره فبالتعزير، لأن يقطع منشأ الفساد عن الصغير- مع التمييز على وجه يؤثر فيه التعزير كما هو المفروض- و الكبير.

(4) للأصل، و إطلاق صحيح أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه السّلام: «في رجل وجب عليه الحدّ فلم يضرب حتى خولط، فقال: إن كان أوجب على نفسه الحدّ و هو صحيح لا علة به من ذهاب عقل، أقيم عليه الحدّ كائنا ما كان» (1).

(5) لعدم تحقق القصد منه- كما هو المفروض- و عدم انتهاء موجبه إلى التعمد و الاختيار المنهي عنه. و إن تحقق منه القصد فمقتضى الإطلاقات، و العمومات، ثبوت الحدّ.

(6) سواء كان قاصدا أو لا.

أما الأول: فلوجود المقتضي و فقد المانع.

و أما الثاني: فلانتهاء عدم قصده إلى الاختيار، فيحدّ حينئذ، و عليه يحمل قول علي عليه السّلام في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «إن الرجل إذا شرب الخمر سكر، و إذا سكر هذي، و إذا هذي افترى، فاجلدوه حدّ المفتري» (2).

(7) لما مر من الإطلاق، و الاتفاق، و في موثق بكير عن أحدهما عليهما السّلام:

ص: 15


1- الوسائل: باب 9 من أبواب مقدمات الحدود: 1.
2- الوسائل: باب 3 من أبواب حد المسكر: 4.

و لا بين الحرّ و العبد (8).

______________________________

«من افترى على مسلم ضرب ثمانين، يهوديا أو نصرانيا أو عبدا» (1).

(8) لإطلاق الآية الشريفة وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (2)، و نصوص كثيرة منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «إذا قذف العبد الحر جلد ثمانين، هذا من حقوق الناس» (3).

و منها: رواية سماعة عن الصادق عليه السّلام: «في المملوك يفتري على الحر؟

قال: يجلد ثمانين» (4).

و منها: ما عنه عليه السّلام أيضا في روايته الثانية: «في الرجل إذا قذف المحصنة يجلد ثمانين، حرا كان أو مملوكا» (5)، إلى غير ذلك من الروايات، بلا فرق في العبد بين القن و المبعض و المكاتب بجميع أقسامه، لما عرفت من الإطلاق، و في صحيح سليمان بن خالد عن الصادق عليه السّلام: «أنه سئل عن المكاتب افترى على رجل مسلم؟ قال: يضرب حد الحر ثمانين إن كان أدى من مكاتبته شيئا أو لم يؤد» (6).

و نسب إلى الصدوق اعتبار الحرية في وجوب الحدّ الكامل، تمسكا بخبر القاسم بن سليمان قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن العبد إذا افترى على الحر كم يجلد؟ قال: أربعين» (7).

و فيه: أنه يمكن حمل التنصيف الوارد في الخبر على التقية (8).

و أما صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «العبد يفتري على الحر،

ص: 16


1- الوسائل: باب 4 من أبواب حد القذف: 13.
2- سورة النور: 4.
3- الوسائل: باب 4 من أبواب حد القذف: 4 و 5 و 1 و 8 و 15.
4- الوسائل: باب 4 من أبواب حد القذف: 4 و 5 و 1 و 8 و 15.
5- الوسائل: باب 4 من أبواب حد القذف: 4 و 5 و 1 و 8 و 15.
6- الوسائل: باب 4 من أبواب حد القذف: 4 و 5 و 1 و 8 و 15.
7- الوسائل: باب 4 من أبواب حد القذف: 4 و 5 و 1 و 8 و 15.
8- المغني لابن قدامة ج: 10 صفحة: 206 ط- بيروت.
مسألة 5: في ثبوت الحدّ بحكاية القذف إشكال

(مسألة 5): في ثبوت الحدّ بحكاية القذف إشكال (9).

مسألة 6: يشترط في المقذوف البلوغ، و العقل و الحرية، و الإسلام، و العفة

(مسألة 6): يشترط في المقذوف البلوغ، و العقل و الحرية، و الإسلام، و العفة فمع اجتماع الخمسة يتحقق الإحصان الموجب لثبوت الحدّ على القاذف (10)،

______________________________

فقال: يجلد حدا إلا سوطا أو سوطين» (1)، و خبر سماعة: «سألته عن المملوك يفتري على الحر؟ قال: عليه خمسون جلدة» (2)، محمول أو مطروح، فلا بد من رد علمه إلى أهله.

(9) من صدق القذف في الجملة عليه، فيترتب عليه حكمه. و من أن القذف إنشاء و الحكاية عنه إخبار، فليس بقذف. و لكن الظاهر أنه من إشاعة الفحشاء، فيحرم من هذه الجهة.

(10) إجماعا، و نصوصا في الأولين- كما مر (3)- ففي صحيح أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «في الرجل يقذف الجارية الصغيرة؟ قال: لا يجلد إلا أن تكون أدركت أو قاربت» (4)، أي: بلغت، و عنه عليه السّلام أيضا في الصحيح: «في الرجل يقذف الصبية يجلد؟ قال عليه السّلام: لا، حتى تبلغ» (5)، و في صحيح ابن يسار قال:

«سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لا حدّ لمن لا حدّ عليه، يعني لو أن مجنونا قذف رجلا لم أر عليه شيئا، و لو قذفه رجل فقال: يا زان، لم يكن عليه حدّ» (6).

و في الثالث: قول الصادق عليه السّلام في الصحيح: «من افترى على مملوك عزر لحرمة الإسلام» (7)، و في معتبرة عبيد بن زرارة قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام:

ص: 17


1- الوسائل: باب 4 من أبواب حد القذف: 1 و 20.
2- الوسائل: باب 4 من أبواب حد القذف: 1 و 20.
3- تقدم في صفحة: 14.
4- الوسائل: باب 5 من أبواب حد القذف: 1.
5- الوسائل: باب 5 من أبواب حد القذف: 4 و 5.
6- الوسائل: باب 19 من أبواب مقدمات الحدود.
7- الوسائل: باب 4 من أبواب حد القذف: 12.

و مع فقد بعضها فلا حدّ و عليه التعزير (11)،

______________________________

يقول: لو أتيت برجل قذف عبدا مسلما بالزنا لا نعلم منه إلا خيرا، لضربته الحدّ، حدّ الحر إلا سوطا» (1).

و أما موثق غياث عن الصادق عليه السّلام: «جاءت امرأة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالت: يا رسول اللّه اني قلت لأمتي يا زانية، فقال صلّى اللّه عليه و آله: «هل رأيت عليها زنا؟

فقالت: لا، فقال صلّى اللّه عليه و آله: أما انها ستقاد منك يوم القيامة، فرجعت إلى أمتها فأعطتها سوطا ثمَّ قالت: اجلديني، فأبت الأمة، فأعتقتها ثمَّ أتت إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله فأخبرته، فقال صلّى اللّه عليه و آله: عسى أن يكون به» (2)، و لعل عدم تعزيرها لأن الأمة أسقطتها و لذا أعتقتها، إلى غير ذلك من الأخبار.

و في الرابع: ما عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أيضا في معتبرة إسماعيل بن الفضل في الافتراء على أهل الذمة و أهل الكتاب: «هل يجلد المسلم الحدّ في الافتراء عليهم؟ قال عليه السّلام: لا و لكن يعزر» (3)، و في صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السّلام أيضا: «أنه نهى عن قذف من ليس على الإسلام إلا أن يطلع على ذلك منهم، و قال: أيسر ما يكون أن يكون كذب» (4)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و أما الأخير: فمع التظاهر بالزنا و اللواط فلا موضوع للفرية، حدا و تعزيرا، و مع عدم التظاهر بأحدهما فمقتضى الإطلاقات، و العمومات، الحدّ و إن تظاهر بسائر المنكرات.

(11) أما عدم الحدّ، فلعدم تحقق شرطه بعد فرض عدم تحقق الإحصان.

و أما التعزير، فقد ورد في بعض الروايات السابقة، مضافا إلى أنه نحو تأديب

ص: 18


1- الوسائل: باب 4 من أبواب حد القذف: 2.
2- الوسائل: باب 1 من أبواب حد القذف: 4.
3- الوسائل: باب 17 من أبواب حد القذف: 4.
4- الوسائل: باب 1 من أبواب حد القذف: 1.

فلو قذف صبيا أو صبية أو مملوكا أو كافرا يعزّر (12).

مسألة 7: من كان متظاهرا بالزنا أو اللواط أو هما معا فلا حدّ لقاذفه و لا تعزير

(مسألة 7): من كان متظاهرا بالزنا أو اللواط أو هما معا فلا حدّ لقاذفه و لا تعزير (13)، و مع عدم التظاهر يتحقق القذف (14)، و مع التظاهر بأحدهما دون الآخر فلا حدّ و لا تعزير فيما تظاهر دون غيره كما أنه لو كان متظاهرا بغيرهما من المعاصي دونهما يثبت حدّ القذف (15).

مسألة 8: لو قال للمسلم: «يا ابن الزانية» أو قال: «أمك زانية» و كانت أمه كافرة يعزّر القاذف

(مسألة 8): لو قال للمسلم: «يا ابن الزانية» أو قال: «أمك زانية» و كانت أمه كافرة يعزّر القاذف (16).

______________________________

يجريه الحاكم الشرعي، لأجل الإصلاح و حسم مادة الفساد، كما مر.

(12) حسب ما يراه الحاكم الشرعي، كما يأتي في باب التعزيرات، و يدل عليه أيضا ما تقدم من الروايات.

(13) لعدم تحقق موضوع القذف بالنسبة إليه، لفرض تظاهره.

(14) لتحقق الموضوع و فقد المانع، فيثبت الحد إن تحقق موجبه.

(15) و الوجه في ذلك ثبوته فيما وجد موضوعه، أي: عدم التظاهر، و سقوطه فيما إذا لم يوجد، أي: فيما إذا تظاهر.

(16) نسب ذلك إلى عامة المتأخرين، لأنه إيذاء للمسلم و هتك له، و خصوص: «الحد تدرء بالشبهة»، كما تقدم (1).

و أما خبر عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن الصادق عليه السّلام: «أنه سئل عن اليهودية و النصرانية تحت المسلم فيقذف ابنها؟ قال: يضرب القاذف، لأن المسلم قد حصّنها» (2)، فقصور سنده و دلالته أسقطه عن الاعتبار لإيجاب الحد التام.

ص: 19


1- راجع المجلد السابع و العشرين صفحة: 226.
2- الوسائل: باب 17 من أبواب حد القذف: 6.
مسألة 9: لو قذف الوالد ولده بما يوجب الحدّ لم يحدّ بل يعزر

(مسألة 9): لو قذف الوالد ولده بما يوجب الحدّ لم يحدّ بل يعزر (17)، و كذا لا يحدّ لو قذف زوجته الميّتة و لا وارث لها إلا ولده (18)، و لو كان لها ولد من غيره أو كان لها وارث آخر غيره كان له الحدّ حينئذ (19)، و الجد للأب كالأب عرفا (20).

مسألة 10: يحدّ الولد لو قذف أباه و إن علا و تحد الأم لو قذفت ابنها

(مسألة 10): يحدّ الولد لو قذف أباه و إن علا و تحد الأم لو قذفت ابنها

______________________________

(17) للأصل، و الإجماع، و النص، فعن محمد بن مسلم في الصحيح قال:

«سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل قذف ابنه بالزنا؟ قال عليه السّلام: لو قتله ما قتل به، و إن قذفه لم يجلد له، قلت: فإن قذف أبوه أمه؟ قال: إن قذفها و انتفى من ولدها تلاعنا، و لم يلزم ذلك الولد الذي انتفى منه، و فرّق بينهما. و لم تحل له أبدا، قال:

و إن كان قال لابنه و أمه حية: يا ابن الزانية، و لم ينتف من ولدها، جلد الحدّ لها، و لم يفرّق بينهما، قال: و إن كان قال لابنه: يا ابن الزانية، و أمه ميتة و لم يكن لها من يأخذ بحقها منه إلا ولدها فإنه لا يقام عليه الحدّ لأن الحق قد صار لولده منها، فإن كان لها ولد من غيره فهو وليّها يجلد له، و إن لم يكن لها ولد من غيره و كان لها قرابة يقومون بأخذ الحدّ جلد لهم» (1).

و أما التعزير، فهو لأجل صدور فعل حرام من الوالد لأجل حق للولد عليه.

(18) تقدم في النص ما يدلّ عليه.

(19) لوجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله العمومات، و الإطلاقات حينئذ.

(20) لمساواته له في الحرمة و الاحترام عند متعارف الأنام، فلا يحدّ بقذف ابن ابنه.

ص: 20


1- الوسائل: باب 14 من أبواب حد القذف: 1.

و الأقارب لو قذف بعضهم بعضا (21).

مسألة 11: إذا قذف جماعة واحدا بعد واحد، فلكل واحد حدّ

(مسألة 11): إذا قذف جماعة واحدا بعد واحد، فلكل واحد حدّ سواء جاؤوا به مجتمعين أو متفرّقين (22)، و لو قذفهم بلفظ واحد، بأن قال: «هؤلاء زناة مثلا» فإن افترقوا في المطالبة فلكل حدّ واحد (23).

______________________________

(21) كل ذلك للإطلاق، و العموم من غير ما يصلح للتقييد و التخصيص، كما مر.

(22) لقاعدة تعدد المسبب بتعدد السبب، و الإطلاق، و للإجماع، و النص، قال أبو جعفر عليه السّلام في رواية بريد العجلي: «في الرجل يقذف القوم جميعا بكلمة واحدة، قال: إذا لم يسمّهم فإنما عليه حدّ واحد، و إن سمّى فعليه لكل رجل حدّ» (1).

و صحيح الحسن العطار قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل قذف قوما، قال: بكلمة واحدة؟ قلت: نعم، قال: يضرب حدّا واحدا، فإن فرّق بينهم في القذف ضرب لكل واحد منهم حدّا» (2).

(23) للإجماع، و لصحيح جميل بن دراج عن الصادق عليه السّلام: «سألته عن رجل افترى على قوم جماعة؟ قال عليه السّلام: إن أتوا به مجتمعين ضرب حدّا واحدا، و إن أتوا به متفرقين ضرب لكل منهم حدّا» (3).

و في معتبرة محمد بن حمران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «سألته عن رجل افترى على قوم جماعة؟ فقال: إن أتوا به مجتمعين به ضرب حدّا واحدا، و إن أتوا به متفرقين ضرب لكل رجل حدّا» (4).

و أما موثق سماعة عن الصادق عليه السّلام: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل

ص: 21


1- الوسائل: باب 11 من أبواب حد القذف: 5 و 2.
2- الوسائل: باب 11 من أبواب حد القذف: 5 و 2.
3- الوسائل: باب 11 من أبواب حد القذف: الحديث: 1 و 3.
4- الوسائل: باب 11 من أبواب حد القذف: الحديث: 1 و 3.

و إذا قال: «زيد و عمرو و بكر زناة» أو قال: «زيد زان و عمرو و بكر» فهو قذف بلفظ واحد (24). نعم لو قال: «زيد زان و عمرو زان و بكر زان» فلكل واحد حدّ اجتمعوا في المطالبة أم لا (25). و لو قال: «يا ابن الزانيين فالقذف لهما بلفظ واحد فيحدّ حدا واحدا مع الاجتماع و حدين مع التعاقب» (26).

مسألة 12: لو قذف جماعة و فيهم غير بالغ أو مجنون فلا يثبت الحدّ بالنسبة إليه

(مسألة 12): لو قذف جماعة و فيهم غير بالغ أو مجنون فلا يثبت الحدّ بالنسبة إليه و يثبت بالنسبة إلى الجامع للشرائط (27).

______________________________

افترى على نفر جميعا فجلده حدّا واحدا» (1)، فيحمل على ما لو قذفهم بلفظ واحد و أتوا به مجتمعين- كما مر- و إلا فيرد علمه إلى أهله.

(24) لأن هذا هو المنساق من هذا التعبير في المحاورات العرفية، إلا مع وجود قرينة معتبرة على الخلاف، و هي مفقودة.

(25) لظهور اللفظ في قذف كل واحد مستقلا عرفا.

(26) أما كون القذف للأبوين، فللظهور العرفي. و منه يعلم وجه كون الحدّ واحدا مع الاجتماع، و متعددا مع التعاقب. هذا كله في حدّ القذف، و هل يكون كذلك في التعزير أيضا أو لا؟ الظاهر هو الثاني، لأن التعزير موكول إلى نظر الحاكم الشرعي.

(27) لما مر من اعتبار البلوغ و العقل أو الإحصان في المقذوف، و ذلك لا يوجب سقوط الحدّ عن غيره الجامع للشرائط، نعم بالنسبة إلى فاقد الشرائط للحاكم أن يعزره بما يراه من المصلحة.

ص: 22


1- الوسائل: باب 11 من أبواب حد القذف: الحديث: 4.
الفصل الثالث في ما يثبت به القذف و بعض أحكامه
اشارة

الفصل الثالث في ما يثبت به القذف و بعض أحكامه

مسألة 1: يثبت القذف بالإقرار مرتين

(مسألة 1): يثبت القذف بالإقرار مرتين (1)، و يعتبر في المقر البلوغ، و العقل، و الاختيار، و القصد (2)، و يثبت أيضا بشهادة عدلين (3)، و لا يثبت بشهادة النساء لا منفردات و لا منضمات (4).

______________________________

(1) أما الثبوت بأصل الإقرار، فلعموم: «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» (1)، و الإجماع، بل الضرورة الفقهية.

أما اعتبار مرتين فليس في البين نص يعتمد عليه. نعم أرسلوا ذلك إرسال المسلّمات، و تمسكوا ببناء الحدود على التخفيف، و تنظير الإقرار على الشهادة، و حيث يعتبر التعدد في الشاهد ففي الإقرار يكون كذلك، و لكنه مخدوش كما لا يخفى، و تقدم في ما تثبت به القيادة ما ينفع المقام (2).

(2) هذه كلها من الشرائط العامة التي تقدم غير مرة دليل اعتبارها، فلا وجه للتكرار و الإعادة (3).

(3) لإطلاق دليل حجية شهادة العدلين، و عمومه.

(4) للأصل، و ظهور الإجماع.

ص: 23


1- الوسائل: باب 3 من أبواب الإقرار.
2- راجع المجلد السابع و العشرين صفحة: 319.
3- راجع المجلد الواحد و العشرين صفحة: 240.
مسألة 2: حدّ القذف ثمانون جلدة

(مسألة 2): حدّ القذف ثمانون جلدة (5)، بلا فرق بين الحر و العبد ذكرا كان المفتري أو أنثى (6)، و يضرب ضربا متوسطا لا يبلغ الضرب في الزنا (7)، و يكون فوق ثيابه المتعارفة و لا يجرد (8)، و يضرب جسده كله إلا الرأس و الوجه و المذاكير (9).

______________________________

(5) للكتاب، و السنة، و الإجماع، قال تعالى وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (1)، و عن الصادق عليه السّلام في صحيح حريز:

«القاذف يجلد ثمانين جلدة، و لا تقبل له شهادة أبدا، إلا بعد التوبة، أو يكذب نفسه» (2)، و عن أبي جعفر عليه السّلام في معتبرة أبي بصير: «في امرأة قذفت رجلا، قال عليه السّلام: «تجلد ثمانين جلدة» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار.

(6) لظهور الإطلاق، و الاتفاق، كما مر سابقا (4).

(7) لقول الصادق عليه السّلام في معتبرة إسحاق بن عمار: «المفتري يضرب بين الضربين» (5)، و عنه عليه السّلام أيضا في خبر مسمع: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الزاني أشد ضربا من شارب الخمر، و شارب الخمر أشد ضربا من القاذف، و القاذف أشد ضربا من التعزير» (6).

(8) للأصل، و قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في معتبرة السكوني: «لا ينزع من ثياب القاذف إلا الرداء» (7)، و عن الصادق عليه السّلام في معتبرة إسحاق بن عمار:

«يضرب جسده كله فوق ثيابه» (8).

(9) لإطلاق ما تقدم، كما مر في حدّ الزنا (9)، الشامل للمقام أيضا من

ص: 24


1- سورة النور: 4.
2- الوسائل: باب 2 من أبواب حد القذف: 5 و 1.
3- الوسائل: باب 2 من أبواب حد القذف: 5 و 1.
4- تقدم في صفحة: 15.
5- الوسائل: باب 15 من أبواب حد القذف: 3 و 5 و 4 و 3.
6- الوسائل: باب 15 من أبواب حد القذف: 3 و 5 و 4 و 3.
7- الوسائل: باب 15 من أبواب حد القذف: 3 و 5 و 4 و 3.
8- الوسائل: باب 15 من أبواب حد القذف: 3 و 5 و 4 و 3.
9- راجع المجلد السابع و العشرين صفحة: 289.
مسألة 3: يشهّر القاذف بين الناس لتجتنب شهادته

(مسألة 3): يشهّر القاذف بين الناس لتجتنب شهادته (10).

مسألة 4: إذا تكرر الحدّ بتكرر القذف

(مسألة 4): إذا تكرر الحدّ بتكرر القذف يقتل في الرابعة على الأحوط (11).

مسألة 5: إذا قذف فحدّ ثمَّ قال: «إن الذي قلت حق» وجب في الثاني التعزير دون الحدّ

(مسألة 5): إذا قذف فحدّ ثمَّ قال: «إن الذي قلت حق» وجب في الثاني التعزير دون الحدّ (12).

مسألة 6: لو تكرر قذف شخص بسبب واحد عشر مرات

(مسألة 6): لو تكرر قذف شخص بسبب واحد عشر مرات بأن قال مثلا:

«أنت زان» و كرره ليس عليه سوى حدّ واحد (13)،

______________________________

جهة احتمال الإضرار و الضرر.

(10) لما تقدم في كتاب الشهادات (1)، كما يشهّر شاهد الزور، للقطع باشتراك العلة.

(11) لما تقدم غير مرة، فراجع مسألة 11 من الفصل الثالث من حدّ الزنا (2). نعم بالنسبة إلى الزنا يقتل في الرابعة بحسب الفتوى للنص، كما مر، و في المقام و غيره من الكبائر يقتل فيها احتياطا في الدماء، بل يمكن دعوى الأولوية، ففي الزنا يقتل في الرابعة إذا في القذف بالأولى يكون كذلك.

(12) لأنه ليس بصريح، و لصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «في الرجل يقذف الرجل فيجلد، فيعود عليه بالقذف، فقال: إن قال له: إن الذي قلت لك حق، لم يجلد، و إن قذفه بالزنا بعد ما جلد، فعليه الحدّ، و إن قذفه قبل ما يجلد بعشر قذفات لم يكن عليه إلا حدّ واحد» (3).

(13) لما مرّ في صحيح محمد بن مسلم، و لتعلّق الحكم على صرف الوجود و الطبيعة المتحققة بالواحد و الكثير.

ص: 25


1- تقدم في ج: 27 صفحة: 174.
2- تقدم في ج: 27 صفحة: 277.
3- الوسائل: باب 10 من أبواب حد القذف: 1.

و لو تعدد المقذوف يتكرر الحدّ (14)، و كذا لو تعدد المقذوف به و إن اتحد المقذوف بأن قال: «أنت زان و أنت لائط» (15).

مسألة 7: لو ثبت الحدّ على القاذف لا يسقط عنه

(مسألة 7): لو ثبت الحدّ على القاذف لا يسقط عنه (16)، إلا بالبينة التي يثبت بها الزنا، أو بتصديق المقذوف و لو مرة، أو بالعفو (17). و لو قذف زوجته سقط الحدّ باللعان أيضا (18). و ليس للحاكم الاعتراض عليه في العفو (19).

______________________________

(14) للإطلاق، و الاتفاق، و أصالة تعدد المسبب بتعدد السبب.

(15) لصدق تعدد السبب، فيتعدد المسبب لا محالة، و لا دليل على التداخل، بل مقتضى الأصل عدمه.

إلا أن يقال: إنه من التداخل القهري، كتوارد الأحداث الصغار الموجبة لوضوء واحد، مع درء الحدّ بالشبهة، و ما ورد في نظيره فيما مر من الصحيح.

(16) للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق.

(17) أما الأول: فلعموم حجية بينة الزنا مطلقا.

و أما الثاني: فلفرض إقرار العقلاء المقذوف بما قذف به، فلا موضوع للقذف حينئذ، و مقتضى إطلاق: «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز»(1) كفاية المرة.

و أما الثالث: فللإجماع، و النص، قال أبو جعفر عليه السّلام في معتبرة ضريس:

«لا يعفى عن الحدود التي بيد الإمام، فأما ما كان من حق الناس في حدّ فلا بأس أن يعفى عنه دون الإمام» (2)، و الأصل في حقوق الناس أن تكون قابلة للإسقاط، إلا ما خرج بالدليل.

(18) لما تقدم في كتاب اللعان، فراجع (3).

(19) لأن ذلك تحت اختياره، إن شاء عفا و إن شاء أخذ، و لا معنى للحق إلا ذلك.

ص: 26


1- الوسائل: باب 3 من أبواب الإقرار.
2- الوسائل: باب 18 من أبواب مقدمات الحدود.
3- تقدم في ج: 26 صفحة: 248.
مسألة 8: يسقط الحدّ أيضا بالمصالحة و غيرها

(مسألة 8): يسقط الحدّ أيضا بالمصالحة و غيرها مما يكون سببا شرعا لإسقاطه (20).

مسألة 9: لو عفا و سقط الحدّ ليس له بعد العفو المطالبة مطلقا

(مسألة 9): لو عفا و سقط الحدّ ليس له بعد العفو المطالبة مطلقا (21).

______________________________

(20) لعموم ما دلّ على أن الصلح بالنسبة إلى الحقوق يوجب سقوطها، كما تقدم في كتاب الصلح. نعم لو صالحه على سقوط بعض الحدّ دون بعضه، فهل يصح ذلك أو لا؟ الظاهر هو الأول، لعموم أدلة الصلح بالنسبة إلى حقوق الآدمي، و إن الحدّ حق مركب، فيصح إسقاط بعضه دون بعض، و مع ذلك فيه إشكال.

و هل يجوز التبعض للحاكم الشرعي بالنسبة إلى حقوق اللّه تعالى أو لا؟

الظاهر هو الثاني.

(21) للأصل، و النص، ففي معتبرة سماعة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يقذف الرجل بالزنا فيعفو عنه، و يجعله من ذلك في حلّ، ثمَّ إنّه بعد ذلك يبدو له في أن يقدّمه حتى يجلده؟ فقال: ليس له حدّ بعد العفو» (1)، و قريب منه معتبرته الأخرى، و مقتضى الإطلاق عدم الفرق بين أن يكون ذلك قبل المرافعة إلى الحاكم الشرعي أو بعده.

و في صحيح الكناسي عن الباقر عليه السّلام: «لا يعفى عن الحدود التي للّه دون الإمام، فأما ما كان من حقوق الناس في حدّ فلا بأس بأن يعفى عنه دون الإمام» (2)، و ما يستفاد من سقوط الحدّ بعد العفو قبل الرفع(3)، محمول أو مطروح.

كما أن مقتضى الإطلاقات المتقدمة أنه لا فرق بين قذف الزوجة و غيرها، و ما يستفاد منه الخلاف شاذ أو محمول.

ص: 27


1- الوسائل: باب 20 من أبواب حد القذف: 3 و 1.
2- الوسائل: باب 20 من أبواب حد القذف: 3 و 1.
3- الوسائل: باب 4 من أبواب حد القذف: 3.
مسألة 10: في موارد سقوط الحدّ الشرعي هل يصح التعزير من الحاكم الشرعي أو لا؟

(مسألة 10): في موارد سقوط الحدّ الشرعي هل يصح التعزير من الحاكم الشرعي أو لا؟ الظاهر هو الأول (22).

مسألة 11: لو تقاذف شخصان سقط الحدّ و عزرا

(مسألة 11): لو تقاذف شخصان سقط الحدّ و عزرا (23). سواء كان القذف متحدا أو مختلفا (24).

مسألة 12: حدّ القذف موروث إن لم يستوفه المقذوف و لم يعف عنه

(مسألة 12): حدّ القذف موروث إن لم يستوفه المقذوف و لم يعف عنه (25)، و يرثه كل من ورث المال من الذكور و الإناث عدا الزوج و الزوجة (26)،

______________________________

(22) لثبوت أصل المعصية في الجملة، و إن التعزيرات بنظر الحاكم الشرعي، فإن رأى في ذلك المصلحة أجراها، و سيأتي ما يظهر منه ذلك.

(23) نصا، و إجماعا، ففي صحيح ابن سنان قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجلين افترى كل واحد منهما على صاحبه؟ فقال: يدرأ عنهما الحدّ و يعزّران» (1)، و في صحيح الحناط قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول أتي أمير المؤمنين عليه السّلام برجلين قذف كل واحد منهما صاحبه بالزنا في بدنه، قال:

فدرأ عنهما الحدّ و عزّرهما» (2).

(24) لإطلاق الدليل الشامل للقسمين، فلا فرق أن يقذف كل واحد منهما صاحبه بالزنا مثلا، أو اختلف بأن قذف أحدهما صاحبه بالزنا، و الآخر باللواط.

(25) للإطلاق، و الاتفاق، و نصوص خاصة، ففي صحيح محمد بن مسلم:

«و إن قال لابنه: يا ابن الزانية و أمه ميتة، و لم يكن لها من يأخذ بحقها منه، فإنه لا يقام عليه الحدّ، لأن حق الحدّ قد صار لولده منها، فإن كان لها ولد من غيره فهو وليها يجلد له، و إن لم يكن لها ولد من غيره و كان لها قرابة يقومون بأخذ الحدّ جلد لهم» (3).

(26) أما الأول: فلإطلاق الأدلة.

ص: 28


1- الوسائل: باب 18 من أبواب حد القذف: الحديث: 1 و 2.
2- الوسائل: باب 18 من أبواب حد القذف: الحديث: 1 و 2.
3- الوسائل: باب 14 من أبواب حد القذف: 1.

و لكن ليس على حسب إرث المال من التوزيع بالحصص بل لكل واحد من الورثة المطالبة به تماما و إن عفا الآخر (27).

مسألة 13: إذا قذف شخص رجلا و ادعى القاذف أنه كان فاقدا لبعض الشرائط و أنكر المقذوف ذلك و ادعى الوجدان

(مسألة 13): إذا قذف شخص رجلا و ادعى القاذف أنه كان فاقدا لبعض الشرائط و أنكر المقذوف ذلك و ادعى الوجدان، فإن أقام القاذف بينة على مدعاه يقدم قوله (28)، و إن لم يكن له بينة و حلف المقذوف يقدم قوله (29)، فإن لم يحلف ورده على المدعي و حلف سقط (30)، و إلا فلا وجه للحدّ أيضا (31).

______________________________

و أما الثاني: فلإجماع الأجلة.

(27) نصا، و إجماعا، قال الصادق عليه السّلام في موثق عمار الساباطي: «إن الحدّ لا يورّث كما تورّث الدية و المال و العقار، و لكن من قام به من الورثة و طلبه فهو وليّه، و من تركه و لم يطلبه فلا حق له، و ذلك مثل رجل قذف رجلا، و للمقذوف أخوان، فإن عفا أحدهما عنه كان للآخر أن يطالبه بحقه، لأنها أمهما جميعا و العفو إليهما جميعا» (1)، و أما معتبرة السكوني الدالة على أن «الحدّ لا يورث» (2)، إما محمولة على ما تقدم، أو مطروحة لأجل التقية (3).

(28) لحجية البينة في قطع التخاصم، كما تقدم مكررا.

(29) لما تقدم في كتاب القضاء من حجية الحلف حينئذ في إسقاط الدعوى.

(30) لاعتبار اليمين المردودة، كما مر.

(31) لعدم تحقق موجبه شرعا، بل الشك فيه يكفي في سقوطه. نعم للحاكم الشرعي العمل بالقرائن الموجبة لقطع الدعوى.

ص: 29


1- الوسائل: باب 23 من أبواب مقدمات الحدود: 1 و 2.
2- الوسائل: باب 23 من أبواب مقدمات الحدود: 1 و 2.
3- راجع المغني لابن قدامة ج: 10 صفحة: 227.
مسألة 14: إذا كان العمل زنا عند القاذف و لم يكن عند المقذوف زنا

(مسألة 14): إذا كان العمل زنا عند القاذف و لم يكن عند المقذوف زنا لا يجوز القذف حينئذ (32).

مسألة 15: لا فرق في القذف بين كون المقذوف حيا أو ميتا

(مسألة 15): لا فرق في القذف بين كون المقذوف حيا أو ميتا، فلو قذف ميتا مع كونه واجدا للشرائط و ثبت ذلك عند الحاكم يجرى عليه الحدّ لو طلب ورثته إقامة الحدّ على القاذف (33).

______________________________

(32) لأدلة حرمة القذف- المتقدمة في أول الكتاب- الشاملة لهذه الصورة أيضا.

(33) لوجود المقتضى للحدّ- و هو قولهم عليهم السّلام: «حرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا» (1)- و فقد المانع، فلا بد من ترتب الأثر و هو جريان الحدّ مع اجتماع شرائطه.

ص: 30


1- راجع الوسائل: باب 25 من أبواب ديات الأعضاء.
ختام و فيه مسائل
اشارة

ختام و فيه مسائل

الأولى: من سبّ النبي صلّى اللّه عليه و آله وجب على سامعه قتله

الأولى: من سبّ النبي صلّى اللّه عليه و آله وجب على سامعه قتله (1)،

______________________________

(1) إجماعا، و نصوصا، منها ما عن الصادق عليه السّلام في صحيحة هشام بن سالم: «أنه سئل عمّن شتم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟ فقال عليه السّلام: يقتله الأدنى فالأدنى قبل أن يرفع إلى الإمام» (1).

و منها: معتبرة علي بن جعفر قال: «أخبرني أخي موسى عليه السّلام قال: كنت واقفا على رأس أبي عليه السّلام حين أتاه رسول زياد بن عبيد اللّه الحارثي عامل المدينة، فقال: يقول لك الأمير: انهض إليّ، فاعتل بعلة، فعاد إليه الرسول فقال:

قد أمرت أن يفتح لك باب المقصورة فهو أقرب لخطوك، قال: فنهض أبي و اعتمد عليّ و دخل على الوالي، و قد جمع فقهاء أهل المدينة كلهم و بين يديه كتاب فيه شهادة على رجل من أهل وادي القرى قد ذكر النبي صلّى اللّه عليه و آله فنال منه، فقال له الوالي: يا أبا عبد اللّه انظر في الكتاب، قال: حتى انظر ما قالوا، فالتفت إليهم فقال: ما قلتم؟ قالوا: قلنا يؤدب و يضرب و يعزّر [يعذّب] و يحبس، فقال لهم: أ رأيتم لو ذكر رجلا من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و آله ما كان الحكم فيه؟ قالوا: مثل هذا، قال: فليس بين النبي صلّى اللّه عليه و آله و بين رجل من أصحابه فرق؟! فقال الوالي: دع هؤلاء يا أبا عبد اللّه لو أردنا هؤلاء لم نرسل إليك، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أخبرني أبي أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: الناس فيّ أسوة سواء من سمع أحدا يذكرني،

ص: 31


1- الوسائل: باب 7 من أبواب حد المرتد: 1.

ما لم يخف الضرر على نفسه أو عرضه أو نفس مؤمن أو عرضه و لو كان كذلك فلا يجوز (2)، و كذا لو خاف على المال المحترم المعتدّ به لنفسه أو لأخيه المسلم (3)، و لا يتوقف ذلك على إذن من الحاكم الشرعي (4)، و كذا سبّ سائر الأنبياء لو لم يجب الارتداد و إلا فيأتي حكمه (5)، و لا فرق في الساب بين المسلم و الكافر (6)،

______________________________

فالواجب عليه أن يقتل من شتمني و لا يرفع إلى السلطان، و الواجب على السلطان إذا رفع إليه أن يقتل من نال مني، فقال زياد بن عبيد اللّه: اخرجوا الرجل فاقتلوه بحكم أبي عبد اللّه» (1)، إلى غير ذلك من الروايات.

(2) للإجماع، و إطلاق ما دلّ على مراعاة ذلك، و عن محمد بن مسلم في الصحيح: «قلت لأبي جعفر عليه السّلام: أرأيت لو أن رجلا سبّ النبي صلّى اللّه عليه و آله أ يقتل؟

قال عليه السّلام: إن لم تخف على نفسك فاقتله» (2)، و ما ورد في قضية عمار (3).

(3) لما مرّ من لزوم مراعاة ذلك، و ما تقدم من النص لا موضوعية للنفس فيه، بل المناط الخوف على ما يتضرر بفوته و لو كان مالا معتدا به.

(4) لظهور الإطلاق، و الاتفاق، و ما تقدم من قوله عليه السّلام: «يقتله الأدنى فالأدنى قبل أن يرفع إلى الإمام» (4).

(5) لفرض تقدسهم، مضافا إلى الإجماع، و ما رواه الفضل بن الحسن الطبرسي عن صحيفة الرضا عن آبائهم عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «من سبّ نبيّا قتل، و من سب صاحب نبيّ جلد» (5).

(6) للإطلاق كما مر، و قد روى عن علي عليه السّلام: «أن يهودية كانت تشتم

ص: 32


1- الوسائل: باب 25 من أبواب حد القذف: 2 و 3.
2- الوسائل: باب 25 من أبواب حد القذف: 2 و 3.
3- الوسائل: باب 29 من أبواب الأمر و النهي الحديث: 8 و 13.
4- الوسائل: باب 7 من أبواب حد المرتد: 1.
5- الوسائل: باب 25 من أبواب حد القذف: 4.

و يلحق بذلك سبّ أحد الأئمة عليهم السّلام (7)، و كذا الصديقة الطاهرة (8).

الثانية: من ادّعى النبوة وجب قتله

الثانية: من ادّعى النبوة وجب قتله و دمه مباح لمن سمع ذلك منه مع عدم الخوف (9)،

______________________________

النبي صلّى اللّه عليه و آله و تقع فيه، فخنقها رجل حتى ماتت، فأبطل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله دمها» (1).

(7) إجماعا، و نصا، ففي صحيح هشام بن سالم قال: «و قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما تقول في رجل سبّابة لعلي عليه السّلام؟ فقال لي: حلال الدم، و اللّه لو لا أن تعمّ به بريئا، قلت: لأي شي ء يعم به بريئا، قال: يقتل مؤمن بكافر» (2)، و ما ورد في قتل الناصب من انه حلال الدم (3).

(8) لما تقدم في سبه صلّى اللّه عليه و آله، لفرض رجوع سبّ الصديقة الطاهرة إلى سبه صلّى اللّه عليه و آله.

و إذا لم يرجع سبّها إليه صلّى اللّه عليه و آله بل سبّها مستقلا، فالحكم أيضا كذلك، لإجماع الأمة على طهارتها و قداستها بآية التطهير (4).

و أما سبّ أم النبي فهو ملحق به صلّى اللّه عليه و آله، لتقدسها بالنبي صلّى اللّه عليه و آله، و لما علم أنه صلّى اللّه عليه و آله لم تنجسه الجاهلية بأنجاسها.

(9) إجماعا، و نصوصا، منها قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله عن أبي جعفر عليه السّلام في موثق أبي بصير: «أيها الناس أنه لا نبي بعدي و لا سنّة بعد سنّتي فمن ادعى ذلك فدعواه و بدعته في النار، فاقتلوه و من تبعه فإنه في النار» (5).

و عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في حديث قال: «و شريعة محمد صلّى اللّه عليه و آله: لا تنتهي إلى يوم القيامة، و لا نبي بعده إلى يوم القيامة، فمن ادعى أو أتى بكتاب

ص: 33


1- سنن النسائي ج: 7 صفحة: 108.
2- الوسائل: باب 27 من أبواب حد القذف: 1 و 5.
3- الوسائل: باب 27 من أبواب حد القذف: 1 و 5.
4- سورة الأحزاب: 33.
5- الوسائل: باب 7 من أبواب حد المرتد: الحديث: 3.

و كذا من قال: لا ادري أن محمد بن عبد اللّه صلّى اللّه عليه و آله صادق أو لا و كان على ظاهر الإسلام (10).

الثالثة: عمل السحر حرام و يقتل عامله إن كان مسلما

الثالثة: عمل السحر حرام و يقتل عامله إن كان مسلما (11)،

______________________________

بعده فدمه مباح لكل من سمع منه» (1).

و في موثق ابن أبي يعفور (2)، قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إن بزيعا يزعم أنه نبي، فقال: إن سمعته يقول ذلك فاقتله».

و في إلحاق مدعي الإمامة بمدعي النبوة وجه، لزوم احتفاظ المقدسات الإلهية بخصوص ما حفظه اللّه تعالى. و اللّه العالم.

(10) نصا، و إجماعا، ففي صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السّلام «لو أن رجلا أتى النبي صلّى اللّه عليه و آله فقال: و اللّه ما أدري أ نبي أنت أم لا، كان يقبل منه؟ قال عليه السّلام: لا، و لكن كان يقتله، إنه لو قبل ذلك ما أسلم منافق أبدا» (3).

(11) أما إن عمله حرام و من الكبائر، فلما تقدم في المكاسب المحرمة (4).

و اما ان عامله يقتل، فلما عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله كما في موثق السكوني عن الصادق عليه السّلام: «ساحر المسلمين يقتل، و ساحر الكفار لا يقتل، فقيل: يا رسول اللّه و لم لا يقتل ساحر الكفار؟ قال صلّى اللّه عليه و آله: لأن الكفر [الشرك] أعظم من السحر، و لأن السحر و الشرك مقرونان» (5).

و في موثق زيد بن علي عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: «سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الساحر؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: إذا جاء رجلان عدلان فشهدا بذلك فقد حلّ دمه» (6)، إلى غير ذلك من الأخبار.

ص: 34


1- الوسائل: باب 7 من أبواب حد المرتد: الحديث: 4 و 2.
2- الوسائل: باب 7 من أبواب حد المرتد: الحديث: 4 و 2.
3- الوسائل: باب 5 من أبواب حد المرتد: 4.
4- راجع المجلد السادس عشر صفحة: 99- 104.
5- الوسائل: باب 1 من أبواب بقية الحدود: 1.
6- الوسائل: باب 3 من أبواب بقية الحدود: 2.

و يؤدب إن كان كافرا (12)، و يثبت ذلك بالإقرار و بالبينة (13).

الرابعة: من ارتكب كبيرة من الكبائر فللحاكم الشرعي تعزيره بما يراه

الرابعة: من ارتكب كبيرة من الكبائر فللحاكم الشرعي تعزيره بما يراه، و التعزير ما لا يبلغ الحدّ (14)، و كذا في ارتكاب الصغيرة إن كانت فيه المصلحة (15).

______________________________

(12) للإجماع، و لما تقدم في موثق السكوني، و للحاكم الشرعي التعزير بما يراه دفعا لمادة الفساد مهما أمكن، و السحر من أهمها.

(13) لعموم دليل حجيتهما، كما تقدم. و الأحوط في الإقرار اعتبار مرتين، كما مر في نظائر المقام.

ثمَّ إن مقتضى إطلاق ما تقدم من الروايات عدم الفرق بين المستحل و غيره. و تقدم جواز تعلم السحر لأجل دفع السحر- أو يجب لأجل بطلان من يدعي النبوة مثلا- كما مر في المكاسب المحرمة فراجع (1)، و اللّه العالم بحقائق الأحكام.

(14) أما إن للحاكم الشرعي تعزير مرتكبي الكبائر سواء كان في ترك الواجبات أو فعل المحرمات، فلأنه منصوب لدفع الفساد، و تنظيم البلاد، و المقام من أهم مواردهما.

و أما إن التعزير دون الحدّ فهو المشهور بين الفقهاء، فيما لم ينص على تحديده بحدّ خاص دليل مخصوص، بلا فرق بين الحر و العبد، فلا يبلغ التعزير حدّ الحر فيه، و لا حدّ العبد كذلك، كما تقدم.

(15) لأنه من موارد النهي عن المنكر، و قد يتوقف ذلك على الضرب و التأديب، و للحاكم الولاية على الأمور الحسبية، و المقام منها.

و عن الشهيد إلحاق ترك السنّة بالكبائر. و لعل مراده تركها رأسا، أو ترك ما ثبت حكمه الشرعي الإلزامي من السنة المقدسة دون الكتاب.

ص: 35


1- راجع المجلد السادس عشر: صفحة: 99- 104.
الخامسة: موجب التعزير يثبت بالبينة و الإقرار

الخامسة: موجب التعزير يثبت بالبينة و الإقرار (16).

السادسة: ينبغي الرفق في تأديب الصبيان كمية و كيفية

السادسة: ينبغي الرفق في تأديب الصبيان كمية و كيفية (17)، إن كان التأديب لمصلحة الصبي، و إن رجع إلى الغضب النفساني للمؤدب فإن المؤدب قد يلزم أن يؤدب (18)،

______________________________

(16) لعموم حجيتهما، مضافا إلى ظهور الإجماع، و الأحوط في الإقرار أن يكون مرتين، لجعل كل إقرار كشاهد عدل، كما تقدم في نظائره ما ينفع المقام.

(17) لأنه المنساق من أدلة جوازه لمن يكون مأذونا في أصله شرعا، قال الصادق عليه السّلام في معتبرة السكوني: «أن أمير المؤمنين عليه السّلام ألقى صبيان الكتاب ألواحهم بين يديه ليخيّر بينهم، فقال: أما إنها حكومة، و الجور فيها كالجور في الحكم، أبلغوا معلمكم إن ضربكم فوق ثلاث ضربات في الأدب اقتصّ منه» (1)، و في موثق حماد (2)، «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام في أدب الصبي و المملوك، فقال عليه السّلام: خمسة أو ستة، و ارفق»، هذا إذا حصل المقصود بذلك، و إلا فقد يزيد و قد ينقص حسب الاحتياج الفعلي، مع مراعاة الوظائف الشرعية.

و في معتبرة إسحاق بن عمار قلت للصادق عليه السّلام: «ربما ضربت الغلام في بعض ما يحرم، فقال عليه السّلام: و كم تضربه؟ فقال: ربما ضربته مائة، فقال عليه السّلام: مائة مائة؟! فأعاد ذلك مرتين، ثمَّ قال: توقّ حد الزاني، اتق اللّه، فقال: جعلت فداك فكم ينبغي لي أن أضربه؟ فقال عليه السّلام: واحد، فقال: و اللّه لو علم أني لا أضربه إلا واحدا ما ترك لي شيئا إلا أفسده، فقال: فاثنين، فقال: جعلت فداك هذا هلاكي إذا، قال: فلم أزل أماكسه حتى بلغ خمسا ثمَّ غضب، فقال عليه السّلام: يا إسحاق إن كنت تدري حدّ ما أجرم فأقم الحدّ فيه، و لا تعدّ حدود اللّه» (3).

(18) لأن هذا هو المتيقن من مورد الجواز، و في غيره يرجع إلى أصالة

ص: 36


1- الوسائل: باب 8 من أبواب بقية الحدود: 2.
2- الوسائل: باب 8 من أبواب بقية الحدود: 1.
3- الوسائل: باب 30 من أبواب مقدمات الحدود: 2.

و الأحوط الاقتصار على الخمسة أو الستة (19)، و كذا في المملوك (20).

______________________________

عدم الحق و الولاية، فيؤدب المتجاوز.

(19) جمودا على ما تقدم في موثق حماد بن عثمان عن الصادق عليه السّلام.

(20) لما تقدم في موثقي حماد و إسحاق، و في غيرهما أيضا.

ص: 37

الرابع مما يوجب الحدّ: شرب المسكر

اشارة

الرابع مما يوجب الحدّ: شرب المسكر و فيه فصول:

الفصل الأول في موجب حدّ شرب المسكر
اشارة

الفصل الأول في موجب حدّ شرب المسكر

مسألة 1: يجب الحدّ على من تناول المسكر و منه الفقاع

(مسألة 1): يجب الحدّ على من تناول المسكر و منه الفقاع (1)،

______________________________

(1) أصل الحكم مسلّم إجماعا، و نصوصا مستفيضة بل متواترة، كما أن المرجع في المسكر و السكر هو المتعارف، و في مورد الشك في تناول المسكر مع عدم أصل موضوعي في البين يدرأ الحد بالشبهة، كما مر.

و لكن لفظ «التناول» ورد في كلمات الفقهاء و مورد إجماعهم، فيشمل مطلق التناول، سواء كان شربا مستقلا أو بالخلط منه و المزج بغيره، و هو مناسب لكثرة التشديدات الواردة في الشريعة فيما هو مادة الفساد و أم الخبائث، و قولهم عليهم السّلام: «قليلها و كثيرها حرام» (1).

و تقدم ما يتعلق بالفقاع موضوعا و حكما في أحكام النجاسات من كتاب الطهارة (2)، ففي صحيح محمد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: «سألته عن الفقاع؟ فقال: هو خمر، و فيه حدّ شارب الخمر» (3)، و مثله غيره.

ص: 38


1- الوسائل: باب 1 من أبواب حد المسكر: 1.
2- راجع المجلد الأول صفحة: 409 و 412.
3- الوسائل: باب 13 من أبواب حد المسكر: 1.

و إن لم يتحقق سكر بالتناول (2).

مسألة 2: يشترط أن يكون المتناول بالغا عاقلا مختارا

(مسألة 2): يشترط أن يكون المتناول بالغا عاقلا مختارا (3)، عالما بالحكم و الموضوع، أو أحدهما (4)،

______________________________

(2) لدوران الحكم في الفقاع على مجرد المسمّى. و في مطلق المسكر على أن ما أسكر كثيره حرم قليله، مع مسلّمية الحكم لدى الفقهاء، و إن ورد في بعض الأخبار لفظ «الشرب» كما يأتي فهو من باب الغالب لا التقييد، مع حكومة قوله عليه السّلام: «ما أسكر كثيره فقليله حرام» (1)، و قريب منه غيره على مثل هذه الأخبار.

(3) لأنها من الشرائط العامة لكل تكليف فضلا عن الحدود، و قد مر دليل اعتبارها مكررا فلا وجه للإعادة (2)، فلا حدّ على الصبي و المجنون، كما مر.

(4) أما اشتراط العلم بالحكم فيدل عليه مضافا إلى الإجماع، قول الصادق عليه السّلام في موثق ابن بكير: «شرب رجل الخمر على عهد أبي بكر فرفع إلى أبي بكر فقال له: أ شربت خمرا؟ قال: نعم، قال: و لم و هي محرمة؟ فقال له الرجل: إني أسلمت و حسن إسلامي، و منزلي بين ظهراني قوم يشربون الخمر و يستحلّون، و لو علمت أنها حرام اجتنبتها، فالتفت أبو بكر إلى عمر فقال: ما تقول في أمر هذا الرجل؟ فقال عمر: معضلة و ليس لها إلا أبو الحسن، فقال أبو بكر: ادع لنا عليا، فقال عمر: يؤتى الحكم في بيته، فقاما و الرجل معهما و من حضرهما من الناس حتى أتوا أمير المؤمنين عليه السّلام، فأخبراه بقصة الرجل و قصّ الرجل قصته فقال: ابعثوا معه من يدور به على مجالس المهاجرين و الأنصار من كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه، ففعلوا ذلك به فلم يشهد عليه أحد بأنه

ص: 39


1- الوسائل: باب 1 من أبواب الأشربة المحرمة: 5.
2- تقدم في صفحة: 14.

مع عدم كونه معذورا في جهله (5).

مسألة 3: لا فرق في المسكر بين جميع أنواعه

(مسألة 3): لا فرق في المسكر بين جميع أنواعه سواء اتخذ من العنب المسمّى بالخمر، أو التمر أي النبيذ، أو الزبيب أي: النقيع، أو العسل أي: البتع، أو الشعير أي: المزر، أو الذرة أو الحنطة أو غيرهما و سواء اتخذ من شي ء واحد أو شيئين أو أشياء مختلفة (6).

مسألة 4: العصير الزبيبي أو التمري مع الإسكار ملحق بالخمر في الحدّ

(مسألة 4): العصير الزبيبي أو التمري مع الإسكار ملحق بالخمر في الحدّ (7)،

______________________________

قرأ عليه آية التحريم، فخلّى سبيله، فقال له: إن شربت بعد هذا أقمنا عليك الحدّ» (1).

و في صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «لو أن رجلا دخل في الإسلام و أقرّ به ثمَّ شرب الخمر و زنى و أكل الربا و لم يتبين له شي ء من الحلال و الحرام، لم أقم عليه الحدّ إذا كان جاهلا» (2).

و يدل على اعتبار العلم بالموضوع إجماع المسلمين، بل ضرورة الدين، و موثق ابن بكير المتقدم بالفحوى.

(5) لعمومات الأدلة الدالة على الحرمة الشاملة لصورتي العلم و الجهل، إلا في صورة العذر المقبول شرعا، و أما مع عدم القبول فلا وجه للعذر.

(6) كل ذلك لإطلاق الأدلة، و إجماع فقهاء الملة، و ما تقدم من النص في كتاب الطهارة(3).

(7) لتحقق الموضوع، فيلحقه الحكم حرمة و حدّا، و في صحيح الكناني.

ص: 40


1- الوسائل: باب 10 من أبواب حد المسكر.
2- الوسائل: باب 14 من أبواب مقدمات الحدود: 1.
3- راجع المجلد الأول صفحة: 392.

و مع عدمه لا يلحق به (8)، و كذا العصير العنبي قبل ذهاب ثلثيه (9).

مسألة 5: لا فرق في تناول المسكر الموجب للحدّ بين الكثير و القليل و الممتزج بغيره و ما لا مزج فيه

(مسألة 5): لا فرق في تناول المسكر الموجب للحدّ بين الكثير و القليل و الممتزج بغيره و ما لا مزج فيه (10).

______________________________

عن الصادق عليه السّلام: «كل مسكر من الأشربة يجب فيه كما يجب في الخمر من الحدّ» (1)، إلى غير ذلك من الأخبار.

(8) لعدم الموضوع للحدّ و الحرمة رأسا.

(9) تقدم التفصيل في كتاب الطهارة (2)، و قلنا: لو كان فيه الإسكار تحقق موضوع الحدّ و مع عدمه لا حدّ فيه.

(10) للإطلاق، و الاتفاق، الشامل لكل منهما، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «الحدّ في الخمر أن يشرب منها قليلا أو كثيرا» (3).

و في موثق إسحاق بن عمار: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل شرب حسوة خمر؟ قال ثمانين جلدة، قليلها و كثيرها حرام» (4)، و تقدم قوله عليه السّلام: «ما أسكر كثيره فقليله حرام» (5).

و المستفاد من هذه الأدلة أن الحكم مرتب على ذات الطبيعة كيف ما تحققت في الخارج، و هذا هو الذي يقتضيه كثرة تشديد الشريعة في هذه الطبيعة الخبيثة.

و لكن امتزاج الخمر بغيره على أقسام:

الأول: استهلاك غير الخمر فيه، و بقاء الإسكار، و لا ريب في الحرمة

ص: 41


1- الوسائل: باب 7 من أبواب حد المسكر: 1.
2- راجع المجلد الأول صفحة: 398.
3- الوسائل: باب 4 من أبواب حد المسكر: 3.
4- الوسائل: باب 1 من أبواب حد المسكر: 1.
5- تقدم في صفحة: 39.
مسألة 6: لو اضطر إلى تناول المسكر للخلاص عن الهلاك

(مسألة 6): لو اضطر إلى تناول المسكر للخلاص عن الهلاك مع الانحصار فيه لا حدّ عليه و كذا لو أكره عليه كذلك (11).

مسألة 7: لو شرب المسكر مع علمه بحرمته فعليه الحدّ

(مسألة 7): لو شرب المسكر مع علمه بحرمته فعليه الحدّ و إن جهل بإيجابه للحدّ (12)، بخلاف ما إذا شرب مائعا بزعم أنه غير مسكر فبان مسكرا فإنه لا حدّ عليه (13)، و أما لو علم أنه مسكر و زعم أن ما يوجب الحدّ ما أسكر بالفعل فشرب قليله و لم يسكر فإن عليه الحدّ (14).

______________________________

و النجاسة و الحدّ، لبقاء الموضوع، فتترتب عليه جميع الأحكام لا محالة.

الثاني: استهلاك الخمر في الغير، و بقاء الإسكار، و هو مثل الأول للإطلاق، و الاتفاق.

الثالث: عين هذه الصورة مع عدم الإسكار، و لا ريب في النجاسة و الحرمة، و في ثبوت الحدّ إشكال، لاحتمال انصراف الأدلة عنه، فيدرء الحدّ للشبهة، و لكن ثبوته هو المعروف بين الفقهاء، بل مورد دعوى بعضهم الاتفاق، و هو المأنوس من مذاق الشرع مما ورد فيه من التشديدات الأكيدة، كما تقدم في كتاب الأطعمة و الأشربة (1).

(11) لحديث الرفع في كل منهما (2)، و ظهور الإجماع.

(12) لإطلاق الأدلة الشامل لهذه الصورة أيضا، خرج منه صورة الجهل بالحكم التكليفي، و بقي الباقي.

(13) لأنه من الجهل بالموضوع حين الارتكاب، و تقدم أنه لا حدّ فيه بين إن اعتقد حلية المشروب أو حرمته، من غير جهة السكر فيه، لأن المناط في ثبوت الحدّ العلم بمسكرية المشروب، لا العلم بحرمته و لو من غير جهة السكر.

(14) لشمول الإطلاق و الاتفاق لهذه الصورة أيضا.

ص: 42


1- راجع ج: 23 صفحة: 165.
2- الوسائل: باب 56 من أبواب جهاد النفس الحديث: 1.
مسألة 8: لا فرق في إيجاب الحدّ بين أن يشرب الخمر مستقلا أو يبتلعها بواسطة شي ء آخر

(مسألة 8): لا فرق في إيجاب الحدّ بين أن يشرب الخمر مستقلا أو يبتلعها بواسطة شي ء آخر (15).

مسألة 9: لو حصل السكر بغير الشرب من شم أو مسح المسكر بالبدن أو غيرهما فلا ريب في حرمته

(مسألة 9): لو حصل السكر بغير الشرب من شم أو مسح المسكر بالبدن أو غيرهما فلا ريب في حرمته، و هل يوجب الحدّ كما في شرب المسكر؟ فيه إشكال (16)، نعم للحاكم الشرعي التعزير بما يراه (17).

______________________________

(15) للإطلاق الشامل للجميع. و ذكر الشرب الوارد في الروايات انما هو من باب الغالب و المثال، خصوصا في تلك الأزمنة التي لم يكن غيره معهودا، و في صحيح سليمان بن خالد: «كان أمير المؤمنين عليه السّلام يجلد في النبيذ المسكر ثمانين، كما يضرب في الخمر» (1)، فلو جعل الخمر في مثل الكبسولة و بلعها أو استعملها بتزريقها في الجوف بالآلات المستحدثة، يجرى عليه الحدّ إن تحققت سائر الشرائط.

(16) لأن المنساق من الأدلة الشرب، أو إدخال المسكر في الجوف كما عممناه، و أما التعميم بغير ذلك- كما في فرض المسألة- فيكفي في درء الحدّ ثبوت الشبهة. و من تحقق المعلول و هو السكر، فلا بد و أن يترتب عليه جميع آثاره التي منها الحدّ فيجري عليه الحد.

(17) لأن ذلك من المنكرات، و للحاكم الشرعي إن يعزّر مرتكبيها، كما تقدم (2).

ص: 43


1- الوسائل: باب 11 من أبواب حد المسكر: 13.
2- تقدم في صفحة: 35.
الفصل الثاني في ما يثبت به حدّ المسكر
اشارة

الفصل الثاني في ما يثبت به حدّ المسكر

مسألة 1: يثبت شرب المسكر بشهادة عدلين

(مسألة 1): يثبت شرب المسكر بشهادة عدلين (1)، و لا تقبل شهادة النساء فيه لا منفردات و لا منضمات (2).

مسألة 2: تكفي الشهادة بنحو الإطلاق

(مسألة 2): تكفي الشهادة بنحو الإطلاق (3)، و لو أطلق أحدهما و قيد الثاني يثبت الحدّ أيضا (4).

______________________________

(1) لما دل على اعتبار البينة من الإطلاق، و الاتفاق كما مر في كتاب القضاء (1).

(2) للأصل بعد عدم دليل الخلاف، و مر في كتاب الشهادة بعض الكلام (2).

(3) لصدق الشهادة على تناول المسكر- و إن لم يعين نوعه- لغة و عرفا، و شرعا، فيتبعه الحكم قهرا.

(4) لعدم ثبوت التنافي في المحاورات بين المطلق و المقيد، فيصدق عرفا شهادة عدلين مع عدم تكاذب في البين، فلو قال أحدهما: شرب المسكر، و قال الآخر: شرب الخمر، فيثبت الحدّ، لعدم التنافي و التكاذب في البين.

ص: 44


1- تقدم في ج: 27 صفحة: 88- 98.
2- راجع ج: 27 صفحة: 194 و 196.

و أما لو اختلفا في الخصوصيات مثل إن قال أحدهما: شرب الخمر، و قال الآخر: إنه شرب الفقاع، أو اختلفا في زمان الشرب أو مكانه أو حالاته لا يثبت الحدّ (5).

مسألة 3: يثبت الحدّ بالإقرار مرتين بشرب المسكر

(مسألة 3): يثبت الحدّ بالإقرار مرتين بشرب المسكر (6)، و يشترط في المقر البلوغ و العقل و القصد و الاختيار (7)، و الحرية (8).

مسألة 4: يعتبر في الإقرار أن لا يقترن بما يحتمل معه جواز الشرب

(مسألة 4): يعتبر في الإقرار أن لا يقترن بما يحتمل معه جواز الشرب كالتداوي أو الجهل أو الإكراه (9).

مسألة 5: لو أقر بالشرب ثمَّ أنكر فلا أثر لإنكاره

(مسألة 5): لو أقر بالشرب ثمَّ أنكر فلا أثر لإنكاره (10).

______________________________

(5) للأصل، و لا أقل من تحقق الشبهة الدارئة للحدّ، فلو قال أحدهما:

شرب الخمر في الصبح، و قال الآخر: إنه شرب في العصر، و قال أحدهما: إنه شرب في البيت، و قال الآخر: شرب في الشارع، أو قال أحدهما: شرب عامدا و ملتفتا، و قال الآخر: شرب مكرها أو مضطرا أو جاهلا، و غير ذلك من الاختلاف، لا يثبت الحدّ كما عرفت.

(6) لعموم ما دلّ على اعتبار الإقرار كما تقدم، و مقتضاه كفاية المرة، و قد تقدم وجه اعتبار المرتين غير مرة في نظائر المقام (1)، فلا وجه للتكرار.

(7) هذه الشرائط من الشرائط العامة لكل إقرار، و تقدم أدلتها في كتاب الإقرار و غيره، فلا اعتبار بإقرار فاقد الاختيار، كما عن علي عليه السّلام: «من أقر عند تجريد أو حبس أو تخويف، فلا حدّ عليه» (2)، مضافا إلى الإجماع على ما تقدم.

(8) لأن إقرار المملوك إقرار في حق الغير، فلا يسمع.

(9) لأن كل ذلك مما يوجب الجواز و رفع الحرمة، فكيف يثبت به الحدّ.

(10) نصا، و إجماعا، فعن الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «إذا أقر الرجل

ص: 45


1- راجع ج: 27 صفحة: 318 و هنا صفحة 23.
2- الوسائل: باب 7 من أبواب حد السرقة: 2.
مسألة 6: لو أقر بنحو الإطلاق و كانت في البين قرينة معتبرة دالة على أنه كان للعذر لا يثبت الحدّ

(مسألة 6): لو أقر بنحو الإطلاق و كانت في البين قرينة معتبرة دالة على أنه كان للعذر لا يثبت الحدّ (11)، و كذا لو أقر بنحو الإطلاق ثمَّ ادعى العذر المقبول و أمكن ذلك فيه (12).

مسألة 7: لا يكفي في ثبوت الحد النكهة و الرائحة

(مسألة 7): لا يكفي في ثبوت الحد النكهة و الرائحة (13).

مسألة 8: إذا قامت البينة على الشرب فلا أثر لإنكار الشرب

(مسألة 8): إذا قامت البينة على الشرب فلا أثر لإنكار الشرب (14).

مسألة 9: لو أراد أن يشرب المسكر لعذر شرعي لا يتجاهر في شربه

(مسألة 9): لو أراد أن يشرب المسكر لعذر شرعي لا يتجاهر في شربه، فلو تجاهر عزّره الحاكم الشرعي (15).

______________________________

على نفسه بحدّ أو فرية ثمَّ جحد، جلد» (1)، و قريب منه غيره، و تقتضيه قاعدة:

«عدم سماع الإنكار، بعد الإقرار»، و تقدم في كتاب الإقرار بأن من أقر بشي ء ثمَّ عقبه بما يضاده و ينافيه، يؤخذ بإقراره (2). نعم لو ظهر من إنكاره قرائن معتبرة أن إقراره لم يكن لبيان الواقع، يسقط الحدّ حينئذ، لعدم ثبوته ظاهرا. و اللّه العالم.

(11) لفرض اعتبار القرينة شرعا فيقيد بها الإطلاق، فتكون كالقرينة المحتفة به.

(12) لأنه أيضا كالقرينة التي يقيد بها الإطلاق، و لا أقل من الشبهة الدارئة للحدّ.

(13) لأنهما أعمان من كون الشرب عن علم و عمد و اختيار، لاحتمال كونه عن جهل أو إكراه أو عذر، و كذا في التحليل بواسطة الآلات الحديثة في الدم و غيره.

(14) لفرض ثبوته بالحجة الشرعية المعتبرة.

(15) لأن في التجاهر به إغراء للغير، فللحاكم الشرعي أن يعزّره بما يشاء، و يمنع عن التجاهر به.

ص: 46


1- الوسائل: باب 12 من أبواب مقدمات الحدود: 2.
2- راجع المجلد الواحد و العشرين صفحة: 244.
الفصل الثالث في كمية الحدّ و كيفيته
اشارة

الفصل الثالث في كمية الحدّ و كيفيته

مسألة 1: الحدّ في تناول المسكر ثمانون جلدة

(مسألة 1): الحدّ في تناول المسكر ثمانون جلدة (1)،

______________________________

(1) إجماعا، و نصوصا، ففي صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «قلت له:

أرأيت النبي صلّى اللّه عليه و آله كيف كان يضرب في الخمر؟ قال عليه السّلام كان يضرب بالنعال، و يزداد إذا أتي بالشارب، ثمَّ لم يزل الناس يزيدون حتى وقف ذلك على ثمانين» (1)، و قريب منه غيره.

و في صحيح عبد اللّه بن سنان قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «الحدّ في الخمر أن يشرب منها قليلا أو كثيرا، ثمَّ قال: أتي عمر بقدامة بن مظعون و قد شرب الخمر و قامت عليه البينة، فسأل عليه السّلام، فأمره أن يجلده ثمانين، فقال قدامة: يا أمير المؤمنين ليس عليّ حدّ، أنا من أهل هذه الآية لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا، فقال علي عليه السّلام: لست من أهلها، إن طعام أهلها لهم حلال، ليس يأكلون و لا يشربون إلا ما أحلّ اللّه لهم، ثمَّ قال عليه السّلام: إن الشارب إذا شرب لم يدر ما يأكل و لا ما يشرب، فاجلدوه ثمانين جلدة» (2).

و في معتبرة ابن عمار قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل شرب حسوة خمر؟ قال: يجلد ثمانين جلدة، قليلها و كثيرها حرام» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار.

ص: 47


1- الوسائل: باب 3 من أبواب حد المسكر: 3.
2- الوسائل: باب 3 من أبواب حد المسكر: 5 و 7.
3- الوسائل: باب 3 من أبواب حد المسكر: 5 و 7.

رجلا كان أو امرأة حرا كان أو عبدا (2)، و كذا الكافر مع التظاهر دون الاستتار (3).

______________________________

(2) للإطلاق كما مر، و ظهور الإجماع الشامل للجميع، مضافا إلى النصوص الخاصة التي يأتي التعرض لها.

و أما ما دلّ على أن الحد في المملوك نصف الحدّ في الحر مثل موثق أبي العلاء عن الصادق عليه السّلام: «كان أبي يقول: حدّ المملوك نصف الحر» (1)، و صحيح أبي بكر الحضرمي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن عبد مملوك قذف حرا؟ قال:

يجلد ثمانين، هذا من حقوق المسلمين، فأما ما كان من حقوق اللّه فإنه يضرب نصف الحدّ قلت: الذي من حقوق اللّه ما هو؟ قال عليه السّلام: إذا زنى أو شرب الخمر، فهذا من الحقوق التي يضرب فيها نصف الحدّ» (2)، فلا بد من حملهما على بعض المحامل، أو ردّ علمها إلى أهله، أو طرحهما لأجل التقية.

(3) إجماعا، و نصوصا، فعن الصادق عليه السّلام في موثق أبي بصير: «كان علي عليه السّلام يضرب في الخمر و النبيذ ثمانين الحر و العبد و اليهودي و النصراني، قلت: و ما شأن اليهودي و النصراني؟ قال عليه السّلام: ليس لهم أن يظهروا شربه، و يكون ذلك في بيوتهم» (3).

و عنه عليه السّلام أيضا في موثق أبي بصير: «كان علي عليه السّلام يجلد الحر و العبد و اليهودي و النصراني في الخمر ثمانين» (4)، المحمول فيهما على التظاهر، كما تقدم.

و في صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام أن يجلد اليهودي و النصراني في الخمر و النبيذ المسكر ثمانين جلدة إذا أظهروا شربه في مصر من أمصار المسلمين، و كذلك المجوس، و لم

ص: 48


1- الوسائل: باب 6 من أبواب حد المسكر: 9 و 7.
2- الوسائل: باب 6 من أبواب حد المسكر: 9 و 7.
3- الوسائل: باب 6 من أبواب حد المسكر: 1 و 4.
4- الوسائل: باب 6 من أبواب حد المسكر: 1 و 4.
مسألة 2: يضرب الشارب على جميع جسده ما عدا وجهه و رأسه و فرجه

(مسألة 2): يضرب الشارب على جميع جسده ما عدا وجهه و رأسه و فرجه (4)، و الرجل يضرب قائما عريانا عما عدا عورته، و المرأة جالسة مربوطة في ثيابها (5).

مسألة 3: يؤخر الجلد في المريض و صاحب القروح إلى البرء

(مسألة 3): يؤخر الجلد في المريض و صاحب القروح إلى البرء (6)،

______________________________

يعرض لهم إذا شربوها في منازلهم و كنائسهم حتى يصير بين المسلمين» (1)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و لا فرق في الكافر بين الذمي و الحربي، للإطلاق، و لأنهم مكلفون بالفروع كتكليفهم بالأصول، كما تقدم مكررا (2).

(4) لما تقدم في حدّ الزنا، فلا وجه للتكرار هنا (3).

(5) لما عن الصادق عليه السّلام في صحيح أبي بصير قال: «سألته عن السكران و الزاني؟ قال عليه السّلام: يجلدان بالسياط مجردين بين الكتفين، فأما الحدّ في القذف فيجلد على ما به ضربا بين الضربين» (4)، و روي عن علي عليه السّلام: «لكل موضع في الجسد حظ يعني في الحدّ إلّا الوجه و الفرج» (5)، و تقدم ما يتعلق بالمرأة في زناها. فراجع (6).

(6) إجماعا، و نصوصا، مضافا إلى قاعدتي نفي الحرج و الضرر، و خوف السراية، ففي معتبرة السكوني عن الصادق عليه السّلام قال: «أتي أمير المؤمنين عليه السّلام برجل أصاب حدا و به قروح كثيرة في جسده، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: أقروه حتى تبرأ، لا تنكؤ عليه فتقتلوه» (7)، و في معتبرته الأخرى:

ص: 49


1- الوسائل: باب 6 من أبواب حد المسكر: 3.
2- راجع ج: 3 صفحة: 128.
3- راجع ج: 27 صفحة: 354.
4- الوسائل: باب 8 من أبواب حد المسكر: 1.
5- المغني لابن قدامة ج: 10 صفحة: 336 ط- بيروت.
6- تقدم في ج: 27 صفحة: 355.
7- الوسائل: باب 13 من أبواب مقدمات الحدود الحديث: 4.

و إن لم يتوقع البرء أو رأى الحاكم المصلحة في التعجيل جلد (7).

مسألة 4: لا يقام على السكران الحدّ حتى يفيق

(مسألة 4): لا يقام على السكران الحدّ حتى يفيق (8).

مسألة 5: لا يسقط الحدّ بعروض الجنون أو الارتداد فيحدّ و لو مع عروضهما

(مسألة 5): لا يسقط الحدّ بعروض الجنون أو الارتداد فيحدّ و لو مع عروضهما (9).

مسألة 6: لو شرب المسكر مكررا و لم يتخلل الحدّ في البين كفى حدّ واحد عن الجميع

(مسألة 6): لو شرب المسكر مكررا و لم يتخلل الحدّ في البين كفى حدّ واحد عن الجميع (10)،

______________________________

«لا يقام الحد على المستحاضة حتى ينقطع الدم عنها» (1)، و في خبر مسمع بن عبد الملك عن الصادق عليه السّلام: «أن أمير المؤمنين عليه السّلام أتي برجل أصاب حدّا و به قروح و مرض و أشباه ذلك، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: أخّروه حتى تبرأ، لا تنكأ قروحه عليه فيموت، و لكن إذا برأ حددناه» (2).

(7) للإجماع، و النص، ففي صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام قال: «إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أتي بامرأة مريضة و رجل أجرب مريض قد بدت عروق فخذيه، قد فجر بامرأة، فقالت المرأة، يا رسول اللّه أتيته فقلت له:

أطعمني و اسقني فقد جهدت، فقال: لا حتى افعل بك ففعل، فجلده رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بغير بينة مائة شمراخ ضربة واحدة و خلى سبيله» (3)، المحمول على علمه صلّى اللّه عليه و آله بالفعل، و القطع بعدم الفرق بين المقام و الزنا، و تقدم في مسألة 16 من فصل أقسام حدّ الزنا ما ينفع المقام.

(8) للإجماع، و لأنه أقرب إلى الانزجار، و عدم الارتكاب ثانيا.

(9) للأصل، و ما عن مولانا الباقر عليه السّلام في صحيح أبي عبيدة: «في رجل وجب عليه الحدّ فلم يضرب حتى خولط، فقال: إن كان أوجب على نفسه الحدّ و هو صحيح لا علة به من ذهاب عقل، أقيم عليه الحدّ كائنا ما كان»(4).

(10) للأصل، و العمومات، و تعلّق الحكم بذات الطبيعة، و هي غير

ص: 50


1- الوسائل: باب 13 من أبواب مقدمات الحدود الحديث: 3.
2- الوسائل: باب 13 من أبواب مقدمات الحدود الحديث: 6.
3- الوسائل: باب 13 من أبواب مقدمات الحدود الحديث: 9.
4- الوسائل: باب 9 من أبواب مقدمات الحدود: 1.

و لو تخلل حدّ في البين قتل في الثالثة (11).

مسألة 7: لو شهد عدل بالشرب و الآخر بالقي ء وجب الحدّ

(مسألة 7): لو شهد عدل بالشرب و الآخر بالقي ء وجب الحدّ (12)،

______________________________

متكررة، مضافا إلى دليل نفي الحرج، و تقدم ذلك في نظائر المقام أيضا، و لا فرق في التكرار بين كون النوع واحدا أو متعددا.

(11) إجماعا، و نصوصا مستفيضة، ففي الصحاح عن الصادق عليه السّلام قال:

«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «من شرب الخمر فاجلدوه، و إن عاد فاجلدوه، فإن عاد الثالثة فاقتلوه» (1).

و عنه عليه السّلام أيضا: «من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاقتلوه» (2).

و عن الصادق عليه السّلام: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا أتي بشارب الخمر ضربه، ثمَّ إن أتي به ثانية ضربه، ثمَّ إن أتي به ثالثة ضرب عنقه» (3)، فهذه الروايات معتبرة سندا، و ناصة دلالة، فلا يقاومها ما يستظهر منه الخلاف و هو القتل في الرابعة مثل قوله صلّى اللّه عليه و آله: «من شرب الخمر فاجلدوه، ثمَّ إن شرب فاجلدوه، ثمَّ إن شرب فاجلدوه، ثمَّ إن شرب فاقتلوه» (4).

و لا فرق بين أنواع المسكر لما عرفت مكررا، و لقوله عليه السّلام في صحيح يونس: «كل مسكر من الأشربة يجب فيه كما يجب في الخمر من الحدّ» (5).

(12) إجماعا، و نصا، فعن أبي جعفر عليه السّلام في معتبرة حسين بن زيد قال:

«أتي عمر بن الخطاب بقدامة بن مظعون و قد شرب الخمر، فشهد عليه رجلان أحدهما خصي و هو عمرو التميمي و الآخر المعلى بن الجارود، فشهد أحدهما أنه رآه يشرب، و شهد الآخر أنه رآه يقي ء الخمر، فأرسل عمر إلى ناس من

ص: 51


1- الوسائل: باب 11 من أبواب حد المسكر الحديث: 1 و 3 و 4.
2- الوسائل: باب 11 من أبواب حد المسكر الحديث: 1 و 3 و 4.
3- الوسائل: باب 11 من أبواب حد المسكر الحديث: 1 و 3 و 4.
4- السنن الكبرى للبيهقي ج: 8 صفحة: 314.
5- الوسائل: باب 7 من أبواب حد المسكر: 1.

مع إمكان اتحاد الموضوع (13)، و كذا إذا شهدا بالقي ء مع أن الشرب كان حراما (14)، و أما لو لم يكن كذلك فلا حدّ (15).

______________________________

أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فيهم أمير المؤمنين عليه السّلام فقال لأمير المؤمنين عليه السّلام: ما تقول يا أبا الحسن؟ فإنك الذي قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أنت أعلم هذه الأمة و أقضاها بالحق، فإن هذين قد اختلفا في شهادتهما؟ قال عليه السّلام: ما اختلفا في شهادتهما و ما قاءها حتى شربها» (1).

(13) لأنه المتيقن من الإجماع، و المنساق من النص.

(14) لظهور التعليل في النص في ذلك.

(15) لاحتمال أن يكون شربها لعذر، فيدرء الحدّ للشبهة.

ص: 52


1- الوسائل: باب 14 من أبواب حد المسكر.
الفصل الرابع في الأحكام
اشارة

الفصل الرابع في الأحكام تقدم بعضها في الفصول السابقة إلا أن هنا مسائل:

مسألة 1: من شرب الخمر مستحلا لشربها و هو مسلم يستتاب

(مسألة 1): من شرب الخمر مستحلا لشربها و هو مسلم يستتاب فإن تاب يقام عليه الحدّ و إن لم يتب يقتل (1)،

______________________________

(1) لما رواه الفريقان: «أن قدامة بن مظعون شرب الخمر فأراد عمر أن يحدّه فقال: لا يجب عليّ الحدّ، إن اللّه تعالى يقول لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَ آمَنُوا فدرأ عمر عنه الحدّ، فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السّلام فمشى إلى عمر فقال: ليس قدامة من أهل هذه الآية و لا من سلك سبيله في ارتكاب ما حرم اللّه، إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات لا يستحلون حراما، فاردد قدامة فاستتبه مما قال، فإن تاب فأتم عليه الحدّ، و إن لم يتب فاقتله، فقد خرج من الملّة، فاستيقظ عمر لذلك، و عرف قدامة الخبر، فأظهر التوبة و الإقلاع فدرأ عنه القتل و لم يدر كيف يحدّه، فقال لعلي عليه السّلام: أشر عليّ فقال عليه السّلام: حدّه ثمانين- الحديث-» (1)، هذا إذا رجع استحلاله إلى تكذيب النبي صلّى اللّه عليه و آله، و إلا فقد تقدم الحكم في إنكار الضروري في كتاب الطهارة (2).

ص: 53


1- الوسائل: باب 2 من أبواب حد المسكر: 2.
2- راجع ج: 1 صفحة: 372.

و لا يقتل مستحل غير شرب الخمر من سائر المسكرات مطلقا (2)، بل يحدّ بشربه خاصة (3).

مسألة 2: بائع الخمر مستحلا يستتاب

(مسألة 2): بائع الخمر مستحلا يستتاب فإن تاب قبل منه (4)، و إن لم يتب يقتل إن رجع استحلاله إلى تكذيب النبي صلّى اللّه عليه و آله (5)، و إن لم يكن مستحلا لها يعزره الحاكم الشرعي بما يراه (6)، و بائع ما سواه من المسكرات لا يقتل و إن باعها مستحلا و لم يتب (7).

______________________________

(2) لعدم كون حرمة سائر المسكرات ضرورية بين المسلمين من جهة تحقق الخلاف فيها.

(3) مع تحقق ما تقدم من شرائط الحدّ، لأن مقتضى الإجماع، و الإطلاق، عدم الفرق بين تناول جميع المسكرات في ثبوت الحدّ كما مر.

و كذا لا يقتل لو كان استحلاله لأجل حدوث إسلامه و سبق كفره، لما مر من النص (1).

(4) أما استتابته فلفرض أنه اعتقد منكرا و صدر ذلك منه، فلا بد من استتابته إجماعا، و لما مر من النص في شربه، و أما قبول توبته فلعمومات قبول التوبة الشاملة للمقام أيضا.

(5) لتحقق الارتداد بذلك إجماعا من المسلمين، و إن لم يرجع ذلك فقد تقدم في كتاب الطهارة حكم منكر مطلق الضروري (2).

(6) إذ لا ريب في كونه منكرا، و تقدم في كتاب الأطعمة و الأشربة ما ورد من التشديدات بالنسبة إليها، و قد لعن اللّه بائعها و شاربها و غارسها و غير ذلك (3)، و للحاكم الشرعي الولاية في التعزير لحسمها.

(7) لتحقق الخلاف و الاختلاف فيه، فلا يكون من ضروري الدين

ص: 54


1- راجع صفحة: 39.
2- راجع صفحة: 40.
3- الوسائل: باب 34 من أبواب الأشربة المحرمة.
مسألة 3: الظاهر أن صنع الخمر أيضا مثل ما ذكرناه

(مسألة 3): الظاهر أن صنع الخمر أيضا مثل ما ذكرناه سواء كان بالمباشرة أو بواسطة الآلات المعدة لذلك (8).

مسألة 4: لو ناول أحد شخصا الخمر فشربها فإن كان عن تعمد و اختيار عن كل منهما يحدّ الثاني و يعزّر الأول

(مسألة 4): لو ناول أحد شخصا الخمر فشربها فإن كان عن تعمد و اختيار عن كل منهما يحدّ الثاني و يعزّر الأول (9)، و إن كان عن جهل من كل منهما فلا حدّ و لا تعزير (10) و إن كان عن علم من الأول و جهل من الثاني يعزّر الأول و لا حدّ على الثاني (11)، و لو انعكس يحدّ الثاني و لا تعزير على الأول (12).

مسألة 5: كما يجرى الحدّ في الخمر المعلوم كذلك يجري في ما قام عليها حجة معتبرة كالأمارة

(مسألة 5): كما يجرى الحدّ في الخمر المعلوم كذلك يجري في ما قام عليها حجة معتبرة كالأمارة و قول ذي اليد و الاستصحاب (13).

______________________________

فينتفي الحدّ للشبهة. نعم يعزّر بما يراه الحاكم الشرعي.

(8) لشمول جميع ما تقدم لذلك بالفحوى.

(9) أما الحدّ الثاني (أي: الشارب)، لوجود المقتضي و فقد المانع. و أما التعزير بالنسبة إلى الأول، فلتحقق التسبيب منه إلى المنكر، فلا بد من تأديبه كما مر مكررا.

(10) إن كان الجهل بالموضوع، فلما مر من اعتبار العلم في مسألة 2 من الفصل الأول، و إن كان الجهل بالحكم، ففيه تفصيل بين القاصر و المقصر.

(11) لجهل الثاني (أي: الشارب)، فلا حدّ عليه، و صدور هذا المنكر من الأول عن علم، فيعزر كما تقدم.

(12) لصدور الفعل عن علم و اختيار، فالمقتضي للحدّ موجود و المانع مفقود، كما لا تعزير على الثاني لجهله بها.

(13) لفرض اعتبار جميع ذلك شرعا، كما ذكرنا في الأصول.

نعم، لو كان مترددا حين الشرب، و شربها من غير التفات إلى الحالة السابقة- مثلا- يشكل وجوب جريان الحدّ، لأن هذه نحو شبهة يدرأ الحدّ بها، كما تقدم.

ص: 55

مسألة 6: لو أقرّ مرّة واحدة و حصل للحاكم الاطمئنان من إقراره مرة واحدة

(مسألة 6): لو أقرّ مرّة واحدة و حصل للحاكم الاطمئنان من إقراره مرة واحدة يمكن الاكتفاء بذلك (14).

مسألة 7: لو تاب متناول الخمر قبل ثبوت الحدّ بالبينة يسقط عنه الحدّ

(مسألة 7): لو تاب متناول الخمر قبل ثبوت الحدّ بالبينة يسقط عنه الحدّ (15)، و لو تاب بعد قيامها لم يسقط (16)، و لو تاب بعد الإقرار فمقتضى الأصل بقاء الحدّ عليه (17).

______________________________

(14) أما بناء على كفاية الإقرار مرة واحدة، فهو معلوم. و أما بناء على اعتبار المرتين، فيمكن أن يقال اعتبار الثانية إنما هي فيما إذا كان لها نحو سببية في الجملة، لحصول الاطمئنان للحاكم، فلا يشمل مثل المقام بعد فرض حصوله للحاكم. و بذلك يمكن أن يجمع بين الكلمات، فمن يجتزي بالمرة، أي: فيما إذا حصل للحاكم الاطمئنان مع قطع النظر عن العموم- و من لا يجتزي بها، أي فيما توقف حصول الاطمئنان على مرتين.

(15) إجماعا في المقام.

(16) للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق.

(17) نسب ذلك إلى جمع منهم الشيخ و ابن إدريس و المحقق (رحمة اللّه عليهم)، و لكن نسب إلى المشهور تخيير الإمام بين الاستيفاء و العفو، تنظيرا للمقام على ما تقدم في الزنا، بل يدلّ على المقام بالفحوى كما يأتي. و لكن التنظير قياس، و الأولوية غير قطعية.

ص: 56

تتميم و فيه فروع
اشارة

تتميم و فيه فروع

الأول: كل من استحل شيئا من المحرمات

الأول: كل من استحل شيئا من المحرمات المجمع عليها بين المسلمين- كالميتة، و لحم الخنزير، و الدم، و الربا- فإن ولد على الفطرة و رجع إنكاره إلى تكذيب النبي صلّى اللّه عليه و آله يقتل (1)، و إن ارتكبها من غير استحلال يعزّر (2)، بلا فرق بين الكبائر و الصغائر (3).

الثاني: من قتله الحدّ أو التعزير فلا دية له

الثاني: من قتله الحدّ أو التعزير فلا دية له (4)،

______________________________

(1) لتحقق الارتداد الموجب لذلك، مع ثبوت سائر الشرائط.

(2) لأنه منكر، و للحاكم الشرعي التعزير بالنسبة إلى المنكرات، مع تحقق المقتضي و فقد المانع.

(3) لأن ذلك من الأمور الحسبية التي له الولاية عليها، إجماعا كما تقدم مكررا (1). و لو ذكر المستحل شبهة ممكنة في حقه فلا حدّ و لا تعزير.

(4) للأصل، و قاعدة الإحسان ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ (2)، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح أبي الصباح الكناني: «من قتله الحدّ فلا دية له» (3).

و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «أيما رجل قتله الحدّ أو القصاص، فلا دية له» (4). و في حكمه التعزير قطعا.

و ما دلّ على الفرق بين حقوق اللّه. فلا دية، و حقوق الناس ففيها الدية،

ص: 57


1- تقدم في ج: 24 صفحة: 255.
2- سورة التوبة الآية: 91.
3- الوسائل: باب 24 من أبواب قصاص النفس الحديث: 1 و 9.
4- الوسائل: باب 24 من أبواب قصاص النفس الحديث: 1 و 9.

إذا لم يتجاوز المأذون فيه شرعا (5).

الثالث: لو أقام الحاكم الحدّ بالقتل فظهر بعد ذلك فسق البينة فالدية من بيت المال

الثالث: لو أقام الحاكم الحدّ بالقتل فظهر بعد ذلك فسق البينة فالدية من بيت المال و لا ضمان على الحاكم و لا على عاقلته (6)، و كذا لو أنفذ الحاكم إلى حامل لإقامة حدّ عليها أو لتحقيق ما يوجب الحدّ فأحضرها الحاكم للتحقيق فخافت فأجهضت حملها (7).

______________________________

مثل خبر حسن بن صالح الثوري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «من ضربناه حدّا من حدود اللّه فمات فلا دية له علينا، و من ضربناه حدّا من حدود الناس فمات فإن ديته علينا» (1)، فلا يقاوم ما ذكرناه. و اللّه العالم بحقائق أحكامه.

(5) فإن تجاوزه ففيه المجازات دية أو قصاصا، للعمومات، و الإطلاقات، بلا مخصص، و مقيد في البين، قال الصادق عليه السّلام في الموثق: «إن لكل شي ء حدّا، و من تعدى ذلك الحدّ كان له حدّ» (2)، و تقدم في الحدود ما ينفع المقام.

(6) للأصل، و الإجماع، و لأن بيت المال معد للمصالح و هذا من أهمها، مضافا إلى أنه من الخطأ، و خطأ الحاكم من بيت المال، و كذا بالنسبة إلى كفارة القتل، و تقدم في كتاب الشهادة ما ينفع المقام (3).

(7) لأن ذلك أيضا خطأ، فتشمله قاعدة: «إن خطأ الحاكم من بيت المال»، و عن علي عليه السّلام في معتبرة أصبغ بن نباتة: «ما أخطأت القضاة في دم أو قطع فهو على بيت مال المسلمين» (4).

و أما ما نسب إلى قضايا علي عليه السّلام في خبر يعقوب بن سالم عن الصادق عليه السّلام قال: «كانت امرأة تؤتى فبلغ ذلك عمر فبعث إليها فروّعها، و أمر أن

ص: 58


1- الوسائل: باب 24 من أبواب قصاص النفس الحديث: 3.
2- الوسائل: باب 3 من أبواب مقدمات الحدود: 6.
3- راجع ج: 27 صفحة: 217.
4- الوسائل: باب 10 من أبواب آداب القاضي: 1.
الرابع: ليس التعزير قابلا للإسقاط و التبديل بالعوض

الرابع: ليس التعزير قابلا للإسقاط و التبديل بالعوض (8).

الخامس: لو رأى الحاكم الشرعي المصلحة في تبديل التعزير إلى عقوبة أخرى من حبس أو نحوه هل يجوز ذلك أم لا؟ وجهان

الخامس: لو رأى الحاكم الشرعي المصلحة في تبديل التعزير إلى عقوبة أخرى من حبس أو نحوه هل يجوز ذلك أم لا؟ وجهان (9).

______________________________

يجاء بها إليه، ففزعت المرأة فأخذها الطلق، فذهبت إلى بعض الدور فولدت غلاما، فاستهل الغلام ثمَّ مات، فدخل عليه من روعة المرأة و من موت الغلام ما شاء اللّه، فقال له بعض جلسائه: يا أمير المؤمنين ما عليك من هذا شي ء؟ و قال بعضهم: و ما هذا؟ قال: سلوا أبا الحسن عليه السّلام، فقال لهم أبو الحسن عليه السّلام: لئن كنتم اجتهدتم ما أصبتم، و لئن كنتم برأيكم قلتم لقد أخطأتم، ثمَّ قال عليه السّلام: عليك دية الصبي» (1)، فهي قضية في واقعة، مضافا إلى ما في المسالك: «من أنها لم ترد بطريق معتمد، فلا تنهض في مقابل ما دلّ على أن خطأ الحاكم من بيت المال من النص و الإجماع».

(8) للأصل، و الإجماع، و ظواهر الأدلة، و إمكان استفادة ذلك من قوله عليه السّلام: «لا شفاعة في الحدود» (2)، و لا كفالة في حد (3).

(9) من إطلاق دليل ولايته على ذلك، فيجوز. و من الجمود على ما وصل إلينا من السنّة المقدسة، فلا يجوز التعدي عنها. هذا إذا كان التبديل مساويا في الانزجار معه و إلا فالأمر أشكل.

ص: 59


1- الوسائل: باب 30 من أبواب موجبات الضمان ج: 10.
2- الوسائل: باب 20 و 21 من أبواب مقدمات الحدود.
3- الوسائل: باب 20 و 21 من أبواب مقدمات الحدود.

الموجب الخامس للحدّ: السرقة

اشارة

الموجب الخامس للحدّ: السرقة و فيه فصول (أ)

الفصل الأول في ما يتعلق بالسارق
اشارة

الفصل الأول في ما يتعلق بالسارق يشترط في السارق أمور:

الأول: الشرائط العامة من البلوغ و العقل و الاختيار
اشارة

الأول: الشرائط العامة من البلوغ و العقل و الاختيار (1).

______________________________

(أ) فالبحث فيها.

تارة: في السارق، و أخرى: في المسروق، و ثالثة: في طريق الثبوت.

و رابعة: في الحدّ، و خاتمة: في اللواحق و المسائل.

السرقة: من الموضوعات المعروفة في كل مذهب. و ملة، اعتبر الشارع فيها أمورا و بيّن لها حدّا و أحكاما، و هي غير الاختلاس لأنها شرعا: أخذ الشي ء بغير حق من الحرز في خفاء مع الشرائط الآتية. و الاختلاس: هو الذي يأخذ بغير حق من غير حرز. و الاستلاب ما يؤخذ جهرة و يهرب.

(1) لما مر مكررا من أنها من شرائط كل تكليف، و هي ثابتة بالإجماع، بل الضرورة الفقهية، و حديث: «رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم و عن المجنون حتى يفيق» (1)، و حديث رفع الإكراه (2)، المتفقان بين الفريقين، مضافا إلى نصوص خاصة يأتي التعرض لبعضها إن شاء اللّه تعالى.

ص: 60


1- الوسائل: باب 4 من أبواب مقدمة العبادات: 11.
2- الوسائل: باب 56 من أبواب جهاد النفس.
مسألة 1: لو سرق الطفل لم يحدّ بل يؤدب بما يراه الحاكم

(مسألة 1): لو سرق الطفل لم يحدّ بل يؤدب بما يراه الحاكم (2)، و لو تكررت السرقة منه إلى الخامسة فما فوق (3)،

______________________________

(2) أما الأول: فلما مر آنفا.

و أما الثاني: فلأن ذلك من الأمور النظامية التي له الولاية عليها.

(3) فيؤدبه الحاكم بشدة كمية و كيفية، لولايته على هذه الأمور النظامية من باب الحسبة قطعا.

و لكن نسب إلى نهاية الشيخ رحمه اللّه أنه «يعفى عنه أولا فإن عاد أدّب، فإن عاد حكّت أنامله حتى تدمى فإن عاد قطعت أنامله فإن عاد قطع كما يقطع الرجل»، و لم يعثر على ما يشتمل هذا التفصيل كما اعترف به في الجواهر و غيره، مع ورود أخبار يقرب التواتر في الجملة، ففي صحيح ابن سنان قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصبي يسرق؟ قال عليه السّلام: يعفى عنه مرّة و مرّتين و يعزّر في الثالثة، فإن عاد قطعت أطراف أصابعه، فإن عاد قطع أسفل من ذلك» (1).

و في صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «سألته عن الصبي يسرق؟ قال عليه السّلام: إذا سرق مرة و هو صغير عفى عنه، فإن عاد عفى عنه، فإن عاد قطع بنانه، فإن عاد قطع أسفل من بنانه، فإن عاد قطع أسفل من ذلك» (2).

و في صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إذا سرق الصبي عفى عنه، فإن عاد عزّر، فإن عاد قطع أطراف الأصابع فإن عاد قطع أسفل من ذلك، و قد اتي علي عليه السّلام بغلام يشك في احتلامه فقطع أطراف الأصابع» (3).

و في صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السّلام أيضا: «في الصبي يسرق قال:

يعفى عنه مرة فإن عاد قطعت أنامله أو حكت حتى تدمى، فإن عاد قطعت أصابعه، فإن عاد قطع أسفل من ذلك.» (4)

و في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «اتى علي عليه السّلام بغلام قد سرق

ص: 61


1- الوسائل: باب 28 من أبواب حد السرقة: 1 و 4 و 2 و 3 و 7.
2- الوسائل: باب 28 من أبواب حد السرقة: 1 و 4 و 2 و 3 و 7.
3- الوسائل: باب 28 من أبواب حد السرقة: 1 و 4 و 2 و 3 و 7.
4- الوسائل: باب 28 من أبواب حد السرقة: 1 و 4 و 2 و 3 و 7.

..........

______________________________

فطرّف أصابعه ثمَّ قال اما لئن عدت لأقطعنها، ثمَّ قال: أما أنه ما عمله إلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أنا» (1).

و المراد بالتطريف خضبها بالإدماء و في موثق إسحاق بن عمار عن الحسن عليه السّلام: «الصبي يسرق قال: يعفى عنه مرتين، فان عاد الثالثة قطعت أنامله، فإن عاد قطع المفصل الثاني فإن عاد قطع المفصل الثالث و تركت راحته و إبهامه» (2).

و في موثقة الثاني: «قلت لأبي إبراهيم عليه السّلام: الصبيان إذا أتى بهم على قطع أناملهم، من أين يقطع؟ فقال عليه السّلام من المفصل، مفصل الأنامل» (3).

و في معتبرة السكوني عن الصادق عليه السّلام: «أتى علي عليه السّلام بجارية لم تحض قد سرقت فضربها أسواطا و لم يقطعها» (4).

و في موثق البصري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إذا سرق الصبي و لم يحتلم قطعت أطراف أصابعه و قال علي عليه السّلام: و لم يصنعه إلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أنا» (5).

و في موثق سماعة: «إذا سرق الصبي و لم يبلغ الحلم قطعت أنامله و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام أتى أمير المؤمنين عليه السّلام بغلام قد سرق و لم يبلغ الحلم فقطع من لحم أطراف أصابعه، ثمَّ قال فان عدت قطعت يدك» (6).

و عن ابن مسلم قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الصبي يسرق؟ فقال: إن كان له تسع سنين قطعت يده، و لا يضيع حدّ من حدود اللّه عزّ و جلّ» (7).

و في صحيح محمد بن مسلم: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الصبي يسرق؟

فقال: إن كان له سبع سنين أو أقل رفع عنه، فإن عاد بعد السبع سنين قطعت بنانه أو حكت حتى تدمى، فإن عاد قطع منه أسفل من بنانه، فإن عاد بعد ذلك و قد بلغ تسع سنين قطع يده، و لا يضيع حدّ من حدود اللّه تعالى» (8)، إلى غير ذلك من الأخبار.

ص: 62


1- الوسائل: باب 28 من أبواب حد السرقة: 8 و 15 و 5 و 6.
2- الوسائل: باب 28 من أبواب حد السرقة: 8 و 15 و 5 و 6.
3- الوسائل: باب 28 من أبواب حد السرقة: 8 و 15 و 5 و 6.
4- الوسائل: باب 28 من أبواب حد السرقة: 8 و 15 و 5 و 6.
5- الوسائل: باب 28 من أبواب حد السرقة الحديث: 9 و 14 و 10 و 12.
6- الوسائل: باب 28 من أبواب حد السرقة الحديث: 9 و 14 و 10 و 12.
7- الوسائل: باب 28 من أبواب حد السرقة الحديث: 9 و 14 و 10 و 12.
8- الوسائل: باب 28 من أبواب حد السرقة الحديث: 9 و 14 و 10 و 12.

و لا فرق في ذلك بين علم الصبي و جهله بالتعزير (4).

مسألة 2: لا يحدّ المجنون إن سرق حين جنونه و إن كان أدواريا و إن تكررت ذلك منه

(مسألة 2): لا يحدّ المجنون إن سرق حين جنونه و إن كان أدواريا و إن تكررت ذلك منه (5)،

______________________________

و لكن اختلاف مضمونها و عدم اعتماد المشهور عليها، و قول علي عليه السّلام في بعضها: «لم يصنعه إلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أنا» أوجب عدم وفائها بالجزم بالحكم مطلقا، فلا بد من الإيكال إلى تأديب الحاكم فيعزره- بعد العفو عنه مرة أو مرتين حسب ما يراه من المصلحة- بما يراه صلاحا و مصلحة، و اللّه العالم.

(4) ظهر مما ذكرنا من الإطلاقات وجهه.

و أما خبر القسري قال: «كنت على المدينة فأتيت بغلام قد سرق، فسألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عنه، فقال: سله حيث سرق هل كان يعلم أن عليه في السرقة عقوبة؟ فإن قال: نعم، قيل له أي شي ء تلك العقوبة؟ فإن لم يعلم أن عليه في السرقة قطعا فخل عنه، فأخذت الغلام و سألته، فقلت له: أ كنت تعلم أن في السرقة عقوبة؟ قال: نعم، قلت: أي شي ء هو؟ قال: اضرب، فخليت عنه»(1)، لا بد من إيكاله إلى نظر الحاكم الشرعي الشاهد للقضية، إذ الشاهد يرى ما لا يراه الغائب فيعمل برأيه فربما يؤدي نظره إلى عدم الفرق بين العلم و الجهل في التعزير كما قلنا، و ربما يؤدي نظره إلى التفرقة بينهما بعد ملاحظة خصوصيات القضية.

(5) للأصل، و الإجماع، بل الضرورة الفقهية، و حديث رفع القلم (2)، و تنظيره على الصبي في صورة التكرر قياس باطل، لاختصاص الدليل به، فلا يشمل غيره.

ص: 63


1- الوسائل: باب 28 من أبواب حد السرقة: 11.
2- الوسائل: باب 36 من أبواب القصاص في النفس: 2.

بل يؤدب إذا أدرك ذلك في الجملة و أثّر فيه (6).

مسألة 3: لا حدّ على المكره

(مسألة 3): لا حدّ على المكره (7)، و لا المضطر لرفع اضطراره (8).

مسألة 4: لو سرق السكران

(مسألة 4): لو سرق السكران فإن كان سكره بوجه محرم يجرى عليه الحدّ (9)، و إن كان بوجه غير محرم كالاضطرار و الإكراه و نحوهما فلا حدّ عليه (10).

الثاني: أن يكون السارق هاتكا للحرز
اشارة

الثاني: أن يكون السارق هاتكا للحرز (11)،

______________________________

(6) إجماعا، و لقطع مادة الفساد و تنظيم أمور العباد في البلاد.

(7) لقول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «رفع عن أمتي تسعة أشياء: الخطأ، و النسيان، و ما أكرهوا عليه، .. و ما لا يطيقون و ما اضطروا إليه- الحديث-» (1)، مضافا إلى الأصل، و الإجماع.

(8) لما تقدم في سابقة، و أنه مأذون من ولي المالك و هو الشارع، فإذا سرق لدفع اضطراره فلا يكون من السرقة موضوعا، و لا ينافي ذلك ضمانه للعوض حفظا للنظام و عدم التهجم على هتك مال الأنام، كما مر في الغصب (2).

(9) لظهور إجماعهم على جريان حكم الصحو عليه، و إن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار.

(10) لفرض عدم الشعور و الإدراك حين السرقة، مع وصف كونه سكرانا حينئذ.

(11) إجماعا، و نصوصا، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في موثق السكوني: «قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا يقطع إلا من نقب بيتا أو كسر قفلا» (3).

و في صحيح أبي بصير (4)، قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن قوم اصطحبوا في سفر رفقاء فسرق بعضهم متاع بعض فقال: هذا خائن لا يقطع، و لكن يتبع

ص: 64


1- الوسائل: باب 56 من أبواب جهاد النفس: 1.
2- راجع ج: 21 صفحة: 366.
3- الوسائل: باب 18 من أبواب حد السرقة: 3 و 1.
4- الوسائل: باب 18 من أبواب حد السرقة: 3 و 1.

منفردا أو مشاركا (12).

مسألة 5: لو هتك غير السارق و سرق هو لا يقطع واحد منهما

(مسألة 5): لو هتك غير السارق و سرق هو لا يقطع واحد منهما (13)، و إن جاءا معا للسرقة و التعاون فيها (14)، و لكن يضمن الهاتك ما أتلفه و السارق ما أخذه (15).

الثالث: أن يخرج المتاع من الحرز
اشارة

الثالث: أن يخرج المتاع من الحرز (16)،

______________________________

بسرقته و خيانته، قيل له: فان سرق من أبيه؟ فقال: لا يقطع لأن ابن الرجل لا يحجب عن الدخول إلى منزل أبيه، هذا خائن، و كذلك إن أخذ من منزل أخيه أو أخته إن كان يدخل عليهم لا يحجبانه عن الدخول».

و في موثق السكوني عن الصادق عليه السّلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السّلام: كل مدخل يدخل فيه بغير إذن فسرق منه السارق فلا قطع فيه، يعني: الحمامات و الخانات و الأرحية و المساجد»(1).

(12) لما تقدم من الإطلاق الشامل لكل منهما، مضافا إلى الإجماع.

(13) لعدم الهتك في السارق، و عدم السرقة في الهتك. نعم للحاكم الشرعي تعزير كل منهما بما يراه، لما تقدم مكررا من الولاية له فيه لدفع مادة الفساد و قلعها.

(14) لأن مجرد قصد المجي ء للسرقة و التعاون فيها لا يوجب القطع، ما لم تتحقق السرقة من كل واحد منهما بشرائطها المعتبرة شرعا.

(15) لقاعدتي الإتلاف و اليد- كما تقدمتا في كتاب الغصب- مضافا إلى الإجماع بل الضرورة الفقهية.

(16) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «فإن أخذ و قد اخرج متاعا فعليه القطع» (2)، و في معتبرة السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «قال أمير

ص: 65


1- الوسائل: باب 18 من أبواب حد السرقة: 2.
2- الوسائل: باب 8 من أبواب حد السرقة: 1.

سواء كان ذلك بالمباشرة أو التسبيب (17)، مستقلا أو بمشاركة غيره (18)، بلا فرق بين أقسام التسبيب و المشاركة (19).

مسألة 6: لو أمر مجنونا أو صبيا غير مميز بالإخراج يقطع الآمر

(مسألة 6): لو أمر مجنونا أو صبيا غير مميز بالإخراج يقطع الآمر (20) بخلاف، ما إذا أمر الصبي المميز بذلك (21).

الرابع: أن لا يكون السارق ولد المسروق منه

الرابع: أن لا يكون السارق ولد المسروق منه فلو سرق من ولده لم يقطع (22)،

______________________________

المؤمنين عليه السّلام في السارق إذا أخذ و قد أخذ المتاع و هو في البيت لم يخرج بعد، قال عليه السّلام: ليس عليه القطع حتى يخرج به من الدار» (1)، و ظواهر ما مر من النصوص، مضافا إلى الإجماع.

(17) للإجماع، و للصدق العرفي بالنسبة إلى كل منهما، و إطلاق الدليل الشامل لكل منهما.

(18) لما مر في سابقة من غير فرق.

(19) للإطلاق الشامل للجميع ما دام يصدق الموضوع عرفا.

(20) لأنهما بمنزلة الآلة المحضة، فتنسب السرقة إلى الآمر عرفا.

(21) لتحقق جهة الاستقلالية حينئذ في الجملة في المأمور من جهة تمييزه، فلا قطع على الآمر للشبهة و لا على المأمور، لعدم البلوغ، بل يعزران بما يراه الحاكم حفظا للنظام و اهتماما بإبقاء الأحكام مهما أمكن بين الأنام.

(22) للإجماع، و فحوى عدم قتل الوالد بقتل ولده (2)، و قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «أنت و مالك لأبيك» (3)، و تقدم بيانه في كتاب البيع (4)، كما مر في

ص: 66


1- الوسائل: باب 8 من أبواب حدّ السرقة: 2.
2- الوسائل: باب 32 من أبواب القصاص في النفس.
3- الوسائل: باب 8 من أبواب ما يكتسب به: 2.
4- راجع المجلد السادس عشر صفحة: 369.

و يقطع الولد لسرقة مال والده و الأم إن سرقت من ولدها و الأقرباء إن سرق بعضهم من بعض (23).

الخامس: أن يكون المسروق ملك غيره

الخامس: أن يكون المسروق ملك غيره، فلو كان المال ملكه و كان متعلقا لحق غيره كما في الرهن أو في الإجارة مثلا لم يقطع (24).

السادس: أن يأخذ المال سرا
اشارة

السادس: أن يأخذ المال سرا (25)،

______________________________

القذف ما يتعلق بالمقام (1)، أيضا.

(23) للعمومات، و الإطلاقات من غير ما يصلح للتخصيص و التقييد، إلا بعض الوجوه، و ظهور خدشتها يغني عن التعرض لها.

(24) لظواهر الأدلة المشتملة على قوله عليه السّلام: «يقطع لأنه سرق مال الرجل» (2)، أو قوله عليه السّلام في الصحيح: «السارق يتبع بسرقته و إن قطعت يده، و لا يترك أن يذهب بمال امرئ مسلم» (3)، أو قوله عليه السّلام في صحيح سليمان بن خالد:

«غرم ما أخذ» (4)، إلى غير ذلك من الأخبار التي يأتي في مقدار النصاب، نعم للحاكم الشرعي تعزيره بما يراه، لما تقدم من ولايته على ذلك، و تقدم في كتاب الغصب ما يتعلق بالمقام (5)، و يأتي في المسائل اللاحقة ما يتعلق به أيضا.

(25) لأنه المنساق من الأدلة عرفا، و لغة، مضافا إلى ظهور الإجماع، و عن أبي جعفر عليه السّلام في الصحيح: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل اختلس ثوبا من السوق، فقالوا: قد سرق هذا الرجل، فقال عليه السّلام: إني لا اقطع في الدغارة المعلنة و لكن اقطع من يأخذ ثمَّ يخفي» (6)، و مثله غيره.

ص: 67


1- تقدم في صفحة: 20.
2- الوسائل: باب 15 من أبواب حد السرقة: 1.
3- الوسائل: باب 10 من أبواب حد السرقة: 4 و 1.
4- الوسائل: باب 10 من أبواب حد السرقة: 4 و 1.
5- راجع ج: 21 صفحة: 287.
6- الوسائل: باب 12 من أبواب حد السرقة: 2.

فلو هتك الحرز قهرا و علنا و أخذ المال أو هتكه سرا و أخذه جهرا لا يقطع (26).

مسألة 7: لو اشتركا في الهتك و انفرد أحدهما في السرقة يقطع السارق دون الهاتك

(مسألة 7): لو اشتركا في الهتك و انفرد أحدهما في السرقة يقطع السارق دون الهاتك (27)، و لو انفرد أحدهما في الهتك و لكن اشتركا في السرقة يقطع الهاتك السارق (28)، و إذا اشتركا فيهما قطعا مع تحقق سائر الشرائط (29).

السابع: أن يكون المال محرزا في حرز
اشارة

السابع: أن يكون المال محرزا في حرز (30)،

______________________________

(26) لعدم تحقق موضوع السرقة فلا موضوع لترتب الحكم. نعم لا ريب في تحقق الغصبية، فتترتب جميع أحكام الغصب قهرا.

(27) لتحقق الموضوع بالنسبة إلى السارق دون الهاتك. نعم يضمن الهاتك بما أتلفه، بل يعزّره الحاكم بحسب رأيه كما تقدم.

(28) لثبوت موضوع السرقة بالنسبة إليه دون الهاتك فقط.

(29) لثبوت الموضوع بالنسبة إليهما معا، فيترتب الحكم عليهما قهرا.

(30) للأصل، و الإجماع، و النص، كقول أبي جعفر عليه السّلام: «لا يقطع إلا من ثقب بيتا أو كسر قفلا»(1)، و المرجع في الحرز هو العرف، و يختلف ذلك اختلافا كثيرا بحسب اختلاف المال المحرز فيه، بل بحسب الأزمنة و الأمكنة و العادات، و الجامع ما يتحفظ به المالك ماله عن الأغيار، و يصونه عن تعدي الأشرار و إن كان مثل بيت مغلق الباب، أو جوف الكتاب، أو الدفن تحت التراب أو الستر تحت الفراش أو مطرحا عليه الزبائل و الحشاش إذا وقع ذلك بقصد الاحتفاظ و الإحراز.

و الحرز: من الأمور الإضافية التشكيكية، فقد يصدق ذلك و قد يصدق

ص: 68


1- الوسائل: باب 18 من أبواب حد السرقة: 5.

فلو لم يكن حرز في البين كالدكاكين و الخانات المفتوحة الأبواب و نحوهما يحرم الأخذ بل الدخول بدون إذن المالك و يوجب الضمان و لا يقطع (31).

مسألة 8: الحرز مما يختلف باختلاف المال المحرز فيه

(مسألة 8): الحرز مما يختلف باختلاف المال المحرز فيه فحرز الانعام الإصطبل مثلا، و حرز محل القراض و الوسادة غيره فلو وضع المالك فراشه أو وسادته في الإصطبل و فتح السارق بابه و أخذ الفراش منه فعل حراما و يضمن و لا يقطع (32).

مسألة 9: كل محل مأذون فيه للعموم أو لطائفة خاصة

(مسألة 9): كل محل مأذون فيه للعموم أو لطائفة خاصة كالمساجد و المدارس و الخانات و المؤسسات و المشاهد المشرفة و نحوها لا يكون من الحرز فيحرم أخذ المال منها و يضمن (33)،

______________________________

العدم، و قد يشك في الصدق و عدمه، و لا قطع في الأخيرين، و إن حرم الأخذ و تحقق الضمان لو أخذ، بل يحرم الدخول بغير إذن في ملك الغير، كما مر في كتاب الغصب.

ثمَّ إن السرقة من الحرز يصح أن يعد من شرائط السرقة، كما يصح أن تعد من شرائط المسروق، لفرض أن السرقة و المسروق من المتلازمين في الجملة، فيصح أن يكون بعض شرائط أحدهما شرطا للآخر كذلك.

(31) أما حرمة الأخذ و الضمان، فمن ضروريات الدين، و تدل عليه الأدلة الأربعة، كما تقدم في كتاب الغصب. و أما عدم القطع فلعدم الشرط، و هو الأخذ من الحرز.

(32) للأصل، و لأن المنساق من الحرز ما كان بحسب حال ذات المسروق، لا بحسب الغير، إلا إذا جرت العادة على ذلك.

(33) أما حرمة الأخذ، فلأنه مال الغير فيحرم أخذه بغير رضاه بالأدلة الأربعة، كما مر في كتاب الغصب و غيره.

و أما الضمان، فلقاعدة اليد، و الإجماع، بل ضرورة الفقه، كما تقدم مكررا.

ص: 69

و لا يقطع (34)، و كذا ستارة الكعبة المشرفة و ثياب الأماكن المقدسة و نحوها (35)، و كذا لا يقطع من أخذ ما لا يراعيه صاحبه من قريب أو بعيد (36).

______________________________

(34) لانتفاء الشرط و هو الحرز، و لما تقدم من الأخبار (1).

(35) لأن الناس فيها سواء، فلا يتحقق الحرز حينئذ. و أما ما في صحيح عبد السلام عن مولانا الرضا عليه السّلام: «بأي شي ء يبدأ القائم منكم إذا قام؟ قال عليه السّلام:

يبدأ ببني شيبة فيقطع أيديهم لأنهم سراق بيت اللّه تعالى» (2)، و في رواية أخرى:

«يعلّقها في الكعبة» (3)، فيمكن حمله على بعض المحامل، و منه يظهر أن دعوى الإجماع لا وجه لها.

(36) لعدم صدق الحرز على ذلك لا لغة، و لا عرفا، و لا صدق السرقة عليه أيضا، فلا يكون من السرقة لا موضوعا و لا حكما.

نعم يمكن أن يعد ذلك من الاختلاس و الاستلاب، ففيهما الحرمة و الضمان دون القطع.

و أما قضية صفوان بن أمية التي نقلها الفريقان، كما في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن الرجل يأخذ اللص يرفعه أو يتركه؟ فقال عليه السّلام: إن صفوان بن أمية كان مضطجعا في المسجد الحرام فوضع رداءه و خرج يهريق الماء، فوجد رداءه قد سرق حين رجع إليه، فقال: من ذهب بردائي؟ فذهب يطلبه، فأخذ صاحبه، فرفعه إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله، فقال النبي: اقطعوا يده، فقال الرجل:

تقطع يده من أجل ردائي يا رسول اللّه؟! قال صلّى اللّه عليه و آله: نعم، قال: فأنا أهبه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: فهلا كان هذا قبل أن ترفعه إليّ- الحديث-» (4)، فيمكن حمله

ص: 70


1- راجع صفحة: 72.
2- الوسائل: باب 22 من أبواب مقدمات الطواف: 13 و 5.
3- الوسائل: باب 22 من أبواب مقدمات الطواف: 13 و 5.
4- الوسائل: باب 17 من أبواب مقدمات الحدود: 2.
مسألة 10: يشترط في السرقة بل كل ما فيه الحد عدم تحقق الشبهة

(مسألة 10): يشترط في السرقة بل كل ما فيه الحد عدم تحقق الشبهة (37)، حكما أو موضوعا (38).

مسألة 11: لا فرق بين الذكر و الأنثى فتقطع فيما يقطع فيه الذكر

(مسألة 11): لا فرق بين الذكر و الأنثى فتقطع فيما يقطع فيه الذكر و كذا المسلم و الذمي فيقطع المسلم سواء سرق من المسلم أو الذمي (39).

______________________________

على صورة تحقق الحرز لأن حرز كل شي ء بحسبه، بأن جعل رداءه تحت رأسه و توسد به (1)، أو أحرزه حال خروجه إلى غير ذلك مما يمكن.

(37) لقاعدة أسسها نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله امتنانا على أمته و الصيانة لهم عن انتساب الخيانة إليهم، و هي قوله صلّى اللّه عليه و آله: «ادرؤا الحدود بالشبهات» (2)، بحيث يستدل بها فقهاء الفريقين في أبواب الحدود، لا أن يستدلوا عليها، و تقتضيه أصالة عدم السلطة على القطع و الحد بعد الشك في شمول الإطلاقات لمورد الشبهة، فلا وجه للتمسك بها من جهة الشبهة الموضوعية.

و كذا الأدلة الدالة على اعتبار العلم بالحكم و الموضوع و العمد في العمل، و عن الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «سألته عن رجل أخذوه و قد حمل كارة من ثياب؟ فقال: صاحب البيت أعطانيها فقال عليه السّلام: يدرأ عنه القطع إلا أن تقوم عليه بينة، فإن قامت البينة عليه قطع» (3)، و كذا غيره من الأخبار المتفرقة في الأبواب المختلفة.

(38) للإطلاق، و ظهور الاتفاق، الشاملين لكل منهما.

(39) لإطلاق الأدلة، و عمومها، الشاملين للجميع، ما لم يكن دليل على الخلاف و هو مفقود. و لو سرق ذمي من مثله و تحاكما إلينا، فللحاكم أن يحكم بما يقتضيه الشرع من القطع إن ثبت شرائطه، أو التعزير إن لم يثبت ذلك، أو رفع

ص: 71


1- راجع السنن الكبرى للبيهقي ج: 8 صفحة: 265.
2- تقدم ما يتعلق بالقاعدة في ج: 27 صفحة: 226.
3- الوسائل: باب 8 من أبواب حد السرقة: 1.
مسألة 12: لو سرق الأمين ما استأمن عليه لا يقطع

(مسألة 12): لو سرق الأمين ما استأمن عليه لا يقطع (40)، و كذا لو سرق الراهن العين المرهونة أو سرق الموجر العين المستأجرة (41).

مسألة 13: إذا سرق الأجير من مال المستأجر

(مسألة 13): إذا سرق الأجير من مال المستأجر فإن استأمنه عليه فلا قطع (42)، و إن أحرز المال عنه و هتك الحرز و سرق يقطع (43)،

______________________________

الدعوى إلى حكامهم على تفصيل تقدم.

(40) لعدم صدق السارق عليه شرعا. نعم لا ريب في كونه خائنا و بمنزلة السارق في الإثم و العقاب.

(41) لبقاء ملك الراهن بالنسبة إلى العين المرهونة، و إن كان للمرتهن حق الإمساك و بقاء ملك المؤجر على العين المستأجرة، و لا معنى لقطع يد المالك لماله، و إن كان للمستأجر حق الانتفاع أو نفس المنفعة، مضافا إلى الإجماع و شهادة العرف فيهما، لعدم صدق السرقة لما مر.

(42) إجماعا، و نصا، قال أبو جعفر عليه السّلام في الصحيح: «إذا سرق عبد أو أجير من مال صاحبه، فليس عليه قطع» (1)، و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام أنه قال: «في رجل استأجر أجيرا و أقعده على متاعه فسرقه، قال: هو مؤتمن» (2)، و عن علي عليه السّلام ففي معتبرة السكوني: «أربعة لا قطع عليهم:

المختلس، و الغلول، و من سرق من الغنيمة، و سرقة الأجير، فإنها خيانة» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار، مضافا إلى ما مر في الأمين.

(43) لوجود المقتضي حينئذ و فقد المانع، مع تحقق سائر الشرائط، فيشمله الإطلاقات، و العمومات.

و لا وجه للأخذ بإطلاق ما تقدم من قول أبي جعفر عليه السّلام، لأنه محمول على صورة الاستيمان، كما في صحيح سليمان بن خالد، قال: «سألت أبا

ص: 72


1- الوسائل: باب 29 من أبواب حد السرقة: 5.
2- الوسائل: باب 14 من أبواب حد السرقة: 1 و 2.
3- الوسائل: باب 14 من أبواب حد السرقة: 1 و 2.

و كذا يقطع كل من الزوج و الزوجة بسرقة مال الآخر مع الحرز عنه، و أما مع عدمه فلا قطع (44)، و كذا الضيف يقطع إن أحرز المال عنه و إلا فلا (45).

مسألة 14: لو سرق من المال المشترك بقدر نصيبه لا يقطع

(مسألة 14): لو سرق من المال المشترك بقدر نصيبه لا يقطع (46)،

______________________________

عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يستأجر أجيرا فيسرق من بيته، هل تقطع يده؟ فقال عليه السّلام:

هذا مؤتمن ليس بسارق. هذا خائن» (1)، و صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام أيضا:

«في رجل استأجر أجيرا فأقعده على متاعه فسرقه، فقال عليه السّلام: هو مؤتمن» (2)، و في موثق سماعة: «سألته عمن استأجر أجيرا، فأخذ الأجير متاعه فسرقه؟ فقال: هو مؤتمن، ثمَّ قال: الأجير و الضيف أمينان، ليس يقع عليهما حد السرقة» (3).

(44) أما الأول: فلوجود المقتضي للقطع، فتشمله الأدلة قهرا.

و أما الثاني: فلعدم الموضوع للسرقة، فلا معنى لترتب الحكم.

(45) للإجماع، و النص، كما مر في موثق سماعة: «الأجير و الضيف أمينان ليس يقع عليهما حدّ السرقة»، و يستفاد منه أنه مع عدم الاستيمان يقطع، و عليه يحمل قول أبي جعفر عليه السّلام في الصحيح: «الضيف إذا سرق لم يقطع، و إذا أضاف الضيف ضيفا فسرق قطع ضيف الضيف» (4).

(46) لما تقدم من الأصل، و القاعدة، و كذا لو أخذ الشريك من مال المشترك بدون إذن الشريك باحتمال جوازه، و إن بلغ المأخوذ النصاب، و كان زائدا عن نصيبه، و إن لم يكن بعنوان اقتطاع حصته، أو أخذ بقصد تقسيم المال و المراضاة بعد ذلك، و كذا لو أخذ شخص مال الغير بزعم انه ماله أو أنه من المباحات الأولية مثلا، كل ذلك لم يكن فيه قطع لما عرفت.

ص: 73


1- الوسائل: باب 14 من أبواب حد السرقة الحديث: 3 و 1 و 4.
2- الوسائل: باب 14 من أبواب حد السرقة الحديث: 3 و 1 و 4.
3- الوسائل: باب 14 من أبواب حد السرقة الحديث: 3 و 1 و 4.
4- الوسائل: باب 17 من أبواب حد السرقة الحديث: 1.

و لو زاد عن نصيبه يقطع مع تحقق سائر الشرائط (47)، و مثله من سرق من المغنم الذي له نصيب فيه (48).

مسألة 15: لو منع الزوج النفقة الواجبة عليه و أخذت الزوجة تلك النفقة من مال الزوج سرقة

(مسألة 15): لو منع الزوج النفقة الواجبة عليه و أخذت الزوجة تلك النفقة من مال الزوج سرقة فلا قطع عليها إذا لم تزد على النفقة الواجبة بقدر النصاب (49).

______________________________

(47) لوجود المقتضي، فتشمله ما تقدم من الإطلاقات، و العمومات، من غير دليل على التخصيص و التقييد.

(48) لعين ما مر في سابقة من غير فرق، مضافا إلى ما يأتي من النص.

فيحمل قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد بن قيس: «إن عليا عليه السّلام قال في رجل أخذ بيضة من المقسم، فقالوا: قد سرق اقطعه، فقال: إني لم اقطع أحدا له فيما أخذ شرك» (1)، على عدم الزيادة عن نصيبه بقدر النصاب، كما يحمل قول الصادق عليه السّلام في صحيح عبد الرحمن في البيضة التي قطع فيها أمير المؤمنين عليه السّلام: «هي بيضة حديد سرقها رجل من المغنم فقطعه» (2)، على الزيادة عنه بمقدار النصاب.

و في صحيح عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «رجل سرق من المغنم أيش الذي يجب عليه؟ أ يقطع؟ قال عليه السّلام: ينظر كم نصيبه، فإن كان الذي أخذ أقل من نصيبه عزّر و دفع إليه تمام ماله، و إن كان الذي أخذ مثل الذي له فلا شي ء عليه، و إن كان أخذ فضلا بقدر ثمن مجن و هو ربع دينار قطع» (3)، و غيرها من الاخبار.

(49) لأنه نحو تقاص مأذون فيه شرعا، و تدل عليه قضية هند زوجة أبي سفيان حين قالت للنبي صلّى اللّه عليه و آله: «إن أبا سفيان رجل شحيح و أنه لا يعطيني و ولدي إلا ما آخذ منه سرا و هو لا يعلم، فهل عليّ فيه شي ء؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: خذي ما.

ص: 74


1- الوسائل: باب 24 من أبواب حد السرقة: 1 و 3 و 4.
2- الوسائل: باب 24 من أبواب حد السرقة: 1 و 3 و 4.
3- الوسائل: باب 24 من أبواب حد السرقة: 1 و 3 و 4.
مسألة 16: لو اخرج متاعا من الحرز

(مسألة 16): لو اخرج متاعا من الحرز و قال: إن صاحبه وهبني أو أذن في إخراجه أو إن المال لي و ادعى صاحب الحرز أنه سرقه فلا قطع إلا أن تقوم البينة على السرقة (50).

مسألة 17: لو سرق المتاع من الحرز ثمَّ انتقل المسروق إلى السارق شرعا

(مسألة 17): لو سرق المتاع من الحرز ثمَّ انتقل المسروق إلى السارق شرعا، اختيارا كان كالشراء أو غير اختيار- كالإرث و الهبة مثلا- يقطع إن كان ذلك بعد حكم الحاكم (51)، بل و إن كان قبله و بعد الرفع إلى الحاكم (52).

مسألة 18: لو سرق النصاب و أخرجه من الحرز ثمَّ أعاده إليه

(مسألة 18): لو سرق النصاب و أخرجه من الحرز ثمَّ أعاده إليه يقطع لو لم يصل المال إلى مالكه (53)،

______________________________

يكفيك و ولدك بالمعروف» (1)، و التعليل الوارد في قول الصادق عليه السّلام: «إذا سرق السارق من البيدر من إمام جائر فلا قطع عليه، إنما أخذ حقه» (2)، و تقدم في أحكام النفقات ما يتعلق بكمية النفقة و كيفيتها.

ثمَّ إنها لو زادت على النفقة الواجبة بقدر النصاب يقطع مع الشرائط، لما مر من الإطلاقات، و العمومات الشاملة لها.

(50) أما عدم القطع مع عدم البينة، فلأجل الشبهة الدارئة للحد، و أما معها فلوجود المقتضى للحدّ و فقد المانع، فلا بد من القطع حينئذ.

(51) لتحقق الموضوع فتشمله الإطلاقات، و العمومات.

(52) لفرض تحقق الموضوع مع الشرائط قبل انتقال المال إليه، فيترتب عليه الحكم قهرا. نعم لو تاب و رضي صاحب المال و كان ذلك قبل الرفع إلى الحاكم، لا يجري الحدّ، كما سيأتي.

(53) لوجود المقتضي للقطع مع تحقق الشرائط- فتشمله الإطلاقات و العمومات المتقدمة- و فقد المانع عنه حينئذ.

ص: 75


1- السنن الكبرى للبيهقي ج: 7 صفحة: 466.
2- الوسائل: باب 24 من أبواب حد السرقة: 5.

و أما لو وصل إليه ففي القطع إشكال (54).

______________________________

(54) من تحقق المقتضي للقطع الذي هو هتك الحرز و الإخراج منه، فيجري عليه الحدّ. و من عدم فوت شي ء عن المالك و عدم صحة مطالبته بماله، فلا يقطع. نعم تسمع دعواه في أصل هتك الحرز، و لكنه ليس سببا للقطع حينئذ. و هناك مسائل أخرى تأتي في حكم المحارب إن شاء اللّه تعالى.

ص: 76

الفصل الثاني في ما يتعلق بالمسروق
اشارة

الفصل الثاني في ما يتعلق بالمسروق

مسألة 1: يعتبر في المسروق أن تكون ماليته بقدر ربع دينار

(مسألة 1): يعتبر في المسروق أن تكون ماليته بقدر ربع دينار (1)،

______________________________

(1) أما كون نصاب القطع ربع دينار، فللأصل، و الإطلاق، و الإجماع، و النصوص المستفيضة منها قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «لا قطع إلا في ربع دينار» (1)، و في صحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «قلت له: في كم يقطع السارق؟ قال: في ربع دينار، قلت له: في درهمين؟ قال: في ربع دينار بلغ الدينار ما بلغ، قلت له: أرأيت من سرق أقل من ربع دينار، هل يقع عليه حين سرق اسم السارق؟ و هل هو عند اللّه سارق؟ فقال: كل من سرق من مسلم شيئا قد حواه و أحرزه فهو يقع عليه اسم السارق، و هو عند اللّه سارق، و لكن لا يقطع إلا في ربع دينار أو أكثر، و لو قطعت أيدي السراق فيما أقل هو من ربع دينار لألقيت عامة الناس مقطّعين»(2).

و في صحيح عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام قال: «لا تقطع يد السارق إلا في شي ء تبلغ قيمته مجنا و هو ربع دينار» (3)، و في موثق سماعة عن الصادق عليه السّلام قال: «قطع أمير المؤمنين عليه السّلام في بيضة؟ قلت: و ما بيضة؟ قال: بيضة قيمتها ربع دينار، قلت: هو أدنى حد السارق؟ فسكت» (4).

و في رواية علي بن أبي حمزة (5)، عن الصادق عليه السّلام: «لا تقطع يد السارق

ص: 77


1- السنن الكبرى للبيهقي ج: 8 صفحة: 254.
2- الوسائل: باب 2 من أبواب حد السرقة الحديث: 1 و 2 و 4 و 5.
3- الوسائل: باب 2 من أبواب حد السرقة الحديث: 1 و 2 و 4 و 5.
4- الوسائل: باب 2 من أبواب حد السرقة الحديث: 1 و 2 و 4 و 5.
5- الوسائل: باب 2 من أبواب حد السرقة الحديث: 1 و 2 و 4 و 5.

..........

______________________________

حتى تبلغ سرقته ربع دينار، و قد قطع علي عليه السّلام في بيضة حديد»، إلى غير ذلك من الروايات.

و ما يظهر منه الخلاف مثل ما دلّ على أن النصاب في السرقة خمس دينار، كصحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال: «يقطع السارق في كل شي ء بلغ قيمته خمس دينار، إن سرق من سوق أو زرع أو ضرع أو غير ذلك» (1)، و صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «أدنى ما يقطع فيه يد السارق خمس دينار» (2)، و مثلهما غيرهما من الأخبار.

أو ما دلّ على أن النصاب ثلث دينار، مثل موثق سماعة، قال: «سألته على كم يقطع السارق؟ قال: أدناه على ثلث دينار» (3)، و قريب منه موثق أبي بصير (4).

و كذا ما دلّ على أن النصاب درهمان، مثل موثق إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السّلام: «عمن سرق من بستان عذقا قيمته درهمان، قال عليه السّلام: «يقطع به» (5).

أو أن النصاب دينار، كما في صحيح أبي حمزة الثمالي: «سألت أبا جعفر عليه السّلام في كم يقطع السارق؟ فجمع كفيه و قال: في عددها من الدراهم» (6).

فلا بد من رد علم جميع ذلك إلى أهله لكونها بمرء من المشهور و منظر من أنظارهم المباركة، و مع ذلك أعرضوا عنها و طرحوها- مع ان بعضها محمول على التقية مثل ما دلّ على الخمس أو الثلاثة (7)، بل و غيرهما- فيطمئن الفقيه الخبير بمذاق فقه أهل البيت عليهم السّلام، بأنهم ظفروا على خلل فيها، و لذلك أعرضوا عنها كما هو دأبهم [رضوان اللّه تعالى عليهم أجمعين] في الفقه الإمامية المنتهية إلى وحي السماء، و نعم ما قال في الجواهر: «لو ساغ للفقيه التردد بكل ما يجد، أو الجمود على كل ما يرد، ما اخضر للفقه عود و لا قام للدين عمود، نسأل اللّه تعالى تنويرا لبصيرة و صفاء السريرة فإنه الرحيم المنان المتفضل الحنان ذو الفضل و الإحسان»، فلا محيص إلا عن أن النصاب هو الربع لا غيره، فلا شبهة بالنسبة إلى غير الربع حتى تجري قاعدة درء

ص: 78


1- الوسائل: باب 2 من أبواب حد السرقة: 12 و 3 و 11 و 10 و 14 و 9.
2- الوسائل: باب 2 من أبواب حد السرقة: 12 و 3 و 11 و 10 و 14 و 9.
3- الوسائل: باب 2 من أبواب حد السرقة: 12 و 3 و 11 و 10 و 14 و 9.
4- الوسائل: باب 2 من أبواب حد السرقة: 12 و 3 و 11 و 10 و 14 و 9.
5- الوسائل: باب 2 من أبواب حد السرقة: 12 و 3 و 11 و 10 و 14 و 9.
6- الوسائل: باب 2 من أبواب حد السرقة: 12 و 3 و 11 و 10 و 14 و 9.
7- راجع المغني لابن قدامة ج: 10 صفحة: 242 ط: بيروت.

ذهبا خالصا مسكوكا عليه السكة (2)، بلا فرق في ذلك بين جميع ما يملكه المسلم (3).

مسألة 2: يقطع لو كان المسروق- جامعا للشرائط حيوانا كان أو جمادا نباتا كان أو غيره

(مسألة 2): يقطع لو كان المسروق- جامعا للشرائط حيوانا كان أو جمادا نباتا كان أو غيره (4).

______________________________

الحدود بالشبهة. و اللّه العالم الهادي.

(2) لأنه المنساق من الأدلة، و إجماع فقهاء الملة، و تحقق الشبهة الدارئة للحدّ في غير ذلك، و الدينار عبارة عن ثمانية عشر حمصة من الذهب المسكوك.

(3) لإطلاق السنة و الكتاب، و إجماع الأصحاب.

و ما ذكره بعض من التفصيل لا حقيقة له كالسراب، فكل ما يملكه المسلم يقطع بسرقته إن بلغ النصاب، سواء كان من المعادن و الألبسة، أو الفواكه و الأطعمة- رطبة كانت أو غيرها- و الأشربة، كان أصلها الإباحة لجميع الناس أو لا، كان له قابلية البقاء أو كان مما يسرع إليه الفساد كالخضروات و الفواكه الرطبة، إلى غير ذلك.

(4) للإطلاقات، و العمومات، و ظهور الإجماع بلا فرق بين أقسام الحيوانات. نعم ورد في الطير و الرخام ما ينافي ذلك، مثل ما نسب إلى نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله كما في رواية السكوني عن الصادق عليه السّلام: «لا قطع على من سرق الحجارة، يعني الرخام و أشباه ذلك»(1)، و عن علي عليه السّلام في موثق السكوني: «لا قطع في ريش، يعني الطير كله» (2)، و في موثق غياث بن إبراهيم: «إن عليا عليه السّلام اتي بالكوفة برجل سرق حماما فلم يقطعه، و قال: لا اقطع في الطير» (3)، و لكنه محمول على عدم تحقق الشرائط، مثل النصاب أو الحرز أو على

ص: 79


1- الوسائل: باب 23 من أبواب حد السرقة: 1.
2- الوسائل: باب 22 من أبواب حد السرقة: 2 و 1.
3- الوسائل: باب 22 من أبواب حد السرقة: 2 و 1.
مسألة 3: لا فرق في الذهب المسروق بين المسكوك و غيره

(مسألة 3): لا فرق في الذهب المسروق بين المسكوك و غيره، فلو بلغ الذهب غير المسكوك قيمة ربع دينار مسكوك قطع (5)، و لو بلغ وزنه وزن ربع دينار مسكوك لكن لم يبلغ قيمته قيمة الربع لم يقطع (6).

مسألة 4: المراد بالمسكوك ما كان رائجا معاملة

(مسألة 4): المراد بالمسكوك ما كان رائجا معاملة فلا اعتبار بربع قيمته ما ليس كذلك (7)، فلو فرض وجود مسكوك غير رائج فلا اعتبار بربع قيمته في تحقق النصاب، فإذا سرق بمقدار ربع قيمته و لم يكن بقدر ربع قيمة الرائج فلا قطع (8)، فلو فرض رواج دينارين مختلفتين لأجل نفس السكة لا لأجل النقص أو الغش في أحدهما يقطع ببلوغ قيمة الأكثر دون الأقل (9).

مسألة 5: نصاب القطع الذي هو ربع دينار أو ما بلغ قيمته هو أقل ما يقطع به

(مسألة 5): نصاب القطع الذي هو ربع دينار أو ما بلغ قيمته هو أقل ما يقطع به و ليست الزيادة عليه مقدرة بقدر معين بل يقطع مطلقا بلغت الزيادة ما بلغت (10).

______________________________

التقية (1)، أو محامل أخرى كما لا يخفى.

(5) للصدق العرفي في تحقق النصاب، فيشمله الإطلاقات، و العمومات، و الاتفاق، كما مر.

(6) لعدم صدق النصاب، فلا موضوع حتى يترتب الحكم.

(7) لأن هذا هو المنساق من الأدلة و الفتاوى.

(8) للأصل، بعد انسباق خصوص الرائج من الأدلة.

(9) لتحقق الشبهة في الفرض بالنسبة إلى الأقل بعد الشك في صحة التمسك بالإطلاقات مثل المقام، و أما لو بلغ النصاب قيمة الأكثر، فيقطع للإطلاقات، و العمومات، بلا مقيد، و مخصص.

(10) للإطلاق، و الاتفاق، و أن التحديد بالربع- كما مر- إنما هو بالنسبة إلى

ص: 80


1- راجع المغني لابن قدامة ج: 10 صفحة: 253.
مسألة 6: إذا سرق شيئا بزعم عدم كونه بقدر النصاب فبان بقدره

(مسألة 6): إذا سرق شيئا بزعم عدم كونه بقدر النصاب فبان بقدره يقطع و في عكسه لا يقطع (11).

مسألة 7: تقدم أنه يعتبر في السرقة هتك الحرز

(مسألة 7): تقدم أنه يعتبر في السرقة هتك الحرز فيكون المدار في تحققها عليه (12)، ففي السرقة من الجيب إن كان بحيث يصدق عليه الحرز يقطع (13)، و إن صدق عدمه أو شك في الصدق و عدمه لا يقطع (14)، و لكن الإثم و الضمان ثابتان على كل حال (15).

______________________________

الأقل فقط، دون غيره.

(11) لتحقق السرقة في الأول بعد تحقق سائر الشرائط- كما هو المفروض- فتشمله الإطلاقات، و العمومات، بخلاف الثاني لعدم تحقق الشرط.

نعم للحاكم الشرعي تعزيره، لما مر مكررا من أن له الولاية على ذلك.

(12) لما مر في الشرط السابع مما يعتبر في السارق.

(13) لوجود المقتضي و فقد المانع، فلا بد من القطع بعد تحقق جميع الشرائط.

(14) أما الأول: فلعدم تحقق الموضوع، لفرض صدق السرقة من غير حرز.

و أما الثاني: فلتحقق الشبهة الدارئة للحدّ كما تقدم مكررا.

(15) لتحقق الظلم و العدوان.

هذا كله بحسب القاعدة، مضافا إلى الإجماع، و قول الصادق عليه السّلام في موثق السكوني: «قد أتي أمير المؤمنين عليه السّلام بطرار قد طرّ دراهم من كمّ رجل فقال: إن كان طرّ من قميصه الأعلى لم اقطعه، و إن كان طرّ من قميصه الداخل قطعته» (1).

و في رواية أخرى مثله إلا أن فيها: «و إن كان طرّ من قميصه الأسفل

ص: 81


1- الوسائل: باب 13 من أبواب حد السرقة: 2.
مسألة 8: أثمار الأشجار لها حالات ثلاث

(مسألة 8): أثمار الأشجار لها حالات ثلاث:

حالة قطعها و حرزها.

و حالة كونها على الأشجار و هي محرزة بما جرت العادة بحرزها به.

و حالة كونها غير محرزة مطلقا و يقطع في الأولين دون الأخيرة (16).

______________________________

قطعناه» (1)، و هو مطابق للقاعدة لتحقق الحرز في الداخل. و الأسفل دون غيره غالبا، و عليه يحمل قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في موثق عبد الرحمن: «ليس على الذي يستلب قطع، و لا على الذي يطرّ الدراهم من ثوب قطع» (2)، و كذا صحيح منصور ابن حازم قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: يقطع النباش، و الطرّار، و لا يقطع المختلس»(3).

ثمَّ إنه لا فرق في الحرز بين جميع أنحائه من القديمة و الحديثة، المختلفة باختلاف الأزمنة و الأمكنة و العادة و الأشخاص، فيختلف الجيب باعتبار البروز و الظهور و الحرز و عدمه.

و هل يتحقق الحرز بالعلامة المنصوبة أو الكتابة كذلك كما هو المتداول في بعض المحال، يكتب [ممنوع الدخول أو العبور أو يمنع حمل شي ء من مكان كذا]؟ الظاهر هو الصدق، لما تقدم من أن المناط هو حكم العرف بذلك، و المفروض حكمه. نعم لو شك فيه فقد مرّ حكمه (4).

(16) أما القطع في الأولين، فلوجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله الإطلاقات، و العمومات، مع تحقق سائر الشرائط. و أما الأخير، فلعدم الحرز فلا يترتب الحكم الذي هو القطع.

ص: 82


1- الكافي ج: 7 صفحة: 227.
2- الوسائل: باب 13 من أبواب حد السرقة: 1 و 3.
3- الوسائل: باب 13 من أبواب حد السرقة: 1 و 3.
4- تقدم في صفحة: 81.
مسألة 9: لا قطع على السارق في عام المجاعة إذا كان المسروق مأكولا و السارق مضطرا

(مسألة 9): لا قطع على السارق في عام المجاعة إذا كان المسروق مأكولا و السارق مضطرا (17)، و إن كان الضمان عليه (18).

مسألة 10: لو سرق حرا- كبيرا أو صغيرا- لم يقطع

(مسألة 10): لو سرق حرا- كبيرا أو صغيرا- لم يقطع (19)، و يعزره الحاكم الشرعي بما يراه (20)، و يقطع إن باعه (21).

______________________________

(17) إجماعا، و نصوصا، منها ما عن الصادق عليه السّلام في موثق السكوني: «لا يقطع السارق في عام سنة- يعني عام مجاعة-» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا: «لا يقطع السارق في سنة المحل [المحق] في شي ء مما يؤكل، مثل الخبز و اللحم و القثاء و أشباه ذلك» (2)، و في موثق السكوني عن الصادق عليه السّلام: «لا يقطع السارق في عام سنة مجدبة- يعني في المأكول دون غيره-» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و القرينة تدل على تقييدها بالاضطرار و المأكول و لو بالقوة، و في غيرهما يرجع إلى العمومات، و الإطلاقات، بعد كون المخصص و المقيد منفصلا مرددا بين الأقل و الأكثر.

و منه يعلم وجه التعدي إلى مطلق الاضطرار، كما مر سابقا.

(18) للأدلة الأربعة، كما تقدم في كتاب الغصب فلا وجه للتكرار بعد ذلك.

(19) لأن مورد السرقة المال، و لا مالية للحر بلا فرق بين الذكر و الأنثى.

(20) لأنه منكر و فساد، و التعزير جعل لدفعهما.

(21) لجملة من الأخبار، نسب إلى المشهور العمل بها، فعن الصادق عليه السّلام في موثق السكوني: «ان أمير المؤمنين عليه السّلام أتي برجل قد باع حرا، فقطع يده» (4)، و في رواية معاوية بن طريف قال: «سألت جعفر بن محمد عليه السلام عن رجل سرق حرة فباعها؟ فقال: فيها أربعة حدود: أما أولها فسارق

ص: 83


1- الوسائل: باب 25 من أبواب حد السرقة الحديث: 2 و 1 و 4.
2- الوسائل: باب 25 من أبواب حد السرقة الحديث: 2 و 1 و 4.
3- الوسائل: باب 25 من أبواب حد السرقة الحديث: 2 و 1 و 4.
4- الوسائل: باب 20 من أبواب حد السرقة: 2.
مسألة 11: لو أعار بيتا فهتك المعير حرزه فسرق منه مال المستعير قطع

(مسألة 11): لو أعار بيتا فهتك المعير حرزه فسرق منه مال المستعير قطع و كذا لو آجر بيتا و سرق منه مال المستأجر (22).

مسألة 12: لو كان الحرز مغصوبا لم يقطع بسرقة مالكه الذي له هتكه

(مسألة 12): لو كان الحرز مغصوبا لم يقطع بسرقة مالكه الذي له هتكه (23)، و لو كان ماله في حرز فهتكه و أخذ ماله فقط لم يقطع و عليه ضمان ما أتلفه من الحرز (24)، و كذا إن كان ماله مخلوطا بمال مالك الحرز بما لا تتميز و أخذ بقدر ماله أو أزيد بما لا يبلغ النصاب (25).

______________________________

تقطع يده، و الثانية: إن كان وطأها جلد الحدّ، و على الذي اشترى إن كان وطأها إن كان محصنا رجم، و إن كان غير محصن جلد الحدّ، و إن كان لم يعلم فلا شي ء عليه، و عليها هي إن كان استكرهها فلا شي ء عليها، و إن كانت أطاعته جلدت الحدّ» (1).

و في خبر عبد اللّه بن طلحة. قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يبيع الرجل و هما حران، فيبيع هذا هذا و هذا هذا و يفران من بلد إلى بلد يبيعان أنفسهما، و يفران بأموال الناس؟ قال: تقطع أيديهما، لأنهما سارقا أنفسهما و أموال الناس» (2).

(22) لوجود المقتضي للقطع في كل منهما و فقد المانع عنه بعد تحقق جميع الشرائط، كما هو المفروض، فتشمله العمومات بلا مقيد و مخصص.

(23) لأنه لا يصدق الحرز بالنسبة إلى من يكون مسلطا على الهتك، و عن جمع إن الإحراز بغير الحق كغير المحرز.

(24) أما عدم القطع، فلعدم تحقق السرقة بأخذ مال الغير. و أما الضمان فلقاعدتي اليد، و أن من أتلف مال الغير فهو له ضامن.

(25) لعدم تحقق سرقة النصاب المعتبر في القطع، فلا موضوع له حينئذ.

ص: 84


1- الوسائل: باب 20 من أبواب حدّ السرقة الحديث: 1 و 3.
2- الوسائل: باب 20 من أبواب حدّ السرقة الحديث: 1 و 3.
مسألة 13: لو سرق ثمر العين الموقوفة يقطع مع تحقق الشرائط

(مسألة 13): لو سرق ثمر العين الموقوفة يقطع مع تحقق الشرائط (26)، و كذا العين الموقوفة بناء على كونها ملكا للموقوف عليه، و أما بناء على أنها من التحرير و فك الملك فلا قطع (27)، و كذا لو سرق الحقوق من الزكاة أو الخمس أو السهم الشريف (28)، و لا بد و أن يكون المطالب هو الحاكم الشرعي في كل مال ليس له مالك فعليّ مطالب (29).

______________________________

(26) لأن له مالكا، فتشملها الأدلة بعد وجود المقتضي و فقد المانع.

(27) أما الأول: فلما مرّ في سابقة من غير فرق.

و أما الأخير: فلعدم المالك، و هو شرط في تحقق السرقة، و لكن للحاكم الشرعي تعزيره بما يراه، لأن المقام من صغريات النهي عن المنكر، الذي قد يتعلق به التعزير.

(28) للأصل، بعد الشك في صدق المالك بالنسبة إليها، لأن أصل ثبوت الحق في الجملة معلوم، و الشك في تحقق الملك يكفي للشبهة الدارئة للحدّ.

و كذا ولاية الإمام عليه السّلام و حقه لصرف ما يتعلق به في المصارف الشرعية لا ريب فيه، و أما الملكية الخاصة المتعارفة ففيها بحيث.

و لكن يمكن أن يقال: إن مقتضى ظواهر الأدلة كما هو المشهور الملكية المتعارفة، و يشهد لها معتبرة ابن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام: «قال: قضى علي عليه السّلام في رجلين قد سرقا من مال اللّه، أحدهما عبد مال اللّه، و الآخر من عرض الناس، فقال عليه السّلام: أما هذا فمن مال اللّه ليس عليه شي ء، مال اللّه أكل بعضه بعضا، و أما الآخر فقدّمه و قطع يده، ثمَّ أمر أن يطعم اللحم و السمن حتى برئت يده» (1)، و قد تقدم التفصيل في كتاب الزكاة و الخمس فراجع. نعم التعزير موكول إلى نظر الحاكم الشرعي.

(29) لأن إقامة الحدود من حقوق الناس، و مشروط بطلب صاحبها،

ص: 85


1- الوسائل: باب 29 من أبواب حد السرقة: 4.
مسألة 14: باب الحرز من الخارج و ما ثبت فيه من الآلات

(مسألة 14): باب الحرز من الخارج و ما ثبت فيه من الآلات و ما بني في جداره ليس من الحرز فلا قطع بسرقة شي ء منها (30)، بخلاف الداخل من الباب و ما يتعلق به، فمن كسر الباب الخارج و أخذ من الباب الداخل شيئا بقدر النصاب يقطع (31).

مسألة 15: سارق الكفن إن نبش القبر و سرقه و لو بعض أجزائه المندوبة

(مسألة 15): سارق الكفن إن نبش القبر و سرقه و لو بعض أجزائه المندوبة و تحقق سائر الشرائط منها النصاب يقطع (32)،

______________________________

و المفروض أنه لا صاحب لها في المقام إلا الحاكم الشرعي.

(30) لأن المرجع في الحرز إنما هو العرف و العادة، و هما لا يحكمان بالحرزية فيها، فمن سرق دقاقة الباب أو ما عليه من الزينة، لا يقطع.

(31) فإنه محرّز بباب الخارج، فيصدق حينئذ هتك الحرز و أخذ المال من الحرز.

(32) لأن القبر حرز للكفن، فتشمله الإطلاقات، و العمومات، مضافا إلى الإجماع، و النصوص، منها صحيحة حفص البختري قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: حدّ النباش حدّ السارق» (1).

و في خبر الجعفي قال: «كنت عند أبي جعفر عليه السّلام و جاءه كتاب هشام بن عبد الملك، في رجل نبش امرأة فسلبها ثيابها ثمَّ نكحها، فإن الناس قد اختلفوا علينا: طائفة قالوا: اقتلوه، و طائفة قالوا: أحرقوه، فكتب إليه أبو جعفر عليه السّلام: إن حرمة الميت كحرمة الحي، تقطع يده لنبشه و سلبه الثياب، و يقام عليه الحدّ في الزنا، إن أحصن رجم و إن لم يكن أحصن جلد مائة» (2).

و في موثق إسحاق بن عمار: «إنّ عليا عليه السّلام قطع نبّاش القبر، فقيل له:

أ تقطع في الموتى؟ فقال: إنّا نقطع لأمواتنا كما نقطع لأحيائنا» (3)،

ص: 86


1- الوسائل: باب 19 من أبواب حد السرقة: 1 و 2.
2- الوسائل: باب 19 من أبواب حد السرقة: 1 و 2.
3- الوسائل: باب 19 من أبواب حد السرقة الحديث: 12.

و إن نبش و لم يسرق الكفن يعزّر و لا يقطع (33)، بلا فرق فيه بين الأكفان المتعارفة إذا كان بقدر النصاب أو الأكفان النفيسة (34).

مسألة 16: ليس القبر حرزا لغير الكفن

(مسألة 16): ليس القبر حرزا لغير الكفن فلو جعل مع الميت شي ء و نبش و اخرج لا يقطع إلا إذا كان القبر في بيت مقفل فكسر القفل أو ثقب الجدار (35).

مسألة 17: لو تكرر منه النبش و فات السلطان كان له قتله للردع

(مسألة 17): لو تكرر منه النبش و فات السلطان كان له قتله للردع (36).

______________________________

إلى غير ذلك من الروايات.

و ما يظهر منه الخلاف مثل رواية علي بن سعد عن الصادق عليه السّلام قال:

«سألته عن رجل أخذ و هو ينبش؟ قال: لا أرى عليه قطعا، إلّا أن يؤخذ و قد نبش مرارا فاقطعه» (1)، و كذا قوله عليه السّلام أيضا: «النبّاش إذا كان معروفا بذلك قطع» (2)، و قريب منه غيره محمول أو مطروح، كما لا يخفى.

(33) أما التعزير، فلأنه فعل حراما، و هتك حرمة المؤمن، و للحاكم الشرعي التعزير في مثل ذلك، و في مرسل ابن بكير عن الصادق عليه السّلام: «إذا أخذ أوّل مرة عزّر، فإن عاد قطع» (3)، المحمول على ما إذا لم يسرق الكفن.

و أما عدم القطع، فلعدم السرقة، و عليه يحمل ما دلّ على عدم القطع (4).

(34) لشمول إطلاق الأدلة لكل منهما، مضافا إلى ظهور الإجماع.

(35) أما عدم كون القبر حرزا لغير الكفن، فلحكم العرف بذلك.

و أما الأخير، فلتحقق الحرز حينئذ عرفا، و شرعا، فيترتب عليه حكم السرقة قهرا.

(36) كما عن المحقق في الشرائع و تبعه بعض آخر، و لكن لم أقف عليه كذلك في شي ء مما حضرني من النصوص، و في رواية ابن أبي عمير: «أتي أمير

ص: 87


1- الوسائل: باب 19 من أبواب حدّ السرقة الحديث: 11 و 15 و 16 و 14.
2- الوسائل: باب 19 من أبواب حدّ السرقة الحديث: 11 و 15 و 16 و 14.
3- الوسائل: باب 19 من أبواب حدّ السرقة الحديث: 11 و 15 و 16 و 14.
4- الوسائل: باب 19 من أبواب حدّ السرقة الحديث: 11 و 15 و 16 و 14.
مسألة 18: هل يجرى حكم السرقة في أخذ الماء و الكهرباء

(مسألة 18): هل يجرى حكم السرقة في أخذ الماء و الكهرباء و غيرهما بعد تملك المالك الخاص لهما (37)، من مجاريهما أو لا؟ وجهان (38).

مسألة 19: لو سرق الحرز و ما فيه يقطع مع تحقق سائر الشرائط

(مسألة 19): لو سرق الحرز و ما فيه يقطع مع تحقق سائر الشرائط (39)، و كذا يقطع لو سرق المركوبات الحديثة كالسيارات و غيرها لو أخذها من محل المعدة لها لحفظها (40).

مسألة 20: لا فرق فيما مر من أحكام السرقة بين أقسام المسلمين و إن اختلفت مذاهبهم

(مسألة 20): لا فرق فيما مر من أحكام السرقة بين أقسام المسلمين و إن اختلفت مذاهبهم فيقطع ما لم يحكم الشرع بإباحة مال المسروق منه (41).

______________________________

المؤمنين عليه السّلام برجل نبّاش، فأخذ أمير المؤمنين عليه السّلام بشعره فضرب به الأرض، ثمَّ أمر الناس أن يطؤوه بأرجلهم، فوطؤوه حتى مات» (1)، و قريب منه غيره. لكن ليس في شي ء منها فوت السلطان، و التكرار في فعله لعله استفيد من لفظ المبالغة. و التهجم على الدماء بغير نص صحيح و دليل صريح مشكل، أعاذنا اللّه تعالى من الزلل.

(37) أي بعد الدخول في الملك، أو المرور على المقاييس المتداولة لهذه الأمور في هذه الأعصار أو الأخذ من داخل بيت الجار مثلا، بحيث يصدق عرفا أنه ملكه بالحيازة أو التملك.

(38) من كونهما مالا ذات قيمة محرزة لدى العرف و في حرز، و بعد فرض تحقق سائر الشرائط، فتشمله الأدلة لا محالة، فيقطع ان بلغ النصاب. و من احتمال الانصراف عنهما، و لكنه ضعيف جدا.

(39) لوجود المقتضي للقطع و فقد المانع، فتشمله الأدلة لا محالة.

(40) لعين ما مر في سابقة.

(41) أما الأول: فلإطلاق الأدلة، و إجماع المسلمين، فلو سرق المالكي

ص: 88


1- الوسائل: باب 19 من أبواب حد السرقة: 3.
مسألة 21: لو زعم إباحة مال المسروق منه شرعا و سرق منه ثمَّ بان الخلاف

(مسألة 21): لو زعم إباحة مال المسروق منه شرعا و سرق منه ثمَّ بان الخلاف، فإن كان زعمه مستندا إلى المساهلة و المسامحة في دينه يقطع (42)، و إلا فيشكل (43).

______________________________

من الحنفي أو بالعكس، يقطع مع تحقق سائر الشرائط.

و أما الثاني: فلأنه مع حكم الشرع بإباحة مال المسروق منه، فلا موضوع للقطع حينئذ.

(42) للعمومات، و الإطلاقات الدالة على القطع- كما مر- بعد عدم دخوله في الشبهة الدارئة للحدّ عند المتشرعة.

(43) لاحتمال كون ذلك من الشبهة الدارئة للحدّ. و اللّه العالم بالحقائق.

ص: 89

الفصل الثالث في ما يثبت به السرقة
اشارة

الفصل الثالث في ما يثبت به السرقة

مسألة 1: تثبت السرقة بالإقرار بها مرتين

(مسألة 1): تثبت السرقة بالإقرار بها مرتين (1)،

______________________________

(1) على المشهور، لنصوص كثيرة منها: رواية جميل بن دراج المنجبرة عن أحدهما عليهما السّلام: «لا يقطع السارق حتى يقرّ بالسرقة مرّتين، فإن رجع ضمن السرقة و لم يقطع إذا لم يكن شهود» (1).

و منها: روايته الأخرى عن الصادق عليه السّلام: «لا يقطع السارق حتى يقر بالسرقة مرّتين، و لا يرجم الزاني حتى يقرّ أربع مرات» (2).

و منها: رواية أبان بن عثمان عنه عليه السّلام أيضا قال: «كنت عند عيسى بن موسى فأتي بسارق و عنده رجل من آل عمر، فأقبل يسألني فقلت: ما تقول في السارق إذا أقرّ على نفسه أنه سرق؟ قال: يقطع، قلت: فما تقولون في الزنا إذا أقرّ على نفسه أربع مرات؟ قال: نرجمه، قلت: و ما يمنعكم من السارق إذا أقرّ على نفسه مرتين أن تقطعوه فيكون بمنزلة الزاني» (3)، إلى غير ذلك من الروايات، مضافا إلى فحوى الإطلاقات الدالة على حجّية إقرار من أقرّ على نفسه.

و ما دلّ على الخلاف، مثل رواية فضيل عن الصادق عليه السّلام: «إن أقرّ الرجل الحرّ على نفسه مرة واحدة عند الإمام، قطع» (4)، و روايته الأخرى قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من أقرّ على نفسه عند الإمام بحدّ من حدود اللّه مرة واحدة،

ص: 90


1- الوسائل: باب 3 من أبواب حد السرقة: 1 و 6 و 4.
2- الوسائل: باب 3 من أبواب حد السرقة: 1 و 6 و 4.
3- الوسائل: باب 3 من أبواب حد السرقة: 1 و 6 و 4.
4- الوسائل: باب 3 من أبواب حد السرقة: 3.

و لو أقر مرة واحدة فلا قطع و إن ضمن المال (2)، و تثبت أيضا بشهادة عدلين (3)، و لا يقطع بشهادة النساء منفردات أو منضمات (4)،

______________________________

حرا كان أو عبدا، حرة كانت أو أمة، فعلى الإمام أن يقيم الحدّ- إلى أن قال- فقال له بعض أصحابنا: يا أبا عبد اللّه فما هذه الحدود التي إذا أقرّ بها عند الإمام مرة واحدة على نفسه أقيم عليه الحدّ فيها؟ فقال: إذا أقرّ على نفسه عند الإمام بسرقة قطعه، فهذا من حقوق اللّه تعالى» (1)، محمول- على التقية، لذهاب جمع من العامة بل أكثرهم كأبي حنيفة و عطاء و الثوري و الشافعي و غيرهم إلى ذلك (2)- أو متروك لإعراض المشهور عنه.

(2) أما عدم القطع، فلعدم تمامية الإثبات شرعا. و أما الضمان، فلكفاية الإقرار مرّة واحدة، كما تقدم في كتاب الإقرار.

(3) للإجماع، و عموم ما دلّ على حجّية البيّنة، و خصوص ما ورد في أبواب السرقة، مثل ما عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد ابن قيس قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل شهد عليه رجلان بأنه سرق، فقطع يده» (3)، و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «يدرأ عنه القطع، إلا أن تقوم عليه بينة فان قامت البينة عليه قطع» (4)، إلى غير ذلك من الأخبار.

(4) لما تقدم في كتاب الشهادات (5)، من عدم قبول شهادتهن في الحدود، مضافا إلى الأصل بعد عدم دليل على الاعتبار. نعم يكتفى بها في الضمان، كما مرّ في كتاب الشهادات.

ص: 91


1- الوسائل: باب 32 من أبواب مقدمات الحدود: 1.
2- راجع المغني لابن قدامة ج: 10 صفحة: 91 ط: بيروت.
3- الوسائل: باب 14 من أبواب الشهادات الحديث: 1.
4- الوسائل: باب 8 من أبواب حد السرقة: 1.
5- راجع المجلد السابع و العشرين: صفحة: 196.

و لا بشاهد و يمين (5).

مسألة 2: يشترط في المقر الاختيار و القصد و الكمال بالبلوغ و العقل

(مسألة 2): يشترط في المقر الاختيار و القصد و الكمال بالبلوغ و العقل (6)، فلا يقطع بإقرار الصبي مطلقا و لا بإقرار المجنون و لو كان أدواريا في دور جنونه و لا المغمى عليه و لا الهاذل و السكران و الساهي و النائم و الغافل و المكره (7)، بل لا يثبت المال أيضا (8)، و كذا يعتبر الحرية (9).

______________________________

(5) للأصل، بعد عدم دليل على الاعتبار و إن اكتفي به في الغرم، لما مرّ في كتاب الشهادات.

(6) للضرورة الفقهية، و هذه من الشرائط العامة، التي تقدم غير مرة وجه اعتبارها فيغنينا التعرض لها مرة أخرى.

(7) كل ذلك للإجماع، و قاعدة أن المشروط ينتفي بانتفاء شرطه، الذي هو القصد الجدي ما لم يدلّ دليل على الخلاف، و هو مفقود.

(8) لعدم اعتبار الإقرار في جميع ذلك، فلا وجه للضمان حينئذ.

(9) إجماعا، و نصا، قال الصادق عليه السّلام في صحيح فضيل «إذا أقرّ العبد على نفسه بالسرقة، لم يقطع، و إذا شهد عليه شاهدان، قطع» (1)، و هو موافق لقاعدة عدم اعتبار الإقرار في حق الغير، فلا بد من حمل قول الصادق عليه السّلام في صحيح الفضيل المتقدم: «من أقرّ على نفسه عند الإمام بحق من حدود اللّه تعالى مرة واحدة، حرا كان أو عبدا، حرة أو أمة، فعلى الإمام أن يقيم الحدّ على الذي أقرّ على نفسه، كائنا من كان إلا الزاني المحض» (2)، على بعض المحامل كما عرفت.

و أما صحيح الكناسي عن أبي جعفر عليه السّلام: «العبد إذا أقرّ على نفسه عند الإمام أنه سرق قطعه، و إذا أقرّت الأمة عند الإمام بالسرقة، قطعها» (3)، فلا بد من

ص: 92


1- الوسائل: باب 35 من أبواب حد السرقة: 1.
2- الوسائل: باب 32 من أبواب مقدمات الحدود: 1 و مر في صفحة: 101.
3- الوسائل: باب 3 من أبواب حد السرقة: 2.
مسألة 3: لو عذّب على الإقرار فأقر بعد التعذيب لا يعتمد على هذا الإقرار

(مسألة 3): لو عذّب على الإقرار فأقر بعد التعذيب لا يعتمد على هذا الإقرار (10)، فلا يقطع و لا يغرم (11)، بل و لو أتى بالمال بعينه بعد التعذيب (12)، إلا إذا علم بالقرائن المعتبرة ثبوتها بما توجب القطع (13).

مسألة 4: لو أقر مرتين ثمَّ أنكر لم يسقط القطع و الغرم

(مسألة 4): لو أقر مرتين ثمَّ أنكر لم يسقط القطع و الغرم (14)،

______________________________

حمله على تصديق المولى للسرقة، و إقدامه على إجراء الحدّ عليه، أو على العبودية للّه تعالى.

(10) لشمول دليل رفع الإكراه لمثل ذلك، مضافا إلى الإجماع، و التعليل في صحيح ابن خالد عن الصادق عليه السّلام: «عن رجل سرق سرقة فكابر عنها فضرب، فجاء بها بعينها، أ يقطع؟ قال: نعم، و إذا اعترف و لم يأت بها فلا قطع، لأنه اعتراف على العذاب» (1).

(11) لعدم ترتب الأثر على مثل هذا الإقرار، فلا موضوع لصحة القطع و الغرم.

(12) لأعمية الردّ من السرقة، أو يمكن أن يكون المال عنده على غير جهة السرقة.

(13) لثبوت السرقة حينئذ بواسطة العلم بها، و بعد مطالبة صاحبه يقطع، لوجود المقتضي و فقد المانع، و عليه يحمل ما تقدم من صحيح ابن خالد، أي على صورة العلم بتحقق السرقة و التعذيب لأجل ردّ المسروق.

(14) للأصل، و العمومات، و صحيحي الحلبي و محمد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام: «إذا أقرّ الرجل على نفسه أنه سرق ثمَّ جحد، فاقطعه و أرغم أنفه» (2)، و يشهد لذلك معتبرة سماعة عن الصادق عليه السّلام: «من أخذ سارقا فعفا

ص: 93


1- الوسائل: باب 7 من أبواب حد السرقة: 1.
2- الوسائل: باب 12 من أبواب مقدمات الحدود: 1.

..........

______________________________

عنه، فذاك له، فإذا رفع إلى الإمام قطعه، فإن قال الذي سرق منه: ألا أهبه له، لم يدعه الإمام حتى يقطعه إذا رفعه إليه، و إنما الهبة قبل أن يرفع إلى الإمام، و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ» (1).

و نسب إلى جمع عدم القطع، للإجماع أولا.

و بمرسل جميل ثانيا: «لا يقطع السارق حتى يقرّ بالسرقة مرتين، فإن رجع ضمن السرقة و لم يقطع، إذا لم يكن شهود» (2).

و ثالثا: بخبر طلحة بن زيد عن الصادق عليه السّلام: «حدثني بعض أهلي أن شابّا أتى أمير المؤمنين عليه السّلام فأقر عنده بالسرقة، فقال له: إنّي أراك شابّا لا بأس بهيئتك، فهل تقرأ شيئا من القرآن؟ قال: نعم، سورة البقرة، فقال: قد وهبت يدك لسورة البقرة، قال: و إنما منعه أن يقطعه، لأنه لم تقم عليه بينة» (3)، و خبر أبي عبد اللّه البرقي: «جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فأقرّ عنده بالسرقة، فقال: أ تقرأ شيئا من كتاب اللّه تعالى؟ قال: نعم، سورة البقرة، قال: قد وهبت يدك لسورة البقرة، فقال الأشعث: أ تعطل حدّا من حدود اللّه تعالى؟ قال: و ما يدريك ما هذا؟

إذا قامت البيّنة فليس للإمام أن يعفو، و إذا أقرّ الرجل على نفسه فذاك إلى الإمام، إن شاء عفا و إن شاء قطع» (4).

و الكل مخدوش، أما الإجماع: فلا اعتبار به بعد النص الصحيح على الخلاف و كثرة المخالف. و أما المرسل: فلا يقاوم معارضة الصحيحين، بعد عدم انجبار ذيله بالعمل.

و أما الخبران الأخيران: فلا ربط لهما بالمقام، إذ الظاهر من الأول الإقرار الذي لا يكون جامعا للشرائط، و أما الثاني: فالظاهر منه التوبة بعد الإقرار، كما تقدم في أحكام القضاء، هذا مع قطع النظر عن سندهما.

ص: 94


1- الوسائل: باب 17 من أبواب مقدمات الحدود: 3.
2- الوسائل: باب 3 من أبواب حد السرقة: 1 و 5.
3- الوسائل: باب 3 من أبواب حد السرقة: 1 و 5.
4- الوسائل: باب 18 من أبواب مقدمات الحدود: 3.

و لو أنكر بعد الإقرار مرة يغرّم المال و لا يقطع (15).

مسألة 5: لو تاب أو أنكر بعد قيام البينة يغرّم و يقطع

(مسألة 5): لو تاب أو أنكر بعد قيام البينة يغرّم و يقطع (16)، و لو تاب قبل قيام البينة أو الإقرار يسقط الحدّ (17)، و لو تاب بعد الإقرار فقد مرّ حكمه (18).

______________________________

(15) أما غرامة المال، فلكفاية الإقرار فيها مرة واحدة. و أما عدم القطع، فلعدم تمامية موضوعه، و هو الإقرار مرتين.

(16) للأصل، و الإجماع، و النص، كما مر في خبر أبي عبد اللّه البرقي المنجبر في المقام.

(17) إجماعا، و نصا- في جميع الحدود كما مر- ففي موثق عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام: «السارق إذا جاء من قبل نفسه تائبا إلى اللّه عزّ و جلّ، ترد سرقته إلى صاحبها، و لا قطع عليه» (1)، الظاهر في ما قلنا، و في مرسل جميل المنجبر عن أحدهما عليهما السّلام «في رجل سرق أو شرب الخمر أو زنى، فلم يعلم ذلك منه و لم يؤخذ حتى تاب و صلح فقال: إذا صلح و عرف منه أمر جميل، لم يقم عليه الحدّ» (2)، و غيرهما من الروايات.

(18) تقدم في مسألة 12 من الفصل الثاني في ما يثبت به الزنا (3).

و دعوى: ان التوبة تسقط العقاب الأخروي، كما في كثير من الروايات من أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له (4)، فاسقاطها للعقاب الدنيوي يكون بالأولى، فلا معنى لتخيير الإمام بين القطع و العفو بعدها.

غير صحيحة: لأنها قياس مع الفارق، لوجود دليل خاص في المقام الدال على تخيير الإمام عليه السّلام، كما عرفت سابقا.

ص: 95


1- الوسائل: باب 16 من أبواب مقدمات الحدود: 1 و 3.
2- الوسائل: باب 16 من أبواب مقدمات الحدود: 1 و 3.
3- راجع ج: 27 صفحة: 256.
4- راجع الوسائل: باب 86 من أبواب جهاد النفس الحديث: 8.
الفصل الرابع في حدّ السارق و أحكامه
اشارة

الفصل الرابع في حدّ السارق و أحكامه

و له أقسام أربعة
اشارة

و له أقسام أربعة (1):

الأول: من سرق في المرة الأولى قطعت منه الأصابع الأربع

الأول: من سرق في المرة الأولى قطعت منه الأصابع الأربع من اليد اليمنى و يترك الراحة و الإبهام (2).

______________________________

(1) للأدلة التي يأتي التعرض لها تفصيلا إن شاء اللّه تعالى.

(2) إجماعا، بل ضرورة من المذهب، و نصوصا، منها قول أبي جعفر عليه السّلام في رواية محمد بن مسلم: «أتي أمير المؤمنين عليه السّلام بقوم لصوص قد سرقوا فقطع أيديهم من نصف الكف و ترك الإبهام و لم يقطعها، و أمرهم أن يدخلوا إلى دار الضيافة، و أمر بأيديهم أن تعالج، فأطعمهم السمن و العسل و اللحم حتى برؤوا، فدعاهم فقال: يا هؤلاء إن أيديكم سبقتكم إلى النار، فإن تبتم و علم اللّه منكم صدق النية، تاب عليكم و جررتم أيديكم إلى الجنة، فإن لم تتوبوا و لم تفعلوا عما أنتم عليه، جرتكم أيديكم إلى النار» (1).

و في موثق إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السّلام قال: «تقطع يد السارق و يترك إبهامه و صدر راحته»(2).

و في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام في حديث السرقة: «و كان إذا قطع اليد قطعها دون المفصل، فإذا قطع الرجل قطعها من الكعب، و كان لا يرى أن

ص: 96


1- الوسائل: باب 30 من أبواب حد السرقة: 2.
2- الوسائل: باب 4 من أبواب حد السرقة: 4.
الثاني: لو سرق مرة أخرى بعد وقوع الحدّ عليه في المرة الأولى

الثاني: لو سرق مرة أخرى بعد وقوع الحدّ عليه في المرة الأولى قطعت رجله اليسرى (3)، من أصول أصابعها المتصلة بقبّة القدم و تترك له البقية للمشي و المسح (4).

______________________________

يعفى عن شي ء من الحدود» (1).

و عن أبي جعفر الجواد في مجلس المعتصم بعد ما سأله عن حدّ السرقة، قال عليه السّلام: «إن القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع، فيترك الكف، قال: لم؟ قال عليه السّلام: لقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله السجود على سبعة أعضاء: الوجه، و اليدين، و الركبتين و الرجلين، فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها، و قال اللّه تبارك و تعالى وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ يعني به هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها فَلا تَدْعُوا مَعَ اللّهِ أَحَداً، و ما كان للّه لم يقطع، فأعجب المعتصم ذلك فأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف» (2)، إلى غير ذلك من الروايات.

و أما صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «قلت له: من أين يجب القطع؟

فبسط أصابعه و قال من هنا، يعني من مفصل الكف» إما محمول على ما تقدم، أو على التقية (3).

(3) إجماعا، و نصوصا كما يأتي.

(4) هذه خلاصة ما يستفاد من النصوص بعد ردّ بعضها إلى بعض، و المحصل من الجمع بين الكلمات، ففي موثق سماعة عن الصادق عليه السّلام: «إذا أخذ السارق قطعت يده من وسط الكف، قال: فإن عاد قطعت رجله من وسط

ص: 97


1- الوسائل: باب 4 من أبواب حد السرقة: 8.
2- الوسائل: باب 4 من أبواب حدّ السرقة الحديث: 5.
3- راجع المغني لابن قدامة ج: 10 صفحة: 264.
الثالث: من سرق ثالثة مع ذلك يحبس دائما حتى يموت

الثالث: من سرق ثالثة مع ذلك يحبس دائما حتى يموت (5)، و يجري عليه من بيت المال إن لم يكن له مال (6).

______________________________

القدم» (1). و عنه عليه السّلام أيضا في معتبرة محمد بن يحيى: «إنما يقطع الرجل من الكعب و يترك من قدمه ما يقوم عليه و يصلّي و يعبد اللّه» (2)، إلى غير ذلك من الروايات، مع أنه إذا تردد بين الأقل و الأكثر يؤخذ بالأقل، للشبهة الدارئة للحدّ بالنسبة إلى الأكثر.

(5) إجماعا، و نصوصا، منها قول الصادق عليه السّلام في معتبرة حماد: «لا يخلد في السجن إلا ثلاثة: الذي يمثّل، و المرأة ترتدّ عن الإسلام، و السارق بعد قطع اليد و الرجل» (3).

و منها: صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «سألته إن هو سرق بعد قطع اليد و الرجل؟ قال عليه السّلام: استودعه في السجن أبدا و اغني [اكفي] عن الناس شره» (4).

و منها: صحيح محمد بن قيس عن الباقر عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في السارق إذا سرق قطعت يمينه، و إذا سرق مرة أخرى قطعت رجله اليسرى، ثمَّ إذا سرق مرة أخرى سجنه و تركت رجله اليمنى يمشي عليها إلى الغائط، و يده اليسرى يأكل بها و يستنجي بها، فقال: إني لأستحيي من اللّه أن أتركه لا ينتفع بشي ء، و لكنّي أسجنه حتّى يموت في السجن» (5) إلى غير ذلك من الروايات.

(6) أما الاجراء من بيت المال، فللإجماع، و النصوص، منها قول الصادق عليه السّلام في موثق سماعة: «فإن عاد حبس في السجن، و أنفق عليه من بيت مال المسلمين» (6).

و عن علي عليه السّلام في معتبر السكوني في من سرق ثلاثا: «استودعه في السجن و أنفق عليه من بيت المال»(7)، إلى غير ذلك من الروايات.

و أما اعتبار الفقر، فلأنه المنساق من الأدلة، مضافا إلى ظهور إجماع

ص: 98


1- الوسائل: باب 5 من أبواب حد السرقة: 4 و 8 و 5 و 2 و 3 و 14 و 16.
2- الوسائل: باب 5 من أبواب حد السرقة: 4 و 8 و 5 و 2 و 3 و 14 و 16.
3- الوسائل: باب 5 من أبواب حد السرقة: 4 و 8 و 5 و 2 و 3 و 14 و 16.
4- الوسائل: باب 5 من أبواب حد السرقة: 4 و 8 و 5 و 2 و 3 و 14 و 16.
5- الوسائل: باب 5 من أبواب حد السرقة: 4 و 8 و 5 و 2 و 3 و 14 و 16.
6- الوسائل: باب 5 من أبواب حد السرقة: 4 و 8 و 5 و 2 و 3 و 14 و 16.
7- الوسائل: باب 5 من أبواب حد السرقة: 4 و 8 و 5 و 2 و 3 و 14 و 16.
الرابع: ما إذا سرق بعد ذلك و لو في السجن فيقتل حينئذ

الرابع: ما إذا سرق بعد ذلك و لو في السجن فيقتل حينئذ (7)، هذا إذا تكررت السرقة مع تخلل الحدّ في البين و لو تكررت مع عدم تخلله يكفي حدّ واحد للجميع (8).

مسألة 1: لا فرق فيما مرّ بين المسلم و الكافر و الذكر و الأنثى و الحر و العبد

(مسألة 1): لا فرق فيما مرّ بين المسلم و الكافر و الذكر و الأنثى و الحر و العبد (9).

______________________________

الأجلة، فيجبره الحاكم بالإنفاق على نفسه مباشرة أو تسبيبا.

(7) نصوصا، و إجماعا، قال الصادق عليه السّلام في موثق سماعة: «إذا أخذ السارق قطعت يده من وسط الكف، فإن عاد قطعت رجله من وسط القدم، فإن عاد استودع السجن، فإن سرق في السجن قتل» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا: «من سرق في السجن قتل» (2)، إلى غير ذلك من الأخبار.

(8) نصوصا، و إجماعا، ففي صحيح ابن أعين عن أبي جعفر عليه السّلام: «في رجل سرق فلم يقدر عليه، ثمَّ سرق مرة أخرى و لم يقدر عليه، و سرق مرة أخرى فأخذ فجاءت البينة، فشهدوا عليه بالسرقة الاولى و السرقة الأخيرة فقال:

تقطع يده بالسرقة الاولى و لا تقطع رجله بالسرقة الأخيرة، فقيل له: و كيف ذلك؟ قال: لأن الشهود شهدوا جميعا في مقام واحد بالسرقة الأولى و الأخيرة قبل أن يقطع بالسرقة الأولى، و لو أنّ الشهود شهدوا عليه بالسرقة الاولى ثمَّ أمسكوا حتى يقطع، ثمَّ شهدوا عليه بالسرقة الأخيرة قطعت رجله اليسرى» (3)، و هو موافق للقاعدة، لأن الحكم تعلّق بالطبيعة، و لا تكرر فيها، و يأتي ما يتعلق بالمقام بعد ذلك إن شاء اللّه تعالى.

(9) للإطلاق الشامل للجميع، مضافا إلى الإجماع. نعم للحاكم الشرعي الولاية أن يدفع الكافر إلى حكام ملتهم، ليجري عليه عقوبتهم المقررة عليه.

ص: 99


1- الوسائل: باب 5 من أبواب حد السرقة: 4 و 11.
2- الوسائل: باب 5 من أبواب حد السرقة: 4 و 11.
3- الوسائل: باب 9 من أبواب حد السرقة: 1.
مسألة 2: لا يقطع اليسار مع وجود اليمين مطلقا

(مسألة 2): لا يقطع اليسار مع وجود اليمين مطلقا سواء كانت اليمين شلاء و اليسار صحيحة أو بالعكس أو هما معا شلائين أو صحيحتين (10)- إلا إذا خيف الموت على السارق لاحتمال صحيح له منشأ معتبر حكم به حذاق الأطباء فلا يقطع تحفظا على حياة السارق (11)، بل لا يقطع اليسار حينئذ أيضا (12).

______________________________

(10) للإطلاق، و الاتفاق، و النصوص الخاصة، منها: ما عن الصادق عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «في رجل أشلّ اليد اليمنى أو أشلّ الشمال سرق؟ قال عليه السّلام: تقطع يده اليمنى على كل حال» (1).

و عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «ان الأشلّ إذا سرق قطعت يمينه على كل حال، شلاء كانت أو صحيحة، فإن عاد فسرق قطعت رجله اليسرى، فإن عاد خلد في السجن و اجري عليه من بيت المال و كفّ عن الناس» (2).

(11) لأنه حينئذ سبب لقتل من لم يأذن الشارع في قتله، و ليس ذلك من سراية الحدّ الذي هو غير مضمون كما مر (3)، كالحدّ في الحرّ و البرد، بل هو من التسبيب العمدي لقتل من لا يستحق القتل شرعا.

(12) لأنه خلاف حكمة الشارع المعهودة منه من إبقاء إحدى اليدين سواء كانت اليسار صحيحة أو شلاء، مع الخوف في اليمين دون اليسار، و يمكن الاستيناس لذلك من قول الصادق عليه السّلام في المرسل: «إذا سرق الرجل و يده اليسرى شلاء لم تقطع يمينه و لا رجله» (4)، و ما في صحيح ابن الحجاج قال:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن السارق يسرق فتقطع رجله ثمَّ يسرق هل عليه قطع؟

فقال: في كتاب علي عليه السّلام إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مضى قبل أن يقطع أكثر من يد

ص: 100


1- الوسائل: باب 11 من أبواب حد السرقة: 1 و 4.
2- الوسائل: باب 11 من أبواب حد السرقة: 1 و 4.
3- راجع ج: 27 صفحة: 291.
4- الوسائل: باب 11 من أبواب حد السرقة: 2.
مسألة 3: تقطع اليمنى و لو لم يكن للسارق يسار

(مسألة 3): تقطع اليمنى و لو لم يكن للسارق يسار (13)، و لو كانت له يمين حين ثبوت السرقة و ذهبت بعده لم يقطع اليسار (14).

مسألة 4: لو سرق و قد ذهبت يمناه لقصاص أو غيره

(مسألة 4): لو سرق و قد ذهبت يمناه لقصاص أو غيره فعن بعض الفقهاء أنه تقطع يسراه إن كانت له و مع عدم اليسرى تقطع رجله اليسرى و مع عدمها يحبس (15)،

______________________________

و رجل، و كان علي عليه السّلام يقول: إني أستحيي من ربي أن لا أدع له يدا يستنجي بها أو رجلا يمشي عليها، فقلت له: لو أن رجلا قطعت يده اليسرى في قصاص فسرق ما يصنع به؟ فقال عليه السّلام: لا يقطع و لا يترك بغير ساق، قلت: لو أن رجلا قطعت يده اليمنى في قصاص ثمَّ قطع يد رجل أ يقتص منه أم لا؟ فقال: إنما يترك في حق اللّه عزّ و جلّ، فأما في حقوق الناس فيقتص منه في الأربع جميعا» (1).

و هما و إن أمكن فيهما الإشكال أما الأول: فبقصور السند، و أما في الثاني:

فبقصور الدلالة، لكنهما يصلحان للاستئناس.

(13) نسب ذلك إلى المشهور، بل ادعي عليه الإجماع، للعمومات، و الإطلاقات، الشاملة للفرض أيضا- كما مر- و لا معارض لها في البين إلا ما تقدم من الحكمة، و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في المرسل، و الصحيح.

و الكل مخدوش: أما الحكمة في المقام فهي غير معمولة بها ما لم تعضد بإجماع معتبر، فكيف بما إذا ادعي الإجماع على الخلاف. أما المرسل: فلقصور السند. و أما الأخير: فلقصور الدلالة، كما لا يخفى على أهل الخبرة.

(14) للإجماع، و قاعدة: «انتفاء الحكم بانتفاء الموضوع»، بعد عدم دليل على الانتقال إلى غيره.

(15) نسب ذلك إلى جمع منهم الشيخ و العلامة تمسكا بعموم الآية

ص: 101


1- الوسائل: باب 5 من أبواب حد السرقة: 9.

و الكل مخدوش و أصل التعزير في الجملة معلوم (16).

مسألة 5: لو قطع الحداد يساره مع تحقق جميع شرائط الجناية العمدية فعليه القصاص

(مسألة 5): لو قطع الحداد يساره مع تحقق جميع شرائط الجناية العمدية فعليه القصاص (17)، و لا يسقط قطع اليمنى بالسرقة (18)، و لو فعل ذلك اشتباها فعليه الدية (19)، و لا يسقط الحد خصوصا مع أخذ الدية (20).

______________________________

المنزل على اليمنى حال وجودها، أو على الرجل اليسرى كما عن المبسوط، أو يحبس مع عدمهما عقوبة لما فعل.

(16) أما الخدشة في الكل: فلأنه تخطّ عما عينه الشرع في موضع القطع بلا دليل معتبر يدل عليه. و أما التعزير: فللقطع به من مذاق الشرع، و لكن خصوصياته موكول إلى نظر الحاكم.

(17) لتحقق موضوع الجناية العمدية، فتشمله أدلتها لا محالة.

(18) للأصل، و الإجماع، و العمومات، و الإطلاقات المتقدمة.

و قيل: يسقط قطع اليمين لما ورد من التعليل في قول علي عليه السّلام: «إني لأستحيي من ربي أن لا أدع له يدا يستنجي بها أو رجلا يمشي عليها» (1)، فإنه يشمل المقام بعمومه، و إطلاقه.

و لكن يمكن الخدشة فيه بأن ذلك في بيان الترتيب للحدّ، فلا يشمل المقام.

(19) لأنه حينئذ من شبه العمد الذي حكمه ذلك على ما يأتي في محله إن شاء اللّه تعالى.

(20) للأصل، و العموم، و الإطلاق.

و نسب إلى جمع السقوط، لتنزيل اليسرى منزلة اليمنى حينئذ، و حصول الشبهة، و صحيح ابن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل أمر به أن تقطع يمينه فقدمت شماله فقطعوها و حسبوها يمينه، و قالوا: إنما

ص: 102


1- الوسائل: باب 5 من أبواب حد السرقة: 9.
مسألة 6: إذا قطع السارق يستحب حسمه بما يقطع الدم و يبرئ الجرح

(مسألة 6): إذا قطع السارق يستحب حسمه بما يقطع الدم و يبرئ الجرح (21).

______________________________

قطعنا شماله، أ تقطع يمينه؟ فقال عليه السّلام: لا، لا تقطع يمينه قد قطعت شماله» (1).

و الكل مخدوش، أما التنزيل: فيحتاج إلى دليل، و هو مفقود.

و أما الشبهة: فالشك في شمول الشبهة لمثل المقام يكفي في عدم صحة الاستناد إلى دليلها.

و أما الأخير: فلا اعتبار به بعد إعراض المشهور عنه.

نعم لو حصل للحاكم الشبهة في القطع حينئذ يدرأ القطع بها، لما تقدم مرارا من درء الحدّ بالشبهة، و منه يظهر أنه يمكن أن يجعل هذا النزاع صغرويا.

(21) لما عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «انه أتي بسارق، فقال: اذهبوا فاقطعوه ثمَّ احسموه» (2)، و في رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «أتي أمير المؤمنين عليه السّلام بقوم لصوص قد سرقوا فقطع أيديهم من نصف الكف، و ترك الإبهام و لم يقطعها، و أمرهم أن يدخلوا إلى دار الضيافة و أمر بأيديهم أن تعالج فأطعمهم السمن و العسل و اللحم حتى برؤوا، فدعاهم فقال: يا هؤلاء إن أيديكم سبقتكم إلى النار، فإن تبتم و علم اللّه منكم صدق النية تاب عليكم و جررتم أيديكم إلى الجنة، فإن لم تتوبوا و لم تفعلوا عما أنتم عليه جرّتكم أيديكم إلى النار» (3)، و في رواية حذيفة بن منصور عن الصادق عليه السّلام قال: «أتي أمير المؤمنين عليه السّلام بقوم سراق قد قامت عليهم البينة و أقرّوا، فقطع أيديهم ثمَّ قال: يا قنبر ضمّهم إليك فداو كلومهم و أحسن القيام عليهم، فإذا برئوا فأعلمني، فلما برئوا أتاه فقال: يا أمير المؤمنين القوم الذين أقمت عليهم الحدود قد برئت

ص: 103


1- الوسائل: باب 6 من أبواب حد السرقة.
2- السنن الكبرى للبيهقي ج: 8 صفحة: 271.
3- الوسائل: باب 30 من أبواب حد السرقة: 2.
مسألة 7: الأحوط عدم استعمال الأدوية المخدرة أو تزريقها قبل إجراء الحدّ

(مسألة 7): الأحوط عدم استعمال الأدوية المخدرة أو تزريقها قبل إجراء الحدّ لئلا يتأثر السارق بألم القطع (22).

مسألة 8: يجوز للسارق بعد إجراء الحدّ و القطع أن يعيد المقطوع

(مسألة 8): يجوز للسارق بعد إجراء الحدّ و القطع أن يعيد المقطوع و يلصقه في محله بواسطة الطب الحديث (23).

مسألة 9: لا ضمان في سراية الحدّ مطلقا

(مسألة 9): لا ضمان في سراية الحدّ مطلقا لا على الحاكم و لا على المباشر بإذنه (24)،

______________________________

جراحاتهم، فقال: اذهب فاكس كلّ رجل منهم ثوبين و ائتني بهم قال: فكساهم ثوبين ثوبين و أتى بهم في أحسن هيئة متردين مشتملين كأنّهم قوم محرمون، فمثلوا بين يديه قياما، فأقبل على الأرض ينكتها بإصبعه مليّا، ثمَّ رفع رأسه إليها فقال: اكشفوا أيديكم، ثمَّ قال: ارفعوا رؤوسكم إلى السماء فقولوا: اللهم إن عليا قطعنا، ففعلوا، فقال: اللهم على كتابك و سنّة نبيّك ثمَّ قال لهم: يا هؤلاء إن تبتم سلمتم أيديكم و إن لم تتوبوا ألحقتم بها، ثمَّ قال: يا قنبر خلّ سبيلهم و أعط كلّ واحد منهم ما يكفيه إلى بلده» (1).

(22) لأن المناط في الحدود مطلقا إنما هو ذوق ألم الحدّ، لأجل الارتداع، و إنما لم نجزم بالحكم جمودا على الأصل، و الإطلاق.

(23) للأصل، و الإطلاق، بعد تحقق الامتثال، و لكن الأحوط خلافه، لاحتمال اعتبار دوام بقاء القطع تنكيلا للسارق و لغيره.

(24) للأصل، و الإطلاق، و ثبوت الإذن الشرعي و قاعدتي «الإحسان» (2)، و «قبح تضمين الأمين»، و بقول الصادق عليه السّلام: «من قتله الحدّ فلا دية له» (3)،

ص: 104


1- الوسائل: باب 30 من أبواب حد السرقة: 3.
2- سورة التوبة: 91.
3- الوسائل: باب 24 من أبواب قصاص النفس.

بلا فرق بين إيقاعه في وقت يستحب تأخيره عنه كوقت الحرّ و البرد أو لا (25).

مسألة 10: يستحب تأخير الحدّ عن شدّة الحرّ و البرد في الصيف و الشتاء

(مسألة 10): يستحب تأخير الحدّ عن شدّة الحرّ و البرد في الصيف و الشتاء ففي الأول يوقع في أطراف النهار و في الثاني في وسطه (26)، و يسقط هذا الاستحباب لو كان المحدود في محل معتدل الهواء و لو بالأجهزة الفنية العصرية (27).

______________________________

و تقدم في حدّ الزنا ما يتعلّق بالمقام (1)، هذا إذا لم يعلم الحاكم بالموت قبل إجراء الحدّ عليه، و إما إذا علم بذلك فسيأتي حكمه.

(25) لعموم الدليل الشامل لجميع ذلك.

(26) إجماعا، و نصا، ففي خبر أبي داود: «مررت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام و إذا رجل يضرب بالسياط، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: سبحان اللّه في مثل هذا الوقت يضرب، قلت له: و للضرب حدّ؟ قال: نعم إذا كان في البرد ضرب في حرّ النهار و إذا كان في الحرّ ضرب في برد النهار» (2)، و في خبر سعدان بن مسلم: «خرج أبو الحسن عليه السّلام في بعض حوائجه فمر برجل يحدّ في الشتاء، فقال: سبحان اللّه، ما ينبغي هذا؟ فقلت: و لهذا حدّ؟ قال: نعم ينبغي لمن يحدّ في الشتاء أن يحدّ في حرّ النهار، و لمن حدّ في الصيف أن يحدّ في برد النهار» (3)، و عن العبد الصالح عليه السّلام في رواية هشام قال: «كان جالسا في المسجد و أنا معه فسمع صوت رجل يضرب صلاة الغداة في يوم شديد البرد، فقال: ما هذا؟ قالوا: رجل يضرب، فقال: سبحان اللّه، في هذه الساعة أنه لا يضرب أحد في شي ء من الحدود في الشتاء إلا في أحرّ ساعة من النهار، و لا في الصيف إلا في أبرد ما يكون من النهار» (4).

(27) لأن المطلوب توقي نفسه عن شدة الحرّ و البرد، و هو حاصل بذلك أيضا.

ص: 105


1- تقدم في ج: 27 صفحة: 291.
2- الوسائل: باب 7 من أبواب مقدمات الحدود الحديث: 2 و 3 و 1.
3- الوسائل: باب 7 من أبواب مقدمات الحدود الحديث: 2 و 3 و 1.
4- الوسائل: باب 7 من أبواب مقدمات الحدود الحديث: 2 و 3 و 1.
مسألة 11: لو علم الحاكم الشرعي أن السارق يموت- أو يحصل له مرض خطير- من إجراء الحدّ عليه

(مسألة 11): لو علم الحاكم الشرعي أن السارق يموت- أو يحصل له مرض خطير- من إجراء الحدّ عليه ففي وجوب إجراء الحدّ حينئذ إشكال (28).

مسألة 12: لو مرض المحدود من إجراء الحدّ عليه فهل يجب على الحاكم الشرعي مداواته أو لا؟ وجهان

(مسألة 12): لو مرض المحدود من إجراء الحدّ عليه فهل يجب على الحاكم الشرعي مداواته أو لا؟ وجهان (29).

______________________________

(28) لأهمية حفظ النفس من إجراء الحدّ بالأدلة الأربعة، كما مر مكررا.

و توهم: أن الحدّ بنفسه حكم ضرري قرره الشارع فلا يسقط في المقام و ان ترتب عليه ما يترتب.

مدفوع: بأنه حكم ضرري بحدّ خاص، و جهة مخصوصة، لا أن يكون ضرريا حتى لو وصل إلى إزهاق الروح، مع إطلاق قوله عليه السّلام في معتبرة سماعة.

«إن لكل شي ء حدّا و من تعدّى ذلك الحدّ كان له حدّ» (1)، و يشهد له ما تقدم من الروايات الدالة على عدم جريان الحد في شدة الحرّ و البرد، و تداوي المحدود بعد إجرائه عليه. نعم للحاكم الشرعي تعزيره بما يراه من المصلحة فيه حسما للفساد.

(29) من أن المرض جاء من ناحية الحدّ، فصار إجراء الحكم الشرعي سببا لمرضه، فيجري عليه من بيت المال المعدّ لمصالح المسلمين، و هذا منها.

و من أن السبب الأصلي جاء من نفس المحدود، فيكون المرض من تبعاته، فلا يكون الضمان على الحاكم و من بيت المال. نعم لو كان المرض من لوازم إجراء الحدّ كالجرح الحاصل من القطع، يكون ذلك من بيت المال، لما مرّ من قول علي عليه السّلام: «فداو كلومهم»(2)، و ما عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «اذهبوا فاقطعوه

ص: 106


1- الوسائل: باب 3 من أبواب مقدمات الحدود: 2.
2- الوسائل: باب 30 من أبواب حد السرقة: 3.
مسألة 13: لا شفاعة و لا كفالة في الحدّ

(مسألة 13): لا شفاعة و لا كفالة في الحدّ (30)،

______________________________

ثمَّ احسموه» (1)، و غيرهما من الأخبار.

و لكن يستفاد من قول علي عليه السّلام: «فأحسن القيام عليهم، فإذا برئوا فأعلمني» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا: «و أمر بأيديهم أن تعالج فأطعمهم السمن و العسل و اللحم حتى برؤوا» (3)، ان مقتضى الامتنان و السهولة الشرعية أن يكون ذلك من بيت المال. و اللّه العالم.

(30) لقول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في معتبرة السكوني: «لا كفالة في حدّ» (4)، و عنه صلّى اللّه عليه و آله: «أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا حدّا من حدود اللّه» (5)، و هذا من جوامع كلماته المباركة التي اختص به، و في صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «كان لأم سلمة زوجة النبي صلّى اللّه عليه و آله أمة فسرقت من قوم، فأتي بها النبي صلّى اللّه عليه و آله فكلمته أم سلمة فيها، فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله: يا أم سلمة هذا حدّ من حدود اللّه لا يضيع، فقطعها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (6)، و عن الصادق عليه السّلام في موثق مثنى الحناط قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأسامة بن زيد: لا تشفع في حدّ» (7)، و عن علي عليه السّلام في معتبرة السكوني: «لا يشفعن أحد في حدّ إذا بلغ الإمام، فإنه لا يملكه، و اشفع فيما لم يبلغ الإمام إذا رأيت الندم، و اشفع عند الإمام في غير الحدّ مع الرجوع من المشفوع له، و لا يشفع في حق امرئ مسلم و لا غيره إلا بإذنه» (8).

ص: 107


1- السنن الكبرى للبيهقي ج: 8 صفحة: 271.
2- الوسائل: باب 30 من أبواب حد السرقة: 3.
3- الوسائل: باب 30 من أبواب حد السرقة: 4.
4- الوسائل: باب 21 من أبواب مقدمات الحدود.
5- السنن الكبرى للبيهقي ج: 8 صفحة: 267.
6- الوسائل: باب 20 من أبواب مقدمات الحدود الحديث: 1 و 2 و 4.
7- الوسائل: باب 20 من أبواب مقدمات الحدود الحديث: 1 و 2 و 4.
8- الوسائل: باب 20 من أبواب مقدمات الحدود الحديث: 1 و 2 و 4.

بل و لا يسقط الحدّ و إن كان السارق ينتفع من أصابعه منفعة مهمة محللة (31).

______________________________

(31) لظواهر العمومات، و الإطلاقات، و غالب منافع الأيادي في الأصابع، بل قد يكون حرفة الشخص في أصابعه، كما في الضرب على آلات الكتابة المتداولة في عصرنا هذا بل و غيرها أيضا.

ص: 108

خاتمة فيها مسائل
اشارة

خاتمة فيها مسائل

مسألة 1: لا يسقط ضمان المسروق بقطع يد السارق

(مسألة 1): لا يسقط ضمان المسروق بقطع يد السارق بل يجب عليه ردّ العين المسروقة مع البقاء و المثل أو القيمة مع التلف إلى صاحبها (1)، و لو مات وجب ردّها إلى ورثته (2).

مسألة 2: لو سرق اشخاص شيئا واحدا مع تحقق الشرائط التي منها النصاب بالنسبة إلى كل واحد منهم قطع الجميع

(مسألة 2): لو سرق اشخاص شيئا واحدا مع تحقق الشرائط التي منها النصاب بالنسبة إلى كل واحد منهم قطع الجميع (3)،

______________________________

(1) للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق، بل ضرورة من المذاهب، كما مر في كتاب الغصب، مضافا إلى أدلة خاصة، كقول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «السارق يتبع بسرقته و إن قطعت يده، و لا يترك أن يذهب بمال امرئ مسلم»(1).

و في صحيح سليمان بن خالد قال الصادق عليه السّلام: «إذا سرق السارق قطعت يده و غرم ما أخذ» (2)، فيجري عليه جميع ما تقدم في أحكام الغصب بلا فرق بينهما من جميع الجهات، حتى في لزوم أرش النقصان لو حصل.

(2) لما يأتي في كتاب الإرث من أن المال ينتقل بالموت إلى الورثة، فلا بد من ردها إليهم، كما تقدم في كتاب الغصب أيضا.

(3) لتحقق المقتضي و فقد المانع بالنسبة إلى الجميع، فتشملهم الإطلاقات و العمومات حينئذ.

ص: 109


1- الوسائل: باب 10 من أبواب حد السرقة: 4 و 1.
2- الوسائل: باب 10 من أبواب حد السرقة: 4 و 1.

و أما لو سرق اثنان أو أكثر و لا يبلغ ما أخذ كل واحد النصاب، و إن بلغ المجموع ذلك فلا يقطع (4).

______________________________

(4) للأصل بعد ظهور الأدلة في تحقق النصاب بالنسبة إلى كل سارق وحده، و يكفي في المقام درء الحدّ للشبهة.

و لكن نسب إلى جمع- منهم الشيخ و المفيد و المرتضى- القطع.

و استدلوا بأمور:

الأول: صدق السرقة على ذلك عرفا، فتشمله الأدلة قهرا.

الثاني: الإجماع، كما عن الانتصار و الغنية.

الثالث: ان عدم القطع أصلا تعطيل للحدّ، و قطع البعض دون آخر ترجيح بلا مرجح، فلا بد من قطع الجميع.

الرابع: صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في نفر نحروا بعيرا فأكلوه فامتحنوا أيهم نحروا فشهدوا على أنفسهم أنهم نحروه جميعا لم يخصوا أحدا دون أحد فقضى عليه السّلام أن تقطع أيمانهم» (1).

و الكل مخدوش: أما الأول: فلأن صدق السرقة مع اعتبار كون المسروق نصابا لا وجه له، مع أن المنساق من ظواهر الأدلة خلاف الفرض.

و أما الثاني: فوهن الإجماع بدعوى الشهرة، بل الإجماع على خلافه مما لا شك فيه.

و أما الثالث: فإن تعطيل الحدّ إنما لا يجوز إن كان بعد تحقق موضوعه، لا مع الشك في أصل تحققه.

و أما الرابع: فالصحيح مجمل لم يعلم خصوصياته، حتى يتهجم به على قطع الأعضاء المحترمة.

ص: 110


1- الوسائل: باب 34 من أبواب حد السرقة.
مسألة 3: لو سرق و لم يقدر عليه ثمَّ سرق ثانيا

(مسألة 3): لو سرق و لم يقدر عليه ثمَّ سرق ثانيا فأخذ و ثبتت السرقتان جميعا معا دفعة واحدة بالبينة أو الإقرار كذلك فقطع يده بالسرقة الأولى و لا تقطع رجله الثانية (5)، و لو تفرّق الشهود فشهد اثنان بالسرقة الأولى و شهد آخران بالسرقة الثانية قبل قيام الحدّ أو أقر مرتين بالسرقة الأولى ثمَّ مرتين بالسرقة الثانية مع عدم تخلل الحدّ فكذلك أيضا (6). نعم لو قامت الحجة الشرعية على السرقة الأولى- من بينة أو إقرار- فقطعت اليمنى ثمَّ قامت على الثانية قطعت رجله (7).

______________________________

(5) لما عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح بكر بن أعين: «في رجل سرق فلم يقدر عليه، ثمَّ سرق مرة أخرى فلم يقدر عليه، و سرق مرة أخرى فأخذ، فجاءت البينة فشهدوا عليه بالسرقة الأولى و السرقة الأخيرة، فقال عليه السّلام: تقطع يده بالسرقة الأولى، و لا تقطع رجله بالسرقة الأخيرة، فقيل له: كيف ذاك؟

قال عليه السّلام: لأن الشهود شهدوا جميعا في مقام واحد بالسرقة الأولى و الأخيرة. قبل أن يقطع بالسرقة الأولى، و لو أن الشهود شهدوا عليه بالسرقة الأولى ثمَّ أمسكوا حتى يقطع، ثمَّ شهدوا عليه بالسرقة الأخيرة قطعت رجله اليسرى» (1)، و هو موافق لأصالة بقاء سببية الاولى، و عدم تخلل المسقط، و اشتراط قطع الرجل بتحقق قطع اليد خارجا، و المفروض عدمه.

(6) لظهور التعليل في قوله عليه السّلام: «لأن الشهود شهدوا جميعا في مقام واحد بالسرقة الأولى و الأخيرة قبل أن يقطع بالسرقة الاولى»، في أن المناط كله في قطع الرجل تخلل حدّ قطع اليد بينهما، و المفروض أنه لم يتخلل.

(7) إجماعا، و نصا، قال أبو جعفر عليه السّلام في ما تقدم: «و لو أن الشهود شهدوا عليه بالسرقة الاولى ثمَّ أمسكوا حتى يقطع يده ثمَّ شهدوا عليه بالسرقة

ص: 111


1- الوسائل: باب 9 من أبواب حد السرقة: 1.
مسألة 4: لا يقام الحدّ على السارق إلا بعد مطالبة المسروق منه و رفعه إلى الحاكم

(مسألة 4): لا يقام الحدّ على السارق إلا بعد مطالبة المسروق منه و رفعه إلى الحاكم (8)، و لصاحب الحق العفو عن حقه بهبة و بيع إلى السارق و نحو ذلك فيسقط الحدّ، و لو فعل ذلك بعد الرفع إليه و ثبوت السرقة لديه لم يسقط (9).

______________________________

الأخيرة قطعت رجله اليسرى».

و أما ما ذكره بعض من الجزم بالعدم إنما هو من الاجتهاد في مقابل النص المعتبر، و لذا توقف آخرون، و رجح المحقق في الشرائع أولويته. و العجب من الشيخ رحمه اللّه فإنه ادعى الإجماع على مفاد الرواية في الخلاف، و في مبسوطه جزم بالعدم.

(8) إجماعا، و نصوصا منها ما عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله المنقول في كتب الفريقين الدال على أن الحق له قبل الرجوع إلى الحاكم إثباتا و إسقاطا: «كان صفوان بن أمية رجلا من الطلقاء فأتى النبي صلّى اللّه عليه و آله فأناخ راحلته و وضع رداءه عليها ثمَّ تنحّى يقضي الحاجة، فجاء رجل فسرق رداءه فأخذه فأتى به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأمر به أن يقطع، فقال: يا رسول اللّه تقطعه في ردائي؟! أنا أهبه له، فقال صلّى اللّه عليه و آله: فهلا قبل أن تأتيني به» (1).

و منها: قول الصادق عليه السّلام: في موثق حسين بن خالد: «الواجب على الإمام إذا نظر إلى رجل يزني، أو يشرب الخمر، أن يقيم عليه الحد، و لا يحتاج إلى بينة مع نظره، لأنه أمين اللّه في خلقه، و إذا نظر إلى رجل يسرق فالواجب عليه أن يزبره و ينهاه و يمضي و يدعه، قلت: كيف ذلك؟ قال عليه السّلام: لأن الحق إذا كان للّه فالواجب على الإمام إقامته، و إذا كان للناس فهو للناس» (2).

(9) إجماعا، و نصا، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في معتبرة سماعة: «من أخذ

ص: 112


1- السنن الكبرى للبيهقي ج: 8 صفحة: 266 باب السارق توهب له السرقة، و تقدم في صفحة: 70.
2- الوسائل: باب 32 من أبواب مقدمات الحدود: 3.
مسألة 5: لو سرق جمع و علم أن واحدا منهم سرق بقدر النصاب من الحرز و لكنه غير معلوم

(مسألة 5): لو سرق جمع و علم أن واحدا منهم سرق بقدر النصاب من الحرز و لكنه غير معلوم ففي وجوب الحدّ حينئذ إشكال (10).

مسألة 6: لو أخرج السارق المال من الحرز ثمَّ رده إليه

(مسألة 6): لو أخرج السارق المال من الحرز ثمَّ رده إليه و وقع تحت استيلاء المالك ثمَّ انتقل إليه بناقل شرعي لم يقطع (11)، و إن لم يقع تحت استيلائه يقطع و إن انتقل إليه (12).

______________________________

سارقا فعفا عنه فذلك له، فإذا رفع إلى الإمام قطعه، فإن قال الذي سرق منه: أنا أهبه له، لم يدعه الامام حتى يقطعه إذا رفعه إليه، و إنما الهبة قبل أن يرفع إلى الإمام، و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ، فإذا انتهى الحدّ إلى الإمام فليس لأحد أن يتركه» (1)، و تقدم قضية صفوان، و عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح ضريس: «لا يعفى عن الحدود التي للّه دون الإمام، فأما ما كان من حقوق الناس فلا بأس أن يعفى عنه دون الإمام» (2)، و في معتبرة السكوني عن علي عليه السّلام: «لا تشفعن في حدّ إذا بلغ الإمام، فإنه لا يملكه، و اشفع في ما لم يبلغ الإمام إذا رأيت الندم» (3)، إلى غير ذلك من الروايات.

(10) ينشأ من أن المستفاد من الأدلة- كما مر- معلومية السارق بعينه في مورد القطع، و المقام ليس كذلك.

إن قيل: يخرج ذلك بالقرعة يقال: شمول دليل القرعة للمقام- مع أنهم يقولون بأنه لا يتمسك بدليلها إلا في مورد ثبت الإجماع في مورد العمل بها- مشكل، مضافا إلى ما مر من درء الحدّ بالشبهة.

(11) لما تقدم سابقا من توقف القطع على مطالبة المالك لذلك، و لا موضوع للمطالبة حينئذ كما مر.

(12) لوجود المقتضي له بعد المطالبة و فقد المانع، فتشمله الأدلة لا

ص: 113


1- الوسائل: باب 18 من أبواب مقدمات الحدود: 1.
2- الوسائل: باب 18 من أبواب مقدمات الحدود: 1.
3- الوسائل: باب 20 من أبواب مقدمات الحدود: 4.
مسألة 7: لو هتك الحرز جماعة و أخرج المال واحد منهم يقطع المخرج فقط

(مسألة 7): لو هتك الحرز جماعة و أخرج المال واحد منهم يقطع المخرج فقط (13)، و كذا لو قربه أحد منهم من الباب و أخرجه الآخر من الحرز (14)، و لو وضعه الداخل وسط النقب و أخرجه الآخر الذي يكون خارجا يقطع الداخل (15)، و لو وضعه في مكان لا يصدق عليه الداخل و الخارج عند العرف فلا قطع بالنسبة إلى كل واحد منهما (16).

______________________________

محالة، كما مر في مسألة 17 من الفصل الأول، و لو شك في تحقق استيلاء المالك على المال، فالمرجع استصحاب السرقة مع تحقق الشرائط.

(13) لانفراده بالإخراج من الحرز، و إن اشترك مع غيره في الهتك، مضافا إلى الإجماع.

(14) لعين ما مرّ في سابقة من غير فرق بينهما، بعد صدق الإخراج من الحرز على المخرج منه فقط.

(15) لصدق الإخراج من الحرز بالنسبة إليه، و الشك في الصدق بالنسبة إلى الخارج، فيدفع عنه الحدّ لأجل الشبهة.

(16) لتحقق الشبهة الدارئة للحدّ بالنسبة إلى كل واحد منهما، فتكون الوضع في النقب أقسام ثلاثة:

الأول: أن يكون بحيث يصدق عليه البقاء في الحرز عرفا، فيكون القطع على من أخذه، لصدق الإخراج من الحرز بالنسبة إليه.

الثاني: أن يكون بحيث لا يصدق عليه ذلك، فالقطع حينئذ على الداخل الذي أخرجه من الحرز و وضعه خارجه.

الثالث: أن يكون بحيث يشك في الصدق و عدمه، فلا قطع على واحد منهما.

الرابع: وضعه بنحو يكون نصفه في الداخل و نصفه في الخارج، فإن بلغ كل من النصفين النصاب يقطع كل منهما، لصدق الإخراج من الحرز بالنسبة إلى

ص: 114

مسألة 8: المناط في إخراج المسروق من الحرز الدفعة العرفية لا الدقية العقلية

(مسألة 8): المناط في إخراج المسروق من الحرز الدفعة العرفية لا الدقية العقلية (17)، فلو أخرج النصاب دفعات فإن عدّت في العرف دفعة واحدة يقطع (18)، و إن عدّت دفعات متعددة و بلوغ المجموع النصاب فلا قطع (19)، و كذا لو شك في أنه من الدفعة أو الدفعات، فلا قطع (20).

مسألة 9: لا يقطع بمجرد الأخذ من الحرز ما لم يخرج منه

(مسألة 9): لا يقطع بمجرد الأخذ من الحرز ما لم يخرج منه (21)،

______________________________

كل واحد منهما، و إن بلغ الخارج النصاب يقطع الداخل، لصدق أنه أخرج النصاب من الحرز، و إن بلغه الداخل يقطع الخارج، لأنه هو الذي أخرج النصاب من الحرز دون الداخل.

و لعله بذلك كله يمكن أن يجمع بين الكلمات، فراجع و تأمل فيما ليس فيه نص معتبر، و لا إجماع من أهل البحث و النظر، فلا بد من العمل بالقواعد العامة المستفادة من العمومات، و الإطلاقات، و هي تختلف باعتبار الصدق الموضوعي و عدمه، القابلة على الصغريات المختلفة، فتارة تصدق و أخرى تصدق العدم، و ثالثة: يشك في الصدق و عدمه، و لكل حكم يختص به كما في سائر الموضوعات.

(17) لابتناء الأحكام الشرعية على العرفيات، دون الدقيّات العقلية.

(18) لتحقق الموضوع، فيتبعه حكمه لا محالة، كما إذا أخرج المسروق من الحرز قطعة فأكلها حتى شبع و بلغ المجموع النصاب، فالعرف يحكم بأن النصاب أخرج دفعة واحدة، و إن كان الأكل لقمة لقمة.

(19) لعدم تحقق الموضوع، فلا يتبعه الحكم، كما إذا أخرج في اليوم ثلث النصاب، و بعد أيام اخرى ثلثه الآخر، و هكذا إلى أن بلغ النصاب.

(20) لما مرّ مكررا من درء الحدّ بالشبهة. نعم في موارد سقوط الحدّ للحاكم الشرعي التعزير بما يراه من المصلحة.

(21) للأصل، و النص، و الإجماع، قال علي عليه السّلام في معتبرة إسحاق: «لا

ص: 115

و كذا لو أخذ النصاب من الحرز و أحدث فيه و هو في الحرز فنقص عن النصاب ثمَّ أخرجه من الحرز (22)، و لو نقص عن النصاب بعد الإخراج منه فيقطع (23).

مسألة 10: لو أتلف السارق المال يضمن و لم يقطع إن لم يخرجه من الحرز

(مسألة 10): لو أتلف السارق المال يضمن و لم يقطع إن لم يخرجه من الحرز و إلا يقطع إن تحققت سائر الشرائط (24).

مسألة 11: لو ابتلع النصاب و هو في الحرز

(مسألة 11): لو ابتلع النصاب و هو في الحرز فإما أن يستهلك ما ابتلعه أو يتعذر إخراجه أو يعتاده، و في الأول لا سرقة فلا قطع بل هو من الإتلاف الموجب للضمان و كذا الثاني و في الأخير يقطع إن خرج من الحرز و ابتلعه بهذا القصد (25).

______________________________

قطع على السارق حتى يخرج بالسرقة من البيت، و يكون فيها ما يجب فيه القطع» (1).

و في موثق السكوني عن الصادق عليه السّلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السّلام في السارق إذا أخذ و قد أخذ المتاع و هو في البيت لم يخرج بعد، قال: ليس عليه القطع حتى يخرج به من الدار» (2)، إلى غير ذلك من الروايات، و ذكر البيت و الدار مثال لكل حرز.

(22) للأصل بعد صدق عدم إخراج النصاب. نعم لا ريب في ضمانه لما أحدث فيه، كما لو ذبح الشاة أو كسر المتاع أو خرق الثوب مثلا.

(23) لوجود المقتضي للقطع و فقد المانع، فتشمله الإطلاقات، و العمومات.

(24) أما الأول: فلما تقدم هنا و في كتاب الغصب من قاعدة اليد و غيرها.

و أما الثاني: فلتحقق الموضوع، فيتبعه الحكم لا محالة.

(25) أما الأول فيصدق عليه الإتلاف عرفا لا السرقة، و كذا الثاني،

ص: 116


1- الوسائل: باب 8 من أبواب حد السرقة: 3 و 2.
2- الوسائل: باب 8 من أبواب حد السرقة: 3 و 2.
مسألة 12: لو اختلط المال المسروق في الحرز بمال السارق

(مسألة 12): لو اختلط المال المسروق في الحرز بمال السارق و زاد المجموع عن النصاب و لم يعلم أن المال المسروق كان بحدّ النصاب أو لا؟ لا يقطع (26).

مسألة 13: إذا أخذ مقدار النصاب من الحرز

(مسألة 13): إذا أخذ مقدار النصاب من الحرز و لم يعلم أن ذلك من حرز مباح له التصرف فيه أو من حرز يحرم التصرف فيه لم يقطع (27).

مسألة 14: لو ادعى صاحب المال هتك الحرز و أخذ النصاب سرا و أنكر السارق ذلك

(مسألة 14): لو ادعى صاحب المال هتك الحرز و أخذ النصاب سرا و أنكر السارق ذلك يقدم قول المنكر (28).

مسألة 15: الظاهر اعتبار وحدة الحرز في أخذ النصاب

(مسألة 15): الظاهر اعتبار وحدة الحرز في أخذ النصاب (29)، فلو أخذ نصفه من حرز و نصفه الآخر من حرز آخر فلا قطع (30).

______________________________

و أما الأخير، فلصدق السرقة عليه، فيشمله حكمها.

(26) لعدم إحراز الشرط الذي هو النصاب، فينتفي الحكم لا محالة.

(27) لعدم إحراز موضوع هتك الحرز المحرم، الذي هو شرط للحدّ، بل يشكل ضمان المال في المقام أيضا، لأصالة البراءة عنه، إلا مع الدليل على الخلاف، نعم الأحوط الضمان.

(28) للأصل، و لما في صحيح الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أخذوه و قد حمل كارة من ثياب، و قال صاحب البيت: أعطانيها، قال عليه السّلام:

يدرأ عنه القطع إلا أن تقوم عليه بيّنة، فإن قامت البيّنة عليه قطع» (1)، هذا إذا كانت صورة الدعوى من المدعي و المنكر، و أما إن كانت من التداعي فلها حكم آخر ذكرناه في كتاب القضاء، فراجع. و اللّه العالم.

(29) لأنه المنساق من الأدلة المتقدمة.

(30) للشبهة الدارئة للحدّ. نعم للحاكم الشرعي التعزير بما يراه، دفعا لمادة الفساد.

ص: 117


1- الوسائل: باب 8 من أبواب حد السرقة: 1.

السادس: مما يوجب الحدّ المحارب

اشارة

السادس: مما يوجب الحدّ المحارب المحارب و هو من أظهر السلاح للإفساد في الأرض لإخافة نفس محترمة من قتل أو نهب مال محترم أو هتك عرض كذلك (1)،

______________________________

(1) للأدلة الثلاثة.

فمن الكتاب: قوله تعالى إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (1).

و من السنة: نصوص مستفيضة، منها قول أبي جعفر الباقر عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «من شهر السلاح في مصر من الأمصار فعقر، اقتص منه. و نفي من ذلك البلد، و من شهر السلاح في مصر من الأمصار و ضرب و عقر و أخذ المال و لم يقتل، فهو محارب فجزاؤه جزاء المحارب، و أمره إلى الإمام إن شاء قتله و صلبه، و إن شاء قطع يده و رجله، قال: و إن ضرب و قتل و أخذ المال، فعلى الإمام أن يقطع يده اليمنى بالسرقة، ثمَّ يدفعه إلى أولياء المقتول فيتبعونه بالمال ثمَّ يقتلونه، فقال له أبو عبيدة: أرأيت إن عفا عنه أولياء المقتول؟ فقال أبو

ص: 118


1- سورة المائدة (5) الآية: 33.

في بر أو بحر أو جو في ليل أو نهار و في القرى أو الأمصار (2)، و لا يعتبر أن يكون من أهل الريبة (3)، و لا فرق فيه بين الذكر و الأنثى و القوي و الضعيف بعد تحقق القصد المزبور منه (4)،

______________________________

جعفر عليه السّلام: إن عفوا عنه كان على الإمام أن يقتله، لأنه قد حارب و قتل و سرق، فقال أبو عبيدة: أرأيت إن عفا عنه أولياء المقتول أن يأخذوا منه الدية و يدعونه، أ لهم ذلك؟ قال: لا، عليه القتل»(1)، و قريب منه غيره من الروايات.

و من الإجماع: إجماع الإمامية، بل ضرورة فقههم.

(2) كل ذلك للإطلاق، و ظهور الاتفاق.

(3) لظهور الإطلاق، و الصدق العرفي بعد تحقق قصد الإفساد في الأرض.

و نسب إلى جمع- منهم الشهيد- اشتراط ذلك، لقول أبي جعفر عليه السّلام في معتبرة ضريس: «من حمل السلاح بالليل فهو محارب إلا أن يكون رجلا ليس من أهل الريبة»(2)، مضافا إلى: «درء الحدّ بالشبهة».

و لا وجه له، أما الحديث: فلا يدلّ على اعتباره بعد إحراز القصد- أي الإخافة- منه. نعم لو شك في ذلك يمكن أن يجعل كونه من أهل الريبة من طرق إحرازه.

و أما درء الحدّ بالشبهة بعد إحراز قصد الإخافة منه كما هو المفروض، فلا شبهة بعد ذلك حتى يدرأ بها الحدّ.

(4) للإطلاقات، و العمومات، الشاملة للجميع.

ثمَّ إن مفهوم المحارب على أقسام:

الأول: ما إذا قصد المحاربة بنحو ما مر، و لا ريب في ترتب الأحكام عليه.

ص: 119


1- الوسائل: باب 1 من أبواب حد المحارب: 1 ج: 18.
2- الوسائل: باب 2 من أبواب حد المحارب: 1.

نعم لو كان ضعفه بحيث لا يرتب عامة الناس أثرا على تخويفاته لا يكون من المحارب حينئذ (5)، و في غيره يكون منه (6).

مسألة 1: لا يكون من المحارب من يفعل ذلك للتدريب لغرض صحيح أو يفعله لعبا أو يكون طليعا أو ردء

(مسألة 1): لا يكون من المحارب من يفعل ذلك للتدريب لغرض صحيح أو يفعله لعبا أو يكون طليعا أو ردء و كذا كل من أظهر السلاح لدفع الفساد لا للإفساد سواء كان لدفع الفساد عن نفسه أو ماله أو عرضه أو غيره (7)،

______________________________

الثاني: ما إذا قصد المحاربة مع من يجوز محاربته، و لكن الناس خافوا منه، فلا يترتب عليه الحكم، لفرض أنه لا يقصد المحاربة مع محترم العرض و النفس و المال.

الثالث: ما إذا شك أحد في أنه من أي القسمين، و مقتضى الأصل احترام النفس إلا إذا دلّ دليل معتبر على الخلاف.

الرابع: لو حصل خوف الناس من غير أن يقصد المحاربة أصلا، فليس بمحارب لعدم قصد الإخافة الذي به يتحقق المناط في الحكم. و كان حمل السلاح لحفظ نفسه مثلا، و سيأتي قسم آخر أيضا.

(5) لعدم تحقق الإخافة و التخويف، فلا موضوع حتى يترتب عليه الحكم، بل قد يكون ذلك من اللهو و اللعب.

(6) لأن الإخافة و التخويف من الأمور التشكيكية المتفاوتة شدة و ضعفا، بحسب الذات و بحسب الأشخاص. خرج ما إذا انطبق عنوان اللهو و اللعب عليه، و بقي الباقي داخلا تحت الحكم.

(7) كل ذلك لأصالة عدم تسلط أحد على آخر بحدّ أو نفي، إلا بدليل معتبر من ظاهر الكتاب، أو نص من السنة، أو اتفاق أهل النظر من الفقهاء، و الكل منفي في المقام، و للاحتياط في الدماء المحترمة إلا بالحجة المعتبرة، و في معتبرة علي بن جعفر عن أخيه عليه السّلام «سألته عن رجل يشهر إلى صاحبه

ص: 120

و كذا لا يكون منه الصبي و المجنون (8).

مسألة 2: لو اجبر على المحاربة بحيث سلب عنه الاختيار

(مسألة 2): لو اجبر على المحاربة بحيث سلب عنه الاختيار يترتب الحكم على السبب المجبر (9).

مسألة 3: لو حمل على غيره بالسوط أو العصا أو الحجر لا يجري عليه حكم المحارب بل لا يكون منه موضوعا

(مسألة 3): لو حمل على غيره بالسوط أو العصا أو الحجر لا يجري عليه حكم المحارب بل لا يكون منه موضوعا (10)، و كذا لا يكون منه من حمل على غيره بلا سلاح لقتله أو هتك عرضه أو نهب ماله (11)، و إن وجبت عليه المدافعة (12).

______________________________

بالرمح و السكين؟ فقال: إن كان يلعب، فلا بأس» (1).

ثمَّ إن الطليع هو المراقب لأمور تنفع المحارب. و الردء هو المساعد له في جمع الأموال و حمل الأثقال، و نحوهما.

(8) لعدم التكليف بالنسبة إليهما كما تقدم غير مرة، نعم للحاكم الشرعي إن يعزّرهما حسب ما يراه.

(9) لفرض سلب الاختيار عنه من كل جهة، بحيث صار كالآلة الجمادية في يد الغير، فحينئذ يكون الحدّ على المسبب. نعم لو كان الاختيار باقيا للمباشر، و حصل منه قصد الإخافة، يترتب الحدّ على المباشر لا على المسبب و إن أثم.

(10) للأصل، و الاحتياط في الدماء إلا إذا عدّ ذلك من آلات المحاربة عرفا.

(11) لأنه ليس معه سلاح، فلا يعدّ من المحارب موضوعا.

(12) لما يأتي تفصيله في (الدفاع و ما يتعلق به)، فلا وجه للتكرار هنا.

ص: 121


1- الوسائل: باب 2 من أبواب حد المحارب: 4.
مسألة 4: لو بعث شخص الأطفال إلى المحاربة و جهزهم بالسلاح

(مسألة 4): لو بعث شخص الأطفال إلى المحاربة و جهزهم بالسلاح يكون ذلك من التسبيب الذي مرّ حكمه (13).

مسألة 5: لو تحقق خوف القتل أو الإبادة أو الهدم بالأسلحة العصرية التي أعدت لذلك مع عدم مباشرة الحمل

(مسألة 5): لو تحقق خوف القتل أو الإبادة أو الهدم بالأسلحة العصرية التي أعدت لذلك مع عدم مباشرة الحمل تتحقق المحاربة بذلك أيضا فيؤخذ السبب و يجرى عليه حكم المحارب (14).

مسألة 6: لو أرسل الماء أو النار أو ألقى السم بقصد المحاربة و إخافة الناس

(مسألة 6): لو أرسل الماء أو النار أو ألقى السم بقصد المحاربة و إخافة الناس يجرى عليه حكم المحاربة (15).

مسألة 7: لو ادعى المحارب العذر الشرعي في محاربته لا يقبل منه إلا بالحجة المعتبرة

(مسألة 7): لو ادعى المحارب العذر الشرعي في محاربته لا يقبل منه إلا بالحجة المعتبرة (16).

______________________________

(13) لتحقق السببية، فيترتب عليه الحكم أي الحدّ قهرا كما مر. و للحاكم الشرعي تعزير الأطفال بالحبس و الضرب، حسب ما اقتضته المصلحة.

(14) لفرض تحقق السببية لذلك، فتشمله الإطلاقات، و العمومات المتقدمة.

(15) لشمول العمومات، و الإطلاقات المتقدمة له. و احتمال انصرافها إلى حمل السلاح المذكور في بعض الروايات المتقدمة من الانصراف البدوي، و يشهد لما ذكرنا ما عن السكوني عن جعفر عن علي عليه السّلام: «في رجل أقبل بنار فأشعلها في دار قوم فاحترقت و احترق متاعهم، أنه يغرّم قيمة الدار و ما فيها، ثمَّ يقتل» (1).

(16) لأصالة عدم الاعتبار إلا بذلك، كما لو ادعى أنه كان مجبورا في ذلك، أو مأذونا ممن له الاذن شرعا مثلا، أو نحو ذلك، فلا يقبل إلا بما تقدم.

ص: 122


1- الوسائل: باب 3 من أبواب حد المحارب.
مسألة 8: تثبت المحاربة بشهادة عدلين

(مسألة 8): تثبت المحاربة بشهادة عدلين (17)، و لا تقبل شهادة النساء منفردات و لا منضمات (18)، و لا تقبل شهادة بعض اللصوص و المحاربين على بعض (19)، و كذا لو شهد المأخوذون بعضهم لبعض و لو بأن يقولوا تعرضوا لنا و أخذوا منا (20)، و أما لو شهد بعضهم لبعض و قال:

تعرضوا لنا و أخذوا من هؤلاء لا منا تقبل (21)، و تثبت بالإقرار و لو مرة و إن كان الأحوط مرتين (22).

______________________________

(17) لعمومات أدلة البيّنة الشاملة للمقام بلا كلام.

(18) للأصل، و الإجماع، و ما مر في كتاب الشهادات (1).

(19) لعدم العدالة مع الفسق الظاهر.

(20) للتهمة المانعة عن قبول الشهادة، و معتبرة ابن الصلت قال: «سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن رفقة كانوا في طريق فقطع عليهم الطريق و أخذوا اللصوص، فشهد بعضهم لبعض؟ قال: لا تقبل شهادتهم إلا بإقرار من اللصوص أو شهادة من غيرهم عليهم» (2).

(21) لوجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله الإطلاقات، و العمومات بلا محذور و مدافع، و الشك في شمول معتبرة ابن الصلت لمثل المقام يكفي في عدم صحة التمسك به.

(22) أما كفاية الإقرار مرة، فللإطلاق، و عموم الأدلة.

و أما الاحتياط في المرتين فلما عن جمع من لزوم المرتين في كل ما تثبت بشهادة عدلين، حتى جعل ذلك قاعدة متبعة. و لكنها لم تثبت بنحو يصح الاعتماد عليه إلا في مورد قام إجماع على مرتين، فيذكر ذلك تأييدا، لا دليلا و هو في المقام مفقود.

ص: 123


1- راجع ج: 27 صفحة: 194.
2- الوسائل: باب 27 من أبواب الشهادات: 2.
مسألة 9: حدّ المحارب

(مسألة 9): حدّ المحارب هو تخيير الحاكم بين القتل و الصلب و القطع مخالفا و النفي (23)،

______________________________

(23) لظاهر الكتاب بعد كون الأصل في كلمة «أو» في اللغة و عند الأدباء هو التخيير، إلا مع القرينة على الخلاف و هي مفقودة، قال تعالى إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (1)، و قال أبو عبد اللّه في صحيح حريز: «و كل شي ء في القرآن (أو)، فصاحبه بالخيار ما شاء» (2)، و عن جميل قال:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الآية، أي شي ء عليه من هذه الحدود التي سمّى اللّه عزّ و جلّ؟ قال: ذلك إلى الامام إن شاء قطع و إن شاء نفى، و إن شاء صلب، و إن شاء قتل» (3)، و في معتبرة سماعة عن الصادق عليه السّلام عن الآية المباركة قال: «الإمام في الحكم فيهم بالخيار إن شاء قتل، و إن شاء صلب، و إن شاء قطع، و إن شاء نفى من الأرض»(4).

و بإزاء ذلك ما يدلّ على الترتيب مثل صحيح بريد أنه سأل الصادق عليه السّلام عن الآية قال: «ذلك إلى الإمام يفعل ما يشاء، قلت: فمفوض ذلك إليه؟ قال: لا، و لكن نحو الجناية» (5)، و قريب منه خبر المدائني (6)، و خبر عبد اللّه بن طلحة (7)، و غيرها.

ص: 124


1- سورة المائدة (5) الآية: 33.
2- الوسائل: باب 14 من أبواب بقية كفارات الإحرام: 1.
3- الوسائل: باب 1 من أبواب حد المحارب الحديث: 3 و 9 و 2.
4- الوسائل: باب 1 من أبواب حد المحارب الحديث: 3 و 9 و 2.
5- الوسائل: باب 1 من أبواب حد المحارب الحديث: 3 و 9 و 2.
6- الوسائل: باب 1 من أبواب حد المحارب: 4.
7- الوسائل: باب 4 من أبواب حد المحارب: 5.

و ينبغي مراعاة ما يناسب الجناية، فلو قتل اختار القتل أو الصلب، و لو أخذ المال اختار القطع و لو أخاف و شهر السيف فقط اختار النفي فقط (24).

مسألة 10: لو اختار الحاكم الشرعي القطع فيقطع اليمنى، ثمَّ الرجل اليسرى

(مسألة 10): لو اختار الحاكم الشرعي القطع فيقطع اليمنى (25)، ثمَّ الرجل اليسرى (26)،

______________________________

(24) لما مر آنفا من قول الصادق عليه السّلام في صحيح بريد: «و لكن نحو الجناية»، و قد اختلفت الكلمات تبعا للروايات، و هي مع قصور سند جملة منها، مضطربة المتن أيضا، كما لا يخفى على من راجعها.

و المتحصل من المجموع بعد ردّ القسم الأول إلى صحيح بريد، ما ذكرناه في المتن، و هذا النحو من الجمع شائع في الفقه من أوله إلى آخره.

و أما ما ورد في خبر علي بن حسان عن أبي جعفر الثاني عليه السّلام قال: «من حارب اللّه و أخذ المال و قتل، كان عليه أن يقتل أو يصلب، و من حارب فقتل و لم يأخذ المال، كان عليه أن يقتل و لا يصلب، و من حارب و أخذ المال و لم يقتل، كان عليه أن تقطع يده و رجله من خلاف. و من حارب و لم يأخذ المال و لم يقتل كان عليه أن ينفى» (1)، و قريب منه غيره، فهو من باب بيان أحد أفراد التخيير بقرينة ما تقدم، و لا يستفاد منه التعيين، مع أن الغالب في مجموع الأدلة يأبى عما ذكروه من الترتيب، إذ لم يرد مجموع ما ذكروه في رواية من الروايات، و لا بد من التماس دليل خارج على ذلك، فالحكم هو التخيير و حمل الترتيب على ما ذكرناه.

(25) لما مرّ في حدّ السارق- مسألة 2- فلا وجه للتكرار هنا.

(26) للآية المباركة تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ، و لما مر في حدّ السارق.

ص: 125


1- الوسائل: باب 1 من أبواب حد المحارب: 11.

و الأولى الصبر بعد قطع اليمنى حتى يبرأ الجرح و تحسم (27)، و لو فقدت اليمنى أو فقد العضوان يختار الإمام غير القطع (28).

مسألة 11: التخيير بين ما مر من الأمور الأربعة- مع أولوية ملاحظة المناسبة- إنما هو حكم المحارب من حيث هو

(مسألة 11): التخيير بين ما مر من الأمور الأربعة- مع أولوية ملاحظة المناسبة- إنما هو حكم المحارب من حيث هو، و مع الرفع إلى الحاكم الشرعي يقتل قصاصا إن كان المقتول كفوا و إن عفا الولي كان الحاكم مخيرا بين الأمور الأربعة سواء كان قتله طلبا للمال أو لا (29)، و كذا لو لم يقتل و جرح فالقصاص إلى الولي فمع الاقتصاص أو العفو يتخيّر الحاكم بين ما مر من الأمور (30).

مسألة 12: لو تاب المحارب قبل القدرة عليه سقط الحدّ

(مسألة 12): لو تاب المحارب قبل القدرة عليه سقط الحدّ (31)،

________________________________________

سبزوارى، سيد عبد الأعلى، مهذّب الأحكام (للسبزواري)، 30 جلد، مؤسسه المنار - دفتر حضرت آية الله، قم - ايران، چهارم، 1413 ه ق

مهذب الأحكام (للسبزواري)؛ ج 28، ص: 126

______________________________

(27) لما مرّ في مسألة 6 من (الفصل الثالث في حدّ السارق).

(28) لأنه المتعين قهرا.

(29) لأن المحارب عنوان مستقل يوجب الحدّ في مقابل سائر العناوين الموجبة له، سواء قتل شخصا أو لا، و سواء رفع ولي الدم أمره إلى الحاكم أو لا، فمع تعدد الأسباب يتعدد المسبب، و مع وحدتها يتحد، كما هو مقتضى القاعدة في جميع الموارد.

(30) لعمومات الأدلة، و إطلاقاتها، الشاملة لجميع ذلك، مع كون الحكم مطابقا للقاعدة.

(31) كتابا، و سنة، و إجماعا، قال تعالى إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)، و في الخبر عن الصادق عليه السّلام:

«فإن تاب لم يقطع» (2)، و قريب منه غيره، و تقدم في كتاب القضاء ما يتعلّق بذلك.

ص: 126


1- سورة المائدة (5) الآية: 36.
2- الوسائل: باب 1 من أبواب حد المحارب: 6.

و لا تسقط حقوق الناس من المال و الجرح و القتل (32)، و إن تاب بعد الظفر عليه لم يسقط الحدّ أيضا (33).

مسألة 13: يصلب المحارب حيا و لا يبقى مصلوبا أكثر من ثلاثة

(مسألة 13): يصلب المحارب حيا و لا يبقى مصلوبا أكثر من ثلاثة (34)، ثمَّ ينزل و يغسل و يكفن و يصلّى عليه و يدفن إن كان مسلما (35)، و إن كان حيا يبقى مصلوبا حتى يموت (36)، و التحديد بالثلاثة من يوم الصلب (37).

______________________________

(32) للأصل، و الإجماع، مع أن التوبة لا تتحقق إلّا بأدائها.

(33) للأصل، و الإجماع و مفهوم الآية الكريمة.

(34) أما الأول: فلأنه أحد أفراد القسيم للقتل المذكور في الآية الشريفة، فهو قسم خاص من القتل نصّ عليه لخصوصية فيه.

و أما الثاني: فللإجماع، و النصوص، منها ما عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «لا تدعوا المصلوب ثلاثة أيام حتى ينزل فيدفن» (1)، و عن الصادق عليه السّلام:

«المصلوب ينزل عن الخشبة بعد ثلاثة أيام و يغسّل و يدفن. و لا يجوز صلبه أكثر من ثلاثة أيام» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا في المعتبر (3): «أن أمير المؤمنين عليه السّلام صلب رجلا بالحيرة ثلاثة أيام، ثمَّ أنزله في اليوم الرابع، فصلّى عليه و دفنه».

(35) إجماعا، و نصوصا تقدم بعضها، و تدلّ عليه عمومات أدلة التجهيزات فراجع.

(36) لفرض أن الصلب ورد في الروايات من باب الطريقية للموت، مع رعاية إرعاب الناس و ردعهم عن هذا المنكر، لا لموضوعية خاصة في ثلاثة أيام، و إلا فالظاهر تحقق الموت في أقل من ثلاثة أيام، خصوصا في بعض أقسامه الحديثة.

(37) كما هو الظاهر من الروايات المتقدمة.

ص: 127


1- الوسائل: باب 5 من أبواب حد المحارب: 2 و 3 و 1.
2- الوسائل: باب 5 من أبواب حد المحارب: 2 و 3 و 1.
3- الوسائل: باب 5 من أبواب حد المحارب: 2 و 3 و 1.
مسألة 14: لو أوجب الصلب المثلة أو الإضرار بالنسبة إلى الأحياء

(مسألة 14): لو أوجب الصلب المثلة أو الإضرار بالنسبة إلى الأحياء يتعين الفرد الآخر (38).

مسألة 15: إذا نفى الحاكم الشرعي المحارب عن بلده إلى بلد آخر

(مسألة 15): إذا نفى الحاكم الشرعي المحارب عن بلده إلى بلد آخر يكتب إلى كل بلد يأوي إليه عن معاشرته و مؤاكلته و مبايعته و مناكحته و مشاورته (39)،

______________________________

(38) لأن الواجب التخييري إذا تعذر بعض أفراده يتعين الفرد الآخر، و لا فرق في التعذّر بين الشرعي منه أو العقلي.

و أما الجمود على الإطلاق- كما عن بعض- فيجوز ذلك حتى مع هذه العوارض، فمشكل جدا و لا أقل من احتمال الانصراف.

(39) إجماعا، و نصا، ففي معتبرة المدائني عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في حديث المحارب قال: «قلت: كيف ينفى؟ و ما حدّ نفيه؟ قال: ينفى من المصر الذي فعل فيه ما فعل إلى مصر غيره، و يكتب إلى أهل ذلك المصر أنه منفي فلا تجالسوه و لا تبايعوه و لا تناكحوه و لا تؤاكلوه و لا تشاوروه، فيفعل ذلك به سنة، فإن خرج من ذلك المصر إلى غيره كتب إليهم بمثل ذلك حتى تتم السنة، قلت:

فإن توجه إلى أرض الشّرك ليدخلها؟ قال: إن توجّه إلى أرض الشّرك ليدخلها قوتل أهلها» (1)، و ظاهر أدلة النفي عن الأرض عدم التمكين له في محل يستقر فيه كما مرّ.

و أما اللحوق بأهل الشرك كما هو ظاهر رواية أبي بصير، قال: «سألته عن الإنفاء من الأرض كيف هو؟ قال: ينفى من بلاد الإسلام كلّها، فإن قدر عليه في شي ء من أرض الإسلام قتل و لا أمان له حتى يلحق بأرض الشرك» (2)، و عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح بكير بن أعين: «كان أمير المؤمنين عليه السّلام إذا نفى أحدا من

ص: 128


1- الوسائل: باب 4 من أبواب حد المحارب الحديث: 2.
2- الوسائل: باب 4 من أبواب حدّ المحارب الحديث: 7.

و الأحوط وجوبا أن لا يكون أقل من السنة و إن تاب (40)، و لو لم يتب استمر النفي إلى أن يتوب (41)، و لو أراد بلاد الشرك يمنع منها (42).

مسألة 16: لا يسقط التخيير بالتماس المحارب و استدعائه بفرد معين من أفراده

(مسألة 16): لا يسقط التخيير بالتماس المحارب و استدعائه بفرد معين من أفراده (43).

______________________________

أهل الإسلام نفاه إلى أقرب بلد من أهل الشرك إلى الإسلام، فنظر في ذلك فكانت الديلم أقرب أهل الشرك إلى أهل الإسلام» (1)، ففيه احتمالان:

الأول: تخلية سبيله و رفع اليد عنه بمجرد لحوقه بأهل الشرك، كما هو مقتضى الجمود على قوله عليه السّلام: «حتى يلحق بأهل الشرك»، و هو خلاف ما تقدم من الأدلة، لأن تخلية المحارب توسعة للمحاربة.

الثاني: انه يظهر حينئذ حكم جديد للحاكم الشرعي و هو مقاتلة المشركين حتى يستولوا على المحارب، كما مر في معتبرة المدائني، و يشهد لذلك أدلة شرائط الذمة، و هذا هو المتيقن بل أن الحاكم قد يرى المصلحة في المقاتلة، أو يرى مصلحة أخرى فيعمل حسب نظره حينئذ.

(40) قد ذكر لفظ السنة فيما مرّ من الحديث، و عن الصادق عليه السّلام: «يفعل ذلك به سنة، فإنه سيتوب و هو صاغر» (2).

و لكن نسب إلى المشهور عدم الفتوى بهذا التحديد.

و أما الشمول لما إذا تاب، فلإطلاق الحديث، و فتوى الأصحاب، و لما مرّ سابقا.

(41) لاستمرار الموضوع، فيتبعه استمرار الحكم لا محالة.

(42) إجماعا، و نصا- كما مر- و إن مكّنوه من دخولها قوتلوا حتى يمنعوه.

(43) للأصل، و ظهور الإطلاق بعد عدم دليل على الخلاف، بل للحاكم الشرعي التخيير مطلقا.

ص: 129


1- الوسائل: باب 4 من أبواب حدّ المحارب الحديث: 6 و 4.
2- الوسائل: باب 4 من أبواب حدّ المحارب الحديث: 6 و 4.
مسألة 17: لو مات المحارب أو قتل نفسه قبل استيفاء الحدّ

(مسألة 17): لو مات المحارب أو قتل نفسه قبل استيفاء الحدّ سقط عنه الحدّ (44).

مسألة 18: لا فرق في الأحكام المتعلقة بالمحارب بين أن يكون مسلما أو يكون كافرا

(مسألة 18): لا فرق في الأحكام المتعلقة بالمحارب بين أن يكون مسلما أو يكون كافرا (45). كما لا فرق بين أن يكون واحدا أو أكثر كما لا فرق في المحارب (بالفتح) بينهما (46).

مسألة 19: اللص إن صدق عليه عنوان المحارب يجري عليه حكمه

(مسألة 19): اللص إن صدق عليه عنوان المحارب يجري عليه حكمه (47)، و إلا فيكون من مورد النهي عن المنكر تتدرج في النهي و إن وصلت النوبة إلى قتله يقتل و دمه هدر (48).

______________________________

(44) لانتفاء الموضوع، إلا أن يرى الحاكم الشرعي مصلحة في إشهاره كيف ما يشاء، فيعمل برأيه حينئذ.

(45) لما مرّ من الإطلاقات، و العمومات، فيجري على الكافر إن كان محاربا ما يجري على المسلم.

(46) لظهور الإطلاق، و الاتفاق.

(47) لتحقق موضوع المحارب حينئذ وجدانا، فيترتب عليه حكمه قهرا.

(48) إجماعا، و نصوصا، منها قول الصادق عليه السّلام في معتبرة منصور: «اللص محارب للّه و لرسوله فاقتلوه، فما دخل عليك فعليّ» (1)، و في موثق غياث بن إبراهيم عن أبي جعفر عليه السّلام: «إذا دخل عليك اللص يريد أهلك و مالك، فإن استطعت أن تبدره و تضربه فابدره و اضربه، و قال: اللص محارب للّه و لرسوله فاقتله، فما تبعك منه شي ء فهو عليّ» (2)، و في المعتبر عن الصادق عليه السّلام «إذا دخل عليك اللص المحارب فاقتله فما أصابك فدمه في عنقي» (3)، إلى غير ذلك من الروايات، و لا بد من حمل مثل هذه الإطلاقات على ما ذكرناه.

ص: 130


1- الوسائل: باب 7 من أبواب المحارب: 1 و 2.
2- الوسائل: باب 7 من أبواب المحارب: 1 و 2.
3- الوسائل: باب 46 من أبواب جهاد العدو: 7.
مسألة 20: المحارب يضمن كل مال وضع اليد عليه

(مسألة 20): المحارب يضمن كل مال وضع اليد عليه (49)، و لو تلف ضمن المثل أو القيمة (50)، فإن أمكن أخذه من ماله قبل إجراء الحدّ عليه كالقتل يؤخذ و إلا يؤخذ من أصل تركته (51)، و إن لم يكن له مال أصلا تبقى ذمته مشغولة (52).

مسألة 21: لو تردد المحارب بين شخصين أو أكثر و لم يمكن التمييز بينهما بوجه من الوجوه

(مسألة 21): لو تردد المحارب بين شخصين أو أكثر و لم يمكن التمييز بينهما بوجه من الوجوه مع العلم بتحقق تمام الشرائط يعمل الحاكم الشرعي

______________________________

و دعوى: أن حكم المحارب هو ما مرّ من التخيير للحاكم الشرعي، و سائر التفاصيل التي ذكرناه، فيكون اللص كذلك، فلا بد من إجراء جميع ما تقدم عليه أيضا.

غير صحيحة: لأن المراد من اللص المحارب منه، و المنساق مما تقدم عرفا عدم استمهاله للطرف في أن يعرض الموضوع للحاكم الشرعي، بل جاء محاربا لنفسه من غير مهلة و استمهال، و في مثل ذلك يكون مباح الدم بل لا إشكال حتى في المحارب غير اللص أيضا، مضافا إلى أنه يستفاد من مجموع الروايات إذن الإمام عليه السّلام في ذلك، فلا يبقى موضوع للاستيذان من الحاكم الشرعي.

و مما ذكرنا يظهر حكم قطّاع الطريق، و من قصد عرض الإنسان، و يأتي بعض الكلام في المسائل المتفرقة، و تقدم بعضه في كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر أيضا.

(49) لقاعدة اليد، كما تقدم في كتابي البيع و الغصب.

(50) لقاعدة الضمان.

(51) لأنه دين، و هو يخرج من الأصل، و لو كانت العين موجودة يؤخذ نفس العين، كما هو واضح.

(52) للأصل، إلا إذا تبرّع أحد بأدائه.

ص: 131

بنظره من القرعة أو التخيير أو جهة أخرى حسب تكليفه (53).

مسألة 22: لو استولى شخص على آلات المحاربة التي عند المحارب و فرّ هو بنفسه

(مسألة 22): لو استولى شخص على آلات المحاربة التي عند المحارب و فرّ هو بنفسه يرجع بها إلى الحاكم الشرعي (54).

مسألة 23: لو لم يكن الشخص بنفسه محاربا

(مسألة 23): لو لم يكن الشخص بنفسه محاربا و لكنه أخبر المحارب للمحاربة يحدّ المباشر حدّ المحاربة و يعزّر المخبر حسب ما يراه الحاكم الشرعي (55).

مسألة 24: لو أخذ المال بسائر العناوين الباطلة من أنحاء التزويرات بلا حمل سلاح و لا هتك حرز لا تقطع يده

(مسألة 24): لو أخذ المال بسائر العناوين الباطلة من أنحاء التزويرات بلا حمل سلاح و لا هتك حرز لا تقطع يده (56)، و لا يجري عليه حكم المحارب (57)، بل يضمن ما أخذ و يعزّره الحاكم بما يراه (58).

______________________________

(53) لفرض انحصار دفع الفساد في ما ذكر، تقديما للموافقة الاحتمالية على المخالفة القطعية.

(54) لأن ذلك من الأمور النظامية الحسبية التي يرجع فيها إليه، فإن رأى الحاكم الشرعي المصلحة في ردّها إليه بالتوبة أو غيرها يردّها، و إلا يسرى فيه رأيه حسب التكاليف الشرعية.

(55) أما الأول: فلما مرّ.

و أما الثاني: فلدفع الفساد و قلعه، و هو من وظيفة الحاكم الشرعي.

(56) لعدم تحقق موضوع السرقة.

(57) للأصل، بعد عدم تحقق عنوان المحارب.

(58) أما الضمان: فللأدلة الأربعة، كما تقدم في كتاب الغصب و غيره. و أما التعزير: فلارتكاب المنكر، و أي منكر أشد من استلاب أموال الناس بالحيلة و التزوير؟! مضافا إلى نصوص خاصة في المقام: منها: معتبرة محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل اختلس ثوبا من السوق، فقالوا: قد سرق هذا الرجل، فقال: لا اقطع في الدغارة المعلنة و لكن اقطع من

ص: 132

مسألة 25: عنوان المحارب غير عنوان السارق

(مسألة 25): عنوان المحارب غير عنوان السارق فلا يعتبر في الأول ما يعتبر في الثاني من هتك الحرز و أخذ النصاب كما لا يجري في الثاني ما يجري في الأول من تخيير الحاكم في العقوبة (59).

______________________________

يأخذ ثمَّ يخفي» (1).

و منها: موثق أبي بصير عن أحدهما عليهما السّلام: «قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا أقطع في الدغارة المعلنة، و هي الخلسة و لكن أعزّر» (2).

و منها: معتبرة السكوني عن الصادق عليه السّلام: «أن أمير المؤمنين عليه السّلام اتي برجل اختلس درّة من أذن جارية، فقال: هذه الدغارة المعلنة، فضربه و حبسه» (3)، إلى غير ذلك من الروايات.

و أما صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «في رجل اتى رجلا و قال: أرسلني فلان إليك لترسل إليه بكذا و كذا، فأعطاه و صدّقه، فلقي صاحبه معه بكذا و كذا فقال له: إن رسولك أتاني فبعثت إليك فقال: ما أرسلته إليك و ما آتاني بشي ء، فزعم الرسول أنه قد أرسله و قد دفعه إليه، فقال: إن وجد عليه بيّنة أنه لم يرسله قطع يده، و معنى ذلك أن يكون الرسول قد أقرّ مرة أنه لم يرسله، و إن لم يجد بيّنة فيمينه باللّه ما أرسلته، و يستوفي الآخر من الرسول المال، قلت: أرأيت إن زعم أنه إنما حمله على ذلك الحاجة، فقال: يقطع، لأنّه سرق مال الرجل» (4)، فلا يعارض ما تقدم، لأنه قضية في واقعة اقتضت المصلحة فيها قطع اليد.

ثمَّ إن رأى الحاكم الشرعي المصلحة في شهرة من صدر عنه الحيلة حتى يتحذر عنه الناس فعل ذلك، لأن ذلك من الأمور النظامية الحسبية.

(59) للأدلة الدالة على اختصاص كل منهما بشروط و عقوبة خاصة كما مر التفصيل، فلا فرق في المال الذي يأخذه المحارب بين بلوغه حدّ النصاب و عدمه، كما مرّ من الإطلاق، بعد عدم وجود مقيد في البين.

ص: 133


1- الوسائل: باب 12 من أبواب حد السرقة الحديث: 2 و 1 و 4.
2- الوسائل: باب 12 من أبواب حد السرقة الحديث: 2 و 1 و 4.
3- الوسائل: باب 12 من أبواب حد السرقة الحديث: 2 و 1 و 4.
4- الوسائل: باب 15 من أبواب حد السرقة.

العقوبات المتفرقة

اشارة

العقوبات المتفرقة و أسبابها كثيرة (1)، أهمها ثلاثة: الارتداد، و إتيان البهيمة و الأموات.

أما الأول: الارتداد

اشارة

أما الأول: فكل من خرج عن الإسلام و اختار الكفر يسمّى مرتدا (2)، و هو قسمان فطري و ملّي (3)، و الأول من كان أحد أبويه مسلما حين انعقاد نطفته (4)، ثمَّ أظهر الإسلام بعد بلوغه (5)، ثمَّ خرج عن الإسلام (6).

______________________________

(1) تقدم بعضها في الختام بعد حدّ القذف، و في التتميم بعد حدّ السكر.

(2) إجماعا، و نصوصا، يأتي التعرض لها إن شاء اللّه تعالى، سواء كان ذلك بالقول الظاهر فيه عن عمد و اختيار و التفات، أو عن فعل كذلك، كفعل ما يوجب هتك المقدسات الدينية، كتلويث الكعبة المقدسة و المشاهد المشرفة و القرآن العظيم، و العياذ باللّه تعالى.

(3) هذا الحصر عقلي دائر بين النفي و الإثبات، لأن المرتد إما مسبوق بالإسلام- على تفصيل يأتي- أو لا، و الأول فطري و الأخير ملّي. نعم. بالنسبة إلى أصل الكفر ليس عقليا، لأنه إما أصلي أو فطري، أو ملّي.

(4) أي كان محكوما بالإسلام التبعي و الحكمي حين الانعقاد، و لو صار الأبوان أو أحدهما كافرا حين الولادة.

(5) أي: اتصف بالإسلام الحقيقي أيضا، مضافا إلى إسلامه الحكمي التبعي.

(6) فيعتبر في الارتداد أمور ثلاثة: الإسلام الحكمي قبل البلوغ، و الإسلام الحقيقي بعده، ثمَّ الخروج عن الإسلام بعدهما، و ذلك لأصالة عدم ترتب آثار

ص: 134

..........

______________________________

الارتداد إلا بالمتيقن من الأدلة، و أصالة عدم جواز التهجم على الدماء إلا بدليل صحيح، و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «كل مسلم بين مسلمين ارتد عن الإسلام و جحد محمدا صلّى اللّه عليه و آله نبوته و كذّبه، فإن دمه مباح لمن سمع ذلك منه، و امرأته بائنة منه يوم ارتد، و يقسّم ماله على ورثته، و تعتد امرأته عدّة المتوفى عنها زوجها، و على الإمام أن يقتله و لا يستتيبه» (1)، و هذا هو المشهور بين الأصحاب، بل يظهر من بعضهم الإجماع عليه.

و ما عن بعض من عدم اعتبار إظهار الإسلام بعد البلوغ تمسكا بصحيح الحسين بن سعيد: «في رجل ولد على الإسلام، ثمَّ كفر و أشرك و خرج عن الإسلام، هل يستتاب، أو يقتل و لا يستتاب؟ فكتب عليه السّلام: يقتل» (2)، و صحيح ابن جعفر قال: «سألته عن مسلم تنصّر؟ قال عليه السّلام: يقتل، و لا يستتاب» (3)، فظاهرهما الإطلاق من غير تقييد بوصف الإسلام و إظهاره بعد البلوغ، فهما حاكمان على الأصل المتقدم بقسميه.

غير صحيح، لأن الظاهر من صحيح ابن جعفر البالغ الذي أظهر الإسلام، و كذا الظاهر من صحيح الحسين بن سعيد، و الشك في شمولهما للمسلم الحكمي- من غير إظهار الإسلام- يكفي في عدم صحة التمسك بهما، فيرجع إلى الأصل المذكور، مع أن ظاهر قوله عليه السّلام: «ثمَّ كفر» الكفر بعد إظهار الإسلام، مضافا إلى قول علي عليه السّلام الظاهر في اعتبار وصف الإسلام بعد البلوغ، قال عليه السّلام:

«فمن أدرك من ولده دعي إلى الإسلام فإن أبى قتل» (4)، فما تقدم من اعتبار إظهار الإسلام بعد البلوغ ثمَّ الارتداد هو الصحيح، لما مرّ من الأصل، و الاستظهار من الروايات في هذه المسألة المهمة.

ثمَّ إنه نسب إلى بعض كفاية الولادة في حال إسلام أحد الأبوين، و لو لم

ص: 135


1- الوسائل: باب 1 من أبواب حد المرتد: 3 و 6.
2- الوسائل: باب 1 من أبواب حد المرتد: 3 و 6.
3- الوسائل: باب 1 من أبواب حد المرتد: 5.
4- الوسائل: باب 3 من أبواب حدّ المرتد: 7.

و الملّي من ليس له إسلام تبعي و حكمي قبل البلوغ فبلغ كافرا و وصف الإسلام ثمَّ كفر كنصراني من أبوين نصرانيين بلغ و وصف الإسلام ثمَّ تنصّر (7).

مسألة 1: الفطري يقتل إن كان رجلا و لا يقبل إسلامه ظاهرا

(مسألة 1): الفطري يقتل إن كان رجلا و لا يقبل إسلامه ظاهرا (8)،

______________________________

يكن انعقاد النطفة كذلك، تمسكا بما اشتمل على لفظ الولادة، ففي صحيح الحسين بن سعيد قال: «قرأت بخط رجل إلى أبي الحسن الرضا عليه السّلام: رجل ولد على الإسلام، ثمَّ كفر و أشرك و خرج عن الإسلام، هل يستتاب، أو يقتل و لا يستتاب؟ فكتب عليه السّلام: يقتل» (1).

و فيه. أولا: أنه أعم من انعقاد النطفة، إذ يصدق الولد على الجنين و الحمل أيضا.

و ثانيا: تغليب مقام الإثبات على ثبوت الإسلام الحكمي قبل ذلك، فما هو المشهور هو المنصور في بيان معنى الفطري، كما مر.

(7) نصوصا، و إجماعا، منها ما عن علي بن جعفر عن أخيه عليه السّلام: «في نصراني أسلم ثمَّ ارتد، قال عليه السّلام: يستتاب فإن رجع، و إلا قتل» (2)، و مثله غيره.

(8) إجماعا، و نصوصا، منها مانع عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «في رجل ولد على الإسلام، ثمَّ كفر و أشرك و خرج عن الإسلام، هل يستتاب؟ أو يقتل و لا يستتاب؟ فكتب: يقتل» (3)، و منها صحيح ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: «سألته عن مسلم تنصّر، قال عليه السّلام: يقتل و لا يستتاب، قلت: فنصراني أسلم ثمَّ ارتد، قال:

يستتاب فإن رجع، و إلا قتل» (4)، إلى غير ذلك من الروايات.

ص: 136


1- الوسائل: باب 1 من أبواب حد المرتد: 6.
2- الوسائل: باب 3 من أبواب حد المرتد: 1.
3- الوسائل: باب 1 من أبواب حد المرتد 6 و 5.
4- الوسائل: باب 1 من أبواب حد المرتد 6 و 5.

و أما المرأة المرتدة و لو عن فطرة فلا تقتل بل تحبس دائما و تضرب في أوقات الصلاة و يضيّق عليها في المعيشة (9)، و يقبل توبتها فإن تابت أخرجت من السجن (10)، و المرتد الملّي يستتاب فإن تاب و إلا قتل (11)،

______________________________

و أما قبول توبته، فقد مرّ الكلام في كتاب الطهارة (1)، فلا وجه للإعادة و التكرار هنا.

(9) للإجماع، و النصوص، منها قول الصادق عليه السّلام في الصحيح: «لا يخلد في السجن إلا ثلاثة: الذي يمسك على الموت، و المرأة ترتد عن الإسلام، و السارق بعد قطع اليد و الرجل» (2)، و عن الصادق عليه السّلام: «و المرأة تستتاب فإن تابت و إلا حبست في السجن و أضرّ بها» (3)، و عن الصادق عليه السّلام في صحيح حماد:

«في المرتدة عن الإسلام: «لا تقتل و تستخدم خدمة شديدة، و تمنع الطعام و الشراب إلا ما يمسك نفسها، و تلبس خشن الثياب، و تضرب على الصلوات» (4).

(10) أرسل ذلك إرسال المسلّمات، و استدل عليه بما أرسل عن الباقرين عليهما السّلام، المعمول به عند الأصحاب: «في المرتدّ يستتاب، فإن تاب و إلا قتل، و المرأة إذا ارتدّت عن الإسلام استتيبت، فإن تابت و إلا خلّدت في السجن و ضيّق عليها في حبسها» (5)، و قريب منه غيره، و صدره محمول على الملّي دون الفطري بقرينة الإجماع.

(11) للإجماع، و النصوص، منها ما عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام: «قلت: فنصرانيّ أسلم ثمَّ ارتدّ؟ قال: يستتاب، فإن رجع، و إلا قتل» (6)، و قريب منه غيره.

ص: 137


1- راجع المجلد الثاني صفحة: 104.
2- الوسائل: باب 4 من أبواب حد المرتد الحديث: 3 و 4 و 1 و 6.
3- الوسائل: باب 4 من أبواب حد المرتد الحديث: 3 و 4 و 1 و 6.
4- الوسائل: باب 4 من أبواب حد المرتد الحديث: 3 و 4 و 1 و 6.
5- الوسائل: باب 4 من أبواب حد المرتد الحديث: 3 و 4 و 1 و 6.
6- الوسائل: باب 3 من أبواب حد المرتد: 1.

و الأحوط أن يستتاب ثلاثة أيام ثمَّ القتل في اليوم الرابع (12).

مسألة 2: يشترط في تحقق الارتداد و الحكم به البلوغ، و العقل، و الاختيار، و القصد

(مسألة 2): يشترط في تحقق الارتداد و الحكم به البلوغ، و العقل، و الاختيار، و القصد (13)، فلا عبرة بردّة الصبي و إن كان مراهقا و لا المجنون و إن كان أدواريا في دور جنونه و لا المكروه و لا ما يقع بلا قصد كالغافل و الساهي و الهاذل و ما يصدر في حال شدة غضب لا يملك الإنسان فيها نفسه و المغمى عليه و النائم (14).

______________________________

(12) لأنه أرفق بالتأني، و ترك العجلة في إراقة الدماء، و إبداء العذر المبني على ذلك أفعال اللّه عزّ و جلّ، مع أنه روي عن علي عليه السّلام: «يستتاب ثلاثة أيام، فإن تاب و إلا قتل يوم الرابع» (1).

و الكل يصلح لإيجاب الاحتياط، و إن لم يصلح للاستدلال.

(13) هذه كلها من الشرائط العامة الشرعية، بل العقلائية في نقل الأموال فضلا عن إزهاق الأرواح، إذ العقلاء لا يرتّبون الأثر على ما صدر من غير قصد أو عن غير اختيار، أو عن المجنون أو عن الصبيان، مضافا إلى إجماع المسلمين، و حديث رفع القلم عن الصبي و المجنون (2)، و قوله تعالى إِلّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ (3).

و أما الخبر الذي أورده صاحب الجواهر: «الصبي إذا بلغ عشر سنين أقيمت عليه الحدود التامة، و اقتص منه، و تنفذ وصيته و عتقه»، فلا اعتبار له، و على تقديره معارض بما هو أقوى منه، و عدم العمل به أسقطه عن الاعتبار رأسا.

(14) كل ذلك لإجماع الفقهاء، بل و سيرة العقلاء، و حديث رفع

ص: 138


1- الوسائل: باب 3 من أبواب حد المرتد: 5.
2- الوسائل: باب 36 من أبواب القصاص في النفس: 2.
3- سورة النحل، الآية: 106.
مسألة 3: لو صدر منه ما يوجب الارتداد و لكنه ادعى الإكراه

(مسألة 3): لو صدر منه ما يوجب الارتداد و لكنه ادعى الإكراه المحتمل في حقه أو عدم القصد أو سبق اللسان أو الجهل بمعناه أو الحكاية عن الغير قبل منه في جميع ذلك (15)، بلا فرق في ذلك كله بين ما إذا قامت البينة على ارتداده و عدم قيامها عليه (16).

مسألة 4: لو اكره على الكفر أو صدر منه ما يوجب الارتداد سهوا أو غفلة

(مسألة 4): لو اكره على الكفر أو صدر منه ما يوجب الارتداد سهوا أو غفلة لا يحتاج إلى التوبة بعد رفع المانع (17)، و من أكره على الإسلام إكراها بحق يصح إسلامه ما لم يعلم بنفاقه (18).

مسألة 5: لو تكرر الارتداد من الملّي فالأحوط قتله في الرابعة

(مسألة 5): لو تكرر الارتداد من الملّي فالأحوط قتله في الرابعة (19).

______________________________

الإكراه (1)، و عن الصادق عليه السّلام في معتبرة ابن عطية قال: «كنت عنده و سأله رجل عن رجل يجي ء منه الشي ء على جهة الغضب، يؤاخذه اللّه به؟ فقال: اللّه أكرم من أن يستغلق عبده» (2).

(15) لاستصحاب الإسلام، و عدم التهجم على دماء الأنام. و درء الحدّ بالشبهة.

(16) لأن البيّنة إنما تشهد بظاهر الحال و هو يخبر عن الواقع، و مقتضى اعتبار قوله سقوط البيّنة عن الاعتبار، فينتفي اعتبار البينة بزوال موضوعها. نعم لو قامت البينة على عدم الإكراه مثلا، و هو ادعى الإكراه يشكل قبول قوله حينئذ.

(17) لبقاء إسلامه و لغوية كفره و ارتداده، و لكن الأولى التوبة و الاستغفار، لحسنها على كل حال.

(18) لسيرة نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله و المسلمين من بعده، و كذا الإكراه على إتيان كل واجب و ترك كل محرم إذا كان ذلك عن أهله و في محله.

(19) لاتحاد حكمه مع حكم ذوي الكبائر، الذي تقدم التفصيل فيها (3)،

ص: 139


1- الوسائل: باب 56 من أبواب جهاد النفس.
2- الوسائل: باب 28 من أبواب حد القذف: 1.
3- راجع المجلد 27 صفحة: 338.
مسألة 6: تقدم أن من انعقدت نطفته حال إسلام أحد أبويه يكون مسلما تبعا و حكما

(مسألة 6): تقدم أن من انعقدت نطفته حال إسلام أحد أبويه يكون مسلما تبعا و حكما (20)، و هذه التبعية في الإسلام فقط لا في الارتداد (21).

______________________________

و نسب إلى الشيخ أنه قال: «روى أصحابنا أن أصحاب الكبائر يقتلون في الرابعة»، و نسب إليه أيضا: «روى أصحابنا أن أصحاب الكبائر يقتلون في الثالثة».

(20) لتسالم الفقهاء عليه، بل هو من ضروريات فقههم يذكرونه من أول الفقه إلى آخره، لشرف الإسلام و تغليبه مهما أمكن، و عن علي عليه السّلام: «إذا أسلم الأب جرّ الولد إلى الإسلام، فمن أدرك من ولده دعي إلى الإسلام، فإن أبى قتل، و إن أسلم الولد لم يجر أبويه، و لم يكن بينهما ميراث» (1)، و قريب منه غيره، و يذكرون أنه لو ماتت الأم مرتدة و هي حامل به، تدفن في مقابر المسلمين لشرف ما في رحمها بالإسلام.

(21) للأصل، و درء الحدّ بالشبهة، و الاحتياط في الدم، فلو صار الوالد مرتدا عن فطرة لا يتبعه الولد في ذلك، بل يلحظ مستقلا، و تكون له حالات ثلاث:

الأولى: البقاء على الإسلام بعد البلوغ، و لا ريب في أنه مسلم.

الثانية: وصف الإسلام بعد البلوغ ثمَّ الارتداد عنه، و لا إشكال في أنه مرتدّ فطري فيقتل، و لا يستتاب إلا إذا كان امرأة كما مر.

الثالثة: اختيار الكفر بعد البلوغ من دون وصف الإسلام، فيستتاب و يقتل مع عدم التوبة، لكونه ملحقا بالملّي، لاعتبار وصف الإسلام بعد البلوغ في الفطري، و عن الصادق عليه السّلام في معتبر عبيد بن زرارة: «في الصبي يختار الشرك و هو بين أبويه قال، عليه السّلام: لا يترك، و ذاك إذا كان أحد أبويه نصرانيّا» (2)، و في خبر

ص: 140


1- الوسائل: باب 3 من أبواب حد المرتد: 7.
2- الوسائل: باب 2 من أبواب حد المرتد الحديث: 1.
مسألة 7: إذا عرض الجنون على المرتد الفطري يقتل على كل حال

(مسألة 7): إذا عرض الجنون على المرتد الفطري يقتل على كل حال (22)، و لو جنّ المرتد الملي بعد ردته و قبل استتابته لم يقتل (23)، و لو عرض الجنون بعد استتابته و امتناعه المبيح لقتله يقتل (24).

مسألة 8: لو قتل المرتد مسلما عمدا فللولي قتله قودا

(مسألة 8): لو قتل المرتد مسلما عمدا فللولي قتله قودا و هو مقدم على القتل بالردة (25)، و لو عفى الولي أو صالحه على مال قتل بالردة (26).

مسألة 9: إذا تاب المرتد الملّي ثمَّ قتله من اعتقد بقائه على الارتداد

(مسألة 9): إذا تاب المرتد الملّي ثمَّ قتله من اعتقد بقائه على الارتداد فعليه الدية في ماله (27).

______________________________

ابان عن الصادق عليه السّلام أيضا: «في الصبي إذا شبّ فاختار النصرانية، و أحد أبويه نصراني أو مسلمين، قال: لا يترك، لكن يضرب على الإسلام» (1)، بناء على أن المراد بعدم الترك الاستتابة، و المراد بالاختيار أي بعد البلوغ، و فيهما معا خدشة.

(22) للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق، بعد عدم قبول توبته.

(23) لأن قتله مشروط بامتناعه عن التوبة، و لا أثر لامتناع المجنون إلا في الأدواري، على تفصيل فيه كما هو واضح.

(24) لوجود المقتضي حينئذ لقتله و فقد المانع عنه، فلا بد من ترتب الأثر.

(25) أما القتل قودا فللإطلاق- كما يأتي في كتاب القصاص- و الاتفاق.

و أما التقدم على القتل بالردة فلما هو المتسالم عليه بينهم من تقديم حق الناس على حق اللّه تعالى.

(26) لوجود المقتضي حينئذ و فقد المانع، فلا بد من ثبوت الأثر.

(27) لأنه من شبه العمد الذي فيه الدّية من جهة عدم قصده إلى قتل المسلم. و لا أقل من الشك في صدق تعمد قتل النفس في المقام، فلا وجه للتهجم على الدم.

ص: 141


1- الوسائل: باب 2 من أبواب حد المرتد الحديث: 2.
مسألة 10: يثبت الارتداد بشهادة عدلين، و بالإقرار

(مسألة 10): يثبت الارتداد بشهادة عدلين، و بالإقرار و الأحوط وجوبا أن يكون مرتين و لا يثبت بشهادة النساء لا منضمات و لا منفردات (28).

مسألة 11: لو ارتد السكران فإن كان سكره لعذر شرعي فلا أثر لارتداده

(مسألة 11): لو ارتد السكران فإن كان سكره لعذر شرعي فلا أثر لارتداده (29)، و أما لو كان سكره بسوء اختياره و بغير عذر مقبول فهو مشكل (30).

مسألة 12: لو كتب ما يوجب الارتداد و كان ظاهرا في ذلك

(مسألة 12): لو كتب ما يوجب الارتداد و كان ظاهرا في ذلك و جامعا لما مرّ من الشرائط يجرى عليه الحدّ أو الاستتابة بعد المراجعة إلى الحاكم الشرعي في ذلك (31)،

______________________________

(28) لعين ما تقدم في طريق إثبات المحاربة (1)، بلا فرق بينهما، فلا وجه للتكرار هنا مرة أخرى.

(29) لفرض عدم تحقق القصد الجدي منه، خصوصا في بعض مراتب السكر، و هذا هو المشهور بين الفقهاء (رضوان اللّه تعالى عليهم أجمعين)، فإنهم يجعلون الأفعال الصادرة من السكر ان بلا أثر، سواء كانت في عباداته أو معاملاته، لأنها وقعت في حال ذهوله عن عقله، و هو بمنزلة المجنون.

(30) من أنه يظهر منهم الإجماع على أنه حينئذ بمنزلة الصاحي، فيترتب عليه الأثر في جميع أفعاله. و من أن الأخذ بإطلاقه مشكل جدا، و لا أراهم يلتزمون به خصوصا في بعض مراتبه الشديدة الموجبة لفقد القصد و الإرادة، فلا أظن بأحد يلتزم بصحة عباداته و معاملاته حينئذ، إلا أن يحمل ذلك على بعض المراتب الخفيفة من السكر غير المنافية لبقاء القصد و الاختيار.

(31) أما الأول: فللإطلاق، و العموم، و عدم الفرق بين اللفظ و الكتابة في ذلك بعد كونها جامعة للشرائط.

و أما الثاني: فلأن الحاكم الشرعي يرى ما لا يرى غيره في تشخيص

ص: 142


1- راجع صفحة: 123.

و أما إذا لم تكن الكتابة ظاهرة في ذلك فلا موجب للارتداد (32).

مسألة 13: لا فرق في الارتداد بين أن يكون حصوله عن شخص مستقلا بنفسه

(مسألة 13): لا فرق في الارتداد بين أن يكون حصوله عن شخص مستقلا بنفسه أو يكون باتباع من هو مرتد (33).

مسألة 14: لا تزول عن المرتد الملّي أملاكه

(مسألة 14): لا تزول عن المرتد الملّي أملاكه (34)، و يملك ما اكتسبه بعد التوبة أو قبلها (35)، و يصح له الرجوع إلى زوجته قبل خروجها من العدة (36).

______________________________

الموضوع و سائر الجهات.

(32) للأصل، و قاعدة: «الحدود تدرأ بالشبهة».

(33) لصدق الارتداد على كل منهما، فيشمله الدليل، فلو جحد أحد نبوة محمد صلّى اللّه عليه و آله و تبعه آخر في ذلك عن قصد و تعمد، يجري على التابع حكم المرتدّ كما يجري على المتبوع. نعم لو كانت التبعية تبعية عمياء بلا درك شي ء، أو لأجل جهات دنيوية من دون الارتداد من التابع فمقتضى الأصل بقاء إسلام التابع، و للحاكم الشرعي تبيين الحال بموجب ولايته.

(34) للأصل من غير دليل على الخلاف.

(35) للإطلاق، و عموم ما دلّ على التملك بالأسباب المفيدة له، كحيازة المباحات و سائر العقود و المعاملات. نعم، أنه محجور عليه في التصرفات، و تقدم في كتاب الطهارة ما يرتبط بالمقام (1)، هذا في الملّي، و أما في الفطري فتزول أملاكه الفعلية حين ارتداده.

(36) لما مرّ في كتاب النكاح فراجع هناك و لا حاجة للتكرار و الإعادة هنا (2)، و هناك فروع أخرى تعرّضنا لها في كتاب الطهارة، فمن شاء فليرجع إليه (3)، و الحمد للّه رب العالمين.

ص: 143


1- راجع المجلد الأول صفحة: 105.
2- تقدم في المجلد الخامس و العشرين صفحة: 65.
3- راجع المجلد الأول صفحة: 107.

إتيان البهيمة و الميت

اشارة

إتيان البهيمة و الميت كل من وطأ بهيمة يعزّره الحاكم الشرعي بما يراه (1).

______________________________

(1) أما أصل التعزير: فيدل عليه الإجماع، و النصوص، منها قول الصادق عليه السّلام: «في رجل يقع على البهيمة: ليس عليه حدّ، و لكن يضرب تعزيرا» (1)، و عن علي عليه السّلام في الموثق: «أنه سئل عن راكب البهيمة؟ فقال: لا رجم عليه، و لا حدّ، و لكن يعاقب عقوبة موجعة» (2)، و في معتبرة سماعة عن الصادق عليه السّلام: «يجلد حدّا غير الحدّ» (3).

و ما يظهر منه الخلاف مثل معتبرة أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «في رجل أتى بهيمة فأولج، قال: عليه حدّ الزاني» (4)، و عن أبي جعفر عليه السّلام: «الذي يأتي بالفاحشة، و الذي يأتي البهيمة حدّه حدّ الزاني» (5)، مطروح لإعراض المشهور عنه، و عدم عامل به، مع أن في بعضها (الحدّ) مطلقا (6)، و هو يطلق على التعزير أيضا.

و أما معتبرة جميل بن دراج عن الصادق عليه السّلام: «في رجل أتى بهيمة، قال:

يقتل» (7)، و في خبر سليمان بن هلال قال: «سأل بعض أصحابنا أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يأتي البهيمة؟ فقال: يقام قائما ثمَّ يضرب ضربة بالسيف

ص: 144


1- الوسائل: باب 1 من أبواب نكاح البهائم الحديث: 5.
2- الوسائل: باب 1 من أبواب نكاح البهائم الحديث: 11.
3- الوسائل: باب 1 من أبواب نكاح البهائم الحديث: 8.
4- الوسائل: باب 1 من أبواب نكاح البهائم الحديث: 9.
5- الوسائل: باب 26 من أبواب نكاح المحرم.
6- الوسائل: باب 1 من أبواب نكاح البهائم الحديث: 6.
7- الوسائل: باب 1 من أبواب نكاح البهائم الحديث: 7.
مسألة 1: يشترط في الواطئ البلوغ و العقل و الاختيار و عدم الشبهة مع إمكانها في حقه

(مسألة 1): يشترط في الواطئ البلوغ و العقل و الاختيار و عدم الشبهة مع إمكانها في حقه (2)، فلا تعزير على الصبي و إن كان مميزا. نعم يؤدبه الحاكم الشرعي بما يراه (3)،

______________________________

أخذ السيف منه ما أخذ، فقلت: هو القتل؟ قال: هو ذاك» (1)، فإنهما محمولان على المستحل لذلك، و إلا لا وجه للأخذ بإطلاقهما، فما ذهب إليه المشهور من التعزير هو المتعين.

و أما إن التعزير إنما هو بحسب نظر الحاكم، فهو من مسلّمات الفقه، إن لم يكن من ضرورياته، و ما في بعض النصوص من التحديد بخمسة و عشرين سوطا مثل صحيح عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام: «في الرجل يأتي البهيمة، قال عليه السّلام: إن كانت البهيمة للفاعل ذبحت، فإذا ماتت أحرقت بالنار و لم ينتفع بها، و ضرب هو خمسة و عشرين سوطا» (2)، فهو من باب تطبيق الكلي على الفرد، لا من باب التحديد و التخصيص الحقيقي.

ثمَّ إنه ورد نفي الواطئ في معتبرة سماعة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يأتي بهيمة- شاة أو ناقة أو بقرة- قال: عليه أن يجلد حدّا غير الحدّ ثمَّ ينفى من بلاده إلى غيرها» (3)، فهو منوط بنظر الحاكم الشرعي إن رأى المصلحة في ذلك.

(2) إجماعا من الأصحاب في هذه الشروط المعتبرة في كل فرع من كل باب، مضافا إلى أدلة خارجية ذكرت غير مرة، كما لا يخفى (4).

(3) لولايته على هذه الأمور النظامية من باب الحسبة قطعا، و لسدّ باب الفساد مهما أمكن.

ص: 145


1- الوسائل: باب 1 من أبواب نكاح البهائم.
2- الوسائل: باب 1 من أبواب نكاح البهائم: 1.
3- الوسائل: باب 1 من أبواب نكاح البهائم: 2.
4- تقدم في صفحة: 66 و 12.

و كذا لا تعزير على المجنون و إن كان أدواريا في دور جنونه و لا على المكره (4)، و لا على من ادّعى الشبهة التي تصح في حقه سواء كانت حكمية أو موضوعية (5).

مسألة 2: يثبت ذلك بشهادة عدلين، دون النساء لا منفردات و لا منضمات

(مسألة 2): يثبت ذلك بشهادة عدلين (6)، دون النساء لا منفردات و لا منضمات (7)، كما يثبت بالإقرار إن كانت البهيمة له (8)، و إلا فيثبت التعزير فقط و لا يجري على البهيمة سائر الأحكام إلا مع تصديق المالك بذلك (9).

______________________________

(4) لحديث رفع القلم عن المجنون (1)، و حديث رفع الإكراه (2)، نعم للحاكم الشرعي منع المجنون عن ذلك لما تقدم.

(5) لما تقدم في أول كتاب القضاء من القاعدة المعروفة: «درء الحدّ بالشبهة».

(6) لعموم ما دلّ على اعتبار شهادتهما، كما تقدم غير مرة في كتاب القضاء و الشهادات.

(7) للأصل، و ظهور الإجماع، كما مر مكررا.

(8) لإطلاق ما دلّ على حجية: «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» (3).

(9) لأن إقراره بالنسبة إلى نفسه إقرار على نفسه، فيصح و يعزّر و أما بالنسبة إلى البهيمة فإنه إقرار في حق الغير، فلا يقبل إلا مع تصديق صاحب الحق، فيؤثر المقتضي أثره حينئذ، إلا إذا رجع إقراره إلى الإقرار بالضمان بمال الغير، فيؤخذ حينئذ بإقراره.

ص: 146


1- الوسائل: باب 4 من أبواب مقدمة العبادات: 11.
2- الوسائل: باب 56 من أبواب جهاد النفس.
3- الوسائل: باب 3 من أبواب من أبواب الإقرار: 2.
مسألة 3: تترتب على وطئ البهيمة أمور

(مسألة 3): تترتب على وطئ البهيمة أمور:

الأول: التعزير (10).

الثاني: حرمة اللحم و اللبن و النسل المتجدد بعد الوطي و نجاسة البول و الرجيع (11).

الثالث: وجوب الذبح و الإحراق (12)، إن كان المقصود منها لحمها و إن كان المقصود منها ظهرها كالخيل و البغال و الحمير يحرم لحمها و أخرجت من المحل الذي فعل بها إلى بلد آخر و بيعت فيه (13).

______________________________

(10) و هو مشروط بما مرّ من الكمال، و الاختيار، و عدم الشبهة الممكنة في حق الفاعل، كما مرّ.

(11) كما في رواية مسمع عن علي عليه السّلام في البهيمة المنكوحة: «حرام لحمها و لبنها» (1)، مضافا إلى الإجماع.

و أما حرمة نسل الحادث بعد الوطي، فلأنه من نسل غير المأكول، فيترتب عليه حكمه، مضافا إلى ما يأتي من الإطلاق: «لم ينتفع بها». و قد كشف العلم الحديث عن إضرار في البهيمة الموطوءة.

و أما الأخير: فقد تقدم في كتاب الطهارة، فلا وجه للإعادة و التكرار (2).

(12) نصا، و إجماعا، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «إن كانت البهيمة للفاعل ذبحت، فإذا ماتت أحرقت بالنار و لم ينتفع بها» (3)، و مثله غيره.

(13) لما في معتبرة سدير عن أبي جعفر عليه السّلام: «و إن كانت مما يركب ظهره غرم قيمتها، و جلد دون الحدّ، و أخرجها من المدينة التي فعل بها فيها إلى بلاد

ص: 147


1- الوسائل: باب 30 من أبواب الأطعمة المحرمة: 3.
2- راجع المجلد الأول صفحة: 292.
3- الوسائل: باب 1 من أبواب نكاح البهائم الحديث: 1.

الرابع: أغرم الواطئ ثمنها لمالكها (14).

______________________________

أخرى حيث لا تعرف فيبيعها فيها كيلا يعيّر بها صاحبها» (1).

(14) لأنه بمنزلة الإتلاف شرعا فيضمن ذلك، مضافا إلى نص خاص، ففي صحيح إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السّلام: «و إن لم تكن البهيمة له قومت و أخذ ثمنها منه و دفع إلى صاحبها و ذبحت و أحرقت بالنار و لم ينتفع بها» (2)، و في معتبرة سدير عن أبي جعفر عليه السّلام: «و إن كانت مما يركب ظهره غرم قيمتها، و جلد دون الحدّ» (3)، و مثلهما غيرهما.

ثمَّ إن البحث في القيمة من جهات:

الأولى: في أصل وجوبها، و لا إشكال فيه فتوى و نصا كما مر، و يشهد له قاعدة الإتلاف أو اليد.

الثانية: في قدرها، و لا ريب في كونها مقدرة بقدر مالية الحيوان، لاشتمال النصوص المتقدمة على الثمن و الغرامة و نحوهما، و كل ذلك إشارة إلى تقدير المالية.

الثالثة: هل أن ذلك من سنخ المعاوضات القهرية أو لا؟ مقتضى الأصل الموضوعي و الحكمي العدم، فهي باقية على ملك المالك حتى تتلف، بل يشكل الجزم بكونها من العوض الحقيقي، لاحتمال أن ذلك حكم شرعي جعله الشارع في المقام، لكثرة اهتمامه بأموال الناس، فلا بد من تدارك مالية ما فات عن صاحب الحيوان بما فعله من العمل الشنيع، و مجرد هذا الاحتمال يكفي في عدم ترتب أحكام المعاوضة من كل جهة، و اشتمال النصوص على الغرامة و أخذ الثمن و نحو ذلك أعم منها، كما هو معلوم.

إلا أن يقال: إن ملاحظة مجموعها من حيث المجموع، و القرائن الخارجية و الداخلية، يشرف الفقيه على القطع بأنها من المعاوضات الشرعية

ص: 148


1- الوسائل: باب 1 من أبواب نكاح البهائم الحديث: 4.
2- الوسائل: باب 1 من أبواب نكاح البهائم الحديث: 1 و 4.
3- الوسائل: باب 1 من أبواب نكاح البهائم الحديث: 1 و 4.
مسألة 4: إن كانت البهيمة مما لم يقصد منها اللحم و لا الظهر

(مسألة 4): إن كانت البهيمة مما لم يقصد منها اللحم و لا الظهر كحمر الوحش أو الكلب و الخنزير و نحوهما من محرّم الأكل فالتعزير و التغريم ثابت و كذا الإحراق (15)،

______________________________

القهرية، فلا وجه للتمسك بالأصل حينئذ.

الرابعة: يجوز بيع البهيمة الموطوءة التي يطلب ظهرها في بلد آخر، كما في معتبرة سدير: «و إن كانت مما يركب ظهره اغرم قيمتها، و جلد دون الحدّ، و أخرجت من المدينة التي فعل بها إلى بلاد أخرى حيث لا تعرف، فيبيعها كيلا يعيّر بها» (1)، و هو مقتضى الأصل أيضا، فإن الثمن يصير ملكا لمالك الدابة كسائر أملاكه، لما مرّ من استظهار المعاوضة القهرية الشرعية من الرواية كما مر.

نعم الأولى بل الأحوط التصدق به، لاستنكار النفوس الآبية لأكل مثل هذا الثمن، و ذهاب بعض الفقهاء إلى ذلك.

الخامسة: لو تكرر الفعل فمع تعدد المورد يتعدّد، و مع الوحدة تكفي الوحدة، أما الأول: فلتعدد السبب فيتعدد المسبب لا محالة، و أما الثاني: فلأن السبب إنما هو الطبيعة، و هي موجودة في فعل الواحد و المتعدد، مع عدم قابلية الموضوع للتعدد.

(15) أما التعزير: فلأنه فعل حراما، و أما التغريم: فللتسبيب لإتلاف مال الغير، إن كانت له مالية قررها الشارع. و أما الإحراق: فلعموم التعليل الوارد في بعض الأخبار، ففي صحيح إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السّلام: «قلت: و ما ذنب البهيمة؟ فقال: لا ذنب لها، و لكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فعل هذا و أمر به، لكيلا يجترئ الناس بالبهائم و ينقطع النسل» (2).

ص: 149


1- الوسائل: باب 1 من أبواب نكاح البهائم الحديث: 4.
2- الوسائل: باب 1 من أبواب نكاح البهائم: 1 و 10.

و الظاهر جريان الحكم في الطيور أيضا (16).

مسألة 5: إنما يجب على الحاكم ما تقدم من الأمور مباشرة أو تسبيبا

(مسألة 5): إنما يجب على الحاكم ما تقدم من الأمور مباشرة أو تسبيبا (17)، و يجب ذلك كله فورا (18).

مسألة 6: لو تكرر منه الفعل مع عدم تخلل التعزير فعليه تعزير واحد

(مسألة 6): لو تكرر منه الفعل مع عدم تخلل التعزير فعليه تعزير واحد و مع تخلله يقتل في الرابعة على الأحوط (19).

مسألة 7: وطئ المرأة الميتة كالحية فيرجم الواطئ مع الإحصان و يحدّ مع عدمه

(مسألة 7): وطئ المرأة الميتة كالحية فيرجم الواطئ مع الإحصان و يحدّ مع عدمه على ما تقدم تفصيله في الزنا (20)،

______________________________

(16) لأصالة عدم الخصوصية في البهيمة، بل المناط مطلق الحيوان، و هذا هو المشهور كما مرّ في كتاب الطهارة (1)، و يمكن أن يراد من البهيمة الواردة في الروايات معناها اللغوي، أي: كل ما لا نطق له، كما في قوله تعالى بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ (2)، و في الحديث عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «يحشر الناس يوم القيامة عراة حفاة بهما» (3).

(17) لإطلاق الأدلة الشامل لكل منهما.

(18) لأن المنساق من الأدلة الفورية العرفية.

(19) أما الأول: فلأن الطبيعة واحدة و التعزير تعلّق بها، بلا فرق بينهما بين الوحدة و التعدد، ففي المتعدد مع عدم تخلل التعزير تعزير واحد. و أما الاحتياط في القتل في الرابع، فلما مرّ غير مرة من أن أصحاب الكبائر يقتلون في الرابعة مع تخلل الحدّ، و تقدم أنه ورد في بعض الأخبار (4)يقتلون في الثالثة، و ذكرنا أنه خلاف الاحتياط في الدماء.

(20) إجماعا، و نصوصا، منها خبر الجعفي قال: «كنت عند أبي

ص: 150


1- راجع المجلد الأول صفحة: 292.
2- سورة المائدة: 1.
3- النهاية لابن الأثير ج: 1 صفحة: 167.
4- الوسائل: باب 1 من أبواب نكاح البهائم الحديث: 10.

و هذا الإثم أفحش و أعظم من الزنا بالحية (21)، فيزيد الحاكم في عقوبته بما يراه (22)، و لو وطأ زوجته الميتة يعزّره الحاكم بما يراه (23)، و اللواط بالميت كاللواط بالحي في الحدّ و سائر ما مر من الأحكام (24).

مسألة 8: لو أدخل ذكر الميت في فرجه يترتب عليه الجنابة

(مسألة 8): لو أدخل ذكر الميت في فرجه يترتب عليه الجنابة و في ترتب ما مرّ من الأحكام إشكال (25).

______________________________

جعفر عليه السّلام و جاءه كتاب هشام بن عبد الملك في رجل نبش امرأة فسلبها ثيابها و نكحها، فإن الناس قد اختلفوا علينا في هذا، فطائفة قالوا: اقتلوه، و طائفة قالوا:

أحرقوه، فكتب إليه أبو جعفر عليه السّلام: إن حرمة الميت كحرمة الحي، حدّه أن تقطع يده لنبشه و سلبه الثياب، و يقام عليه الحدّ في الزنا إن أحصن رجم، و إن لم يكن أحصن جلد مائة» (1)، و قريب منه غيره.

و أما رواية أبي حنيفة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل زنى بميّتة؟

قال: لا حدّ عليه» (2)، فإما أن تحمل على عدم حدّ مستقل عليه في مقابل حدّ الزاني رجما أو حدّا، أو تطرح.

(21) إجماعا، و نصا، قال الصادق عليه السّلام: «الذي يأتي المرأة و هي ميتة وزره أعظم من ذلك الذي يأتيها و هي حية» (3).

(22) لأن زيادة العقوبة بحسب الخصوصيات موكولة إلى نظره.

(23) نسب ذلك إلى قطع الأصحاب، و اتفاقهم.

(24) لظهور الإطلاق، و الاتفاق، بل يكون أعظم فيزيد الحاكم في العقوبة بما يراه، إن كان نظره التغليظ، و إلا فلا موضوع له أصلا.

(25) أما الجنابة: فقد تقدم في كتاب الطهارة (4)، و أما وجه الإشكال: من

ص: 151


1- الوسائل: باب 19 من أبواب حد السرقة: 2 و 6.
2- الوسائل: باب 2 من أبواب نكاح البهائم: 3 و 2.
3- الوسائل: باب 2 من أبواب نكاح البهائم: 3 و 2.
4- راجع ج: 3 صفحة: 17.
مسألة 9: يشترط في ثبوت الحدّ بوطء الميت جميع ما يشترط في الوطي بالحي

(مسألة 9): يشترط في ثبوت الحدّ بوطء الميت جميع ما يشترط في الوطي بالحي من الكمال و الاختيار و عدم الشبهة (26).

مسألة 10: يثبت ذلك بما يثبت به وطئ الحي من الإقرار أربعا أو الشهادة من أربعة رجال عدول

(مسألة 10): يثبت ذلك بما يثبت به وطئ الحي من الإقرار أربعا أو الشهادة من أربعة رجال عدول (27)، و لا يثبت بشهادة النساء منفردات و لا منضمات على ما تقدم (28).

مسألة 11: من استمنى بيده أو بسائر أعضائه يعزّره الحاكم بما يراه

(مسألة 11): من استمنى بيده أو بسائر أعضائه يعزّره الحاكم بما يراه (29).

______________________________

جهة الجمود على الإطلاق فيترتب تلك الأحكام، و من احتمال الانصراف إلى الحي فلا. نعم للحاكم الشرعي تعزيره بما يراه.

(26) لإطلاق أدلتها الشامل للوطئ بالميت أيضا، مضافا إلى الإجماع على عدم الفرق بينهما فيها.

(27) لظهور الإطلاق الشامل لكل منهما، و هذا هو المشهور بين الفقهاء.

(28) لما مرّ في ثبوت الزنا بالبيّنة، و لا حاجة للتكرار هنا (1).

(29) نصا، و إجماعا، كما يأتي، و لكن البحث في هذه المسألة التي يكثر السؤال عن فروعها في هذه الأعصار- و تسمى بالعمل السري في الألسنة و الأفواه- من جهات:

الأولى: في حكمها، و لا ريب في أصل حرمته للإجماع، و النصوص التي يأتي بعضها.

الثانية: أنه من الكبائر، لإطلاق الذنب عليه في الأخبار، و تنزيله منزلة الزنا، فقد سئل الصادق عليه السّلام كما في الموثق: «عن الخضخضة، فقال: إثم عظيم قد نهى اللّه عنه في كتابه، و فاعله كناكح نفسه، و لو علمت بما يفعله ما أكلت معه،

ص: 152


1- راجع ج: 27 صفحة: 258.

..........

______________________________

فقال السائل: فبين لي يا ابن رسول اللّه فيه، فقال: قول اللّه فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ. و هو مما وراء ذلك، فقال الرجل: أيّما أكبر الزنا أو هي؟ فقال: هو ذنب عظيم- الحديث-» (1).

و عن أبي بصير قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ثلاثة لا يكلمهم اللّه تعالى و لا ينظر إليهم و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم: الناتف شيبه، و الناكح نفسه، و المنكوح في دبره» (2).

و عن الصادق عليه السّلام أيضا في معتبرة علاء بن رزين: «سألته عن الخضخضة؟ قال: هي من الفواحش» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و أما خبر ابن زرارة قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل يعبث بيديه حتى ينزل؟ قال: لا بأس به، و لم يبلغ به ذاك شيئا» (4)، و عن الصادق عليه السّلام في خبر زرارة: «ناكح نفسه لا شي ء عليه» (5)، فلا بد من حملهما على نفي الحدّ أو غيره من المحامل، أو طرحهما لظهور الإجماع على أصل الحرمة، و لو لا قوله عليه السّلام:

«اثم عظيم و ذنب عظيم» كما مر في الموثق، لأمكن الجمع بين الأخبار، بحمل الأخبار المانعة على الكراهة، لكونه الحمل الشائع في الفقه، و لكن ظهور تلك الأخبار و الإجماع يمنع عن ذلك.

الثالثة: ظاهر ما تقدم من الإطلاقات عدم الفرق في الاستمناء بين كونه بأجزاء البدن و الأسباب الخارجية، و ذكر اليد في بعض الأخبار المتقدمة يكون من باب الغالب و المثال، فلا يوجب التقييد، فيشمل مجرد التفكر في الصور الخلاعية أو النظر إليها بهذا القصد و الغرض.

الرابعة: يزول الإثم بالاستغفار، لقول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «لا كبيرة مع

ص: 153


1- الوسائل: باب 3 من أبواب نكاح البهائم: 4.
2- الوسائل: باب 28 من أبواب النكاح المحرم الحديث: 7.
3- الوسائل: باب 28 من أبواب النكاح المحرم الحديث: 7.
4- الوسائل: باب 3 من أبواب نكاح البهائم: 3.
5- الوسائل: باب 28 من أبواب نكاح المحرم: 6.

..........

______________________________

الاستغفار» (1)، و «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» (2)، و لسائر العمومات و الإطلاقات في الكتاب و السنة، الدالتين على أن الاستغفار يمحو الذنب.

الخامسة: أن الفاعل تارة: يقصد بالفعل الإنزال. و ينزل، و أخرى: يقصده و لا ينزل، و ثالثة: يستمني و يقصد عدم الإنزال أصلا بل مجرد الالتذاذ في الجملة، و مقتضى الإطلاقات و العمومات حرمة الجميع، إلا أن يدعى الانصراف إلى خصوص القسم الأول خصوصا فيما اشتمل من الأخبار على لفظ الإنزال، مثل قوله عليه السّلام في الموثق: «كل ما أنزل به الرجل ماءه من هذا و شبهه فهو زنا» (3)، فإن ظهوره في خصوص صورة الإنزال مما لا ينكر.

السادسة: مقتضى قاعدة الإلحاق عدم الفرق في جميع ما ذكر بين استمناء الرجل و المرأة، فتجري عليها جميع ما هو جار في الرجل.

السابعة: أن التعزير ثابت في الاستمناء، لما سيأتي من النص، و لأنه فعل محرم كبيرة، و للحاكم الشرعي التعزير بما يراه لمرتكبه.

الثامنة: لا بأس باستمناء الزوجة بالزوج، و بالعكس، للإطلاقات، و العمومات، من غير ما يصلح للتقييد و التخصيص، كما مرّ في كتاب النكاح، و إن كان الأولى تركه أيضا.

التاسعة: لا تقدير في التعزير، بل هو منوط بنظر الحاكم الشرعي، و أما معتبرة زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «إن عليا عليه السّلام ضرب يده حتى احمرت ثمَّ زوّجه من بيت المال» (4)، و قريب منها غيرها، فهي محمولة على تطبيق الكلي على الفرد، لا التخصيص و التقييد بذلك، أو انها ليست لبيان الحكم الواقعي الكلي لهذا العمل و إنما هي من جهة حكومته عليه السّلام في الموضوع.

ص: 154


1- الوسائل: باب 48 من أبواب جهاد النفس: 3.
2- الوسائل: باب 86 من أبواب جهاد النفس: 8 و 14.
3- الوسائل: باب 26 من أبواب النكاح المحرم: 1.
4- الوسائل: باب 28 من أبواب النكاح المحرم: 3.
مسألة 12: يثبت ذلك بشهادة عدلين و بالإقرار و لو مرة

(مسألة 12): يثبت ذلك بشهادة عدلين و بالإقرار و لو مرة (30)، و لا يثبت بشهادة النساء مطلقا (31).

______________________________

(30) لعموم ما دلّ على اعتبارهما، من غير دليل على الخلاف.

(31) للأصل، و ظهور الإجماع.

ص: 155

الدفاع و ما يتعلق به

اشارة

الدفاع و ما يتعلق به و هو من الأمور النظامية غير مختصة بملة دون أخرى (1).

______________________________

(1) لارتكازه في نفوس العقلاء، بل قد تكون المدافعة عن النفس من الفطريات الحيوانية التي جبلت عليها النفوس أيضا، و يدلّ عليه في المقام الأصل- كما يأتي- و الإجماع من الفقهاء بل العقلاء، و النصوص المتواترة في الأبواب المختلفة، منها ما عن أبي جعفر عليه السّلام: «اللص يدخل عليّ في بيتي يريد نفسي و مالي، قال عليه السّلام: «اقتله فاشهد اللّه و من سمع أن دمه في عنقي» (1)، و عن علي عليه السّلام: «إذا دخل عليك اللص المحارب فاقتله، فما أصابك فدمه في عنقي» (2)، إلى غير ذلك من الأخبار.

ثمَّ إن الظاهر صحة تصادق المحاربة و المدافعة في مورد واحد، و الفرق بينهما اعتباري، فإذا لو حظ الضرر باعتبار إيجاده على الطرف تسمى محاربة، و إذا لوحظ باعتبار رفعه عن النفس تسمى مدافعة، و يصح الفرق بالعموم المطلق إذا لوحظ بحسب المورد، فإذا لوحظ الضرر في الأعم من النفس و العرض و المال يكون دفعه مدافعة، و إذا لوحظ باعتبار خصوص الأولين تكون محاربة.

و لكن ظاهر الكل تعميم المحاربة بالنسبة إلى الضرر المالي أيضا، بلا فرق بينهما من هذه الجهة.

ص: 156


1- الوسائل: باب 46 من أبواب جهاد العدو: 6 و 7.
2- الوسائل: باب 46 من أبواب جهاد العدو: 6 و 7.

مسألة 1: للإنسان أن يدفع عن نفسه و حريمه و ماله ما استطاع

(مسألة 1): للإنسان أن يدفع عن نفسه و حريمه و ماله ما استطاع (2)، بل و عن غيره (3).

______________________________

(2) للأصل، و الإجماع، و النصوص التي تقدم بعضها و يأتي غيرها.

(3) لأنه من أهم الشؤون الإنسانية الاجتماعية التي بيّن بعض مصاديقها نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله، فقال: «من سمع رجلا ينادي يا للمسلمين فلم يجبه، فليس بمسلم» (1)، و عن علي عليه السّلام قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من ردّ عن قوم من المسلمين عادية ماء أو نار، وجبت له الجنة» (2)، إلى غير ذلك من أقواله الشريفة التي لا تحصى، و في معتبرة الأصبغ: «قال أمير المؤمنين عليه السّلام يضحك اللّه تعالى إلى رجل في كتيبة يعرض لهم سبع أو لص فحماهم أن يجوزوا» (3)، مضافا إلى الأصل، و الإجماع، و السيرة العقلائية في كل مذهب و ملة، و الأخبار المتواترة المرغبة في ذلك، مثل قوله صلّى اللّه عليه و آله: «عونك الضعيف من أفضل الصدقة» (4)، و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «اللّه في عون المؤمن ما كان المؤمن في عون أخيه» (5)، و جملة من الآيات المباركة (6)، و الروايات الدالة على الأمر بالإعانة على البر و التقوى، و قد نظم الشعراء ذلك في غالب اللغات، و الشواهد العقلية و الأدلة النقلية من الكتاب و السنة و الحكم المروية عن أعاظم الفلاسفة المتألهين و أكابر العرفاء المجاهدين في ذلك كثيرة ملئت الكتب نظما و نثرا، بحيث لو جمعت ذلك لصار من أجلّ المعارف الإسلامية.

ص: 157


1- الوسائل: باب 59 من أبواب جهاد العدو: 1.
2- الوسائل: باب 60 من أبواب جهاد العدو: 1.
3- الوسائل: باب 59 من أبواب جهاد العدو الحديث: 3 و 2.
4- الوسائل: باب 59 من أبواب جهاد العدو الحديث: 3 و 2.
5- الوسائل: باب 29 من أبواب فعل المعروف: 2.
6- سورة المائدة: الآية: 2.

مسألة 2: وجوب الدفاع عن النفس و العرض عيني إذا قدر الشخص عليه

(مسألة 2): وجوب الدفاع عن النفس و العرض عيني إذا قدر الشخص عليه (4)، و أما إذا لم يقدر على ذلك يجب على الجميع كفاية المدافعة عنهما (5)، و كذا بالنسبة إلى المال في الجملة (6).

مسألة 3: لا فرق في وجوب الدفاع بين الصغير- الذي يتمكن و الكبير

(مسألة 3): لا فرق في وجوب الدفاع بين الصغير- الذي يتمكن- و الكبير (7)، نعم يعتبر في الوجوب الشرعي أمور و مع فقد بعضها يتوجه التكليف إلى الولي (8).

______________________________

(4) للأدلة الثلاثة، فمن الكتاب قوله تعالى وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (1)، و من السنة ما تقدم بعضها، و من الإجماع إجماع المسلمين.

(5) إجماعا، و نصوصا كثيرة، منها قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في مسجد الخيف كما في معتبرة ابن أبي يعفور عن الصادق عليه السّلام: «نضّر اللّه عبدا سمع مقالتي فوعاها و بلّغها من لم يسمعها- إلى أن قال- المؤمنون إخوة تتكافأ دماؤهم و يسعى بذمتهم أدناهم، و هم يد على من سواهم» (2)، و منها قوله صلّى اللّه عليه و آله:

«من سمع رجلا ينادي يا للمسلمين فلم يجبه، فليس بمسلم» (3)، إلى غير ذلك.

(6) لما تقدّم من النصوص الشاملة على قوله عليه السّلام: «نفسي و مالي» (4)، و لا بد من المال أن يكون مما يعتنى به.

(7) لأن ذلك من المحسّنات العقلية، و هي بعد تحقق موضوعها لا تختص بقوم دون آخر.

(8) لأنه بعد فرض اعتبار التكليف في مورد الحكم، فيدور الأمر بين زوال أصله مع فقده، أو قيام الولي به، و الثاني هو المتعين بعد فرض كون

ص: 158


1- سورة البقرة الآية: 195.
2- الوسائل: باب 31 من أبواب القصاص في النفس.
3- الوسائل: باب 59 من أبواب جهاد العدو: 1.
4- الوسائل: باب 46 من أبواب جهاد العدو.

مسألة 4: لو توقف الدفاع على بذل مال يجب ذلك

(مسألة 4): لو توقف الدفاع على بذل مال يجب ذلك (9)، و مع عدمه يصرف فيه من وجوه البر، و مع عدم إمكانها فمن بيت المال (10).

مسألة 5: يجب في الدفاع مراعاة الأسهل فالأسهل مع الإمكان و الغرض

(مسألة 5): يجب في الدفاع مراعاة الأسهل فالأسهل مع الإمكان و الغرض فإن اندفع بمجرد الصياح لا يتعدى إلى الضرب و لو اندفع بمجرد الضرب باليد لا يتعدى الى غيره و هكذا (11).

مسألة 6: يذهب جناية المدفوع هدرا قتلا كانت أو جرحا

(مسألة 6): يذهب جناية المدفوع هدرا قتلا كانت أو جرحا فضلا عن ماله إذا لم يندفع إلا بذلك (12)،

______________________________

التكليف من الواجبات النظامية.

(9) لقاعدة تقديم الأهم على المهم.

(10) لأنها معدة لمصالح المسلمين، و المقام من أهمها.

(11) للأصل، و ظهور الإجماع، و إن ذلك هو المستفاد من مجموع الأدلة بعد رد بعضها إلى بعض، و لكن مقتضى بعض الإطلاقات خلافه، مثل ما عن أبي جعفر عليه السّلام: «في اللص يدخل عليّ في بيتي يريد نفسي و مالي، قال عليه السّلام:

اقتله، فأشهد اللّه و من سمع أن دمه في عنقي» (1)، و قريب منه غيره. و يمكن حمله على صورة عدم إمكان المراعاة، أو عدم تحقق الغرض، و لا ريب حينئذ في جواز الدفع بأي وجه أمكن، و يمكن أن يدعى أن الغالب ذلك، حيث أن المهاجم يهاجم بغتة بلا فكر و روية فيسلب عن المهاجم عليه فكره و رؤيته.

(12) إجماعا، و نصوصا، منها ما عن الصادق عليه السّلام في معتبرة الحلبي قال:

«قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إذا دخل عليك اللص المحارب فاقتله، فما أصابك فدمه في عنقي»(2)، و مثلها غيرها كما مرّ، و تشمل المال بالفحوى كما يشمل هتك العرض كذلك.

ص: 159


1- الوسائل: باب 3 من أبواب الدفاع.
2- الوسائل: باب 6 من أبواب الدفاع: 1.

و لو قتل الدافع كان بمنزلة الشهيد (13).

مسألة 7: لو هجم على من يتعلق به من أولاده و أقاربه حتى الخادم و الخادمة ليقتله ظلما

(مسألة 7): لو هجم على من يتعلق به من أولاده و أقاربه حتى الخادم و الخادمة ليقتله ظلما وجبت المدافعة و لو انجر إلى قتل المهاجم (14).

مسألة 8: لو هجم على حريمه بالتجاوز أو هتك العرض وجبت المدافعة

(مسألة 8): لو هجم على حريمه بالتجاوز أو هتك العرض وجبت المدافعة (15)، و ما يقع على المهاجم يكون هدرا (16).

مسألة 9: إذا هجم على مال يتعلق به جاز له دفعه بأي وجه أمكن

(مسألة 9): إذا هجم على مال يتعلق به جاز له دفعه بأي وجه أمكن و لو انجر إلى قتل المهاجم (17).

______________________________

(13) اتفاقا، و نصوصا، منها ما في معتبرة ابن سنان عن الصادق عليه السّلام قال:

«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من قتل دون مظلمته فهو شهيد» (1)، و عن أبي جعفر عليه السّلام في معتبرة أبي مريم: «يا أبا مريم هل تدري ما دون مظلمته؟ قلت:

جعلت فداك، الرجل يقتل دون أهله و دون ماله و أشباه ذلك، فقال: يا أبا مريم إن من الفقه عرفان الحق» (2)، و هو ظاهر في أنه عليه السّلام قرره على ذلك.

(14) لإطلاق ما مرّ من قول أبي جعفر عليه السّلام، و سائر الأخبار، مضافا إلى ظهور الاتفاق.

(15) لإطلاق مثل قول أبي جعفر عليه السّلام في معتبرة غياث ابن إبراهيم: «إذا دخل عليك رجل يريد أهلك و مالك، فابدره بالضربة إن استطعت» (3).

(16) نصا كما مرّ (4)، و إجماعا، و لا فرق في ذلك بين ما إذا كان جرحا أو قتلا، حرا كان أو عبدا.

(17) لإطلاق ما مرّ من معتبرة أبي مريم، و إطلاق قول علي عليه السّلام في معتبرة

ص: 160


1- الوسائل: باب 46 من أبواب جهاد العدو: 8.
2- الوسائل: باب 46 من أبواب جهاد العدو: 9.
3- الوسائل: باب 5 من أبواب الدفاع.
4- الوسائل: باب 6 من أبواب الدفاع.

مسألة 10: يجب مراعاة الأسهل فالأسهل

(مسألة 10): يجب مراعاة الأسهل فالأسهل كما تقدم و ذلك مع الفرصة و الإمكان و يختلف باختلاف الموارد اختلافا كثيرا (18).

مسألة 11: لو تعدّى المدافع عما هو الكافي في الدفع من مراعاة الأيسر فالأيسر عرفا يكون ضامنا

(مسألة 11): لو تعدّى المدافع عما هو الكافي في الدفع من مراعاة الأيسر فالأيسر عرفا يكون ضامنا (19)،

______________________________

السكوني: «ان اللّه ليمقت العبد يدخل عليه في بيته و لا يحارب» (1)، و هو يشمل النفس و العرض و المال، و كذا نحوه من سائر الأخبار.

(18) لاختلاف النفوس قوة و ضعفا و جبنا و شجاعة في ذلك اختلافا شديدا، فإن اندفع بمجرد الإخطار و إظهار الصوت يقتصر عليه، و إلا فبالصياح و التهديد، و إلا فباليد، و إلا فبالعصا، و إن لم يندفع إلا بالجرح اقتصر عليه، و إن لم يندفع إلا بالقتل يقتل بكل آلة قتالة، و ذلك كله لأصالة عدم جواز كل مرتبة عالية مع إمكان الدفع بالمرتبة الدانية، مضافا إلى الإجماع على ذلك، و لكن كل ذلك مع الإمكان و وجود الفرصة، و أما مع العدم، فلا موضوع لتلك الملاحظة كما هو معلوم، و يحمل على ذلك المطلقات من الأخبار، كما هو الغالب في تهاجم اللص و نحوه.

(19) للقواعد العامة الدالة على الضمان، التي منها التسبيب له، إلا ما خرج بالدليل و هو مفقود في غير المأذون فيه شرعا، و هو مراعاة الأيسر فالأيسر.

و احتمال أن ما دلّ على أن دم المحارب هدر يشمل صورة التعدي عن رعاية الأيسر فالأيسر، مثل قوله عليه السّلام: «إذا دخل عليك اللص المحارب فاقتله، فما أصابك فدمه في عنقي» (2)، أو قول أبي جعفر عليه السّلام: «فما تبعك منه من شي ء فهو عليّ» (3)، خلاف أصالة احترام النفس في غير مورد النص الصحيح،

ص: 161


1- الوسائل: باب 46 من أبواب جهاد العدو: 2.
2- الوسائل: باب 6 من أبواب الدفاع.
3- الوسائل: باب 5 من أبواب الدفاع.

بلا فرق بين النفس و العرض و المال (20).

مسألة 12: لو هجم عليه- أو على حريمه- ليقتله وجب الدفاع

(مسألة 12): لو هجم عليه- أو على حريمه- ليقتله وجب الدفاع و لو علم أنه يقتل فضلا عن الظن و الاحتمال (21)، و أما المال فلا يجب ذلك بل ربما وجب الاستسلام بدفع المال مع احتمال القتل بدونه فضلا عن العلم به (22).

______________________________

و الإجماع الصريح، و كذا التمسك ببعض الإطلاقات للزوم تقييدها بما قلناه.

(20) لشمول إطلاق دليل التسبيب للجميع من دون مقيد في البين.

(21) لقبح الاستسلام للظلم، خصوصا بالنسبة إلى الحريم عند النفوس الآبية، إلا ما اذن فيه الشارع، و هو بالنسبة إلى المال في الجملة، مضافا إلى ما تقدم من قول علي عليه السّلام: «إن اللّه ليمقت العبد يدخل عليه في بيته فلا يقاتل» (1)، و في معتبرة البرقي عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «عن الرجل يكون في السفر و معه جارية له فيجي ء قوم يريدون أخذ جاريته، أ يمنع جاريته من أن تؤخذ و إن خاف على نفسه القتل؟ قال: نعم. قلت: و كذلك إذا كانت معه امرأة؟ قال:

نعم، قلت: و كذلك الأم و البنت و ابنة العم و القرابة يمنعهن و إن خاف على نفسه القتل؟ قال: نعم، قلت: و كذلك المال يريدون أخذه في سفر فيمنعه و إن خاف القتل؟ قال: نعم» (2).

(22) لأن المال وقاية لحفظ النفس و الحريم إلا عند الدني اللئيم.

و ما يظهر من النصوص المتقدمة المدافعة عن المال أيضا، مثل قوله صلّى اللّه عليه و آله: «من قتل دون ماله فهو شهيد» (3)، و مثله غيره، محمول على ما إذا أحرز أن أخذ المال طريق للسيطرة على النفس و العرض، أو يوجب ذهاب المال ذهابهما أيضا، كما يظهر ذلك من ذيل معتبرة البرقي.

ص: 162


1- الوسائل: باب 46 من أبواب جهاد العدو: 2 و 12.
2- الوسائل: باب 46 من أبواب جهاد العدو: 2 و 12.
3- الوسائل: باب 46 من أبواب جهاد العدو: 13.

مسألة 13: لو اندفع المهاجم بالهرب منه أو تهريب حريمه منه

(مسألة 13): لو اندفع المهاجم بالهرب منه أو تهريب حريمه منه لا تصل النوبة إلى المقاتلة حينئذ (23).

مسألة 14: لو أراد المهاجم القتل أو هتك الحريم وجبت المقاتلة معه

(مسألة 14): لو أراد المهاجم القتل أو هتك الحريم وجبت المقاتلة معه بنحو ما مرّ و لا يعتبر العلم بالغلبة عليه أو الظن كذلك (24).

مسألة 15: إذا أحرز قصد المهاجم للظلم و لو بالقرائن المعتبرة الموجبة للاطمئنان تجوز المدافعة معه

(مسألة 15): إذا أحرز قصد المهاجم للظلم و لو بالقرائن المعتبرة الموجبة للاطمئنان تجوز المدافعة معه بنحو ما مرّ، و أما مع مجرد الظن أو الاحتمال فلا يجوز ذلك (25)، و لو أقدم مع ذلك يكون ضامنا لكل ما أورده على المهاجم من قتل أو جرح أو ضرر مال (26).

مسألة 16: لو أحرز قصد المهاجم إلى النفس أو الحريم أو المال

(مسألة 16): لو أحرز قصد المهاجم إلى النفس أو الحريم أو المال فدفعه فجنى عليه أو أضرّ به ثمَّ بان الخلاف ضمن و لا إثم عليه (27).

______________________________

(23) للأصل، بعد عدم شمول إطلاق الأدلة لمثله، و لا أقل من الشك في الشمول، فكيف يصح التمسك بها في الموضوع المشكوك فيه؟!

(24) لإطلاق الأدلة، و قبح الاستسلام للظلم مهما أمكنت المدافعة، و تقدم ما يتعلّق بالتهاجم على المال.

(25) أما الأول: فلظواهر الأدلة، و السيرة الجارية من أول البعثة.

و أما الثاني: فللأصل بعد إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً (1)، فضلا عن الاحتمال.

(26) لعدم الإذن الشرعي له في ذلك، فتشمله جميع أدلة الضمانات، و ما دلّ على الإذن مقيد بما مرّ.

(27) أما الضمان: فلعموم أدلته الشامل لصورة الخطإ أيضا. و أما عدم الإثم: فلفرض الاعتقاد بأنه قصد الهجوم، فيكون مأذونا شرعا في الجناية

ص: 163


1- سورة يونس الآية: 36.

مسألة 17: لو قصد المهاجم من محارب أو لص أو نحوهما فاعتقد المهجوم عليه خلافه

(مسألة 17): لو قصد المهاجم من محارب أو لص أو نحوهما فاعتقد المهجوم عليه خلافه فحمل عليه لا للدفع بل لغرض آخر لا إشكال في تحقق التجري أما الضمان ففيه إشكال بل منع حتى لو قتل المهاجم (28).

مسألة 18: لو هجم شخصان كل منهما على الآخر بقصد القتل أو الجرح أو نهب المال أو هتك العرض ضمن كل منهما للآخر

(مسألة 18): لو هجم شخصان كل منهما على الآخر بقصد القتل أو الجرح أو نهب المال أو هتك العرض ضمن كل منهما للآخر (29)، و لو كان أحدهما بادئا و الآخر مدافعا ضمن الأول دون الأخير (30)، و إن كان لو لم يبتدئه الأول لابتدأ الأخير (31)،

______________________________

و الإضرار، فهو مثل من أكل مال الغير باعتقاد أنه لنفسه، فيضمن بلا إثم. نعم لو كان مقصرا في تحقق الاعتقاد يأثم أيضا.

(28) أما التجري فلأنه: العمل على خلاف الاعتقاد، و قد تحقق لفرض أنه اعتقد عدم الهجوم عليه و مع ذلك جنى عليه أو قتله.

و أما عدم الضمان: فالمقتضي له من طرف المهاجم موجود، لفرض أنه اعتقد عدم الهجوم عليه و مع ذلك جنى عليه أو قتله.

و أما عدم الضمان: فالمقتضي له من طرف المهاجم موجود، لفرض أنه قصد الهجوم، و إنما الشك في أن اعتقاد المهجوم عليه للخلاف مانع أو لا؟

فيرجع إلى أصالة عدم المانع، و أصالة البراءة عن الضمان.

(29) لقاعدة الضمان، بعد قصد كل واحد منهما العدوان، و يقتضيه إطلاق قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «إذا اقتتل المسلمان بسيفهما فهما في النار» (1).

(30) لفرض تحقق عنوان الهجوم في الأول فيضمن، و الدفاع في الثاني فلا ضمان عليه.

(31) لأن المناط في تحقق عنوان المدافعة و الهجوم الفعلية منهما، لا الاقتضاء و الشأنية، فيضمن حينئذ لو أضر به لقاعدة الضمان، كما مرّ.

ص: 164


1- مسند أحمد ج: 5 صفحة: 48.

و لو كفّ أحدهما و واصل الآخر عليه و جنى ضمن (32).

مسألة 19: لو علم الشخص بأنه لا أثر لهجوم المهاجم لضعفه

(مسألة 19): لو علم الشخص بأنه لا أثر لهجوم المهاجم لضعفه أو وجود مانع في البين لا يمكنه لأجله الوصول إليه لا يجوز الإضرار به مالا فضلا عن الجرح و القتل و لو أضر به ضمن (33).

مسألة 20: لو هجم المهاجم و قبل الوصول إلى الشخص ارتدع و أظهر الندامة لا يجوز الإضرار به بشي ء

(مسألة 20): لو هجم المهاجم و قبل الوصول إلى الشخص ارتدع و أظهر الندامة لا يجوز الإضرار به بشي ء و لو فعل ضمن (34)، لكن لو خاف أن يكون ذلك خدعة و خاف ذهاب الفرصة لو أمهله يجوز الدفاع (35)، مع الضمان لو ظهر الخلاف (36).

مسألة 21: يجوز الدفاع لو كان المهاجم مقبلا

(مسألة 21): يجوز الدفاع لو كان المهاجم مقبلا مع مراعاة ما مرّ من الترتيب مع الإمكان (37)، و أما لو كان مدبرا معرضا لا يجوز الإضرار به و وجب الكفّ عنه و لو أضرّ بشي ء ضمن (38)،

______________________________

(32) لتحقق العدوان حينئذ من الصائل دون الكاف، فيضمن الجاني العادي.

(33) أما عدم جواز الإضرار، فلفرض عدم قدرة المهاجم على التعدي، فلا يتحقق موضوع الدفاع حينئذ، و أما الضمان فلعمومات أدلته، و الإطلاقات الدالة على ضمان المال و النفس و العرض من غير تخصيص و تقييد في البين، لأنها و إن خصصت و قيدت بعدم الضمان في المهاجم، لكن المفروض عدم الأثر لمثله، فلا موضوع لهما.

(34) أما الأول: فلانتفاء الموضوع بالارتداع و إظهار الندامة.

و أما الثاني: فلعموم أدلة الضمانات حينئذ.

(35) لثبوت موضوع الدفاع بتحقق الخوف.

(36) لقاعدة الضمان بعد ظهور الخلاف.

(37) لتحقق الموضوع حينئذ، فيشمله حكم الدفاع لا محالة.

(38) أما الأول: فلأنه لا دفاع إلا مع إقبال المهاجم، فلا موضوع

ص: 165

و أما لو أحرز بوجه معتبر أن الإدبار إنما هو لإعداد القوة تجوز المدافعة حينئذ و لكن لو ظهر الخلاف يكون ضامنا (39).

مسألة 22: لو ضرب المهاجم فعطّله عن هجومه أو ربطه كذلك

(مسألة 22): لو ضرب المهاجم فعطّله عن هجومه أو ربطه كذلك لا يجوز له الإضرار بعد ذلك و لو فعل ضمن (40).

مسألة 23: إذا هجم عليه لقتله أو هتك عرضه فلم يتمكّن على دفعه بنفسه وجب عليه التوسل بالغير

(مسألة 23): إذا هجم عليه لقتله أو هتك عرضه فلم يتمكّن على دفعه بنفسه وجب عليه التوسل بالغير و لو كان ظالما جائرا أو كافرا (41)، و لو ارتكب الغير ما يخالف الشرع يردعه مع الإمكان (42)،

______________________________

له مع إدباره.

و أما الثاني: فلقاعدة الضمان بعد عدم موضوع الدفاع، و عدم الإذن فيه شرعا.

(39) لما تقدم وجهه آنفا، فراجع.

(40) لأن الإضرار به إنما جاز لدفع ضرره، و المفروض اندفاعه بربطه و تعطيله.

(41) لأن وجوب حفظ النفس و العرض عقلي و شرعي، فيجب مقدمته لا محالة، و يصح التمسك بإطلاق ما دلّ على أن دم المهاجم هدر، كقوله عليه السّلام في ما تقدم: «اقتله فأشهد اللّه و من سمع أن دمه في عنقي»(1)، و مثله غيره فإنه شامل للمباشرة و التسبيب بعد تحقق الموضوع. كما هو شامل للظالم الجائر و الكافر.

و اللّه العالم.

(42) لوجوب النهي عن المنكر، فيجمع بين الدليلين، و يرفع التنافي من البين.

ص: 166


1- تقدم في صفحة: 159.

و لو تعدّى الغير حينئذ يكون الغير ضامنا (43)، و لكن لو أمكن التوسل بغير الظالم الجائر لا يصح التوسل به (44)، هذا في النفس و العرض و أما المال لو هجم المهاجم عليه فلا يجب على صاحبه التوسل بالغير بل يجوز ذلك (45).

مسألة 24: لو ضرب المهاجم مقبلا فقطع عضوا منه مع توقف الدفع عليه فلا ضمان فيه

(مسألة 24): لو ضرب المهاجم مقبلا فقطع عضوا منه مع توقف الدفع عليه فلا ضمان فيه بل و لا في السراية و لو انتهت إلى الموت (46)، و لكن لو فرّ و ولّى مدبرا للتخلص عن الهجوم وجب الكفّ عنه فلو أضربه المدافع يكون ضامنا مطلقا (47).

مسألة 25: لو قطع إحدى يدي المهاجم حال الإقبال و يده الأخرى حال الادبار فرارا يجري عليه الحكمان

(مسألة 25): لو قطع إحدى يدي المهاجم حال الإقبال و يده الأخرى حال الادبار فرارا يجري عليه الحكمان (48)،

______________________________

(43) لأنه المباشر للتعدي، فيكون ضامنا بعد تحقق النهي عن المنكر من السبب.

(44) لأنه حينئذ من التوسل بالجائر مع إمكان إقامة الحق بالتوسل بالغير، و هو محرم بالأدلة الأربعة، كما مر.

(45) للأصل، بعد عدم دليل عليه، و اختلاف ذلك باختلاف الأشخاص و سائر الخصوصيات.

(46) للإذن الشرعي فيه حينئذ، و عموم ما دلّ على أن دمه هدر، كما مرّ مع تحقق الشرائط و مراعاة ما ذكرناه.

(47) لقاعدة الضمان، و العمومات، و الإطلاقات، من غير ما يصلح للتخصيص و التقييد.

(48) أما الأول: فيجري عليه حكم الجناية المهدورة، فلا ضمان فيه، لما مرّ من الإذن الشرعي فيه و أن دمه هدر.

و أما الثاني: (أي قطع اليد حال الادبار) ففيه الضمان، لأنه بحكم

ص: 167

فإذا اندملت اليدان (أي لم يسر قطعهما إلى الموت) يكون عليه القصاص في الثانية (49)، و لو اندملت الثانية و سرت الأولى إلى ذهاب النفس فلا شي ء في الأولى (50)، و لو اندملت الأولى و سرت الثانية فمات يثبت القصاص في النفس (51).

مسألة 26: الهجوم قد يكون بالنسبة إلى شخص واحد و قد يكون على صنف و قد يكون على نوع خاص

(مسألة 26): الهجوم قد يكون بالنسبة إلى شخص واحد و قد يكون على صنف و قد يكون على نوع خاص و حكم الأخيرين حكم الأول فيما مرّ مع تحقق الشرائط (52).

مسألة 27: لو وجد مع زوجته أو ولده أو بنته أو أحد من أرحامه و قرابته و أهله من ينال منه الفاحشة

(مسألة 27): لو وجد مع زوجته أو ولده أو بنته أو أحد من أرحامه و قرابته و أهله من ينال منه الفاحشة و لو دون الجماع فله دفعه مع مراعاة الأيسر فالأيسر إن أمكن، و لو أدّى إلى القتل فدمه هدر (53)،

______________________________

الجناية العمدية.

(49) لأن الأولى ذهبت هدرا دون الثانية، فيجري على كل واحدة حكمها، كما هو معلوم.

(50) لإطلاق ما دلّ على أنها هدر، فيشمل السراية أيضا.

(51) لعدم كون الإذن شرعيا من الأول، فيجري حكم الضمان في جميع المراتب.

(52) لتحقق الموضوع فيهما، فيتبعه الحكم قهرا، لكن لا بد في الأخيرين من مداخلة الحاكم الشرعي، لتتم القضية بحسب الموازين الشرعية، و لا تتحقق الحملة العشواء من الهمج الرعاع.

(53) إجماعا، و نصا، كقول الصادق عن أبيه عليهما السّلام: «إذا دخل عليك رجل يريد أهلك و مالك فابدره بالضربة إن استطعت، فإن اللصّ محارب للّه و لرسوله، فما تبعك منه شي ء فهو عليّ» (1)، و إطلاق قوله عليه السّلام: «يريد أهلك» يشمل جميع

ص: 168


1- الوسائل: باب 46 من أبواب جهاد العدو: 3.

بل له الدفع عن الأجنبي كما يدفع عن أهله و يكون دم المدفوع هدرا أيضا (54).

مسألة 28: لو وجد مع زوجته رجلا يزني بها و علم مطاوعتها له

(مسألة 28): لو وجد مع زوجته رجلا يزني بها و علم مطاوعتها له فله قتلهما و لا إثم عليه و لا قود (55)،

______________________________

ما ذكرناه، مع أن ظاهرهم الإجماع على التعميم الذي تقدم، و عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «يبغض اللّه تبارك و تعالى رجلا يدخل عليه في بيته فلا يقاتل» (1)، و تقدم قول أبي الحسن الرضا عليه السّلام (2)، الدال على ما ذكرناه.

(54) لعموم التعليل في قوله عليه السّلام: «فإن اللص محارب للّه و لرسوله»، الشامل للمحاربة مع كل مؤمن، و هو الذي تقتضيه وحدة العقيدة و الإيمان بل يكون التحفظ على نفس النوع و عرضه المحترمين من شؤون الإنسان.

(55) أمّا جواز قتلهما: فللإجماع، و النص، فعن أبي الحسن عليه السّلام: «في رجل دخل دار آخر للتلصص أو الفجور فقتله صاحب الدار، أ يقتل به أم لا؟ فقال عليه السّلام: اعلم أن من دخل دار غيره فقد أهدر دمه و لا يجب عليه شي ء» (3).

و أما معتبرة داود بن فرقد قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إن أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قالوا لسعد بن عبادة: أرأيت لو وجدت على بطن امرأتك رجلا ما كنت صانعا به؟ قال: كنت أضربه بالسيف، قال فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال:

ما ذا يا سعد؟ فقال سعد: قالوا: لو وجدت على بطن امرأتك رجلا ما كنت صانعا به، فقلت أضربه بالسيف، فقال: يا سعد فكيف بالأربعة الشهود؟ فقال: يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعد رأي عيني و علم اللّه أن قد فعل؟ قال: أي و اللّه بعد رأي عينك و علم اللّه أن قد فعل، إن اللّه قد جعل لكل شي ء حدّا، و جعل لمن تعدّى ذلك الحدّ

ص: 169


1- الوسائل: باب 46 من أبواب جهاد العدو: 15.
2- تقدم في صفحة: 162.
3- الوسائل: باب 27 من أبواب القصاص في النفس: 2.

بلا فرق بين كونهما محصنين أو لا و الزوجة دائمية أو منقطعة مدخولا بها أو لا (56).

مسألة 29: كل مورد جاز فيه الضرب و الجرح و القتل إنما يجوز فيما بينه و بين اللّه تعالى فلا شي ء عليه واقعا

(مسألة 29): كل مورد جاز فيه الضرب و الجرح و القتل إنما يجوز فيما بينه و بين اللّه تعالى فلا شي ء عليه واقعا من إثم أو ضمان (57)، و أما بحسب الظاهر فيمكن اختلاف الحكم الظاهري مع الواقع (58) فلو قتل شخصا بدعوى أنه رآه مع زوجته و لم يقم بينة على دعواه يحكم الحاكم عليه بالقصاص بما يقتضيه الموازين القضائية (59).

مسألة 30: من اطّلع على عورات قوم بقصد النظر إلى ما يحرم

(مسألة 30): من اطّلع على عورات قوم بقصد النظر إلى ما يحرم

______________________________

حدّا» (1)، فلا بد من طرحه لمخالفته للشهرة، بل الإجماع على خلافه، أو حمله على بعض المحامل، مثل حمله على ما إذا كان في القتل محذور في البين.

و أما عدم الإثم و القود: فللإذن الشرعي فيه، فلا موضوع لهما بعد ذلك.

(56) لإطلاق الدليل الشامل للكل.

(57) لفرض أنه مأذون فيه من قبل اللّه تعالى، بعد تمامية شرائط الجواز، فلا موضوع حينئذ للإثم و الضمان، كما مر.

(58) لما ثبت في محله من إمكان الاختلاف بينهما بحسب الجهات و الخصوصيات.

(59) لفرض عدم ثبوت دعواه لدى الحاكم الشرعي، و إثبات أولياء المقتول قتله بلا حجة معارضة لحكم الحاكم بقتل القاتل قصاصا، و قال نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله فيما استفاض عنه بين المسلمين: «إنما أقضي بينكم بالبينات و الأيمان، و بعضكم ألحن بحجته من بعض، فأيما رجل قطعت له من مال أخيه شيئا فإنما قطعت له قطعة من النار» (2).

ص: 170


1- الوسائل: باب 2 من أبواب مقدمات الحدود: 1.
2- الوسائل: باب 2 من أبواب كيفية الحكم الحديث: 1.

عليه منهم فلهم منعه و زجره (60)، و لو لم ينزجر به يدفع بالضرب و نحوه (61)، و إن لم ينزجر أيضا رموه بما جنى عليه حتى القتل و تكون الجناية هدرا (62)،

______________________________

(60) لأن ذلك من المدافعة عن العرض، فيشمله جميع الأدلة الواردة فيها من الإجماع، و النص، بل الأدلة الأربعة جميعا و هي كما تقدم واجبة كما مر (1).

(61) لما مرّ في المدافعة من أنها بالأيسر فالأيسر، و المقام من صغرياتها.

(62) إجماعا، و نصوصا، منها ما تقدم في المحارب الذي يكون المقام منه، و منها قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «من اطلع عليك فحذفته بحصاة ففقأت عينه فلا جناح عليك» (2)، و عن أبي جعفر في معتبرة محمد بن مسلم: «عورة المؤمن على المؤمن حرام. و قال: من اطلع على مؤمن في منزله فعيناه مباحة للمؤمن في تلك الحال، و من دمر على مؤمن بغير إذنه فدمه مباح للمؤمن في تلك الحالة» (3)، و في معتبرة علاء بن الفضيل عن الصادق عليه السّلام: «إذا أطّلع رجل على قوم يشرف عليهم أو ينظر من خلل شي ء لهم فرموه فأصابوه فقتلوه أو فقؤوا عينيه فليس عليهم غرم، و قال: إن رجلا اطّلع من خلل حجرة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فجاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بمشقص ليفقأ عينه فوجده قد انطلق، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فجاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بمشقص ليفقأ عينه فوجده قد انطلق، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أي خبيث، أما و اللّه لو ثبتّ لي لفقأت عينك» (4)، و عن الصادق عليه السّلام في الصحيح: «بينما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في بعض حجراته إذ اطّلع رجل في شق الباب و بيد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مدراة، فقال: لو كنت قريبا منك لفقأت به عينك» (5)، و ذكر

ص: 171


1- تقدم في صفحة: 158.
2- صحيح البخاري ج: 9 صفحة: 11.
3- الوسائل: باب 25 من أبواب القصاص في النفس: الحديث: 2 و معنى (دمر): دخل بلا إذن.
4- الوسائل: باب 25 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 6 و 1.
5- الوسائل: باب 25 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 6 و 1.

و لو بادروا بالرمي قبل الإعلام و الزجر فالأحوط الضمان (63)، و مع عدم الانزجار يجوز رميه بقصد الجرح أو القتل لو توقف الدفاع عليه (64)، و لا فرق في ذلك كله بين الأجنبي و الرحم إن كان نظر الرحم إلى ما لا يجوز له النظر إليه بأن كان إلى العورة أو كان بشهوة و ريبة (65)، نعم لو كان النظر إلى ما يجوز له النظر إليه فلا يجوز رميه و لو رماه و جنى عليه ضمن (66).

مسألة 31: لو كان المطّلع على العورات ممن لا أثر لاطلاعه

(مسألة 31): لو كان المطّلع على العورات ممن لا أثر لاطلاعه بأن كان أعمى أو كان ممن لا يميز البعيد لآفات في عينيه أو لا يراه- لا يجوز رميه و لو رمى و جنى ضمن (67)، و كذا لو اطّلع إلى بيت ليس فيه من يحرم النظر إليه (68).

______________________________

العين فيها لا يضر بعد الإجماع على كون مطلق جنايته حتى القتل هدرا.

(63) مقتضى الإطلاقات المتقدمة جواز المبادرة مطلقا، و لكن ظاهرهم الإجماع على ضمان الجناية، ما لم يعلن أولا و يبينه، و تقتضيه أصالة الاحتياط في الدماء، ما لم يتحقق ترخيص شرعي صحيح.

(64) لإطلاق ما دلّ من الدفاع حينئذ، و هو يشمل صورة هذا القصد أيضا، مضافا إلى ظهور الإجماع عليه.

(65) لإطلاق الأدلة الشامل للنظر المحرّم، سواء كان من الأجنبي أو المحرّم.

(66) أما الأول: فلفرض جواز النظر، و لا وجه للمدافعة عما يجوز شرعا.

و أما الثاني: فلا عدوان حينئذ، فيضمن كلما جنى لا محالة.

(67) لعدم تحقق موضوع الإطلاق على العورة في الأول، و تحقق العدوان في الثاني، فيلحق كلا حكمه، كما مر.

(68) لعدم تحقق موضوع الإطلاق على العورة في الأول، و تحقق العدوان في الثاني، فيلحق كلا حكمه، كما مر.

(68) لجريان عين ما مر في سابقة، فلا يجوز الرمي في الأول لعدم الموضوع، و يضمن لو رمى لتحقق الظلم و العدوان.

ص: 172

مسألة 32: لا فرق في الاطلاع و الرؤية بينما إذا كان بالمباشرة أو بالآلات المعدّة للرؤية من قريب أو بعيد

(مسألة 32): لا فرق في الاطلاع و الرؤية بينما إذا كان بالمباشرة أو بالآلات المعدّة للرؤية من قريب أو بعيد (69)، كما لا فرق فيما إذا كان الاطلاع لأجل رؤية صاحب البيت أو ابنه أو بنته الذين لم يحرم النظر إليهم (70).

مسألة 33: لو اطّلع على العورة و زجره فلم ينزجر فجنى عليه بالرمي

(مسألة 33): لو اطّلع على العورة و زجره فلم ينزجر فجنى عليه بالرمي فادعى عدم قصد النظر أو عدم الرؤية لم يسمع منه و لا شي ء على الرامي (71).

مسألة 34: يجوز الدفاع بما مرّ من الشرائط

(مسألة 34): يجوز الدفاع بما مرّ من الشرائط و لو أمكن للنساء الخروج عن محل النظر أو التحجب عن الناظر (72).

______________________________

(69) لما مرّ من الإطلاق، و قلع منشأ الفساد بين العباد، نعم لو كان النظر إلى المرآة المقابلة للعورة دون نفسها، ففي كون الجناية هدرا إشكال، لاحتمال انصراف ما دلّ على هدر الجناية عن ذلك، و كذا في الماء و الأجسام التي تظهر فيها الصورة.

(70) كل ذلك لإطلاق الأدلة، و اتفاق الأجلة.

(71) لأنه يكذّب ظاهر فعله دعواه، و الظهور معتبر لا يرفع اليد عنه إلا بحجة أقوى، و لا وجه لإقامة البينة على القصد.

و دعوى: أن ذلك من الشبهة فيرفع حكم الدفاع بها، كما في سائر الموارد.

مخدوشة بأن الشبهة الدافعة إنما هي فيما إذا تحققت قبل ثبوت الموضوع شرعا، و أما مع تحققه- كما في المقام- فلا أثر لها حينئذ.

(72) لإطلاق الأدلة الشامل لهذه الصورة أيضا.

ص: 173

مسألة 35: لو جعل صاحب الدار ثقبا في داره

(مسألة 35): لو جعل صاحب الدار ثقبا في داره أو جعل جدرانها من الزجاج لغرض التطلع على داره أو منها إلى الخارج- صحيحا كان غرضه أو فاسدا- فاطّلع أحد على أهل الدار ففي جريان الحكم إشكال (73).

مسألة 36: الظاهر أن الدفاع واجب مع تحقق الشرائط

(مسألة 36): الظاهر أن الدفاع واجب مع تحقق الشرائط (74).

______________________________

فرع: هل يجري ما ذكرناه في استراق الأصوات؟

الظاهر اختلاف ذلك باختلاف العناوين و الخصوصيات.

(73) من أنه أقدم على هتك عرضه باختياره، فأسقط احترامه بنفسه بذلك، فلا يجري حكم الدفاع.

نعم لو تطّلع شخص فعل محرما، و أما الدفاع فلا يجب.

و من صحة دعوى إطلاق الحكم فيشمل المقام، و ذلك كما إذا وقفت امرأة متبرجة في الشارع، فهي و إن فعلت حراما و أقدمت على هتك نفسها، و لكن لا يجوز للغير النظر إليها، و لكن ذلك من مجرد الحكم التكليفي، و أما هدرية جناية الناظر تكون أول الكلام.

(74) لظواهر الأدلة، ففي معتبرة عبيد بن زرارة قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول بينما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حجراته مع بعض أزواجه و معه معاذل (مغازل) يقبلها إذ بصر بعينين تطّلعان، فقال: لو أعلم انك تثبت لي لقمت حتى أنخسك فقلت: نفعل نحن مثل هذا إن فعل مثله؟ فقال: إن خفي لك فافعله» (1)، و المراد من قوله عليه السّلام: «ان خفي لك» أي لم يطّلع عليك أحد حتى يقع عليك ضرر بأن يقتص منك أو يظهر لك العداوة، و في رواية أخرى عنه عليه السّلام أيضا «فقلت له: و ذاك لنا؟ فقال: ويحك- أو ويلك- أقول لك إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فعل

ص: 174


1- الوسائل: باب 25 من أبواب القصاص في النفس 5.

مسألة 37: لا يعتبر في الدفاع بعد تحقق الشرائط إذن الحاكم الشرعي

(مسألة 37): لا يعتبر في الدفاع بعد تحقق الشرائط إذن الحاكم الشرعي (75).

مسألة 38: للحاكم الشرعي أن يأذن في تعزير الصبيان المميّزين المطّلعين على العورات

(مسألة 38): للحاكم الشرعي أن يأذن في تعزير الصبيان المميّزين المطّلعين على العورات خصوصا إن كانوا في مقام الحكاية للغير (76).

مسألة 39: للإنسان دفع الدابة الصائلة عن نفسه و عن غيره و عن ماله

(مسألة 39): للإنسان دفع الدابة الصائلة عن نفسه و عن غيره و عن ماله و لو تعيبت مع توقف الدفع عليه فلا ضمان (77)، و إن أمكنه الهرب منها و مع ذلك دفعها و تعيبت به يضمن العيب (78).

مسألة 40: في التأديبات المأذون فيها شرعا في الجملة

(مسألة 40): في التأديبات المأذون فيها شرعا في الجملة كتأديب الزوجة و الولد و الخادم و المعلم للصبي مع إذن الولي لو أوجبت الجناية يضمن المؤدب (79).

______________________________

و تقول ذاك لنا؟!» (1)، إلى غير ذلك من الروايات.

و احتمال كونها واردة في مقام الحظر، فلا يستفاد منها الوجوب، ممنوع لإباء سياقها عن ذلك.

(75) للأصل، و ظواهر الإطلاقات، بل و تحقق الإذن من الإمام عليه السّلام، كما تقدم في معتبرة عبيد بن زرارة الأولى.

(76) لأن ذلك من النهي عن المنكر، و إقامة المعروف، الذين نصب لأجلهما.

(77) لفحوى ما تقدم في دفع الإنسان المهاجم، مضافا إلى الإجماع.

(78) لأن العيب حدث عن عدوان حينئذ، فمقتضى القاعدة الضمان.

(79) لأن الإذن الشرعي إنما يرفع الإثم فقط دون الضمان، إلا إذا ورد دليل مخصوص، و هو في المقام مفقود.

ص: 175


1- الوسائل: باب 25 من أبواب القصاص في النفس 4.

مسألة 41: السكران إن كان بحيث بقي له تمييز و قصد و اختيار في الجملة

(مسألة 41): السكران إن كان بحيث بقي له تمييز و قصد و اختيار في الجملة فهو بحكم الساهي فيما مرّ من الحدود و التعزيرات، و إن لم يكن كذلك فلا موضوع للحدود له بالنسبة إلى الحدود التي موضوعها التمييز و القصد و الاختيار (80).

______________________________

(80) أما الأول: فلأنه مقتضى العمومات و الإطلاقات من غير ما يصلح للتقييد.

و أما الثاني: فلفرض اشتراط الحدود بالتمييز، و القصد، و الاختيار، فينتفي المشروط بانتفاء الشرط.

و لكن يظهر عن بعض الحدود و التعزيرات عليه مطلقا في السكران الآثم بسكره، و استدلوا عليه.

تارة: بالإجماع بضميمة قاعدة: «الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار».

و أخرى: بمعتبرة السكوني الآتية (1)، في كتاب القصاص إن شاء اللّه تعالى كما يأتي فيه تتمة المقال بعونه تعالى. و اللّه العالم بحقائق الأحكام.

ص: 176


1- الوسائل: باب 1 من أبواب موجبات الضمان: 2.

أصناف الناس و أحكامها

أصناف الناس و أحكامها كل إنسان إما مسلم أو لا، و الثاني إما في أمان الإسلام و ذمته أو لا (1)،

______________________________

(1) هذا التقسيم عقلي و شرعي، و أصل شرعيته حدث من قوله تعالى:

قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (1)، و قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في المتواتر بين المسلمين في كتبهم الحديثية و الفقهية و التاريخية أنه صلّى اللّه عليه و آله كان يوصي أمراء السرايا بالدعاء إلى الإسلام قبل القتال، فإن أبوا فإلى الجزية، فإن أبوا قوتلوا (2)، و هذا التشريع كسائر تشريعاته المقدسة موافق للعقل السليم و الفطرة العقلائية، بل قد جرت سيرة العقلاء في جميع مجتمعاتهم على أن كل أجنبي أقام في مملكة أخرى لا بد و أن تكون الإقامة بإذنهم و تحت نظمهم و نظامهم، إلا أن الشارع حدد ذلك بحدود و قيود خاصة تأتي الإشارة إليها.

و الذمة: بمعنى العهد و الأمان، و كذا الذمام، كما في جميع موارد استعمالات اللفظ، ففي الحديث: «ذمة المسلمين واحدة» (3)، و عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «المسلمون تتكافأ دماؤهم، يسعى بذمتهم أدناهم، و يرد عليهم

ص: 177


1- سورة التوبة (9) الآية: 29.
2- الوسائل: باب 15 من أبواب جهاد العدو السنن الكبرى للبيهقي ج: 9 صفحة: 184.
3- النهاية ج: 2 صفحة: 168.

و ذكرنا أحكام أهل الذمة في كتاب الجهاد و تقدم أن موضوع الذمة و أحكامها هم أهل الكتاب من الكفار (2)، و كذا المجوس (3)، و تؤخذ الجزية (4)، من اليهود و النصارى (5)،

______________________________

أقصاهم» (1)، و عن الصادق عليه السّلام: «من صلى الغداة و العشاء الآخرة في جماعة فهو في ذمة اللّه، و من ظلمه فإنما يظلم اللّه، و من حقره فإنما يحقر اللّه عزّ و جلّ» (2)، إلى غير ذلك من الروايات، و قد تقدم في كتاب الجهاد ما يتعلق بالمقام أيضا.

(2) لظاهر القرآن العظيم كما مر، و نصوص متواترة، و إجماع المسلمين، بل ضرورة دينهم.

(3) إجماعا، و نصا، تقدم في كتاب الطهارة (3) و غيره، فلا وجه للإعادة و التكرار.

(4) و هي فعلة من الجزاء، و هو القضاء و الأداء، و منه قوله تعالى:

وَ اتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً (4)، و أنها في المقام الوظيفة المالية المأخوذة من أهل الكتاب، لإقامتهم في دار الإسلام، و كفّ القتال معهم على ما يأتي من التفصيل.

(5) أما من أهل الكتاب: فلما تقدم من الكتاب العزيز، و السنة المتواترة، و الإجماع، بل الضرورة الفقهية، كما مر في كتاب الجهاد مفصلا.

و أما من المجوس: فللإجماع، و النصوص، منها ما عن علي بن الحسين عليهما السّلام: «أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب، يعني

ص: 178


1- النهاية لابن الأثير ج: 4 صفحة: 74 و في الوسائل باب: 31 من أبواب القصاص في النفس.
2- الوسائل: باب 3 من أبواب صلاة الجماعة.
3- راجع ج: 1 صفحة: 355.
4- سورة البقرة الآية: 45.

بلا فرق في الجميع بين مذاهبهم المختلفة (6)، و لا تقبل الجزية من غير الثلاثة مطلقا من جميع أصناف الكفار فلا بد لهم اما من قبول الإسلام أو وقوع القتل عليهم (7)،

______________________________

المجوس» (1)، و عن الصادق عليه السّلام في المجوس: «أ كان لهم نبي؟ فقال عليه السّلام: نعم أما بلغك كتاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى أهل مكة: أسلموا و إلا نابذتكم بحرب، فكتبوا إليه أن: خذ منا الجزية و دعنا على عبادة الأوثان، فكتب إليهم النبي صلّى اللّه عليه و آله:

إني لست آخذ الجزية إلا من أهل الكتاب، فكتبوا إليه يريدون بذلك تكذيبه:

زعمت أن لا تأخذ الجزية إلا من أهل الكتاب ثمَّ أخذت الجزية من مجوس هجر، فكتب إليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أن المجوس كان لهم نبي فقتلوه و كتاب أحرقوه، أتاهم نبيهم بكتابهم في اثني عشر ألف جلد ثور» (2)، و عن الأصبغ بن نباتة (3): «أن عليا عليه السّلام قال على المنبر: سلوني قبل أن تفقدوني، فقام إليه الأشعث فقال: يا أمير المؤمنين كيف تؤخذ الجزية من المجوس و لم ينزل عليهم كتاب و لم يبعث إليهم نبي؟ فقال: بلى يا أشعث قد أنزل اللّه إليهم كتابا و بعث إليهم نبيا»، إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة.

(6) لأن المناط صدق كونه من أهل الكتاب، و الاختلاف في بعض الأصول، و جملة من الفروع لا أثر له في ذلك، بعد صدق كونه من أهل الكتاب.

و أما الصابئون: فقد تقدم الكلام عنهم في كتاب الجهاد (4).

(7) لظاهر الكتاب، و السنة، و الإجماع، قال تعالى فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (5)، و قال جلّ شأنه:

ص: 179


1- الوسائل: باب 49 من أبواب جهاد العدو: الحديث: 9 و 1 و 7.
2- الوسائل: باب 49 من أبواب جهاد العدو: الحديث: 9 و 1 و 7.
3- الوسائل: باب 49 من أبواب جهاد العدو: الحديث: 9 و 1 و 7.
4- راجع ج: 15 صفحة: 173 طبعة قم المقدسة.
5- سورة التوبة الآية: 5.

سواء كانوا منتسبين إلى نبي من الأنبياء أو لا (8)، و تقدمت المسائل المتعلقة بالذمة في كتاب الجهاد فراجع.

______________________________

فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ(1)، و قال نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللّه، فإذا قالوها عصموا مني دمائهم» (2)، و عنه صلّى اللّه عليه و آله: «اقتلوا المشركين و استحيوا شيوخهم و صبيانهم» (3)، إلى غير ذلك من النصوص كما مر في كتاب الجهاد.

(8) لإطلاق الأدلة، و إجماع فقهاء الملة، و ظهور أهل الكتاب في الفرق الثلاث في استعمال الكتاب و السنة.

ص: 180


1- سورة محمد الآية: 4.
2- سنن أبي داود باب: 95 من أبواب الجهاد الحديث: 264.
3- الوسائل: باب 18 من أبواب جهاد العدو الحديث: 2.

بسم اللّه الرحمن الرحيم

كتاب القصاص

اشارة

كتاب القصاص

______________________________

و هو من قص إذا تبع، فكأن المجني عليه أو وليه يتبع أثر الجاني، بأن يفعل به مثل فعله من الضرب أو الجرح أو القتل. و هو من الأمور النظامية بين جميع الطوائف و الأمم على اختلاف في خصوصيات الأمور و الاختصاص له بالإنسان، بل هو مرتكز في الجملة في نفوس الحيوان. و شرعيته ثابتة بالأدلة الأربعة، فمن الكتاب آيات منها قوله تعالى وَ لَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ (1)، و من السنة المتواترة بين المسلمين التي تأتي الإشارة إلى بعضها، و من الإجماع إجماع المسلمين بل العقلاء. و من العقل حكمه البتي بحسن جزاء الظلم بمثله، فالآيات الكريمة مثل قوله تعالى فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ (2)، و قوله تعالى أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَ الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَ الْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَ الْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَ السِّنَّ بِالسِّنِّ وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌ (3)، إرشاد إلى حكم العقل و ذكرنا في التفسير ما يتعلق بذلك تفصيلا (4).

ص: 181


1- سورة البقرة الآية: 179 و 194.
2- سورة البقرة الآية: 179 و 194.
3- سورة المائدة الآية: 45.
4- راجع الجزء الثاني من مواهب الرحمن صفحة: 392- 410. طبعة النجف الأشرف.

و هو إما في النفس. أو فيما دونها (1)، أما الأول فالبحث إما في الموجب أو في الشرائط المعتبرة أو في طريق الإثبات أو في كيفية الاستيفاء (2) أما الأول.

______________________________

(1) أصل هذا التقسيم عقلي، بمعنى أن القصاص إما في النفس أو لا، و للثاني أفراد كثيرة كما يأتي، و هو إما شرعي أو عرفي أيضا كما هو معلوم.

(2) تقسيم مورد البحث في الأربعة استقرائي فقهي على ما هو المتعارف في الكتب الفقهية من الفريقين، المستفادة من الكتاب و السنة.

ص: 182

البحث في الموجب

اشارة

البحث في الموجب و هو إزهاق النفس المعصومة عمدا مع الشرائط الآتية (1).

مسألة 1: يثبت العمد بقصد القتل بما يقتل و لو نادرا

(مسألة 1): يثبت العمد بقصد القتل بما يقتل و لو نادرا (2)، و بقصد فعل يقتل غالبا و لو لم يقصد القتل (3).

______________________________

(1) إجماعا، و نصوصا، تأتي في المسائل الآتية، و ذكر المعصوم الدال على أن يكون القتل عدوانا، لإخراج من أباح الشارع دمه كالحربي أو المقتول دفاعا، أو قصاصا.

و ذكر العمد لإخراج الخطأ المحض و شبه العمد، لأن القتل قد يقع مع قصد القتل و الفعل معا، و قد يقع مع قصد الفعل و عدم قصد القتل، لكن مع ترتب القتل عليه بحسب المتعارف، من باب أن قصد أحد المتلازمين يستلزم قصد الآخر، و إن لم يلتفت إليه فعلا. و ثالثة يقع مع عدم قصد القتل و الفعل معا.

و الأول عمد، و الثاني شبه العمد. و الأخير خطأ محض.

و كما يجري هذا التفصيل في أصل القتل، يجري في سائر الجنايات أيضا، و يأتي التفصيل في الديات إن شاء اللّه تعالى.

(2) لفرض تحقق قصد القتل منه عن عمد و اختيار، و تحقق القتل به، فلا بد من صدق العمد لغة، و عرفا، مضافا إلى الإجماع، و ظاهر بعض النصوص الآتية.

(3) لأنه قصد سبب القتل، و ترتب عليه المسبب، فيكون قصده للسبب قصد للمسبب عرفا، مضافا إلى الإجماع، و ظاهر الروايات الآتية.

ص: 183

مسألة 2: العمد أعم من المباشرة و التسبيب

(مسألة 2): العمد أعم من المباشرة و التسبيب (4)، فلو خنقه بحبل و لم يرفعه عنه حتى مات أو غمسه في ماء و نحوه و منعه عن الخروج حتى مات أو أوصل به تيار كهربائيا فمات، أو غير ذلك من الأسباب المتلفة كل ذلك من العمد يكون فيها القود (5)، و لا فرق في ذلك كله بين أن مات بنفس هذا العمل بلا تخلل زمان أو مات موتا مستندا إليه (6).

______________________________

ثمَّ إن هذين القسمين يسمّيان في الاصطلاح بالعمد المحض، و له أحكام خاصة كما سيأتي، و أما النصوص فهي كثيرة، منها معتبرة ابن بكر عن العبد الصالح عليه السّلام: «في رجل ضرب رجلا بعصا، فلم يرفع العصا حتى مات، قال عليه السّلام:

يدفع إلى أولياء المقتول، و لكن لا يترك يتلذذ به، و لكن يجاز عليه بالسيف» (1)، و في صحيح أبي الصباح الكناني (2)، عن الصادق عليه السّلام: «عن رجل ضرب رجلا بعصا، فلم يقلع عنه الضرب حتى مات، أ يدفع إلى ولي المقتول فيقتله؟ قال:

نعم، و لكن لا يترك يعبث به، و لكن يجيز عليه بالسيف»، و في صحيحة الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «العمد كل ما اعتمد شيئا فأصابه، بحديدة أو بحجر أو بعصا أو بوكزة، فهذا كله عمد، و الخطأ من اعتمد شيئا فأصاب غيره» (3)، إلى غير ذلك من الروايات.

(4) لتحقق موضوع العمد في كل منهما عرفا، فيشمله إطلاق الأدلة قهرا، فالذبح و الضرب بالسيف و الخنق و نحوهما، مما يحصل الموت بفعله المباشري عرفا من العمد ففيه القود. و كذا لو رماه بسهم أو بندقة فمات، و إن لم يقصد به القتل، لفرض تحقق قصد الفعل، و هو مما يقتل به غالبا.

(5) لأنه قصد فعلا يقتل غالبا، و تقدم أنه من العمد.

(6) لصدق استناد الموت إلى فعله عرفا، مع كون الفعل مما يقتل، و إن

ص: 184


1- الوسائل: باب 11 من أبواب القصاص في النفس: 10.
2- الوسائل: باب 11 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 2.
3- الوسائل: باب 11 من أبواب القصاص في النفس: 3.

مسألة 3: لو أتى الجاني بسبب لا يقتل مثله لمثل المجني عليه غالبا ثمَّ أرسله فمات بسببه

(مسألة 3): لو أتى الجاني بسبب لا يقتل مثله لمثل المجني عليه غالبا ثمَّ أرسله فمات بسببه فإن قصد القتل به ففيه القصاص و إلا ففيه الدية (7)، و كذا الكلام في نظائر المقام (8).

مسألة 4: لو كان الطرف ضعيفا لمرض أو كبر أو صغر أو نحوها

(مسألة 4): لو كان الطرف ضعيفا لمرض أو كبر أو صغر أو نحوها، و علم الجاني بعدم تحمله لما يفعله به فمات بسبب فعله فهو عمد (9)، و إلا يجري فيه ما تقدم في الفرع السابق (10).

مسألة 5: إذا ضربه بآلة و استمر على ضربه بها حتى مات أو شدّد في الضرب بما لا يحتمله فمات

(مسألة 5): إذا ضربه بآلة و استمر على ضربه بها حتى مات أو شدّد في الضرب بما لا يحتمله فمات، أو كان لا يتحمل أصل الضرب لعارض فيه فمات بأصل الضرب كل ذلك من العمد يكون فيه القصاص (11)،

______________________________

تخلل زمان به غالبا.

(7) أما الأول: فلكونه من القتل العمدي، و يكفي الفعل برجاء القتل.

و أما الثاني: فلكونه من شبه العمد.

(8) لأن ذلك إما داخل في القتل العمدي، أو في شبهه، فيلحق كلا حكمه.

(9) لأن علمه بعدم تحمله لما يفعل به كقصده لقتله عرفا، فيكون من القتل العمدي.

(10) لكونه من صغرياته عرفا، فيترتب عليه حكمه قهرا.

(11) لصدق تعمد القتل في ذلك كله عرفا.

و خلاصة القول: أنه إما أن يصدق تعمد القتل عرفا، أو يصدق عدمه كذلك، أو يشك في الصدق و عدمه، و في الأول القصاص، و في الأخيرين الدية، و لا بد و أن يحمل مرسل يونس على ما ذكرناه، فعن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «إن ضرب رجل رجلا بعصا أو بحجر فمات من ضربة واحدة قبل أن يتكلم، فهو شبه العمد، فالدية على القاتل، و إن علاه و ألح عليه بالعصا أو بالحجارة حتى

ص: 185

و لو ضربه ضربا لم يمت به و لكنه أعقبه مرضا فمات به فمع قصد القتل يكون عمدا، فيه القود و بدونه تكون فيه الدية (12).

مسألة 6: تجري الأقسام الثلاثة- العمد، و شبهه و الخطأ المحض

(مسألة 6): تجري الأقسام الثلاثة- العمد، و شبهه و الخطأ المحض في إشراب السم القاتل أو الاتصالات بسلك الكهربائية الموجبة للقتل (13).

مسألة 7: لو منعه عن الطعام و الشراب مدة لا يتحمل مثله فيها عن ذلك عادة فمات فهو عمد

(مسألة 7): لو منعه عن الطعام و الشراب مدة لا يتحمل مثله فيها عن ذلك عادة فمات فهو عمد (14)، و إن كان يتحمل مثله عادة لذلك فمات أو أعقبه مرض فمات به فإن قصد الجاني القتل به و لو رجاء يكون عمدا و إلا فهو من شبه العمد (15)،

______________________________

يقتله فهو عمد يقتل به، و إن ضربه ضربة واحدة فتكلم ثمَّ مكث يوما أو أكثر من يوم فهو شبه العمد» (1).

(12) لصدق العمد في الأول بخلاف الأخير.

(13) لفرض تحقق القتل بكل منهما، فمع قصد القتل يكون عمدا يقتل، و مع قصد الفعل بما يقتل غالبا يكون من شبهه العمد، و إن أمكن دخوله في العمد كما مرّ، و مع عدم قصدهما يكون من الخطأ المحض، و حكمهما معلوم مما مر و يأتي إن شاء اللّه تعالى.

و لا فرق في السم القاتل بين إشرابه أو إيجاره في حلقه أو تزريقه به أو إعطائه له ليشمه، و كان مما يقتل كذلك.

(14) لصدق تعمد القتل عرفا، مضافا إلى ظهور الإجماع.

(15) أما الأول: فلصدق القتل.

و أما الثاني: فلعدم قصده، و عدم كون الفعل مما يقتل غالبا.

ص: 186


1- الوسائل: باب 11 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 5.

و لو لم يعلم الأمران فالدية ثابتة و الشك في وجوب القود يكفي في عدم ثبوته (16).

مسألة 8: إذا ألقاه في الماء أو في النار بزعم أنه يقدر على التخلص

(مسألة 8): إذا ألقاه في الماء أو في النار بزعم أنه يقدر على التخلص لكونه من أهل الخبرة لذلك ثمَّ بان الخلاف و لم يقدر الملقى على نجاته يكون من شبه العمد ففيه الدية (17).

مسألة 9: إذا طرحه في النار أو ألقاه في البحر فأعجزه عن الخروج حتى مات

(مسألة 9): إذا طرحه في النار أو ألقاه في البحر فأعجزه عن الخروج حتى مات أو منعه عن ذلك فمات قتل به (18)، و لو لم يخرج منهما عمدا و تخاذلا فلا قود و لا دية النفس (19)، و كذا لو لم يعلم الحال (20)، نعم لو حصل بالإلقاء في النار جناية تجب على الجاني ما تقتضيه من تقاص أو دية تلك الجناية (21)، و مثل الإلقاء في النار أو في البحر الإلقاء في البئر أو في المزابل (22).

مسألة 10: إذا جنى عليه عمدا فسرت الجناية

(مسألة 10): إذا جنى عليه عمدا فسرت الجناية فإن كانت مما يقتل

______________________________

(16) أما ثبوت الدية: فلصدق التسبيب إلى القتل عرفا، و أما عدم القود:

فللتحفظ على الدماء عند الشك في تحقق الموجب.

(17) لعدم قصد القتل، بل الظاهر قصد عدم القتل، فلا موضوع للقصاص.

(18) لصدق التعمد إلى قتله بذلك، فيشمله إطلاق أدلة القتل العمدي.

(19) لإضافة زهاق روحه إلى نفس الفاعل المختار حينئذ، فلا وجه لتحمل الغير قودا أو دية.

(20) لأصالة عدم تعلّق حق الغير به دية أو قصاصا.

(21) لعموم أدلة ديات الجنايات، الشامل للمقام أيضا.

(22) لعين ما تقدم في جميع ذلك بلا فرق في الأمثلة، كما لو طرحه في أرض موحلة مثلا و منعه عن الخروج منها حتى مات.

ص: 187

غالبا أو قصد الجاني القتل ففيه القصاص (23)، و إن لم تكن من أحدهما ففيه الدية (24).

مسألة 11: إذا فصده و منعه من شده أو خياطته فنزف الدم حتى مات فعليه القود

(مسألة 11): إذا فصده و منعه من شده أو خياطته فنزف الدم حتى مات فعليه القود (25)، و لو لم يمنعه عن الشد بل تركه و كان قادرا عليه فلم يشده عمدا و تخاذلا فلا قود و لا دية للنفس (26)، و عليه دية الفصد (27)، و لو لم يكن قادرا و علم الفصّاد بذلك فعليه القود (28)، و كذا إن لم يعلم بذلك و لكن كان فصد من قصده هو القتل و لو رجاء (29). و إن لم يقصد ذلك أصلا فعليه الدية (30).

______________________________

(23) لصدق الجناية العمدية، و قصد القتل، مضافا إلى الإجماع، فيكون من العمد لا محالة، و فيه القود.

(24) لعدم كونها من العمد لا قصدا و لا فعلا.

(25) لتعمّده في قتله، مضافا إلى الإجماع، و لا يختص الحكم بالفصد، بل يجري في غيره كالحجامة و العمليات الجراحية في بعض المواضع الخطرة.

(26) لاستناد موته إلى فعله مع القدرة و الاختيار، و أصالة عدم وجوب الشد على الفصّاد، أو المباشر للعملية، إلا مع قصور المقصود لصغر أو جنون أو إغماء، و المفروض عدم ذلك كله.

(27) إن كان ذلك عدوانا، و أما إن كان بطلب من المقصود لعلاجه فمبني على ضمان الطبيب، و تقدم التفصيل في كتاب الإجارة (1).

(28) لتحقق الجناية العمدية مع سائر الشرائط كما هو المفروض، فلا بد من القصاص.

(29) لتحقق قصد القتل منه، و فعله ما يمكن ان يتوسل به إليه.

(30) لكونه حينئذ من شبه العمد، فتكون فيه الدية.

ص: 188


1- راجع المجلد التاسع عشر صفحة: 108.

مسألة 12: لو القى نفسه من شاهق على إنسان عمدا و كان ذلك مما يقتل به غالبا

(مسألة 12): لو القى نفسه من شاهق على إنسان عمدا و كان ذلك مما يقتل به غالبا و لو بضعف الملقى عليه من صغر أو كبر أو مرض فعليه القود و كذا إن قصد القتل به و لو رجاء (31)، و إن لم يكن منهما ففيه الدية

______________________________

(32)، و في جميع الصور دم الملقي نفسه هدر إن تلف بالإلقاء (33)، و لو لم يكن تعمد في البين بل عثر فوقع على غيره فلا شي ء على الواقع لا قصاصا و لا دية كما لا شي ء على من وقع عليه (34).

مسألة 13: لو سحره بشي ء فمات المسحور

(مسألة 13): لو سحره بشي ء فمات المسحور و كان الساحر عالما بذلك و فعله لأن يقتله ففيه القود (35)،

(31) لصدق القتل العمدي في الصورتين، كما مر مكررا.

(32) لأنه من شبه العمد، و لا قصاص فيه و إن ثبتت الدية.

(33) لأنه هو الذي أوقع الجناية على نفسه بعمده و اختياره، مضافا إلى الإجماع.

(34) للأصل، و الإجماع، و النصوص، منها ما عن عبيد بن زرارة قال:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل وقع على رجل من فوق البيت فمات أحدهما؟ قال: ليس على الأعلى شي ء، و لا على الأسفل شي ء» (1).

و ما يظهر منه الخلاف مثل معتبرة ابن سنان عن الصادق عليه السّلام: «في رجل دفع رجلا على رجل فقتله، فقال: الدية على الذي وقع على الرجل فقتله لأولياء المقتول، قال: و يرجع المدفوع بالدية على الذي دفعه قال: و إن أصاب المدفوع شي ء فهو على الدافع أيضا» (2)، و نحوها غيرها محمول أو مطروح.

(35) لفرض استناد قتله إلى فعل الساحر مع علمه به، فيتحقق موضوع القصاص قهرا.

ص: 189


1- الوسائل: باب 20 من أبواب القصاص في النفس: 3.
2- الوسائل: باب 21 من أبواب القصاص في النفس: 1.

و إلا ففيه الدية (36).

مسألة 14: إذا قدّم إلى أحد طعاما مسموما ما يقتل مثله غالبا

(مسألة 14): إذا قدّم إلى أحد طعاما مسموما ما يقتل مثله غالبا أو قصد به القتل و جهل الآكل به فأكل فمات فعليه القود (37)، سواء خلطه بطعام نفسه و قدّم إليه أو أهداه إليه أو خلطه بطعام الآكل (38)، بلا فرق في ذلك بين كون الآكل مميّزا أو غير مميّز (39).

مسألة 15: لو قدّم إليه طعاما- أو شرابا- مسموما مع علم الآكل بأنه قاتل

(مسألة 15): لو قدّم إليه طعاما- أو شرابا- مسموما مع علم الآكل بأنه قاتل فأكله متعمدا و اختيارا فلا قود و لا دية (40)، و لو قال كذبا: إن فيه سما غير قاتل و فيه علاج بكذا، فأكله فمات يكون عليه القود (41)، و لو قال: فيه سم، و أطلق فأكله و مات فلا قود و لا دية (42).

______________________________

(36) لأنه من شبه العمد حينئذ، و لا فرق في ذلك كله بين أن يكون للسحر حقيقة أو لا، لسقوط هذا الكلام في المقام مطلقا، لفرض ترتب الأثر عليه وجدانا، و تقدم الكلام في حكم السحر في المكاسب المحرمة. فراجع.

(37) لإطلاق ما دلّ على أن القتل العمدي يوجب القود، مضافا إلى ظهور الاتفاق، و لا أثر للمباشرة لسقوط أثرها بالغرور.

(38) لظهور الإطلاق و الاتفاق، الشاملين لجميع ذلك.

(39) لتحقق التسبيب إلى القتل العمدي في كل منهما.

(40) لأن الآكل أو الشارب حينئذ هو الذي أقدم على قتل نفسه، فيكون بمنزلة أن يعطي أحد سكينا إلى شخص و قال له: اقتل به نفسك، و فعل ذلك باختياره.

(41) لتحقق التسبب إلى القتل واقعا، و سقوط المباشرة بالغرور.

(42) لاستناد الموت إلى المباشر حينئذ من دون تسبب من المقدم في البين، مع إعلامه بأن فيه السم، و بناء المتعارف على التحذر من السم مطلقا.

ص: 190

مسألة 16: لو قدّم إليه طعاما فيه سم غير قاتل غالبا

(مسألة 16): لو قدّم إليه طعاما فيه سم غير قاتل غالبا و لكنه قصد القتل و لو احتمالا فهو عمد و فيه القود إن جهل الآكل به و لو لم يقصد القتل فلا قود (43).

مسألة 17: لو سمه باعتقاد أنه مهدور الدم و مات فبان الخلاف

(مسألة 17): لو سمه باعتقاد أنه مهدور الدم و مات فبان الخلاف ليس فيه قود بل فيه الدية (44).

مسألة 18: إذا جعل السم في طعام صاحب المنزل بقصد أن يقتله بذلك

(مسألة 18): إذا جعل السم في طعام صاحب المنزل بقصد أن يقتله بذلك فأكله صاحب المنزل جاهلا و مات يكون فيه القود (45)، و كذا لو جعل السم في الطعام بقصد قتل الحيوانات المؤذية من كلب أو فارة و غيرهما و كان صاحب المنزل يأكله عادة (46)، و أما لو لم يكن كذلك أو لم يكن بقصد قتل صاحب المنزل و لو رجاء فأكله فمات فلا قود و لا دية (47).

مسألة 19: لو كان في بيته طعام مسموم فدخل عليه شخص عدوانا فأكل منه و مات فلا قود و لا دية

(مسألة 19): لو كان في بيته طعام مسموم فدخل عليه شخص عدوانا فأكل منه و مات فلا قود و لا دية (48)، و كذا لو كان مأذونا في أصل دخول الدار و لم يكن مأذونا في أكل الطعام (49).

______________________________

(43) لتحقق موضوع القود في الأول بخلاف الثاني.

(44) لعدم كونه من القتل العمدي، بل يكون من الخطأ الذي فيه الدية.

(45) لأنه من قتل العمد الذي يكون فيه القود و القصاص.

(46) لأنه مع علمه بأن صاحب المنزل يأكله يجعله كالعمد، فيجري عليه حكمه. و كذا مع الاحتمال المتعارف.

(47) أما الأول: فلعدم العمد.

و أما الثاني: فلقوة المباشر على السبب عرفا في أمثال المقام.

(48) للأصل، بعد كون الأكل عاديا، فأهدر بذلك دمه.

(49) لما مرّ في سابقة من غير فرق.

ص: 191

مسألة 20: إذا حفر بئرا يموت من وقع فيها غالبا

(مسألة 20): إذا حفر بئرا يموت من وقع فيها غالبا فدعا غيره إلى داره بوجه يسقط فيها مع جهله بالحال فوقع و مات فعليه القود (50)، و لكن لو كان البئر في غير الطريق و دعاه على وجه لا يقع فيها فجاء و ذهب على وجه وقع فيها باختياره فلا قود و لا دية (51).

مسألة 21: يجري جميع ما تقدم في الأدوات الكهربائية القتالة و الأدوية

(مسألة 21): يجري جميع ما تقدم في الأدوات الكهربائية القتالة و الأدوية و الحبوب و الأشربة و الإبر القتالة و آلات الغوص و السباحة (52).

مسألة 22: إذا جرحه فداوى نفسه بما يقتل فمات

(مسألة 22): إذا جرحه فداوى نفسه بما يقتل فمات فإما أن يستند الموت إلى الدواء فقط أو يستند إلى الجرح فقط أو يستند إليهما معا، ففي الأول لا قود و لا دية بالنسبة إلى النفس (53)،

______________________________

(50) لأنه من القتل العمدي عرفا، فيترتب عليه حكمه قهرا.

(51) أما الأول: فلعدم تحقق العمد إلى القتل.

و أما الأخير: فلقوة المباشر على السبب، و حصول قتله بعمده و اختياره، فلا معنى للضمان مطلقا.

(52) لأن المناط كله إنما هو تعمد قتل النفس، أو تعمد فعل يقتل به، و هو موجود في ذلك كله بلا دخل للسبب فيه مطلقا. و منه يعلم حكم الأدوية التي تباع في محلاتها و محدد استعمالها كيفية و كمية و خلافه موجب للهلاك، فإن وصفها البائع على خلاف ما هي عليها و استلزم الهلاك فان كان عمدا ففيه القود، و إلا فالدية كما مر، و تقدم ما يتعلق بضمان الطبيب في كتاب الإجارة، و أن عليا عليه السّلام حكم بالضمان الاحتياطي في الجميع تحفظا على الدماء (1).

(53) لفرض استناد قتل المجروح إلى نفسه، فيكون دمه هدرا.

ص: 192


1- راجع ج: 19 صفحة: 108.

بل يضمن الجارح الجرح فقط قصاصا إن كان فيه قصاصا و إلا فالأرش (54)، و في الثاني فيه قصاص النفس (55)، و في الأخير يكون للولي قتل الجارح بعد رده إليه نصف الدية أو ما به التفاوت (56).

مسألة 23: لو ألقاه في منجم فحم مهلك أو في حقل كهربائي خطر

(مسألة 23): لو ألقاه في منجم فحم مهلك أو في حقل كهربائي خطر أو في محل فيه حية قتالة أو سبع كذلك أو نحوها من المهالك فإن أمكنه الخلاص أو الفرار و لم يفر أو لم يتخلص تكاسلا فلا قود و لا دية (57)، و إلا ففيه القصاص، و كذا لو كتّفه و ألقاه في مهلكة (58).

مسألة 24: لو لم يكف الإلقاء في المهلكة للهلاك

(مسألة 24): لو لم يكف الإلقاء في المهلكة للهلاك بل حصلت بذلك جناية، فسرت الجناية فمات كما لو ألقاه إلى سبع فعضه و مات به ففيه القصاص (59).

______________________________

(54) لعموم أدلة القصاص إن كان فيه قصاص، و أرشا إن كان فيه أرش، الشامل للمقام أيضا.

(55) لفرض استناد القتل إلى الجرح، فيترتب عليه حكمه و هو القصاص مع العمد، و الدية مع عدمه، كما يأتي تفصيلها.

(56) لفرض اجتماع سببين، فلا بد من إعمالهما في البين بعد التعادل بين الحقين.

(57) لأنه أقدم على قتل نفسه باختياره، فيكون دمه هدرا.

(58) لأن ذلك من قتل العمد كما تقدم، ففيه القصاص مع تحقق ما مرّ من الشرائط.

(59) لأنه من القتل العمدي الذي لا فرق فيه بين الأسباب، و لا فرق فيه أيضا بين كونه فعلا أو بالسراية، بعد شمول الأدلة لكل منهما، و منه ما إذا خوّفه بشي ء فدهش و مات بعده، أو أفرغ عليه بعض الغازات السامة فعرضت عليه عارضة فمات بها بعد ذلك، و كذا لو القى عليه حية أو حيوانا ساما آخر، فعرضت عليه حالة فمات بها، و لذلك أمثلة كثيرة، و الجامع ما ذكرناه.

ص: 193

مسألة 25: لو أغرى به كلبا عقورا يقتل غالبا فقتله

(مسألة 25): لو أغرى به كلبا عقورا يقتل غالبا فقتله أو قصد القتل به فقتله و لو لم يكن كذلك غالبا فعليه القود في الصورتين (60).

مسألة 26: لو ألقاه إلى حوت فالتقمه

(مسألة 26): لو ألقاه إلى حوت فالتقمه أو ألقاه في البحر فالتقمه الحوت بعد الوصول إلى البحر فعليه القود في القسمين و كذا لو كان من قصده القتل بالإلقاء في البحر (61)، و لو ألقاه في البحر و قبل الوصول إليه وقع على حجر فمات ففيه الدّية (62).

مسألة 27: إذا جرحه ثمَّ عضه سبع و سريا فعليه القود

(مسألة 27): إذا جرحه ثمَّ عضه سبع و سريا فعليه القود (63)،

______________________________

(60) لتحقق العمد إلى قتله فيهما كما مر.

(61) لتحقق العمد إلى القتل مطلقا، و القصد إلى مطلق القتل قصد إلى القتل في المورد الواحد، لتحقق كل عام في ضمن الخاص، أو كل مطلق في ضمن القيد.

إن قيل: لا بد في القود القصد إلى القتل بشي ء خاص و صنف مخصوص، و في غيره يرجع إلى احترام النفس، نعم تتعين الدية.

يقال: إنه مبني على ملاحظة الدقة العقلية، و المنساق من الأدلة و الأذهان العرفية غير ذلك.

(62) لكفاية الشك في أنه من العمد المحض حتى يكون فيه القود أو لا، فيكون من الشبهة، و تثبت فيه الدية لا محالة.

ثمَّ إن مقتضى أصالة احترام النفس، و عدم الولاية لأحد على القتل إلا بدليل وثيق، أنه ليس للحاكم الشرعي الحكم بالقتل في كل مورد وصل إليه نظره بدوا، بل لا بد له من التأمل التام في خصوصيات الموضوع، و التدبر في الأدلة و إعمال وسعه في ذلك، ثمَّ الحكم بما ظهر بعد ذلك، لأن احترام النفوس و الأعراض و الأموال من الأصول النظامية في كل دين و ملة.

(63) لفرض كون الجناية عمدية مع تحقق الموت بالسراية، مضافا إلى الإجماع.

ص: 194

بعد رد فاضل الدية (64)، و لو صالح الولي على الدّية فعليه نصف الدّية (65)، إلا أن يكون الجرح موجبا لسهولة العض من جهة غلبة الضعف على المجروح مثلا فعليه القود حينئذ (66)، و لو علم بأن الموت مستند إما إلى سراية الجرح فقط أو إلى سراية العض فقط فلا اشتراك في البين أصلا (67)، و لكن لو لم يعلم أحدهما بالخصوص فلا قود و لا دية (68).

مسألة 28: كل مورد يشترك الإنسان مع ما لا تكليف له كالسبع و الحية و نحوهما في قتل شخص يصح القود

(مسألة 28): كل مورد يشترك الإنسان مع ما لا تكليف له كالسبع و الحية و نحوهما في قتل شخص يصح القود مع رد ولي الدم فاضل الدية كما يصح الدية بالنسبة إلى ما جنى إن نصفا فنصف و إن ثلثا فثلث و هكذا

______________________________

(64) لعدم انحصار القتل بالجناية فقط، بل بشركة السبع، و سرايتها، و المرجع في تعيين مقدار السراية أهل الخبرة، و قد تكون بالنصف، و قد يكون بالأقل و الأكثر، لأن للسراية مراتب متفاوتة شدة و ضعفا.

إلا أن يقال: صرف وجود السراية يكفي، و لا يلاحظ فيها المراتب، و قد يكون بالأقل و الأكثر، لأن للسراية مراتب متفاوتة شدة و ضعفا.

إلا أن يقال: صرف وجود السراية يكفي، و لا يلاحظ فيها المراتب، كما يظهر من إطلاق بعض الكلمات، و حينئذ فالنصف مطلقا.

(65) ظهر مما مر آنفا وجهه.

(66) إن عدّ الجرح حينئذ سببا منحصرا في قتله بالسراية، و إلا فيكون الجرح جناية، لها حكمها من تقاص أو دية.

(67) للعلم التفصيلي بعدم الاشتراك حينئذ، و لكن لا يذهب أصل الجناية هدرا، بل لا بد من الدية أو القصاص بحسب تعيين المورد.

(68) لجريان أصالة عدم وجوب القود أو الدية بلا معارض، و قد ثبت في الأصول أنه إذا لم يكن أثر شرعي لبعض أطراف المعلوم بالإجمال، يجري الأصل بالنسبة إلى الطرف الآخر بلا معارض، ففي المقام ليس لعض السبع أثر شرعي، فيجري الأصل بالنسبة إلى الطرف الآخر بلا معارض.

ص: 195

بلا فرق فيه بين السبع و غيره (69).

مسألة 29: كل مورد اجتمع فيه السبب و المباشر للقتل يكون القود على المباشر

(مسألة 29): كل مورد اجتمع فيه السبب و المباشر للقتل يكون القود على المباشر فإذا حفر بئر و وقع فيها شخص بدفع ثالث فالقاتل هو الدافع دون الحافر و من القى شخصا من شاهق و قبل وصوله إلى الأرض ضربه آخر بالسيف فقتله أو ألقاه في البحر و بعد وقوعه فيه و قبل موته قتله آخر و هكذا من نظائر المقام يكون القود على القاتل (70).

مسألة 30: لو أمسكه شخص و قتله آخر و كان ثالث عينا يقتل القاتل و يحبس الممسك أبدا حتى يموت و تسل عين الثالث

(مسألة 30): لو أمسكه شخص و قتله آخر و كان ثالث عينا يقتل القاتل و يحبس الممسك أبدا حتى يموت و تسل عين الثالث (71).

______________________________

(69) لأن هذا هو مقتضى الجمع بين الأدلة، مضافا إلى ظهور الإجماع، فلو جرحه ثمَّ عضه كلب ثمَّ نهشته حية فتكون الدية ثلث، و قد يكون بالنصف كما مر.

(70) لإطلاق أدلة القتل الشامل للمقام، مضافا إلى إجماع الأعلام، و قوة المباشر على السبب بحيث لا أثر له عند المتعارف من الأنام.

(71) إجماعا، و نصوصا، منها قول الصادق عليه السّلام في معتبرة الحلبي: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجلين أمسك أحدهما و قتل الآخر، قال: يقتل القاتل، و يحبس الآخر حتى يموت غما، كما حبسه حتى مات غما» (1).

و في معتبرة السكوني عن الصادق عليه السّلام: «أن ثلاثة نفر رفعوا إلى أمير المؤمنين عليه السّلام: واحد منهم أمسك رجلا، و أقبل الآخر فقتله، و الآخر يراهم، فقضى في صاحب الرؤية أن تسمل عيناه، و في الذي أمسك أن يسجن حتى يموت كما أمسكه، و قضى في الذي قتل أن يقتل» (2)، و المراد من قوله «يراهم» أي كان عينا لهم و ريبة.

______________________________

(1)

(2)

ص: 196


1- الوسائل: باب 17 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 1.
2- الوسائل: باب 17 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 3.

..........

______________________________

و في معتبرة سماعة قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل شد على رجل ليقتله و الرجل فار منه، فاستقبله رجل آخر فأمسكه عليه حتى جاء الرجل فقتله، فقتل الرجل الذي قتله، و قضى على الآخر الذي أمسكه عليه أن يطرح في السجن أبدا حتى يموت فيه، لأنه أمسكه على الموت» (1)، إلى غير ذلك من النصوص.

و أما معتبرة عمرو بن أبي المقدام الدالة على ضرب جبين المحبوس، و أن يجلد كل سنة خمسين جلدة، و هي: «أن رجلا قال لأبي جعفر المنصور- و هو يطوف-: يا أمير المؤمنين إن هذين الرجلين طرقا أخي ليلا، فأخرجاه من منزله فلم يرجع إليّ، و و اللّه ما أدري ما صنعا به؟ فقال لهما: ما صنعتما به؟ فقالا: يا أمير المؤمنين كلمناه ثمَّ رجع إلى منزله- إلى أن قال- فقال لأبي عبد اللّه جعفر بن محمد عليهما السّلام: اقض بينهم- إلى أن قال- فقال: يا غلام اكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كل من طرق رجلا بالليل فأخرجه من منزله فهو ضامن، إلا أن يقيم عليه البينة أنه قد ردّه إلى منزله، يا غلام نح هذا فاضرب عنقه فقال: يا ابن رسول اللّه و اللّه ما أنا قتلته، و لكن أمسكته ثمَّ جاء هذا فوجأه فقتله، فقال: انا ابن رسول اللّه يا غلام نح هذا فاضرب عنقه للآخر، فقال: يا ابن رسول اللّه ما عذبته و لكني قتلته بضربة واحدة، فأمر أخاه فضرب عنقه، ثمَّ أمر بالآخر فضرب جنبيه و حبسه في السجن، و وقع على رأسه يحبس عمره، و يضرب في كل سنة خمسين جلدة» (2).

فيمكن اختصاصها بموردها، كما أنه يمكن إيكال الضرب و الجلد إلى الحاكم الشرعي، فإنه يرى ما لا يرى غيره.

ص: 197


1- الوسائل: باب 17 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 2.
2- الوسائل: باب 18 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 1.

مسألة 31: لا إكراه في القتل

(مسألة 31): لا إكراه في القتل فلو اكره على قتل شخص فالقود على المباشر إن كان بالغا عاقلا دون الآمر (72)، نعم يحبس الآمر حتى يموت (73)، و لو كان المباشر مجنونا أو طفلا غير مميز فالقود على الآمر (74)، و لو كان الآمر مميزا فلا قود على أحدهما (75)، و الدية على عاقلة الطفل (76)، و يحبس الآمر أبدا (77).

مسألة 32: لو أكره شخص آخرا بقتل ثالث و هدده بقطع يده مثلا

(مسألة 32): لو أكره شخص آخرا بقتل ثالث و هدده بقطع يده مثلا و قال: «اقتل زيدا و إلا قطعت يدك» لا يجوز له القتل و يجب عليه المدافعة (78)،

______________________________

(72) للإجماع، و النص، قال الصادق عليه السّلام في معتبرة أبي حمزة الثمالي:

«إنما جعلت التقية ليحقن بها الدم، فإذا بلغت التقية الدم فلا تقية» (1)، و مثله قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد ابن مسلم (2).

(73) لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «في رجل أمر رجلا بقتل رجل [فقتله]، فقال: يقتل به الذي قتله، و يحبس الآمر بقتله في الحبس حتى يموت» (3)، مضافا إلى الإجماع.

(74) لقوة السبب على المباشرة حينئذ، مضافا إلى الإجماع.

(75) لعدم تكليف المباشر، و عدم كونه كالآلة للآمر، لفرض إدراكه و معرفته.

(76) لأن عمد الصبي خطأ، و في الخطأ تكون الدية على العاقلة، كما يأتي في كتاب الديات إن شاء اللّه تعالى.

(77) لحسم مادة الفساد، و إمكان استظهاره مما مر بالفحوى.

(78) لما تقدم من أنه لا إكراه في القتل، و عموم ما دل على حرمة قتل

ص: 198


1- الوسائل: باب 31 من أبواب الأمر و النهي.
2- الوسائل: باب 31 من أبواب الأمر و النهي.
3- الوسائل: باب 13 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 1.

و لو قتله يكون القود على المباشر ان كان بالغا عاقلا (79).

مسألة 33: لو قال بالغ عاقل لشخص آخر: «اقتلني و إلا أقتلك»

(مسألة 33): لو قال بالغ عاقل لشخص آخر: «اقتلني و إلا أقتلك» يحرم عليه قتله و لا يجوز له ذلك (80)، و لكن لو حمل عليه بعد عدم اطاعته ليقتله وجب عليه دفعه و لو قتل لا شي ء على المدافع من إثم أو قصاص أو دية (81)، و أما لو قتله بمجرد الإيعاد يكون آثما و في ثبوت القصاص أو الدية إشكال بل منع (82).

______________________________

النفس الشامل للمقام.

(79) لما مرّ في المسألة السابقة، فلا وجه للتكرار.

(80) للإجماع، و لأن الإذن لا يرفع الحرمة الشرعية في الدماء.

(81) لأن الشارع اذن في المدافعة عن النفس و لو انجرت إلى قتل الطرف، و لا شي ء على القاتل كما تقدم سابقا و يأتي.

(82) أما الإثم: فلأصالة بقاء الحرمة من غير دليل حاكم عليها. و أما عدم القصاص و الدية: فللشك في ثبوتهما في المقام، الذي أذن فيه الشخص لقتل نفسه، و لهتك حرمتها، فيرجع إلى أصالة البراءة عنهما، و لا يجوز التمسك بإطلاق دليلهما، لأنه تمسك بالدليل في الموضوع المشكوك.

إن قيل: بعد كون أمره لغوا عند الشارع الأقدس، و عدم تسلطه على مثل هذا الأمر، فيثبت القصاص أو الدية، لسقوط أمره شرعا، فيجوز التمسك بإطلاق دليلهما.

يقال: سقوط أمره شرعا شي ء و هو مسلم، و لكن إهدار نفسه و إقدامه على ذلك مجانا و بلا عوض شي ء آخر، لا ربط لكل واحد منهما بالآخر، فلا يجوز التمسك بإطلاق دليلهما بعد إذنه، و نظير المقام- و إن أمكن الفرق بينهما في الجملة- ما إذا أبرأ المريض الضمان من الطبيب في العمليات الجراحية، كما

ص: 199

مسألة 34: إذا قال: «اقتل نفسك» فإن كان المأمور كاملا فلا شي ء على الآمر

(مسألة 34): إذا قال: «اقتل نفسك» فإن كان المأمور كاملا فلا شي ء على الآمر (83)، و كذا لو اكره الآمر المأمور على ذلك (84)، و أما لو كان المأمور غير كامل فعلى الآمر القود لو كان كاملا (85)، و أما الناقصان فلا بد من المراجعة إلى الحاكم الشرعي في التعيين (86).

______________________________

تقدم في كتاب الإجارة (1).

(83) للأصل بعد صدور قتل المأمور لنفسه بعدمه و اختياره، فيقوى المباشر على السبب عرفا حينئذ.

(84) للأصل بعد تحقق قتل المأمور لنفسه عن نفسه، فلا قصاص، و لا دية على الآمر. نعم لا بد من المدافعة في المقام إن صدق الإكراه، كما لو قال: اقتل نفسك و إلا قتلتك شر قتلة، فحينئذ يحبس الآمر أو المكره (بالكسر) مؤبدا كما مرّ.

(85) لقوة السبب على المباشر، فإن الآمر هو القاتل عمدا و حقيقة. كما لا يخفى، و هذا صحيح بالنسبة إلى ما عدا المجنون، و أما فيه ففي صحيح أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام: «عن رجل قتل رجلا مجنونا، فقال: إن كان المجنون أراده فدفعه عن نفسه فقتله فلا شي ء عليه من قود و لا دية، و يعطى ورثته ديته من بيت مال المسلمين، قال: و إن كان قتله من غير أن يكون المجنون أراده فلا قود لمن لا يقاد منه، و أرى أن على قاتله الدية في ماله يدفعها إلى ورثة المجنون و يستغفر اللّه عزّ و جلّ و يتوب إليه» (2)، و يظهر من بعضهم التسالم عليه في الجملة، فلا بد من التبديل إلى الدية في المجنون.

(86) لأن نظره معد لأمثال ذلك، فإما أن يحكم بأخذ الدية من بيت مال المسلمين، و يعزّر المكره (بالكسر) حسب ما يراه، إن رأى المصلحة في ذلك،

ص: 200


1- راجع ج: 19 صفحة: 109.
2- الوسائل: باب 28 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 1.

مسألة 35: لو أكره شخص شخصا آخرا على الجناية على ثالث بما دون النفس

(مسألة 35): لو أكره شخص شخصا آخرا على الجناية على ثالث بما دون النفس بأن قال له: «اقطع يد هذا و إلا أقتلك» يجوز ذلك و القصاص على الآمر المكره دون المباشر (87)، و لو أمره من دون إكراه فالقصاص على المباشر (88).

مسألة 36: لو أكرهه بجناية على نفسه

(مسألة 36): لو أكرهه بجناية على نفسه و قال: «اقطع يدك مثلا و إلا قتلتك» فهل يجوز له القطع أو يجب عليه المدافعة؟ وجهان (89).

______________________________

أو يحكم بحبس الآمر مؤبدا، قلعا لمادة الفساد، أو غير ذلك مما يراه، فإن له الولاية على جميع ذلك، و أما التمسك بحديث رفع القلم عن الصبي أو المجنون (1)، فمشكل جدا، لأنه يستلزم ذهاب الدم هدرا كما لا يخفى.

(87) أما إنه لا شي ء على المباشر، فلعموم أدلة رفع الحكم في مورد الإكراه، مضافا إلى الإجماع و ضعف المباشر، فيجوز له القطع، بل قد يجب.

و أما إن القصاص على الآمر المكره، فلقوة السبب، و ظهور الإجماع إن كان المكره (بالكسر) جامعا لشرائط القود. و لا فرق في مورد الإكراه بين أن يكون معينا خارجا أو مرددا، كما إذا أكرهه على إحدى يدي شخص أو إحدى رجليه معينة أو أحدهما، فاختار المباشر أحدهما لتحقق الإكراه في الصورة الثانية أيضا.

(88) لوجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله إطلاقات الأدلة بلا محذور، و لا قصاص على الآمر، للأصل، و عدم تحقق الإكراه منه.

(89) من ارتكاز تقديم الأهم على المهم في النفوس، فالأمر يدور بين النفس و قطع اليد، و لا ريب في وجوب حفظ النفس. و من أنه من المدافعة- كما مر- لفرض توجه الضرر إلى نفسه حينئذ، فيجب عليه المدافعة، فلا يبعد

ص: 201


1- الوسائل: باب 4 من أبواب مقدمة العبادات.

مسألة 37: لو أكرهه على صعود محل عال أو حمل ثقيل فمات بذلك

(مسألة 37): لو أكرهه على صعود محل عال أو حمل ثقيل فمات بذلك فالقصاص على المكره (بالكسر) (90)، إن قصد به القتل أو قصد الفعل و كان الفعل مما يقتل به غالبا (91)، و أما إذا لم يكن شي ء من ذلك فتتعين الدية (92).

مسألة 38: لو تمت الشهادة عند الحاكم على ثبوت موجب القتل على شخص

(مسألة 38): لو تمت الشهادة عند الحاكم على ثبوت موجب القتل على شخص من ارتداد أو زنا محصنة أو نحوهما و بعد استيفاء الحدّ ظهر أن الشهود كانوا زورا فالضمان على الشهود دون الحاكم و المأمور (93).

______________________________

وجوب المدافعة حينئذ.

(90) لقوة السبب على المباشر، فلا حكم بالنسبة إلى المباشر المقهور.

(91) لتحقق شرائط القود حينئذ.

(92) بعد عدم قصد القتل، و عدم كون الفعل مما يقتل غالبا، فيثبت الضمان لا محالة.

(93) إجماعا، و نصوصا، منها خبر الجرجاني عن أبي الحسن عليه السّلام: «في أربعة شهدوا على رجل أنه زنى فرجم، ثمَّ رجعوا، و قالوا: قد وهمنا، يلزمون الدية و إن قالوا: إنما تعمدنا، قتل أي الأربعة شاء ولي المقتول، و رد الثلاثة ثلاثة أرباع الدية إلى أولياء المقتول الثاني، و يجلد الثلاثة كل واحد منهم ثمانين جلدة، و إن شاء ولي المقتول أن يقتلهم ردّ ثلاث ديات على أولياء الشهود الأربعة، و يجلدون ثمانين كل واحد منهم، ثمَّ يقتلهم الإمام» (1).

و في معتبرة ابن محبوب عن الصادق عليه السّلام: «في أربعة شهدوا على رجل محصن بالزنا، ثمَّ رجع أحدهم بعد ما قتل الرجل فقال: إن قال الرابع: وهمت ضرب الحدّ و غرم الدية، و إن قال: تعمدت، قتل» (2).

ص: 202


1- الوسائل: باب 64 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 2.
2- الوسائل: باب 63 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 1.

نعم لو علم الولي بأن الشهادة شهادة زور و باشر القصاص كان عليه القود (94). و يعزّران الشهود (95).

مسألة 39: لو جنى على شخص بحيث لم يبق فيه رمق و صار بحكم المذبوح

(مسألة 39): لو جنى على شخص بحيث لم يبق فيه رمق و صار بحكم المذبوح و صارت حياته غير مستقرة و جاء آخر فذبحه فالقود على الأول و على الثاني دية الميت (96).

مسألة 40: إذا جنى على شخص و كانت حياته مستقرة فقتله آخر

(مسألة 40): إذا جنى على شخص و كانت حياته مستقرة فقتله آخر كان القود على الثاني و يجري على الأول حكم الجناية (97)،

______________________________

و في خبر مسمع عن الصادق عليه السّلام: «إن أمير المؤمنين عليه السّلام قضى في أربعة شهدوا على رجل أنهم رأوه مع امرأة يجامعها، فيرجم، ثمَّ يرجع واحد منهم، قال: يغرم ربع الدية إذا قال: شبه عليّ، فإن رجع اثنان و قالا: شبه علينا، غرما نصف الدية، و إن رجعوا و قالوا: شبه علينا غرموا الدية، و إن قالوا: شهدنا الزور، قتلوا جميعا» (1)، و تدلّ عليه أيضا قاعدة: «تقديم السبب على المباشر، إذا كان السبب أقوى، و صار المباشر مغرورا».

(94) لتحقق السبب بالقتل عدوانا من غير غرور في البين. و لا فرق في العالم بالتزوير أو بفسق الشهود، بين الولي الشرعي للقصاص أو الحاكم، لجريان عموم دليل القصاص في كل منهما.

(95) لارتكابهم المنكر، فللحاكم الشرعي التعزير حسب ما يراه.

(96) أما الأول: فلأنه القاتل عمدا، مضافا إلى ظهور الإجماع.

و أما الثاني: فلأنه قطع رأس من هو بحكم الميت، فيجري عليه حكم ذلك.

(97) أما كون القود على الثاني: فلأنه القاتل عمدا. و أما ثبوت دية الجناية

ص: 203


1- الوسائل: باب 64 من أبواب القصاص في النفس: 1.

سواء كان الجرح مما لا يقتل مثله أو كان مما يقتل (98).

مسألة 41: لو جنى عليه اثنان بأن قطع أحدهما يده و الآخر رجله مثلا فاندملت جناية أحدهما و سرت الأخرى

(مسألة 41): لو جنى عليه اثنان بأن قطع أحدهما يده و الآخر رجله مثلا فاندملت جناية أحدهما و سرت الأخرى فعلى من اندملت جنايته- دية الجناية أو القصاص- و على الثاني القود (99)، و طريق الاحتياط أن يتراضيا بالنسبة إلى دية الجرح المندمل (100).

مسألة 42: لو قطع شخص إحدى يدي شخص من الزند و قطع آخر يده الأخرى مثلا فمات

(مسألة 42): لو قطع شخص إحدى يدي شخص من الزند و قطع آخر يده الأخرى مثلا فمات فإن كان موته مستندا عند أهل الخبرة إلى القطع الأول فالقود عليه (101)، و إن استند إلى القطع الثاني فالقود عليه (102)، و إن استند إليهما يكون من مسائل الاشتراك و يأتي حكمه، و إن شك في ذلك فلا بد من التراضي بالدية (103)،

______________________________

على الأول: فلفرض أنه جنى على الحي المستقر الحياة، فتشمله أدلة الجناية لا محالة، و لا فرق في حكم الجرح بين كونه موجبا للقصاص أو الدية أو الأرش، لإطلاق أدلة الجنايات الشامل لجميع ذلك.

(98) لشمول الدليل لهما، و كون القتل موجبا للقصاصا أو الدية أو الأرض، لإطلاق أدلة الجنايات الشامل لجميع ذلك.

(98) لشمول الدليل لهما، و كون القتل مستندا إلى غير الخارج عرفا.

(99) أخذا بعموم الدليلين، و دفعا للفساد مهما أمكن من البين، و ظهور الاتفاق من الفريقين.

(100) من كونه مضمونا بعوض مقدر شرعا، فلا بد من التدارك. و من احتمال كونه حينئذ كالناقص خلقة فلا ضمان، كما إذا قتل شخص ناقص العضو شخصا كاملا.

(101) لأنه القاتل عمدا، فيلحقه حكمه.

(102) لفرض أن القتل مستند إليه، نعم يرد إليه دية الجرح، لفرض كمال الجاني دون المجني عليه كما يأتي.

(103) لأن الحق ثابت بينهما و لم يعرف مقداره، فلا بد من التراضي كما في

ص: 204

و إن كان الجاني في الفرض واحدا دخلت دية الطرف في النفس (104).

مسألة 43: لو قتل مريضا مشرفا على الموت وجب القود

(مسألة 43): لو قتل مريضا مشرفا على الموت وجب القود (105).

مسألة 44: لو قطع يد أحد مثلا ثمَّ قتله بعد ذلك

(مسألة 44): لو قطع يد أحد مثلا ثمَّ قتله بعد ذلك فوقعت جناية الطرف و النفس من واحد على واحد فمع تعدد الجناية عرفا بحيث لم يستند القتل إلى السراية يتعدد القصاص على الجاني فتقطع يده أولا ثمَّ يقتل (106)،

______________________________

جميع الحقوق الشرعية المشتركة إن لم يعلم التفصيل، و إلا فيجبره الحاكم الشرعي على ذلك.

(104) لظهور الإجماع، و الاتفاق إذا ثبتت أصالة، و أما إن ثبتت صلحا عليها عوض القصاص، فهو تابع لدخول قصاص الطرف في قصاص النفس، و يأتي حكمه إن شاء اللّه تعالى.

(105) للعمومات، و الإطلاقات المتقدمة، بعد فرض المجني عليه حيا، و كذا لو قتل جنينا حيا في بطن أمه تعلق به الحياة قبيل الجناية.

(106) لأصالة عدم التداخل، و عمومات الأدلة، و إطلاقاتها، من الكتاب و السنة كما مر (1)، و ليس لها معارض معتبر من إجماع، أو خبر في مورد فرض المسألة، و لكن اضطربت الكلمات تبعا للروايات، فمنها معتبرة محمد بن قيس عن أحدهما عليهما السّلام: «في رجل فقأ عيني رجل و قطع أذنيه ثمَّ قتله، فقال: إن كان فرّق ذلك اقتص منه ثمَّ يقتل، و إن كان ضربه ضربة واحدة، ضربت عنقه و لم يقتص منه» (2).

و في معتبرة حفص البختري قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل ضرب على رأسه فذهب سمعه و بصره و اعتقل لسانه ثمَّ مات؟ فقال: إن كان ضربه

ص: 205


1- تقدم في صفحة: 181 و في الوسائل: باب 31 من أبواب القصاص.
2- الوسائل: باب 51 من أبواب القصاص في النفس: 1.

..........

______________________________

ضربة بعد ضربة اقتص منه ثمَّ قتل، و إن كان أصابه هذا من ضربة واحدة قتل و لم يقتص منه» «1»، و المنساق منهما صورة السراية، و مفروض المقام غيرها.

و منها: صحيح أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن رجل ضرب رجلا بعمود فسطاط على رأسه ضربة واحدة فأجافه حتى وصلت الضربة إلى الدماغ فذهب عقله؟ قال: إن كان المضروب لا يعقل منها أوقات الصلاة و لا يعقل ما قال و لا ما قيل له، فإنه ينتظر به سنة، فإن مات فيما بينه و بين السنة أقيد به ضاربه، و إن لم يمت فيما بينه و بين السنة و لم يرجع إليه عقله أغرم ضاربه الدية في ماله لذهاب عقله، قلت: فما ترى عليه في الشجة شيئا؟ قال: لا، لأنه إنما ضرب ضربة واحدة فجنت الضربة جنايتين، فألزمته أغلظ الجنايتين، و هي الدية، و لو كان ضربه ضربتين فجنت الضربتان جنايتين لألزمته جناية ما جنتا كائنا ما كان، إلا أن يكون فيهما الموت بواحدة، و تطرح الأخرى، فيقاد به ضاربه، فإن ضربه ثلاث ضربات واحدة بعد واحدة فجنين ثلاث جنايات ألزمته جناية ما جنت الثلاث ضربات كائنات ما كانت، ما لم يكن فيها الموت فيقاد به ضاربه، قال: فإن ضربه عشر ضربات فجنين جناية واحدة ألزمته تلك الجناية التي جنتها العشر ضربات» (1)، و يمكن استظهار ما ذكرناه منه، و يعضده الكتاب و السنة- كما مر (2)- و الأصل.

و منها: معتبرة إبراهيم بن عمر عن الصادق عليه السّلام: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل ضرب رجلا بعصا فذهب سمعه، و بصره، و لسانه، و عقله، و فرجه، و انقطع جماعه و هو حي، بست ديات» (3)، و يمكن استفادة ما ذكرناه منه كما لا يخفى.

ص: 206


1- الوسائل: باب 7 من أبواب ديات المنافع الحديث: 1.
2- سبق في صفحة: 181 و باب: 31 من أبواب القصاص في النفس.
3- الوسائل: باب 6 من أبواب ديات المنافع.

و مع عدم التعدد تتداخل (107).

مسألة 45: إذا اشترك اثنان أو أكثر في قتل واحد اقتص منهم الولي إن شاء

(مسألة 45): إذا اشترك اثنان أو أكثر في قتل واحد اقتص منهم الولي إن شاء مع ردّ ما فضل من دية المقتص منه (108).

______________________________

(107) لفرض وحدة سبب القتل حينئذ، و إن التعدد كان صوريا لا واقعيا، فلا بد من الأخذ بالجامع.

(108) للعموم، و الإطلاق، و الاتفاق، و قاعدة: «نفي الضرر»، و نصوص كثيرة منها: صحيح الفضيل بن يسار قال: «قلت لأبي جعفر عليه السّلام: عشرة قتلوا رجلا، قال: إن شاء أولياؤه قتلوهم جميعا و غرموا تسع ديات، و إن شاءوا تخيّروا رجلا فقتلوه و أدّى التسعة الباقون إلى أهل المقتول الأخير عشر الدية كل رجل منهم قال: ثمَّ الوالي بعد يلي أدبهم و حبسهم» (1).

و منها: صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «في عشرة اشتركوا في قتل رجل، قال: يخيّر أهل المقتول فأيهم شاؤوا قتلوا، و يرجع أولياؤه على الباقين بتسعة أعشار الدية» (2).

و منها: صحيح ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجلين قتلا رجلا، قال: إن أراد أولياء المقتول قتلهما أدّوا دية كاملة و قتلوهما، و تكون الدية بين أولياء المقتولين، فإن أرادوا قتل أحدهما قتلوه و أدى المتروك نصف الدية إلى أهل المقتول» (3)، إلى غير ذلك من النصوص.

و أما خبر أبي العباس عن الصادق عليه السّلام: «إذا اجتمع العدة على قتل رجل واحد حكم الوالي أن يقتل أيهم شاؤوا، و ليس لهم أن يقتلوا أكثر من واحد، إن اللّه عزّ و جلّ يقول وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ و إذا قتل ثلاثة واحدا خيّر الوالي أي الثلاثة شاء أن يقتل، و يضمن

ص: 207


1- الوسائل: باب 12 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 6.
2- الوسائل: باب 12 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 3 و 4.
3- الوسائل: باب 12 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 3 و 4.

فلو كانوا ثلاثة فلكل ثلثا ديته و هكذا (109)، و يجوز للولي أن يقتص من بعضهم و يرد الباقون غير المقتص منه دية جنايتهم إلى الذي اقتص منه بعد أن يرد عليهم ما فضل عن دية المقتص منه (110)، فلو كانت الشركاء ثلاثة مثلا فاقتص من اثنين فيرد غير المقتص دية جنايته و هي الثلث إليهما و يرد الولي البقية إليهما و هي دية كاملة فيكون لكل واحد ثلثا الدية (111).

______________________________

الآخران ثلثي الدية لورثة المقتول» (1)، فأسقطه عن الاعتبار موافقته للتقية، و هجر الأصحاب، مع أنه لا إسراف في القتل بعد رد ما فضل عن دية المقتول.

(109) لذهاب الثلث الآخر من كل واحد منهم هدرا بواسطة القصاص، و إن كانوا اثنين فلكل واحد نصف ديته، و إن كانوا أربعة فلكل واحد ثلاثة أرباع ديته، لئلا يقع الإسراف في القتل، و لئلا يجترئ الجميع على قتل الفرد.

(110) لتحقق المثلية الشرعية في الاعتداء حينئذ، و عدم تحقق الإسراف في القتل، و عدم استفادة الخصوصية عما ورد في الأخبار السابقة، بل إنما ذكر ذلك من باب المثال، فتشمل المقام عمومات أدلة القصاص و إطلاقاتها، مضافا إلى ظهور الإجماع على الجواز.

(111) فثبت التعادل و المساواة في قدر الاعتداء، فيشمله إطلاق قوله تعالى فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ (2)، فيتخير الولي بين الأمرين كما هو المشهور، و يقتضيه إطلاق قوله تعالى وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ(3)، خرج الإسراف في القتل و بقي الباقي تحت الإطلاق.

ص: 208


1- الوسائل: باب 12 من أبواب القصاص في النفس: 7 و 8.
2- سورة الإسراء الآية: 33.
3- سورة البقرة الآية: 194.

مسألة 46: الاشتراك في القتل على قسمين

(مسألة 46): الاشتراك في القتل على قسمين:

الأول: أن يفعل كل منهم ما يقتل لو انفرد (112)، مثل أن يجرحوه بجراحات كل واحدة منها تكفي في القتل أو يلقوه في النار أو من شاهق أو في البحر أو نحو ذلك من المهالك (113).

الثاني: الشركة في السراية مع قصد الجناية (114)، فلو اجتمع عليه جمع فجرحه كل واحد منهم بما لا يقتل منفردا و لكن سرت الجميع فمات بسبب السراية فعليهم القود بنحو ما تقدم (115).

مسألة 47: لا يعتبر التساوي في عدد الجناية

(مسألة 47): لا يعتبر التساوي في عدد الجناية (116)، فلو ضربه أحدهم ضربة و الآخر ضربتان و الثالث أكثر فمات بالجميع فالقصاص عليهم بالسوية و الدية عليهم سواء (117)،

______________________________

(112) لتحقق السببية للقتل حينئذ بالنسبة إلى كل واحد منهم، فتشمله عمومات الاقتصاص و إطلاقاته من جهة صحة استناد القتل إلى كل واحد منهم عرفا، و مع ملاحظة كثرة أهمية النفوس المحترمة، و اهتمام الشرع بها، يجري حكم القصاص بالنسبة إلى الجميع، و هذه الأهمية تقتضي تخيير ولي الدم بين الأمرين المذكورين في المسألة السابقة، لئلا يضيّع نفس المقتص منه، و لا يقع الإسراف في القتل.

(113) لصدق السببية للقتل على فعل كل واحد منهم لو انفرد.

(114) لتحقق التسبب إلى القتل بالسراية أيضا مع قصده الجناية، إذ لا فرق في التسبب إليه بما إذا كان مباشريا أو تسبيبيا، و المفروض أن السراية توجب الموت و إزهاق الروح.

(115) ظهر وجهه مما مر، فلا وجه للتكرار.

(116) للأصل، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق، بعد تعلق الحكم بالطبيعة، و هي واحدة في الجميع لا تتكرر بالتكررات الفردية.

(117) لوجود المقتضي و فقد المانع للتسوية، بعد تعلّق الحكم بذات

ص: 209

و كذا لا يشترط التساوي في نوع الجناية (118)، فلو ضربه أحدهما و جرحه الآخر فمات أو جرحه أحدهما جائفة مثلا و الآخر بغيرها فمات و كانت السراية من فعلهما يقتص منهما على السواء و الدية عليهما كذلك (119)، و لو لم تستند السراية إلا إلى فعل أحدهما فقصاص النفس يكون عليه دون غيره (120).

مسألة 48: الجناية في الأطراف كالجناية في النفس فيما تقدم

(مسألة 48): الجناية في الأطراف كالجناية في النفس فيما تقدم (121)، فلو اشترك اثنان أو أكثر على قطع يد أحد يتخير الولي بين أن يقطعهما بعد أداء دية يد إليهما يقتسمانها و بين أن يأخذ منها دية يد و إن قطع يد أحدهما ردّ الذي لم يقطع يده على الذي قطعت ربع الدية و هكذا في الزائد على الاثنين (122).

______________________________

الطبيعة مع تحقق سائر الشرائط، كما هو المفروض.

(118) لتعلّق الحكم بالطبيعة، و هي مشتركة بين جميع الأنواع، مع اختلاف الأنواع غالبا في مثل هذه التهجمات على القتل.

(119) لفرض استناد السراية إلى فعلهما ظاهرا.

(120) لاستناد القتل إليه دون صاحبه، و لكن عليه ضمان الطرف قصاصا أو دية.

(121) للإجماع، و فحوى ما مرّ في النفس، و معتبرة أبي مريم الأنصاري عن أبي جعفر عليه السّلام: «في رجلين اجتمعا على قطع يد رجل، قال: إن أحب أن يقطعهما أدّى إليهما دية يد و اقتسماها ثمَّ يقطعهما، و إن أحب أخذ منهما دية يد، قال: و إن قطع يد أحدهما ردّ الذي لم يقطع يده على الذي قطعت يده ربع الدية» (1).

(122) لما مرّ في معتبرة الأنصاري، و الإجماع على عدم الفرق بين الاثنين

ص: 210


1- الوسائل: باب 25 من أبواب قصاص الطرف.

مسألة 49: الاشتراك في الجناية على الأطراف. تارة

(مسألة 49): الاشتراك في الجناية على الأطراف.

تارة: بأن يشتركوا في الفعل الواحد الموجب للقطع كأن يكرهوا شخصا واحدا على قطع اليد مثلا.

و أخرى: بأن يضعوا شيئا حادا على المفصل و اعتمدوا عليه حتى يقطع.

و ثالثة: بأن يشهدوا شهادة توجب القطع ثمَّ يرجعوا جميعا فيجري على جميع ذلك حكم الاشتراك (123)، و أما لو انفرد كل بقطع جزء من يده أو وضع أحدهما حديدة حادة فوق يده و وضع الآخر مثلها تحت يده حتى وصلت الحديدتان و قطعت اليد فلا اشتراك حينئذ إن كان أحدهما كافيا للقطع (124).

مسألة 50: لو اشتركت في قتل رجل امرأتان قتلتا به من غير ردّ شي ء

________________________________________

سبزوارى، سيد عبد الأعلى، مهذّب الأحكام (للسبزواري)، 30 جلد، مؤسسه المنار - دفتر حضرت آية الله، قم - ايران، چهارم، 1413 ه ق

مهذب الأحكام (للسبزواري)؛ ج 28، ص: 211

(مسألة 50): لو اشتركت في قتل رجل امرأتان قتلتا به من غير ردّ شي ء (125)،

______________________________

و الأزيد، و ظهور الفحوى.

(123) لتحقق الموضوع عرفا، فيترتب حكمه قهرا، و نحو ذلك مما صدق عليه الاشتراك بحسب المتعارف.

(124) لاختصاص كل منهما بفعل مخصوص، و المفروض أن الواحد يكفي للقتل، و عدم تحقق الشركة عرفا، و لا أقل من الشك فيه، فلا يجري عليه حكمها مع الشك في الموضوع.

و بعبارة أخرى: الشركة إما معلومة عرفا، أو معلومة العدم، أو مشكوكة، و لا يجري حكمها في الأخيرين. نعم الجناية الخاصة معلومة، فيجري حكمها قصاصا أو دية.

(125) للأصل، و الإجماع، و عدم الفاضل، و معتبرة محمد بن مسلم عن أبي

ص: 211

و لو كن أكثر فللولي قتلهن بعد ردّ فاضل الدية يقسم بينهن بالسوية (126)، فإن كن ثلاثا و أراد قتل الجميع ردّ عليهن دية امرأة تكون بينهم بالسوية و إن كن أربعا فدية امرأتين و هكذا (127). و لو قتل من الثلاث اثنتين فتردّ الثالثة الباقية ثلث دية الرجل إليهما بالسوية (128)،

______________________________

جعفر عليه السّلام: «عن امرأتين قتلتا رجلا عمدا، قال: تقتلان به، ما يختلف في هذا أحد» (1).

(126) أما ولاية الولي على قتلهن، فلعموم دليل ولايته و سلطانه،- كما مر- و لقلع مادة الفساد و قمعها.

و أما رد فاضل الدية، فلأنه بدونه إسراف في القتل، و هو منهي عنه شرعا و عقلا، مضافا إلى ما تقدم من النصوص (2).

و أما التسوية في التقسيم، فلفرض عدم موجب للتفاضل في البين، و لو كان فلا بد من مراعاته، و لا موضوع للتسوية حينئذ.

(127) كل ذلك لعموم ولايته التي جعلها اللّه تعالى له، مثل قوله عزّ و جلّ:

وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً (3)، و تحديدا للأصل ولايته بما إذا لم يحصل منها التعدي و العدول عن أصل حقه، و مراعاة للمماثلة في قوله عزّ و جلّ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ (4).

(128) لأن كلا منهن إنما جنت بقدر الثلث، و استوفى الولي من المقتولتين بقدر جنايتهما، و بقي الثلث الآخر لا بد و أن يستوفي من الباقية و يوفى للمقتولتين، حفظا للمماثلة في الاعتداء.

ص: 212


1- الوسائل: باب 33 من أبواب القصاص في النفس: 15.
2- راجع صفحة: 207.
3- سورة الإسراء الآية: 33.
4- سورة البقرة: 194.

و لو اختار الولي قتل واحدة ردت الباقيتان على المقتولة ثلث الدية و على الولي نصف دية الرجل (129).

مسألة 51: إذا اشتركت امراة مع حيوان في قتل رجل فلولي المقتول أن يقتل المرأة

(مسألة 51): إذا اشتركت امراة مع حيوان في قتل رجل فلولي المقتول أن يقتل المرأة أو يأخذ منها الدية (130).

مسألة 52: إذا اشترك في قتل رجل رجل و امرأة فعلى كل منهما نصف الدية

(مسألة 52): إذا اشترك في قتل رجل رجل و امرأة فعلى كل منهما نصف الدية (131)، و لا بد من التعادل بحسب الموازين الشرعية فلو قتلهما الولي فعليه ردّ نصف الدية على الرجل (132).

______________________________

(129) لأن جنايتها إنما تكون بقدر ثلثي دية الرجل، و الولي استوفى بقتل امرأة نصفها و بقي النصف الآخر، فيستوفى من الباقيتين، و كل منهم إنما جنت بقدر الثلث فزادت دية كل على جنايتها بقدر ثلث ديتها.

(130) للإطلاقات، و العمومات المتقدمة الشاملة لهذه الصورة أيضا، و قد تقدم قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «في امرأتين قتلتا رجلا عمدا، قال: تقتلان به ما يختلف في هذا أحد» (1).

و أما كمية الدية: فإن كان اشتراك الحيوان بإغرائها فيجب عليها إعطاء تمام الدية، و إن لم يكن بإغرائها و كان له صاحب و كان الحيوان صائلا، و قصّر في حفظه عمدا، فعليها نصف الدية و على صاحبه النصف الآخر، و إن لم يكن كل منهما فعليها نصف الدية و النصف الآخر يرجع به إلى الحاكم الشرعي فيؤديه من بيت المال إن رأى في ذلك المصلحة.

(131) لفرض استناد القتل إلى كل منهما بالسوية، فيشمله العموم، و الإطلاق، و ظاهر الاتفاق.

(132) أما أصل ولاية الولي، فلعموم الأدلة من الكتاب (2)، و السنة- كما مر-

ص: 213


1- الوسائل: باب 33 من أبواب القصاص في النفس: 15.
2- سورة الإسراء الآية: 33.

و لا ردّ على المرأة (133)، و لو قتل المرأة فلا رد للمرأة (134)، و على الرجل نصف الدية (135)، و لو قتل الرجل ردت المرأة نصف ديته لا ديتها (136).

______________________________

مع تحديدها بما لا يستلزم منها محذور شرعي.

و أما رد نصف الدية إلى الرجل، فلأن استيفاء الجناية منه بقتله زائد على قدر جنايته، لفرض اشتراكه مع المرأة في القتل.

(133) لتطابق الجنايتين، فلا فاضل للمرأة في البين حتى يرد إليها، و في معتبرة أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سئل عن غلام لم يدرك و امرأة قتلا رجلا خطأ؟ فقال: إن خطأ المرأة و الغلام عمد، فإن أحب أولياء المقتول أن يقتلوهما، قتلوهما و يردوا على أولياء الغلام خمسة آلاف درهم، و إن أحبوا أن يقتلوا الغلام قتلوه و ترد المرأة على أولياء الغلام ربع الدية، و إن أحب أولياء المقتول أن يقتلوا المرأة قتلوها، و يرد الغلام على أولياء المرأة ربع الدية، قال:

و إن أحب أولياء المقتول أن يأخذوا الدية كان على الغلام نصف الدية، و على المرأة نصف الدية» (1)، و لا بد من التأمل في الرواية.

(134) لما مرّ في سابقة من غير فرق.

(135) لفرض كونه شريكا في القتل مع المرأة، فعلى كل منهما نصف الدية، و دية المرأة استوفيت بقتلها و بقي النصف الآخر على الرجل، فلا بد له من الأداء.

(136) لأن المرأة كانت شريكة مع الرجل في الجناية، فيكون نصف دية المقتول عليها، فلا بد لها من دفعها إلى شريكها في القتل.

ثمَّ إن المفروض في هذه المسائل المرأة المسلمة الحرة، و الرجل المسلم الحر، فلو اختلفا في الحرية و المملوكية، أو الإسلام و الكفر،

ص: 214


1- الوسائل: باب 34 من أبواب القصاص في النفس: 1.

مسألة 53: في الموارد التي يجب فيها الرد فالأحوط تقديم الرد ثمَّ الاقتصاص

(مسألة 53): في الموارد التي يجب فيها الرد فالأحوط تقديم الرد ثمَّ الاقتصاص (137).

مسألة 54: لو اشترك صبي مع رجل كامل في قتل رجل عمدا

(مسألة 54): لو اشترك صبي مع رجل كامل في قتل رجل عمدا فلولي المقتول القود من الرجل القاتل بعد ردّ نصف الدية إلى وليه (138)، و مطالبة عاقلة الصبي نصف الدية (139)، و له العفو عن قصاص القاتل و أخذ الدية منه بقدر نصيبه (140).

______________________________

فيختلف الحكم كما فصّل في المطولات

(137) لأصالة عدم السلطنة على هذا النحو من القصاص، و عدم الحق إلا بذلك، و ظهور لفظ «ثمَّ» في معتبرة الأنصاري فيه، فعن أبي جعفر عليه السّلام: «في رجلين اجتمعا على قطع يد رجل، قال: إن أحب أن يقطعهما أدّى إليهما دية يد و اقتسماها ثمَّ يقطعهما» (1)، و غيرها من الروايات الظاهرة في ذلك (2).

و يمكن المناقشة: أما في الأصل فبإطلاق دليل الولاية، و أما في الروايات فلعدم إحراز كونها في مقام البيان من هذه الجهة، و لذا عبرنا بالاحتياط.

(138) أما القود فلما مر من الإطلاقات و العمومات، و أما رد نصف الدية إلى وليه، فلفرض عدم استقلاله في القتل، فيرد نصف الدية إلى الولي.

(139) لما يأتي في كتاب الديات إن شاء اللّه تعالى من أن «عمد الصبي خطأ تحمله العاقلة».

(140) لما تقدم من ولايته على ذلك، و لقوله عليه السّلام: «و إن قبل أولياؤه الدية كانت عليهما» (3).

ص: 215


1- الوسائل: باب 25 من أبواب قصاص الطرف: 1.
2- الوسائل: باب 23 من أبواب القصاص في النفس: 3.
3- الوسائل: باب 12 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 4.

مسألة 55: إذا اشترك الأب مع صبي في قتل الابن فلا قود

(مسألة 55): إذا اشترك الأب مع صبي في قتل الابن فلا قود (141)، و لو اشترك الأب مع أجنبي كامل لولي المقتول أن يقتل الأجنبي بعد رد نصف الدية إليه (142)، و الأب لا يقتل بل عليه نصف الدية (143)، و كذا لو اشترك مسلم و ذمي في قتل ذمي (144).

مسألة 56: لو قتل شخصان رجلا و كان القتل من أحدهما خطأ و من الآخر عمدا

(مسألة 56): لو قتل شخصان رجلا و كان القتل من أحدهما خطأ و من الآخر عمدا فللولي القصاص من العامد بعد رد نصف الدية إلى وليه (145)، و على الخاطئ نصف الدية (146)، و له أخذ نصف الدية من كل منهما (147).

______________________________

(141) لما سيأتي في شرائط القصاص من أنه لا يقاد الأب في قتل الابن، فيتعين حينئذ نصف الدية على الأب، و نصفها على عاقلة الصبي.

(142) لفرض عدم استقلاله في القتل.

(143) لاشتراكه في القتل، و عدم جواز القود منه، فيتعين نصف الدية عليه.

(144) لما سيأتي من أن المسلم لا يقتل بالذمي، فيتعين عليه نصف الدية.

(145) لفرض الاشتراك، فلا بد من التعادل.

(146) لأنه حكم قتل الخطأ.

(147) لمكان ولايته على ذلك.

ص: 216

فصل في شرائط القصاص

اشارة

فصل في شرائط القصاص و هي خمسة:

الأول: التساوي في الحرية و الرقية

اشارة

الأول: التساوي في الحرية و الرقية (1)، فيقتل الحر بالحر و بالحرة مع ردّ فاضل الدية و هو نصف دية الرجل الحر (2)،

______________________________

(1) كتابا، و سنة، و إجماعا، بل و عقلا في الجملة، قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَ الْأُنْثى بِالْأُنْثى (1)، و من السنة كما سيأتي.

(2) إجماعا، و نصوصا متواترة، منها ما عن أبي جعفر عليه السّلام في رواية أبي مريم: «أتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله برجل قد ضرب امرأة حاملا بعمود الفسطاط فقتلها، فخيّر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أولياءها أن يأخذوا الدية خمسة آلاف درهم و غرة و صيف أو وصيفة للذي في بطنها، أو يدفعوا إلى أولياء القاتل خمسة آلاف و يقتلوه» (2).

و في معتبرة أبي بصير عن أحدهما عليهما السّلام: «إن قتل رجل امرأته و أراد أهل المرأة أن يقتلوه أدّوا نصف الدية إلى أهل الرجل» (3)، و قريب منها ما رواه هو عن أحدهما عليهما السّلام أيضا (4).

ص: 217


1- سورة البقرة: 178.
2- الوسائل: باب 33 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 5.
3- الوسائل: باب 33 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 6.
4- الوسائل: باب 33 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 7.

و كذا تقتل الحرة بالحرة (3)، و بالحر لكن لا يؤخذ ما فضل من دية المقتول من تركتها أو من وليها (4).

______________________________

(3) للكتاب، و السنة، و الإجماع، بل الضرورة، فعن أبان عن علي بن الحسين عليهما السّلام قال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى- يعني: المساواة، و أن يسلك بالقاتل في طريق المقتول المسلك الذي سلكه به من قتله، الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَ الْأُنْثى بِالْأُنْثى- تقتل المرأة بالمرأة إذا قتلها (1)، و غيره من الروايات.

(4) لقوله تعالى النَّفْسَ بِالنَّفْسِ (2)، و قاعدة أسسها أئمة الدين عليهم السّلام: «ليس يجني أحد أكثر من جنايته على نفسه» (3)، أو «لا يجني الجاني على أكثر من نفسه» (4)، مضافا إلى الإجماع، و نصوص خاصة، منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «إن قتلت المرأة الرجل قتلت به، ليس لهم إلا نفسها» (5).

و منها: معتبرة ابن سنان: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في امرأة قتلت زوجها متعمدة: إن شاء أهله أن يقتلوها قتلوها، و ليس يجني أحد أكثر من جنايته على نفسه» (6)، إلى غير ذلك من الروايات.

و أما خبر أبي مريم عن أبي جعفر عليه السّلام: «في امرأة قتلت رجلا، قال: تقتل و يؤدي وليها بقية المال» (7)، محمول أو مطروح.

ص: 218


1- الوسائل: باب 19 من أبواب القصاص في النفس: 8.
2- سورة المائدة الآية: 45.
3- الوسائل: باب 33 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 1 و 10 و 3 و 1 و 17.
4- الوسائل: باب 33 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 1 و 10 و 3 و 1 و 17.
5- الوسائل: باب 33 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 1 و 10 و 3 و 1 و 17.
6- الوسائل: باب 33 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 1 و 10 و 3 و 1 و 17.
7- الوسائل: باب 33 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 1 و 10 و 3 و 1 و 17.
مسألة 1: لو لم يقدر وليّ دم المرأة عن أداء فاضل الدية لفقر أو نحوه أو امتنع عن ذلك

(مسألة 1): لو لم يقدر وليّ دم المرأة عن أداء فاضل الدية لفقر أو نحوه أو امتنع عن ذلك يؤخر القصاص إلى حين التمكن أو التراضي (5).

مسألة 2: يتساوى الرجل و المرأة في موجبات الأطراف

(مسألة 2): يتساوى الرجل و المرأة في موجبات الأطراف فيقتص لكل منهما عن الآخر متساويا الأطراف بلا ردّ في البين ما لم تبلغ جراحة المرأة ثلث دية الحر فإذا بلغته ترجع إلى النصف من الرجل فلا يقتص من الرجل لها إلا مع ردّ التفاوت (6).

______________________________

(5) لأن هذا القدر من التأخير لا يعد طلا لدم المسلم عند المتشرعة، لفرض وجود العذر في البين، نعم لا بد و أن يكون الامتناع عن الأداء لعذر مقبول، و إلا فيرجع إلى الحاكم الشرعي.

(6) كل ذلك للإجماع، و النصوص المستفيضة، منها معتبرة أبان بن تغلب قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما تقول في رجل قطع إصبعا من أصابع المرأة، كم فيها؟ قال: عشرة من الإبل، قلت: قطع اثنتين، قال: عشرون، قلت:

قطع ثلاثا؟ قال: ثلاثون، قلت: قطع أربعا؟ قال: عشرون، قلت: سبحان اللّه يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون و يقطع أربعا فيكون عليه عشرون؟! إن هذا كان يبلغنا و نحن بالعراق فنبرأ ممن قاله و نقول: الذي جاء به شيطان، فقال: مهلا يا أبان هذا حكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، إن المرأة تقابل الرجل إلى ثلث الدية، فإذا بلغت الثلث رجعت إلى النصف، يا أبان إنك أخذتني بالقياس، و السنة إذا قيست محق الدين» (1).

و في معتبرة جميل قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة بينها و بين الرجل قصاص؟ قال: نعم في الجراحات حتى تبلغ الثلث سواء، فإذا بلغت الثلث سواء ارتفع الرجل و سفلت المرأة» (2)، إلى غير ذلك من الروايات،

ص: 219


1- الوسائل: باب 44 من أبواب ديات الأعضاء: 1.
2- الوسائل: باب 1 من أبواب قصاص الطرف: 3.
مسألة 3: لو قتل حرّ أكثر من حر فلأولياء المقتولين قتله

(مسألة 3): لو قتل حرّ أكثر من حر فلأولياء المقتولين قتله (7)، و لا يجوز للباقين أخذ الدية إلا بالرضا (8).

______________________________

و صريحها هو التساوي بينهما في الأطراف ما لم تبلغ الثلث، فإذا بلغت الثلث رجعت إلى النصف سواء تجاوزت عن الثلث أو لا.

و لكن عن بعض تساوي جرحاتهما ما لم تتجاوز الثلث، متمسكا بجملة من الأخبار، كقول الصادق عليه السّلام في معتبرة ابن أبي يعفور: «فإذا جاز الثلث أضعف الرجل» (1)، و في خبر أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجراحات؟ فقال عليه السّلام: جراحة المرأة مثل جراحة الرجل ضعفين على جراحة المرأة» (2)، و في صحيح الحلبي قال: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن جراحات الرجال و النساء في الديات و القصاص سواء؟ فقال: الرجال و النساء في القصاص السن بالسن، و الشجة بالشجة، و الإصبع بالإصبع سواء حتى تبلغ الجراحات ثلث الدية، فإذا جازت الثلث صيرت دية الرجال في الجراحات ثلثي الدية، و دية النساء ثلث الدية» (3)، فاستفيد منها المجاوزة عن الثلث.

و فيه- مضافا إلى ترجيح مثل معتبرة أبان على مثل هذه الأخبار أن المجاوزة تستعمل بنحوين، أحدهما بعنوان الموضوعية الخاصة، ثانيهما بعنوان الطريقية إلى تحقق ما قبله، و مقتضى الجمع بين الأدلة، و صدر أدلة التجاوز و ذيلها، هو كون التجاوز بعنوان الطريقية لا الموضوعية، فيجمع تمام الأخبار على شي ء واحد، و يمكن أن يكون مراد البعض القائل باعتباره ذلك أيضا.

(7) لعموم أدلة القصاص و القود.

(8) لما تقدم من القاعدة المستفادة قولهم عليهم السّلام: «لا يجني الجاني على

ص: 220


1- الوسائل: باب 1 من أبواب قصاص الطرف الحديث: 4 و 2 و 6.
2- الوسائل: باب 1 من أبواب قصاص الطرف الحديث: 4 و 2 و 6.
3- الوسائل: باب 1 من أبواب قصاص الطرف الحديث: 4 و 2 و 6.

الثاني: التساوي في الدّين

اشارة

الثاني: التساوي في الدّين (9)، فلا يقتل مسلم بكافر مع عدم اعتياده قتل الكفار (10).

______________________________

أكثر من نفسه»، أو من قوله عليه السّلام: «ليس يجني أحد أكثر من جنايته على نفسه» (1)، فإذا اقتص بعضهم منه فلا موضوع لأخذ الدية حينئذ. و أما قاعدة أنه: «لا يبطل دم امرئ مسلم» (2)، في ظرف بقاء الموضوع كالهرب و نحوه، لا إذهاب الموضوع بوجه صحيح شرعي، فلا يبقى حينئذ حق آخر بالنسبة إليه. نعم لأولياء الباقين مطالبة الدية من الحاكم الشرعي، و هو يرى المصلحة في ذلك، إما أن يدفعها من بيت مال المسلمين، أو يلزم القاتل بالدفع حفظا للنظام و إذهاب الخصومات بين الأنام.

(9) إجماعا، و نصوصا مستفيضة، منها قول أبي جعفر عليه السّلام في معتبرة ابن قيس: «لا يقاد مسلم بذمي في القتل، و لا في الجراحات، و لكن يؤخذ من المسلم جنايته للذمي على قدر دية الذمي ثمانمائة درهم» (3)، و في موثق إسماعيل بن الفضل قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المسلم هل يقتل بأهل الذمة؟ قال: لا، إلا أن يكون معوّدا لقتلهم، فيقتل و هو صاغر» (4).

و أما ما يظهر منه الخلاف مثل رواية أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«إذا قتل المسلم النصراني فأراد أهل النصراني أن يقتلوه قتلوه، و أدوا فضل ما بين الديتين» (5)، و قريب منها غيرها (6)، محمول على الاعتياد كما يأتي.

(10) أما الأول: فلما مرّ، و أما مع الاعتياد فللإجماع، و النصوص، منها معتبرة إسماعيل بن الفضل قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن دماء المجوس

ص: 221


1- تقدم في صفحة: 218.
2- راجع الوسائل: باب 4 من أبواب العاقلة: 1.
3- الوسائل: باب 47 من أبواب قصاص النفس الحديث: 5.
4- الوسائل: باب 47 من أبواب قصاص النفس الحديث: 6 و 4 و 2.
5- الوسائل: باب 47 من أبواب قصاص النفس الحديث: 6 و 4 و 2.
6- الوسائل: باب 47 من أبواب قصاص النفس الحديث: 6 و 4 و 2.
مسألة 4: لا فرق بين أنواع الكفار من الحربي و الذمي و المستأمن و غيرهم

(مسألة 4): لا فرق بين أنواع الكفار من الحربي و الذمي و المستأمن و غيرهم (11)، و لو كان الكافر محرم القتل كالذمي و المعاهد يعزّر لقتله و يغرم المسلم دية الذمي منهم (12).

مسألة 5: يقتص من المسلم المعتاد لقتل الذمي بعد ردّ فاضل ديته

(مسألة 5): يقتص من المسلم المعتاد لقتل الذمي بعد ردّ فاضل ديته (13).

______________________________

و اليهود و النصارى، هل عليهم و على من قتلهم شي ء إذا غشوا المسلمين و أظهروا العداوة لهم؟ قال: لا، إلا أن يكون متعودا لقتلهم، قال: و سألته عن المسلم هل يقتل بأهل الذمة و أهل الكتاب إذا قتلهم؟ قال: لا، إلا أن يكون معتادا لذلك لا يدع قتلهم، فيقتل و هو صاغر» (1)، و تقدم ما يدلّ على ذلك. هذا في غير الحربي و أما فيه فلا يقتل المسلم مطلقا.

ثمَّ إنه يتحقق الاعتياد بالقتل الثاني، لأنه من العود، و هو يصدق بالمرة الثانية.

(11) لإطلاق الأدلة الشامل للجميع بلا وجود مقيد في البين، و إن ورد لفظ «الذمي» في جملة منها، لكن الأدلة تشمل المستأمن و الحربي بالأولوية، بل القطعية في الأخير.

(12) إجماعا، و نصا تقدم في قول أبي جعفر عليه السّلام.

(13) أما أصل جواز الاقتصاص من المسلم المعتاد لقتل الذمي، فقد تقدم وجهه، و أما فاضل الدية، فلمعتبرة سماعة عن الصادق عليه السّلام: «في رجل يقتل رجلا من أهل الذمة، فقال: هذا حديث شديد لا يحتمله الناس، و لكن يعطي الذمي دية المسلم ثمَّ يقتل به المسلم» (2)، و في رواية ابن مسكان عن الصادق عليه السّلام أيضا: «إذا قتل المسلم يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا فأرادوا أن

ص: 222


1- الوسائل: باب 47 من أبواب قصاص النفس الحديث: 1.
2- الوسائل: باب 47 من أبواب قصاص النفس الحديث: 3.
مسألة 6: يقتل الذمي بالذمي و بالذمية مع ردّ فاضل الدية

(مسألة 6): يقتل الذمي بالذمي و بالذمية مع ردّ فاضل الدية (14)، و الذمية بمثلها و الذمي مع عدم رد الفضل (15)، بلا فرق بين اختلاف الملة و وحدتها (16)، فيقتل اليهودي بالنصراني و بالعكس و المجوسي بهما و بالعكس (17).

مسألة 7: لو قتل ذمي مسلما عمدا دفع هو و ماله إلى أولياء المقتولين

(مسألة 7): لو قتل ذمي مسلما عمدا دفع هو و ماله إلى أولياء المقتولين و يتخيرون بين قتله و استرقاقه (18)،

______________________________

يقيدوا ردّوا فضل دية المسلم و أقادوه» (1)، و قريب منهما غيرهما المحمولة على الاعتياد، كما مر ورد فاضل الدية كما هو الصريح منها.

(14) لعموم قوله تعالى النَّفْسَ بِالنَّفْسِ (2)، و ظهور الإجماع، و قول علي عليه السّلام في معتبرة السكوني: «يقتص اليهودي و النصراني و المجوسي بعضهم من بعض، و يقتل بعضهم بعضا إذا قتلوا عمدا» (3).

و أما قتل الذمي بالذمية مع ردّ الفاضل، فقد تقدم نظيره في قتل المسلم للمسلمة، فيجري في المقام بالفحوى.

(15) لما تقدم من القاعدة في المسلم من أنه: «لا يجني الجاني على أكثر من نفسه» (4).

(16) للإجماع، و لأن الكفر ملة واحدة، و لما مرّ من إطلاق قول علي عليه السّلام في معتبرة السكوني.

(17) لعدم الفرق بين الجميع في الكفر، كما أن الحكم كذلك بين فرق المسلمين.

(18) إجماعا، و نصا، قال أبو جعفر عليه السّلام في معتبرة ضريس الكناسي: «في

ص: 223


1- الوسائل: باب 47 من أبواب قصاص النفس الحديث: 2.
2- سورة المائدة الآية: 45.
3- الوسائل: باب 48 من أبواب قصاص النفس: 1.
4- تقدم في صفحة: 218.

بلا فرق بين كون المال عينا أو دينا منقولا أو لا، و لا بين كونه مساويا لفاضل دية المسلم أو زائدا عليه أو مساويا للأصل الدية أو زائدا عليه (19).

مسألة 8: أولاد الذمي القاتل أحرار لا يسترق أحد منهم لقتل والدهم

(مسألة 8): أولاد الذمي القاتل أحرار لا يسترق أحد منهم لقتل والدهم (20)، و لو أسلم الذمي القاتل قبل الاسترقاق يسقط الاسترقاق و يتعين القتل (21).

______________________________

نصراني قتل مسلما، فلما أخذ أسلم، قال: اقتله به، قيل: و إن لم يسلم؟ قال: يدفع إلى أولياء المقتول، فإن شاؤوا قتلوا، و إن شاؤوا عفوا، و إن شاؤوا استرقّوا، قيل:

و إن كان معه عين (مال)، قال: دفع إلى أولياء المقتول هو و ماله» (1)، و عن الصادق عليه السّلام: «في معتبرة عبد اللّه بن سنان: «في نصراني قتل مسلما فلما أخذ أسلم، قال: اقتله به، قيل: فإن لم يسلم؟ قال: يدفع إلى أولياء المقتول هو و ماله» (2).

(19) كل ذلك لإطلاق قول الصادق عليه السّلام فيما تقدم، و ما مرّ في قول أبي جعفر عليه السّلام من لفظ «عين»، لا يراد بهما العين في مقابل الدين و المنفعة، بل المراد به الذات الشاملة لكل ما له ذات، و لو كان من الأعراض و الاعتباريات.

(20) لأصالة بقاء الحرية بلا دليل يدل على التبعية، مع إطلاق قوله تعالى:

وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (3).

(21) لعموم أدلة القصاص، و الإجماع، و تقدمت معتبرة ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في نصراني قتل مسلما. فلما أخذ أسلم، قال: اقتله به، قيل: فإن لم يسلم، قال: يدفع إلى أولياء المقتول هو و ماله»، كما مر في صحيح الكناسي أيضا.

ص: 224


1- الوسائل: باب 49 من أبواب القصاص في النفس: 1.
2- التهذيب ج: 10 صفحة: 190.
3- الإسراء الآية: 15.
مسألة 9: لو قتل الكافر كافرا و أسلم لم يقتل به

(مسألة 9): لو قتل الكافر كافرا و أسلم لم يقتل به (22)، بل عليه الدية إن كان المقتول ذا دية (23).

مسألة 10: يقتل ولد الرشدة بولد الزنية إن وصف الإسلام حين تمييزه و إن لم يبلغ

(مسألة 10): يقتل ولد الرشدة بولد الزنية إن وصف الإسلام حين تمييزه و إن لم يبلغ (24)، بل و كذا قبل التمييز أو بعده و قبل إسلامه (25).

مسألة 11: لو قطع مسلم يد ذمي عمدا فأسلم و سرت الجناية إلى نفسه فلا يقتص من الطرف و لا يقاد من النفس

(مسألة 11): لو قطع مسلم يد ذمي عمدا فأسلم و سرت الجناية إلى نفسه فلا يقتص من الطرف و لا يقاد من النفس و عليه دية النفس كاملة (26)، و كذا لو قطع صبي يد بالغ فبلغ ثمَّ سرت جنايته فلا قصاص في الطرف و لا قود في النفس بل على عاقلته دية النفس (27).

______________________________

(22) لما مر من اعتبار المساواة في الدين للقصاص.

(23) لعموم أدلتها الشامل لهذه الصورة أيضا بعد سقوط القصاص بالإسلام.

(24) لعمومات القصاص، و إطلاقاته، بعد وجود المقتضي و فقد المانع بناء على قبول إسلامه، كما تقدم في كتاب الطهارة (1).

(25) لإطلاق قوله تعالى النَّفْسَ بِالنَّفْسِ (2)، الشامل للمقام أيضا، بعد عدم حكمهم بكفر ولد الزنا، بل يحكمون بطهارته الكاشف شرعا عن تغليب الإسلام مهما أمكن.

إلا أن يقال: إن تغليب الإسلام حكم تسهيلي امتناني، لا يشمل ما يتعقبه القتل، و لكن في كون ذلك من العلة المطردة إشكال، بل منع. نعم هو من الحكمة في الجملة.

(26) لعدم تحقق الشرط حين حدوث الجناية، و هو التساوي في الدين، فتتعين الدية على ذمة الجاني لا محالة.

(27) لأن الجناية لم تكن موجبة للقصاص على الجاني حال حصولها من

ص: 225


1- راجع ج: 1 صفحة: 380.
2- سورة المائدة الآية: 45.
مسألة 12: لو قطع يد حربي- أو مرتد- فأسلم فلا قود و لا دية

(مسألة 12): لو قطع يد حربي- أو مرتد- فأسلم فلا قود و لا دية (28)، و لو رماه فأصابه بعد إسلامه فعليه الدية فقط بلا قصاص (29)، و كذا لو رمى ذميا فأسلم ثمَّ أصابه الرمي فيؤدى و لا يقاد منه (30).

مسألة 13: إذا قتل مرتد ذميا يقتل به

(مسألة 13): إذا قتل مرتد ذميا يقتل به و إن قتله و رجع إلى الإسلام فلا يقتل به و عليه دية الذمي (31)،

______________________________

جهة فقد الشرط، لصغر الجاني، و بلوغ المجني عليه، بل وقعت الجناية من حين حصولها مضمونة على العاقلة، فلا موجب للتغيير و التبديل، بل مقتضى الأصل بقاؤه.

(28) لأن الجناية كانت غير مضمونة على العاقلة، فلا موجب للتغيير، بل مقتضى الأصل بقاء عدم الضمان مطلقا، و ما كان أصله بلا أثر لا يحصل فيه ذلك إلا بدليل قاطع و برهان ساطع.

و ما يقال: من أنه من سنخ الأفعال التوليدية، فيترتب الأثر على البقاء و إن لم يكن في الحدوث كذلك.

مخدوش: لأن سنخ التوليديات يحتاج إلى دليل خاص في الجنايات، و هو في المقام مفقود. و لو أراد الاحتياط بالتراضي و التصالح مع المجني عليه، فهو حسن على كل حال.

(29) أما الدية: فلئلا يبطل دم امرئ مسلم مع أصالة الضمان في الجنايات مطلقا، إلا ما خرج بالدليل، و لا دليل عليه في المقام.

و أما عدم القصاص: فلأنه لا بد أن يستند إلى كل من الجناية و السراية، الجامعتين للشرائط المعتبرة في كل واحدة منهما، و أصل حدوث الجناية في المقام لا أثر له، لكونها هدرا، فيكون المقام نظير تحقق المعلول بلا علة تامة.

(30) لما مرّ في سابقة من غير فرق.

(31) أما الأول: فلإطلاق أدلة القصاص، و إن الكفر ملة واحدة، فيتحقق

ص: 226

و لو قتل ذمي مرتدا و لو عن فطرة قتل به (32)، و لو قتله مسلم فلا قصاص و لا دية عليه و لكن يعزّر بما يراه الحاكم (33).

مسألة 14: إذا وجب على مسلم قصاص فقتله غير الولي كان عليه القود

(مسألة 14): إذا وجب على مسلم قصاص فقتله غير الولي كان عليه القود (34)، و لو وجب قتل مسلم لأجل الزنا و اللواط مثلا فقتله غير الحاكم ففي ثبوت القود أو الدية وجهان (35).

______________________________

التساوي بينهما لا محالة.

و أما الثاني: فلعموم قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «لا يقتل مؤمن بكافر» (1)، و لقاعدة: «الإسلام يجبّ ما قبله» (2).

و أما الأخير: فلظهور الإجماع.

(32) لإطلاقات أدلة القصاص، و عموماتها، بلا مقيد و مخصص في البين، مضافا إلى الإجماع.

(33) أما الأول: فلعدم المساواة كما تقدم.

و أما الثاني: فلعدم الاحترام.

و أما الأخير: فلحفظ ظاهر النظام، لئلا يقع الهرج و المرج بين الأنام.

(34) لعموم أدلة القصاص، و إطلاقاتها، و سقوط احترامه بالنسبة إلى الولي لا يوجب سقوطه مطلقا، مضافا إلى ظهور الإجماع.

(35) من كونه مهدور الدم، و مسلوب الاحترام في الجملة، فلا شي ء على قاتله. و من أن هدرية دمه و سلب احترامه بالنسبة إلى الحاكم لا يوجبان سلب احترامه مطلقا و بالنسبة إلى كل أحد، فلا بد من التدارك.

و يمكن الاختلاف باختلاف الموارد و الخصوصيات، و يكون تعيينها بنظر الحاكم الشرعي، و يشهد له خبر ابن المسيب: «أن معاوية كتب إلى أبي

ص: 227


1- مستدرك الوسائل: باب 41 من أبواب القصاص في النفس.
2- راجع ج: 7 صفحة: 288.
مسألة 15: لو شككنا في كافر أنه ذمي حتى يترتب عليه أحكامه أو لا؟

(مسألة 15): لو شككنا في كافر أنه ذمي حتى يترتب عليه أحكامه أو لا؟ لا يجري عليه أحكام الذمة (36).

مسألة 16: الجنايات الواردة من الذمي على ميت مسلم بحكم ما ورد على المسلم الحي

(مسألة 16): الجنايات الواردة من الذمي على ميت مسلم بحكم ما ورد على المسلم الحي و الجنايات الواردة على ميت الذمي لا تكون كالجنايات الواردة على الذمي الحي (37).

الثالث: انتفاء الأبوّة فلا يقتل الأب بقتل ابنه

اشارة

الثالث: انتفاء الأبوّة فلا يقتل الأب بقتل ابنه (38)،

______________________________

موسى الأشعري: إن أبي الجسرين وجد رجلا مع امرأته فقتله، و قد أشكل عليّ القضاء فسل لي عليا عن هذا، قال أبو موسى: فلقيت عليا عليه السّلام فسألته، فقال علي عليه السّلام: و اللّه ما هذا في هذه البلاد يعني الكوفة، و لا هذا بحضرتي، فمن أين جاءك هذا؟ قلت: كتب إليّ معاوية- إلى أن قال- فقال عليه السّلام: أنا أبو الحسن إن جاء بأربعة يشهدون على ما شهد و إلا دفع برمته» (1).

(36) للأصل بعد عدم إحراز الموضوع.

(37) أما الأول: فلما تقدم من القاعدة: «حرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا».

و أما الثاني: فللأصل، و انتفاء أحكام الذمة بالموت إلا أن يشترط احترام أمواتهم في ضمن عقد الذمة، فحينئذ يتبع الشرط لا محالة.

نعم، للحاكم الشرعي تعزير الجاني بما يراه، لما تقدم مكررا من ولايته على قلع مادة الفساد مهما أمكن، و المقام منه.

(38) إجماعا من المسلمين، و نصوصا بين الفريقين، فعن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «لا يقتل والد بالولد» (2)، و عن الصادق عليه السّلام في معتبرة فضيل بن يسار: «لا يقتل الرجل بولده إذا قتله، و يقتل الولد بوالده إذا قتل

ص: 228


1- الوسائل: باب 69 من أبواب القصاص في النفس.
2- سنن الترمذي كتاب الديات باب: 9.

و كذا أب الأب و إن علا (39).

مسألة 17: تجب الكفارة على الأب بقتل ابنه و الدّية و ترثها الورثة

(مسألة 17): تجب الكفارة على الأب بقتل ابنه و الدّية و ترثها الورثة و لا يرث هو منها (40)، و التعزير بما يراه الحاكم (41).

مسألة 18: لا يقتل الأب بقتل ابنه و إن خالفه في الدين و الحرية

(مسألة 18): لا يقتل الأب بقتل ابنه و إن خالفه في الدين و الحرية فلا يقتل النصراني بقتل ابنه المسلم و لا العبد بقتل ابنه الحر (42).

مسألة 19: يقتل الولد بقتل أبيه. و الأم و إن علت يقتل ولدها

(مسألة 19): يقتل الولد بقتل أبيه. و الأم و إن علت يقتل ولدها و يقتل الولد بقتل أمه و الأقارب كالأجداد و الجدات من طرف الأم و الأخوة من الطرفين و الأعمام و العمات و الأخوال و الخالات (43).

______________________________

«والده» (1)، و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن الرجل يقتل ابنه، أ يقتل به؟ قال: لا» (2)، إلى غير ذلك من الروايات.

(39) للإطلاق بعد صدق الموضوع لغة و عرفا، و ظهور الإجماع، مضافا إلى إمكان دعوى الفحوى.

(40) أما الأولان: فللأصل، و الإجماع، و أما إرث الورثة من الدية و عدم إرث القاتل منها، فيأتي في كتاب الإرث إن شاء اللّه تعالى.

(41) لأنه فعل محرما، و للحاكم أن يعزّر مرتكب كل حرام بما يريد، و عليه يحمل رواية جابر عن أبي جعفر عليه السّلام: «في الرجل يقتل ابنه أو عبده، قال:

لا يقتل به، و لكن يضرب ضربا شديدا، و ينفى عن مسقط رأسه» (3).

(42) لظهور إطلاق الفتاوى و النصوص كما مر، مع أن هذا من مختصات مقام الأبوة متساويين كانا، أو مختلفين.

(43) كل ذلك لشمول عمومات القصاص، و إطلاقاته، و الإجماع بلا دليل في البين على الخلاف، و يختص الدليل بخصوص الأب فقط، و في معتبرة أبي

ص: 229


1- الوسائل: باب 32 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 3، 7.
2- الوسائل: باب 32 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 3، 7.
3- الوسائل: باب 32 من أبواب القصاص في النفس: 9.
مسألة 20: لو ادّعى اثنان لقيطا

(مسألة 20): لو ادّعى اثنان لقيطا (44)، فإن قتله أحدهما قبل القرعة فلا قود (45)، و لو قتلاه معا فالأرجح الرجوع إلى القرعة (46)، و لو ادعياه ثمَّ رجع أحدهما و قتلاه توجه القصاص على الراجع (47)، لكن بعد ردّ ما يفضل عن جنايته (48)،

______________________________

عبيدة قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل قتل أمه؟ قال: يقتل بها صاغرا، و لا أظن قتله بها كفارة له، و لا يرثها» (1).

(44) بأن ادعى كل واحد منهما أنه ولده و هو والده، و انحصر طريق التعيين بالقرعة.

(45) لاحتمال أبوه القاتل، فلا يتحقق مورد القود، و هو إحراز عدم الأبوة بوجه معتبر شرعا، فتثبت الشبهة الدارئة عن الحدّ.

إن قيل: يعين مورد القصاص بالقرعة لتعيين الأبوة، فإن خرجت اسم القاتل أنه ليس بأب يقتل حينئذ، لئلا: «يبطل دم امرئ مسلم» (2).

يقال: الشك في شمول دليل القرعة لمثل الفرض، يكفي لعدم صحة التمسك به.

(46) للعلم الإجمالي بتعلق حق القصاص بأحدهما، و عدم جواز طل دم امرئ مسلم، و عموم دليل القرعة لكل مشكل، و الاحتياط في التهجم على الدماء، فمقتضى عموم أدلة القصاص الرجوع إلى القرعة و العمل بها.

(47) لانتفائه عنه برجوعه عن دعواه، فيكون المقتضي للقصاص بالنسبة إليه موجودا، و المانع عنه مفقودا، فتشمله عمومات القصاص لا محالة.

(48) لفرض أن القتل وقع بالشركة منه و من غيره، و لا بد في القصاص من التساوي و التوازن.

ص: 230


1- الوسائل: باب 32 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 5.
2- الوسائل: باب 4 من أبواب العاقلة: 1.

و على الآخر نصف الدية بعد انتفاء القصاص عنه (49)، و لو قتله الراجع خاصة اختص بالقصاص (50). و لو قتله الآخر لا يقتص منه (51)، و لو رجعا معا فللوارث أن يقتص منهما بعد رد دية نفس عليهما (52)، و كذا لو رجعا أو رجع أحدهما بعد القتل أو رجع من أخرجته القرعة سواء بقي الآخر على الدعوى أو لا (53).

مسألة 21: إذا قتل أحد الأخوين أباهما و الآخر أمهما

(مسألة 21): إذا قتل أحد الأخوين أباهما و الآخر أمهما فلورثة الأبوين حق الاقتصاص من كل منهما (54)، فلو بادر أحد الأخوين و قتل الآخر و لم يكن مأذونا من جميع الورثة فلولي المقتول حق الاقتصاص من القاتل (55)،

______________________________

(49) أما النصف: فلفرض اشتراكهما في القتل، و أما انتفاء القصاص عنه:

فلفرض بقائه على دعوى الأبوة، و عدم رجوعه عنها.

(50) لوجود مقتضى القصاص بالنسبة إليه فقط، و فقد المانع عنه، فلا بد و أن يؤثر دليل القصاص أثره حينئذ.

(51) لبقائه على دعوى أنه ولده، و لا يقتص من الوالد بالولد، كما مر.

(52) أما الاقتصاص منهما: فلفرض الشركة في القتل. و أما رد دية النفس فلأن الشركة إنما توجب تعلّق الحق بالنصف، و يبقى النصف الآخر غير مستحق للاقتصاص، فلا بد من الدية جمعا بين الحقين و رفعا للتخاصم من البين.

(53) لأن الحكم في الرجوع و عدمه مطابق للقاعدة، لا يختلف فيه الحال بين أفراده.

(54) لأن الورثة ولي الدم، فلهم حق الاقتصاص حينئذ.

(55) لما مرّ في سابقة من غير فرق، و لكن على ورثة الأخ المقتول ردّ مقدار حقه اليه، فلو كان ورثة الأبوين خمسة- مثلا- أحدهم قتل الأب، و الآخر منهم قتل الأم فقتله قاتل الأب من دون رضاء بقية الورثة، فلورثة أخ المقتول

ص: 231

و لو لم يكن للأبوين ورثة يكون حق الاقتصاص للحاكم الشرعي (56).

مسألة 22: إذا قتل شخص آخر و ادعى القاتل أن المقتول ابنه يقتل

(مسألة 22): إذا قتل شخص آخر و ادعى القاتل أن المقتول ابنه يقتل و لا يسمع منه إلا بالبينة الشرعية (57).

مسألة 23: لو قتل رجل زوجته يثبت القصاص عليه لولدها منه

(مسألة 23): لو قتل رجل زوجته يثبت القصاص عليه لولدها منه (58).

______________________________

إعطاء ما يقابل حقه إليه أي الخمس، ثمَّ القود منه و أخذ دية الأم من ماله.

(56) لأنه ولي من لا ولي له.

(57) أما عدم ثبوت دعواه: فللأصل، فيترتب عليه القود، لوجود المقتضي و فقد المانع حينئذ، و أما ثبوتها بالبينة فلعموم أدلة حجية البينة، كما تقدم مكررا.

(58) لعمومات أدلة القصاص و إطلاقاتها الشاملة للمقام، و لا مانع في البين إلا ما تقدم من قوله عليه السّلام: «لا يقاد والد بولده» (1)، و هو ظاهر في القتل المباشري، و الشك في شموله لنظائر المقام يكفي في عدم صحة التمسك بإطلاقه.

فما نسبه المسالك إلى المشهور من أنه لا يثبت حق القصاص لهذا الولد، لإطلاق ما تقدم من الحديث و أمثاله.

مخدوش لما عرفت.

و أما صحيح محمد بن مسلم المتقدم في قذف الوالد ولده بما يوجب الحدّ (2)، و أنه لا يجري على الوالد الحدّ بقذف ابنه، ففي شموله للمقام إشكال.

نعم لا يترك الاحتياط.

ص: 232


1- الوسائل: باب 32 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 1.
2- راجع صفحة: 20.

الرابع: الكمال بالبلوغ و العقل

اشارة

الرابع: الكمال بالبلوغ و العقل (59).

مسألة 24: لا يقاد من المجنون و لا قصاص عليه

(مسألة 24): لا يقاد من المجنون و لا قصاص عليه سواء كان المقتول عاقلا أو مجنونا و سواء كان مطبقا أو أدواريا إذا وقع القتل في دور جنونه (60). بل تثبت الدية على عاقلته (61)، و كذا لا يقتل الصبي بصبي و لا ببالغ و عمده خطاء تكون الدية على عاقلته (62).

______________________________

(59) لقول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «رفع القلم عن المجنون حتى يفيق» (1)، مضافا إلى الإجماع، و نصوص تأتي الإشارة إليها إن شاء اللّه تعالى.

(60) لإطلاق ما تقدم من النصوص، مضافا إلى الإجماع، كما عرفت.

(61) إجماعا، و نصوصا، منها قول أبي جعفر الباقر عليه السّلام في الصحيح: «كان أمير المؤمنين عليه السّلام يجعل جناية المعتوه على عاقلته، خطأ كان أو عمدا» (2).

و عن الصادق عليه السّلام في معتبرة السكوني: «أن محمد بن أبي بكر كتب إلى أمير المؤمنين عليه السّلام يسأله عن رجل مجنون قتل رجلا عمدا، فجعل الدية على قومه و جعل عمده و خطأه سواء» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و إذا لم تكن له عاقلة، فالدية على بيت المال يدفعها الحاكم الشرعي كما يأتي.

(62) إجماعا، و نصوصا عامة و خاصة، فمن الأولى قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله:

«رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم» (4)، و من الثانية جملة من الأخبار منها قول علي عليه السّلام: «عمد الصبيان خطأ تحمله العاقلة» (5).

و أما معتبرة السكوني عن الصادق عليه السّلام: «في رجل و غلام اشتركا في رجل

ص: 233


1- الوسائل: باب 4 من أبواب مقدمة العبادات.
2- الوسائل: باب 11 من أبواب العاقلة الحديث: 1 و 5.
3- الوسائل: باب 11 من أبواب العاقلة الحديث: 1 و 5.
4- الوسائل: باب 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 11.
5- الوسائل: باب 11 من أبواب العاقلة: 3.
مسألة 25: يتحقق البلوغ في الذكر إما بالسن و هو إكمال خمسة عشر سنة هلالية أو بسائر الأمارات المعتبرة شرعا

(مسألة 25): يتحقق البلوغ في الذكر إما بالسن و هو إكمال خمسة عشر سنة هلالية أو بسائر الأمارات المعتبرة شرعا كالإنبات و الاحتلام على ما تقدم (63)، و في الأنثى بإكمال تسع سنة هلالية أو بالحيض و الإنبات كما مر.

مسألة 26: لو قتل في حال عقله ثمَّ ذهب عقله يثبت القصاص و لا يسقط

(مسألة 26): لو قتل في حال عقله ثمَّ ذهب عقله يثبت القصاص و لا يسقط (64)،

______________________________

فقتلاه، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: إذا بلغ الغلام خمسة أشبار اقتص منه، و إذا لم يكن بلغ خمسة أشبار قضى بالدية» (1)، و كذا معتبرة الحسن بن راشد عن العسكري عليه السّلام: «أنه إذا بلغ ثمان سنين فجائز أمره في ماله، و قد وجبت عليه الفرائض و الحدود» (2)، و في المرسل في الكتب الفقهية: «يقتص من الصبي إذا بلغ عشرا»، فلا بد في الجميع من الحمل أو الطرح، للأصل، و الإعراض، و المعارضة بغيرها، كما تقدم.

(63) تقدم التفصيل في كتاب الحجر (3)، فراجع، فلا وجه للتكرار و الإعادة.

(64) للأصل، و الإجماع، و معتبرة بريد العجلي، قال: «إن أبا جعفر عليه السّلام سئل عن رجل قتل رجلا فلم يقم عليه الحدّ، و لم تصح الشهادة حتى خولط و ذهب عقله، ثمَّ إن قوما آخرين شهدوا عليه بعد ما خولط أنه قتله؟ فقال:

إن شهدوا عليه انه قتله حين قتله و هو صحيح ليس به علة من فساد عقل، قتل به، و إن لم يشهدوا عليه بذلك و كان له مال يعرف، دفعت إلى ورثة المقتول الدية

ص: 234


1- الوسائل: باب 11 من أبواب العاقلة: 4.
2- الوسائل: باب 28 من أبواب حد السرقة: 13.
3- راجع ج: 21 صفحة: 121.

سواء ثبت القتل بالبينة أو بالإقرار حال صحته (65).

مسألة 27: لا يعتبر الرشد في مقابل السفه في القصاص

(مسألة 27): لا يعتبر الرشد في مقابل السفه في القصاص فلو قتل بالغ غير رشيد يثبت عليه القصاص (66).

مسألة 28: لو اختلف الولي و الجاني بعد الكمال بالبلوغ و العقل

(مسألة 28): لو اختلف الولي و الجاني بعد الكمال بالبلوغ و العقل فقال الولي: قتلته و أنت كامل، و أنكر الجاني ذلك فالقول قول الجاني بيمينه و تثبت الدية في ماله دون العاقلة (67)، بلا فرق بين الجهل بتاريخهما أو أحدهما (68)، هذا إذا لم تقم قرائن معتبرة لدى الحاكم على الخلاف و إلا فيعتمد عليها (69).

______________________________

من مال القاتل، و إن لم يترك مالا، أعطي الدية من بيت المال، و لا يبطل دم امرئ مسلم» (1)، و مما ذكرنا يظهر حكم الصبي أيضا كما تقدم.

(65) لإطلاق الدليل، و عدم فارق إلا بما لا يصح عليه التعويل.

(66) للإطلاقات، و العمومات، و عدم دليل على التخصيص به، كما قام على حجره عن التصرفات المالية، و مرّ في كتاب الحجر.

(67) أما تقديم قول المنكر، فلأصالة عدم الكمال، و أصالة البراءة عن القصاص بعد الشك في تحقق شرطه، مضافا إلى الإجماع.

و أما أن الدية في ماله، فللإقرار بأصل القتل فتثبت لا محالة.

و أما أنها ليست على العاقلة، فللأصل و لأنه وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (2)، إلا ببرهان واضح، و هو معلوم العدم.

(68) لشمول الدليل لجميع الأقسام بلا شبهة و لا كلام.

(69) لفرض اعتبارها شرعا، فتقدم على الأصل و المطلق و العام، كما في كل مقام.

ص: 235


1- الوسائل: باب 29 من أبواب القصاص في النفس: 1.
2- سورة الإسراء الآية: 15.
مسألة 29: لو ادعى الجاني عدم بلوغه فعلا و أمكن ذلك في حقه

(مسألة 29): لو ادعى الجاني عدم بلوغه فعلا و أمكن ذلك في حقه و لم يكن طريق لإثبات بلوغه إلا ذلك يقبل قوله بلا يمين (70)، و لا أثر للإقرار بالقتل إلا بعد العلم بزمان بلوغه و بقائه على الإقرار به (71).

مسألة 30: لو قتل الكامل الصبي قتل به

(مسألة 30): لو قتل الكامل الصبي قتل به و الأحوط لوليه التصالح بالدية (72).

و لا يقتل العاقل بالمجنون (73).

______________________________

(70) أما قبول قوله، فلانحصار الطريق فيه، و المفروض إمكانه في حقه.

و أما عدم اليمين، فللزوم الخلف، لأن الحلف إنما هو لإثبات المحلوف عليه، و لو ثبت صباه بطلت يمينه.

إلا أن يقال بعدم انحصار فائدة الحلف في ذلك، بل له فوائد منها فصل الخصومة، و قطع النزاع في الظاهر.

(71) لفرض عدم تكليفه بشي ء قبل ذلك.

(72) أما قتل الكامل لو قتل الصبي، فللعمومات من الكتاب و السنة، كما تقدم من دون ما يصلح للتخصيص و التقييد، مضافا إلى دعوى الإجماع، و عن الصادق عليه السّلام: «كل من قتل شيئا صغيرا أو كبيرا بعد أن يتعمّد، فعليه القود» (1).

و أما الاحتياط فللخروج عما نسب إلى الحلبي من خلافه في ذلك، و قال:

«إنه لا يقتل به»، فإن كان نظره إلى ما يأتي في المجنون فهو مخدوش، لأن استفادة الكبرى و الكلية مما ورد في المجنون مشكل جدا، و قد اعترف بعض بعدم المستند له.

(73) إجماعا، و نصا، ففي معتبرة أبي بصير المتقدمة قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل قتل رجلا مجنونا؟ فقال: إن كان المجنون أراده فدفعه عن

ص: 236


1- الوسائل: باب 19 من أبواب القصاص في النفس: 5.

و إن كان أدواريا مع كون القتل حال جنونه (74)، و تثبت الدية على القاتل مع العمد و شبهه و على العاقلة مع الخطاء المحض (75)، و لو كان المجنون أراده فدفعه عن نفسه فلا شي ء عليه من قود و لا دية و يعطى ورثته الدية من بيت مال المسلمين (76).

مسألة 31: لا قود على النائم و عليه الدية في ماله

(مسألة 31): لا قود على النائم و عليه الدية في ماله (77)،

______________________________

نفسه فقتله، فلا شي ء عليه من قود و لا دية، و يعطى ورثته الدية من بيت مال المسلمين، قال: و إن كان قتله من غير أن يكون المجنون أراده، فلا قود لمن لا يقاد منه، و أرى أن على قاتله الدية في ماله يدفعها إلى ورثة المجنون، و يستغفر اللّه و يتوب إليه» (1)، و لا فرق في المقتول بين أن يكون ابن المجنون، أو أجنبي عنه.

(74) لشمول الدليل له أيضا، بعد فرض كون القتل حال الجنون.

(75) لما يأتي من التفصيل.

(76) إجماعا، و نصا تقدم في معتبرة أبي بصير، و في رواية أبي الورد قال:

«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أصلحك اللّه رجل حمل عليه رجل مجنون فضربه المجنون ضربة فتناول الرجل السيف من المجنون فضربه فقتله، فقال عليه السّلام: أرى أن لا يقتل به، و لا يغرم ديته، و تكون ديته على الإمام، و لا يبطل دمه»(2).

و لكن يشكل الحكم في ما لو كان الجنون شديدا و خطرا، كالسبع الضاري، فيكون دمه هدرا حينئذ، و لا يكون على الإمام أو من بيت مال المسلمين، و لعل مراد المشهور ذلك.

(77) أما الأول: فللنص، و الإجماع، و عدم القصد، و عن علي عليه السّلام: «رفع القلم عن النائم حتى يستيقظ» (3).

ص: 237


1- الوسائل: باب 28 من أبواب القصاص في النفس: 1.
2- الوسائل: باب 28 من أبواب القصاص في النفس: 2.
3- الوسائل: باب 4 من أبواب مقدمة العبادات: 11.

و كذا المغمى عليه (78).

مسألة 32: الأعمى إن كان ملتفتا إلى الأمور متوجها إليها خبيرا بها

(مسألة 32): الأعمى إن كان ملتفتا إلى الأمور متوجها إليها خبيرا بها كما في بعض العميان فهو كالمبصر يكون عليه القود بعمده (79)، و إلا يكون عمده خطأ تحمله العاقلة (80).

______________________________

و أما الثاني: فلأصالة الضمان على المباشر إلا ما خرج بالدليل، و لا دليل على الخروج في المقام.

(78) أما بالنسبة إلى عدم القود: فلظهور الإجماع، و عدم القصد. و أما الدية فلأصالة الضمان، كما مر في النائم.

(79) لإطلاقات القصاص، و عموماته، مع وجود المقتضى و فقد المانع، فلا ريب في الشمول.

(80) للشك في شمول إطلاقات القصاص و عموماته له، و عليه يحمل قول الصادق عليه السّلام في معتبرة الحلبي: «في رجل ضرب رأس رجل بمعول فسالت عيناه على خديه، فوثب المضروب على ضاربه فقتله، فقال عليه السّلام: هذان متعدّيان جميعا، فلا أرى على الذي قتل الرجل قودا، لأنه قتله حين قتله و هو أعمى، و الأعمى جنايته خطأ تلزم عاقلته يؤخذون بها في ثلاث سنين في كل سنة نجما، فإن لم يكن للأعمى عاقلة لزمته دية ما جنى في ماله يؤخذ بها ثلاث سنين، و يرجع الأعمى على ورثة ضاربه بدية عينيه» (1).

و في معتبرة أبي عبيدة عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام: «سألته عن أعمى فقأ عين رجل صحيحة متعمّدا، فقال: يا أبا عبيدة إن عمد الأعمى مثل الخطأ، هذا في الدية من ماله، فإن لم يكن له مال فإن دية ذلك على الإمام، و لا يبطل حق مسلم» (2)، المحمول على ما إذا لم تكن له عاقلة، كما مرّ في معتبرة الحلبي.

فالأقسام ثلاثة:

ص: 238


1- الوسائل: باب 10 من أبواب العاقلة: 1.
2- الوسائل: باب 35 من أبواب القصاص في النفس: 1.
مسألة 33: السكران لعذر شرعي- و كان بحيث لا يحصل منه العمد و الاختيار- لا قصاص عليه

(مسألة 33): السكران لعذر شرعي- و كان بحيث لا يحصل منه العمد و الاختيار- لا قصاص عليه (81)، و أما إن كان آثما في سكره و كان بحيث يحصل منه العمد و الاختيار فعليه القود (82).

______________________________

الأول: ما لو أحرز فطانته في الأمور. و قد تقدم أن حكمه القصاص لو كان القتل عمدا.

الثاني: ما لو أحرز عدمه، فيكون عمده خطأ تحمله العاقلة، كما مر.

الثالث: ما شك فيه، و يمكن إلحاق القسم الثالث بالأول، لما يستفاد من مجموع أدلة الجنايات أصالة الاقتصاص، إلا ما خرج بدليل معتبر، و ليس هذا من التمسك بالأصل اللفظي حتى يقال أنه تمسك بالدليل في الموضوع المشكوك، و لكن مع ذلك في تأسيس هذا الأصل إشكال، لأنه تهجم على الدماء، فالعمدة هو الإجماع.

(81) لانتفاء القصد، مضافا إلى ظهور الإجماع.

(82) لوجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله الأدلة لا محالة.

و أما معتبرة السكوني عن الصادق عليه السّلام قال: «كان قوم يشربون فيتباعجون بسكاكين كانت معهم، فرفعوا إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فسجنهم، فمات منهم رجلان و بقي رجلان، فقال أهل المقتولين: يا أمير المؤمنين أقدهما بصاحبينا، فقال علي عليه السّلام: للقوم: ما ترون؟ قالوا: نرى أن تقيدهما، قال علي عليه السّلام: فلعل ذينك اللذين ماتا قتل كل واحد منهما صاحبه، قالوا لا ندري، فقال علي عليه السّلام:

بل أجعل دية المقتولين على قبائل الأربعة، و آخذ دية جراحة الباقين من دية المقتولين» (1)، فيمكن أن يكون قوله عليه السّلام: «فلعل ذينك ..» تسكيتا للقوم و اقحاما لدعواهم بإيقاع هذا الاحتمال في أذهانهم، و لذلك سكتوا، فلا يمكن أن يستفاد من الجملة المتقدمة لزوم القود و لا عدمه.

فما ذكره صاحب الجواهر (قدس اللّه نفسه الشريفة) من أن الجملة

ص: 239


1- الوسائل: باب 1 من أبواب موجبات الضمان الحديث: 2.

و كذا لو شك في حصولهما منه و عدمه (83)، و أما لو كان بحيث لا يحصلان منه فالأحوط عدم القصاص (84).

مسألة 34: لو شرب مرقدا، أو بنّج نفسه

(مسألة 34): لو شرب مرقدا، أو بنّج نفسه، و فعل غيرهما مما يحصل فعل السكر به يلحق بالسكران (85).

الخامس: أن لا يكون المقتول ممن أباح الشارع دمه

اشارة

الخامس: أن لا يكون المقتول ممن أباح الشارع دمه (86).

______________________________

المتقدمة ظاهرة في القود، مخدوش.

و ما في ذيل الحديث موافق لقاعدة احترام النفوس، و لزوم التضمين في الجراح و الدماء، و يظهر ما ذكرناه من صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين في أربعة شربوا مسكرا فأخذ بعضهم على بعض السلاح فاقتتلوا فقتل اثنان و جرح اثنان، فأمر المجروحين فضرب كل واحد منهما ثمانين جلدة، و قضى بدية المقتولين على المجروحين و أمر أن تقاس جراحة المجروحين فترفع من الدية، فإن مات المجروحان فليس على أحد من أولياء المقتولين شي ء» (1). و كيف كان فمقتضى القاعدة ما ذكرناه.

(83) لاستصحاب بقاء العمد و الاختيار في الفاعل المختار.

(84) من أنه تهجم على الدماء، فلا بد و أن يتأمل فيه. و من إمكان دعوى أصالة القصاص مطلقا، إلا ما خرج بالدليل، و قد مر أن هذا الأصل يستفاد من مجموع أدلة الجنايات، و كثرة اهتمام الشارع به مطلقا بعد أن تثبت الجناية، و لكن تقدم الإشكال فيه.

(85) للقطع بوحدة المناط في الجميع.

(86) نصوصا كما مرت (2) و إجماعا، و اعتبارا.

ص: 240


1- الوسائل: باب 1 من أبواب موجبات الضمان الحديث: 1.
2- راجع صفحة: 31- 35.
مسألة 35: لو قتل من أهدر الشرع دمه كالساب للنبي صلّى اللّه عليه و آله و المدافع عن نفسه أو عن عرضه

(مسألة 35): لو قتل من أهدر الشرع دمه كالساب للنبي صلّى اللّه عليه و آله و المدافع عن نفسه أو عن عرضه كما تقدم أو قصاصا فلا قود و لا قصاص (87).

مسألة 36: لو ثبت قتله للزنا أو اللواط أو نحوهما عند الحاكم الشرعي

(مسألة 36): لو ثبت قتله للزنا أو اللواط أو نحوهما عند الحاكم الشرعي فالأحوط ترك قتله من دون الاستيذان منه (88).

مسألة 37: لو ادعى الولي أن المقتول كان محقون الدم و ادعى القاتل أنه كان مهدورا

(مسألة 37): لو ادعى الولي أن المقتول كان محقون الدم و ادعى القاتل أنه كان مهدورا و لم يكن لأحدهما بينة فالمرجع حينئذ إلى الحاكم الشرعي (89).

مسألة 38: لو كان الأب مهدور الدم لارتداد و نحوه يجوز للابن قتله

(مسألة 38): لو كان الأب مهدور الدم لارتداد و نحوه يجوز للابن قتله (90).

______________________________

(87) لفرض أنه لا احترام لدم المقتول شرعا، فلا موضوع للقصاص حينئذ. هذا إذا ثبت إباحة الدم، و إلقاء الاحترام شرعا بالنسبة إلى مباشر القتل.

و أما غير ذلك فسيأتي حكمه.

(88) أما أصل جواز قتله، فلما تقدم من العمومات و الإطلاقات، و أما الاستيذان من الحاكم الشرعي مطلقا- خصوصا بالنسبة إلى الولد- فلأنه نصب لتشخيص هذه الجهات و تنظيمها و بما يقتضي نظره، فلا بد من المراجعة إليه.

(89) لأنه قد يكون من التداعي كما في المتن، و قد يكون من المدعي و المنكر، و لا بد في جميع ذلك من الرجوع إليه، لأنه منصوب لأمثال ذلك، و الشاهد يرى ما لا يراه الغائب.

(90) لفرض هدر دمه، فتشمله العمومات و الإطلاقات، كما مر.

ص: 241

فصل في ما يثبت به القتل

اشارة

فصل في ما يثبت به القتل يثبت القتل بأمور:

الأول: الإقرار

اشارة

الأول: الإقرار (1)، و يكفي مرة واحدة (2).

______________________________

(1) للإجماع، بل ضرورة من الفقه إن لم تكن من الدين، و قاعدة: «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» المسلمة بين جميع ذوي العقول، و قد تنسب تلك إلى نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله» (1).

(2) للإطلاقات، و العمومات الصادقة على مجرد تحقق صرف الطبيعة الحاصلة بالمرة، مضافا إلى نصوص خاصة مثل قوله عليه السّلام في معتبرة الفضيل:

«من أقرّ على نفسه عند الإمام بحق من حدود اللّه مرة واحدة- إلى أن قال- فعلى الإمام أن يقيم الحدّ عليه- إلى أن قال- و إذا أقرّ بقتل رجل لم يقتله حتى يحضر أولياء المقتول فيطالبوا بدم صاحبهم» (2)، و قريب منهما غيرها.

و نسب إلى جمع منهم الشيخ و ابن إدريس اعتبار المرتين، إما تنظيرا على السرقة، أو للاحتياط في الدماء.

و الأول: قياس باطل مع أنه مع الفارق.

و الثاني: لا يعارض ظواهر الأدلة.

ص: 242


1- راجع ج: 21 صفحة: 231.
2- الوسائل: باب 32 من أبواب مقدمات الحدود الحديث: 1.
مسألة 1: يعتبر في المقر البلوغ و العقل و القصد و الاختيار و الحرية

(مسألة 1): يعتبر في المقر البلوغ و العقل و القصد و الاختيار (3)، و الحرية (4)، فلا اعتبار بإقرار الصبي و إن كان مراهقا و لا المجنون و لا المكره و لا الساهي و لا النائم و لا الغافل و لا السكران الذي لا عقل و لا اختيار له (5).

مسألة 2: المحجور عليه لسفه أو فلس إن أقر بالقتل العمدي يقبل إقراره

(مسألة 2): المحجور عليه لسفه أو فلس إن أقر بالقتل العمدي يقبل إقراره (6)، و يقتص منه في الحال من دون انتظار لفك حجره (7)، و أما ما يوجب الدية فتثبت الدية في ذمة المحجور عليه بإقراره (8).

______________________________

(3) لأن ذلك كله من الشرائط العامة المعتبرة في حجية كل لفظ صادر من المتكلم، إنشاء كان أو إخبارا، و قد مرّ الوجه فيها في كتاب الإقرار (1)، فراجع فلا داعي للتكرار.

(4) لأن إقرار العبد إقرار في حق الغير و هو غير مسموع، مضافا إلى الإجماع، و النص، ففي خبر الوابشي عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن قوم ادّعوا على عبد جناية تحيط برقبته، فأقرّ العبد بها؟ فقال: لا يجوز إقرار العبد على سيده» (2).

(5) كل ذلك لقاعدة: «انتفاء المشروط بانتفاء شرطه»، و المفروض اشتراط الكمال و القصد و الاختيار.

(6) لما تقدّم من عموم قاعدة: «إقرار العقلاء على أنفسهم نافذ».

(7) لعمومات القصاص، و إطلاقاته بلا مانع في البين.

(8) لعدم المنافاة بين حجره و ثبوت مال في ذمته بإقراره. نعم لا بد من مشاركة الغرماء من تصديقهم لذلك إن كان قبل المحجور.

ص: 243


1- راجع ج: 21 صفحة: 240.
2- الوسائل: باب 41 من أبواب القصاص في النفس: 3.
مسألة 3: لو أقر شخص بقتله عمدا و أقر آخر بقتله خطاء يتخير الولي في الرجوع إلى أيهما شاء

(مسألة 3): لو أقر شخص بقتله عمدا و أقر آخر بقتله خطاء يتخير الولي في الرجوع إلى أيهما شاء (9)، و ليس له الولاية عليهما معا و الأخذ بقولهما كذلك (10).

مسألة 4: لو أقر بقتله عمدا و جاء آخر و أقر أنه هو الذي قتله و رجع المقر الأول عن إقراره فلا قصاص و لا دية عليهما

(مسألة 4): لو أقر بقتله عمدا و جاء آخر و أقر أنه هو الذي قتله و رجع المقر الأول عن إقراره فلا قصاص و لا دية عليهما بل تكون دية المقتول من بيت المال (11)،

______________________________

(9) لعموم ولايته، و عدم صحة الجمع بينهما لعلمه بعدم استحقاق كليهما، و عموم قاعدة: «إقرار العقلاء على أنفسهم نافذ» فلا بد من التخيير، مضافا إلى الإجماع، و النص، ففي خبر الحسن بن صالح: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل وجد مقتولا فجاء رجلان إلى وليه، فقال أحدهما: أنا قتلته عمدا، و قال الآخر: أنا قتلته خطاء؟ فقال: إن هو أخذ بقول صاحب العمد فليس له على صاحب الخطأ سبيل، و إن أخذ بقول صاحب الخطأ فليس له على صاحب العمد سبيل» (1)، و يصح تطبيقها على القاعدة كما مرّ.

(10) للعلم بأن القتل واحد، و هو إما عمد أو خطأ، فكيف يصح له الأخذ بهما معا.

(11) إجماعا، و نصا، قال الصادق عليه السّلام: «أتي أمير المؤمنين عليه السّلام برجل وجد في خربة و بيده سكين ملطخ بالدم. و إذا رجل مذبوح يتشحط في دمه، فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: ما تقول؟ قال: أنا قتلته، قال: اذهبوا به فأقيدوه به، فلما ذهبوا به أقبل رجل مسرعا فقال: لا تعجلوا ردوه إلى أمير المؤمنين عليه السّلام، فردوه فقال: و اللّه يا أمير المؤمنين ما هذا قتل صاحبه أنا قتلته، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام للأول: ما حملك على إقرارك على نفسك؟ فقال: يا أمير المؤمنين

ص: 244


1- الوسائل: باب 3 من أبواب دعوى القتل: 1.

و إن لم يرجع الأول عن إقراره فللحاكم الشرعي أن يعمل بنظره (12).

______________________________

و ما كنت استطيع أن أقول و قد شهد عليّ أمثال هؤلاء الرجال و أخذوني و بيدي سكين ملطخ بالدم و الرجل متشحط في دمه، و أنا قائم عليه و خفت الضرب فأقررت، و أنا رجل كنت ذبحت بجنب هذه الخربة شاة، فأخذني البول فدخلت الخربة فوجدت الرجل يتشحط في دمه فقمت متعجبا، فدخل عليّ هؤلاء فأخذوني فقال عليه السّلام: خذوا هذين فاذهبوا بهما إلى الحسن عليه السّلام و قولوا له: ما الحكم فيهما؟ قال: فذهبوا إلى الحسن عليه السّلام و قصّوا عليه قصتهما، فقال الحسن عليه السّلام: قولوا لأمير المؤمنين عليه السّلام: إن كان هذا ذبح هذا فقد أحيا هذا، و قد قال اللّه تعالى وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: ذرية بعضها من بعض، فخلّى عنهما و أخرج دية المذبوح من بيت المال» (1)، و هذه الرواية و إن كانت قاصرة من حيث السند، لكن متنها يدلّ على صدورها عن معدن الوحي و تقرير باب مدينة علم الرسول صلّى اللّه عليه و آله له، و تطابق الأصحاب على العمل بها حتى من لا يعمل إلا بالقطعيات. و لكن لا بد من الاقتصار على العمل بها في موردها فقط، كما صنع ذلك أعاظم الفقهاء و اجلاؤهم الذين هم أمناء اللّه على حلاله و حرامه رفع اللّه تعالى شأنهم، و هي مشتملة على كرامة باهرة لأكبر سبطي الرسول مع تقرير أمير المؤمنين و الصادق عليهما السّلام و مشايخ الحديث و الفقه لها و لا بد في غير موردها من العمل بالقواعد العامة حسبما انطبقت عليه، و تقتضي ذلك القاعدة المعمول بها لدى الأصحاب و هي: «الاقتصار على ما خالف الأصول على المتيقن».

(12) حسب القواعد الجارية في المقام من تعارض الإقرارين، أو الترجيح لأحدهما بالقرائن المعتبرة، أو غيرها.

ص: 245


1- الوسائل: باب 4 من أبواب دعوى القتل: 1.
مسألة 5: لو أقر بالقتل عمدا ثمَّ عقبه بالإبدال بقتله خطاء

(مسألة 5): لو أقر بالقتل عمدا ثمَّ عقبه بالإبدال بقتله خطاء و لم تكن قرينة تعين القتل خطاء يؤخذ بإقراره الأول و يترتب عليه أحكامه (13).

الثاني: البيّنة و هي أن يشهد رجلان كاملان عدلان بالقتل

اشارة

الثاني: البيّنة و هي أن يشهد رجلان كاملان عدلان بالقتل (14).

مسألة 6: ينحصر ثبوت موجب القصاص سواء كان في النفس أو الطرف بشاهدين عدلين فقط

(مسألة 6): ينحصر ثبوت موجب القصاص سواء كان في النفس أو الطرف بشاهدين عدلين فقط (15)، فلا اعتبار بشهادة النساء لا منفردات و لا منضمات إلى الرجال (16)، بل لا تثبت بشهادتهن الدية فيما يوجب القصاص (17)، نعم تجوز شهادة النساء فيما يوجب الدية كالقتل خطاء أو شبه عمد و في الجراحات التي لا توجب القصاص كالهاشمة و ما فوقها (18).

______________________________

(13) لتمامية الإقرار الأول بحسب المحاورات العرفية و أخذه به، إلا إذا ثبت ما ينافيه بحجة معتبرة أقوى و أظهر من الإقرار الأول، و المفروض عدمه، مضافا إلى الإجماع على الأخذ بالإقرار الأول و طرح ما ينافيه، كما تقدم في كتاب الإقرار.

(14) لعمومات أدلة حجية البينة- كما تقدم مكررا- مضافا إلى أدلة خاصة كما يأتي.

(15) لأصالة عدم الحجية و الاعتبار إلا فيما دلّ عليه الدليل بالخصوص، و هو شهادة شاهدين عدلين.

(16) لأن ذلك من حقوق الآدمي غير المالية، و تقدم في كتاب الشهادات:

لا تقبل شهادة النساء فيها لا منفردات و لا منضمات.

(17) لما مرّ من الأصل بعد عدم ما يصلح للخلاف، و تقدم بعض الكلام في كتاب الشهادات فراجع.

(18) لأن المطلوب فيها المال، و تقبل شهادتهن فيه على كل حال، كما تقدم و يأتي بعد ذلك إن شاء اللّه تعالى.

ص: 246

مسألة 7: لا يثبت ما يوجب القصاص بشهادة شاهد واحد و يمين المدعي

(مسألة 7): لا يثبت ما يوجب القصاص بشهادة شاهد واحد و يمين المدعي (19).

مسألة 8: يعتبر في قبول الشهادة أمور

(مسألة 8): يعتبر في قبول الشهادة أمور:

الأول: توارد الشهادتين على موضع واحد و صفة واحدة (20)، فلو قال أحدهما: إنه قتله في السوق، و قال الآخر: انه قتله في البيت، أو قال أحدهما: إنه قتله بالسيف، و قال الآخر: إنه خنقه، لم يقبل (21)، و لا يتحقق به اللوث أيضا (22).

الثاني: أن تكون الشهادة بالقتل أو الجراح ظاهرة عرفا في المعنى (23)،

______________________________

(19) نسب ذلك إلى المشهور، بل ادعي عليه الإجماع، و تقدم بعض الكلام في كتاب الشهادات.

(20) لعدم تحقق شهادة البينة على شي ء واحد كما في سائر الموضوعات التي تثبت بالبينة، فإن أحدهما بالخصوص لا اعتبار بقوله، لفرض اعتبار البينة في القبول، و مع الاختلاف لا تتحقق البينة، لأن كلا منهما يقول غير ما يقوله الآخر، فلم تقم البينة على أمر واحد، بل لازم قول كل واحد نفي قول الآخر، و مع الاختلاف لا اعتبار بها.

(21) لتحقق التكاذب في البين، و عدم قيام البينة على شي ء واحد، و كذا في جميع موارد الاختلاف الموجب للتكاذب.

(22) للأصل بعد لزوم الاقتصار في مورد تحققه على المتيقن في الحكم، المخالف للقواعد (و اللوث أمارة يظن بها صدق المدعي في ما ادعاه من القتل)، فيأتي تفصيله بعد ذلك إن شاء اللّه تعالى. و يمكن الاختلاف بحسب اختلاف الخصوصيات الحافة بالموضوع، فقد يحصل اللوث و قد لا يحصل، فيصير النزاع بين الفقهاء في ذلك صغرويا.

(23) لحجية ذلك عند العقلاء، و ابتناء إظهار جميع المقاصد الشخصية

ص: 247

فلا يكتفي بالإهمال و الإجمال (24)، نعم لا يضر بالظهور العرفي الاحتمالات الدقية العقلية (25).

الثالث: أن تكون الشهادة مستندة إلى العلم و اليقين و إلا فلا تقبل (26).

مسألة 9: لو شهد أحدهما بأنه أقر بالقتل و الآخر بأنه شهد ذلك عيانا

(مسألة 9): لو شهد أحدهما بأنه أقر بالقتل و الآخر بأنه شهد ذلك عيانا يثبت اللوث و إن لم تقبل شهادتهما (27).

مسألة 10: لو شهد أحد الشاهدين بالقتل مطلقا و شهد الآخر بالإقرار به عمدا يثبت أصل القتل

(مسألة 10): لو شهد أحد الشاهدين بالقتل مطلقا و شهد الآخر بالإقرار به عمدا يثبت أصل القتل (28)،

______________________________

و النوعية الشرعية و غيرها على ذلك في جميع الدعاوي و المخاصمات و الاحتجاجات.

(24) لعدم اعتبار المهملات و المجملات في جميع المحاورات، فضلا عما يوجب القود و القصاص بين الناس، بل لا بد و أن يسد باب التهجم على الدماء و الأعراض.

(25) لعدم الاعتناء بها في المحاورات، بل لو اعتنى أحد بها يكون خارجا عن الفطرة المستقيمة، و يعد ذلك من اعوجاج السليقة.

(26) لأنهما المتيقن من اعتبار الشهادة، و في غيرهما تجري أصالة عدم الاعتبار، مضافا إلى الإجماع، كما مر في كتاب الشهادة (1).

(27) أما ثبوت اللوث: فهو وجداني لمن تأمل في هذا النحو من الشهادة، كما لا يخفى على أهله.

و أما عدم ثبوت الشهادة: فلوقوع الاختلاف في البين.

(28) لاتفاقهما عليه بلا إشكال، فيكون كما إذا شهد أحد الشاهدين

ص: 248


1- راجع ج: 27 صفحة: 187.

و حينئذ يكلّف المدعى عليه بالبيان و هو لا يخلو عن أقسام:

الأول: إنكار أصل القتل و لا يقبل منه ذلك (29).

الثاني: الإقرار بالعمد يقبل ذلك منه (30).

الثالث: أن ينكر العمد مع أن الولي يدعيه فيقدم قول الجاني مع يمينه (31).

الرابع: أن يدعي الخطأ و ينكر الولي ذلك يقدم قول الولي (32).

الخامس: أن يدعي الجاني الخطأ و يدعي الولي العمد يجري عليه حكم التداعي (33).

______________________________

بالنجاسة المطلقة، و الآخر بأنه لاقى الدم مثلا، فلا ريب في ثبوت أصل النجاسة، و كذا في النظائر من توافق الشاهدين في أصل النوع، و الاختلاف في الصنف في الجملة.

(29) لتمامية البينة على ثبوته، فلا موضوع للإنكار مع البينة القائمة التامة شرعا.

(30) لوجود المقتضي و فقد المانع، فيشمله عموم إقرار العقلاء على أنفسهم جائز.

(31) لأنه أبصر بفعل نفسه من غيره، و لأنه من التفسير الذي يرجع إليه، و لذلك نظائر في الفقه.

(32) لأن سياق هذه الدعوى ترجع إلى المدعي لشي ء و المنكر له بحسب ظاهر تقريرها، فيقدم قول المنكر إلا أن يثبت المدعي قوله بالبينة، و إن كان ظاهر التقرير من القسم الثالث يجري عليه حكمه، فالنزاع صغروي لا بد و أن يلحظ فيه خصوصيات كيفية التقرير حتى يظهر الحكم قهرا.

(33) لأن الظاهر من مثل هذا النحو من الدعاوي يكون من التداعي، فيجري عليه حكمه لا محالة، هذه هي الكبريات الكلية و أما الصغريات

ص: 249

مسألة 11: إذا شهدوا أنه رمى زيدا عمدا فأصاب عمرا خطاء

(مسألة 11): إذا شهدوا أنه رمى زيدا عمدا فأصاب عمرا خطاء يترتب عليه حكم الخطإ (34).

مسألة 12: لو شهدت البينة بما يكون سببا لموته عادة و ادعى الجاني أن الموت لم يكن مستندا إلى جنايته

(مسألة 12): لو شهدت البينة بما يكون سببا لموته عادة و ادعى الجاني أن الموت لم يكن مستندا إلى جنايته قبل قوله مع يمينه (35).

مسألة 13: لو شهد أحدهما بالقتل عمدا و الآخر بالقتل مطلقا و أنكر القاتل العمد و ادعاه الولي

(مسألة 13): لو شهد أحدهما بالقتل عمدا و الآخر بالقتل مطلقا و أنكر القاتل العمد و ادعاه الولي فلا تثبت دعوى الولي إلا بالقسامة لو أراد إثبات دعواه (36).

مسألة 14: إذا شهد عدلان بأن القاتل هو زيد بالخصوص مثلا و شهد آخران بأنه عمرو كذلك

(مسألة 14): إذا شهد عدلان بأن القاتل هو زيد بالخصوص مثلا و شهد آخران بأنه عمرو كذلك فلا قود و لا دية فعلا حتى يتبين الحال (37)،

______________________________

و تشخيص خصوصياتها، فموكولة إلى نظر الحاكم الشرعي، و كيفية تقرير الدعوى لديه.

(34) لفرض تحقق الشهادة بذلك.

(35) أما قبول قوله: فللأصل بعد عدم وجود بينة في البين، و البينة قامت على الجناية نفسها لا على الاستناد. و أما اليمين: فلقطع الخصومة و النزاع، كما مر مكررا.

(36) لعدم التكاذب بين الشهادتين، فكأن الشاهد الآخر كالشاهد الواحد ابتداء الذي يثبت به اللوث (أي الأمارة الظنية على صدق المدعي)، فيحتاج في إثبات دعواه إلى القسامة (أي أيمان متعددة) على ما يأتي من التفصيل فيهما.

(37) لتعارض البينتين و سقوطهما بذلك رأسا، بعد فرض عدم الترجيح في البين، و الأخذ بأحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجح، فلا يثبت موضوع القود و لا الدية.

و عن جمع منهم الشيخ و الفاضل تنصيف الدية عليهما، لسقوط القصاص بتعارض البينتين، و قتلهما معا لا يجوز إجماعا، و قتل واحد من غير تعيين تهجم

ص: 250

و لكن على الحاكم الشرعي السعي في عدم اطلال دم المحترم (38).

مسألة 15: لو شهدا بأنه قتل عمدا و أقر آخر بأنه هو القاتل و أن المشهود عليه برئ من قتله

(مسألة 15): لو شهدا بأنه قتل عمدا و أقر آخر بأنه هو القاتل و أن المشهود عليه برئ من قتله يكون للولي قتل المشهود عليه و يرد المقر نصف ديته و له قتل المقر و لا رد (39) و له قتلهما بعد أن يرد على المشهود عليه نصف ديته دون المقر و لو أراد الدية كانت عليهما نصفين (40)،

______________________________

على الدم المحترم بلا دليل، مع أن القصاص كالحدّ يسقط بالشبهة، و تخيير الولي أو الحاكم يحتاج إلى دليل و هو مفقود، بل معلوم العدم، فلا بد من الدية لئلا يطل دم المسلم.

و فيه: أن ذلك ليس دليلا شرعيا للحكم، إذ يمكن أن يكون الحكم تخيير الولي في الرجوع إلى أيهما شاء، كما نسب إلى المحقق الأول و الثاني (رحمهما اللّه تعالى)، و يمكن أن يكون للواقعة حكم لم يصل إلينا، و منه يظهر أن ما نسب إلى المحقق الأول و الثاني من مجرد الاحتمال الذي لا دليل عليه أيضا، فعدم التهجم على الدماء و التثبيت فيها يقتضي ما ذكرناه.

(38) لأن دم المحترم لا يطل، كما تقدم في الروايات الكثيرة.

(39) لإقراره بالانفراد حينئذ.

(40) الأصل في هذه الأحكام المخالفة للضوابط- مضافا إلى الإجماع- صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن رجل شهد عليه قوم أنه قتل عمدا فدفعه الولي إلى أولياء المقتول ليقاد به فلم يبرحوا حتى أتاهم رجل فأقر عند الولي أنه قتل صاحبهم عمدا، و أن هذا الذي شهد عليه الشهود برئ من قتل صاحبكم، فلا تقتلوه به و خذوني بدمه؟ فقال أبو جعفر عليه السّلام: إن أراد أولياء المقتول أن يقتلوا الذي أقرّ على نفسه فيقتلوه و لا سبيل لهم على الآخر، ثمَّ سبيل لورثة الذي أقرّ على نفسه على ورثة الذي شهد عليه، و إن أرادوا أن يقتلوا الذي شهد عليه فليقتلوه و لا سبيل لهم على الذي أقرّ، ثمَّ ليؤد الذي أقرّ على

ص: 251

ثمَّ إن ولي الدم لو وجّه الدعوى على أحدهما دون الآخر يكون طرف الدعوى خصوص ما وجهت الدعوى إليه فقط و سقطت عن الآخر (41).

مسألة 16: لو قامت البينة بالقتل و ادعى الجاني عدم التكليف كالجنون و غيره

(مسألة 16): لو قامت البينة بالقتل و ادعى الجاني عدم التكليف كالجنون و غيره لا يقبل منه إلا بالحجة الشرعية (42).

مسألة 17: لو ادعى القتل العمدي و أقام على خصوص العمدية

(مسألة 17): لو ادعى القتل العمدي و أقام على خصوص العمدية

نفسه إلى أولياء الذي شهد عليه نصف الدية، قلت: أرأيت إن أرادوا أن يقتلوهما جميعا؟ قال: ذلك لهم، و عليهم أن يدفعوا إلى أولياء الذي شهدوا عليه نصف الدية خاصة دون صاحبه، ثمَّ يقتلونهما، قلت: إن أرادوا أن يأخذوا الدية؟ فقال:

الدية بينهما نصفان، لأن أحدهما أقرّ و الآخر شهد عليه، قلت: كيف جعلت الأولياء الذي شهد عليه على الذي أقرّ نصف الدية حين قتل و لم تجعل لأولياء الذي أقرّ على أولياء الذي شهد عليه و لم يقرّ؟ فقال عليه السّلام: لأن الذي شهد عليه ليس مثل الذي أقرّ، الذي شهد عليه لم يقرّ و لم يبرئ صاحبه، و الآخر أقرّ و برّأ صاحبه، فلزم الذي أقرّ و برّأ صاحبه ما لم يلزم الذي شهد عليه و لم يقرّ، و لم يبرئ صاحبه» (1)، و السند معتبر و العمل متحقق. و مخالفته للقواعد المسلّمة ثابتة. و الاحتياط حسن على كل حال، خصوصا في النفوس المحترمة على أي حال. و كيف يقدم الولي على قتلهما معا مع علمه بعدم استحقاق أحدهما للقتل، و كذا في أخذ الدية منهما معا؟!

(41) لانتفاء الموضوع حينئذ، إذ لا معنى للترافع و التخاصم إلا توجيه الدعوى و بيانها لدى الحاكم، فإن ادعى على المشهود عليه سقط إقرار المقرّ، و إن ادعى على المقرّ سقطت البينة.

(42) للأصل، بعد عدم دليل على اعتبار قوله.

ص: 252


1- الوسائل: باب 5 من أبواب دعوى القتل ح 1.

شاهدا واحدا و امرأتين يجوز للولي العفو عنه (43).

مسألة 18: إذا ادعى شخص القتل على شخصين و أقام المدعي على ذلك البينة

(مسألة 18): إذا ادعى شخص القتل على شخصين و أقام المدعي على ذلك البينة ثمَّ ادعى الشخصان المشهود عليهما أن الشاهدين قتلاه تقبل شهادتهما مع تصديق الولي (44)، و إلا فلا (45)، و لو شهد المشهود عليهما بالقتل- عمدا أو خطاء- على غير الشاهدين لم تقبل (46).

مسألة 19: لو قامت البينة على شخص معين أنه القاتل و ادعى الولي اشتراك غير المشهود عليه في القتل معه

(مسألة 19): لو قامت البينة على شخص معين أنه القاتل و ادعى الولي اشتراك غير المشهود عليه في القتل معه فإن أقام الولي البينة على مدعاه أيضا يجرى عليه حكم الاشتراك في القتل (47)، و إن لم يقم البينة عليه فإن أقر يجرى عليه حكم الاشتراك أيضا (48)، و إن أنكر يختص القود أو الدية بالمشهود عليه (49).

مسألة 20: لو شهدا لمن يرثانه أن زيدا جرحه قبلت

(مسألة 20): لو شهدا لمن يرثانه أن زيدا جرحه قبلت سواء كانت الشهادة بعد الاندمال أو قبله (50).

______________________________

(43) لثبوت حقه الاقتضائي، فله أن يعفو عنه، أو يعمله.

(44) لعموم حجية الشهادة الشامل للمقام، مع تصديق الولي.

(45) لوجود التهمة و درء الحدّ عن نفسهما، فلا تقبل حينئذ شهادتهما.

(46) للتهمة بدفع الضرر عن أنفسهما بالقصاص أو الدية.

(47) لوجود المقتضي له و فقد المانع.

(48) لما مرّ في سابقة بعد إقراره على القتل.

(49) لعدم ثبوت القتل بالنسبة إلى الآخر، لا بالإقرار و لا بالبينة، فمقتضى أصالة احترام الدم عدم جواز الإقدام على قوده، و يظهر ذلك من صحيح زرارة المتقدم.

(50) لعموم أدلة حجية الشهادة الشامل للمقام أيضا.

و دعوى: أنها لا تقبل قبل الاندمال للتهمة المانعة عن قبول الشهادة، لأنها

ص: 253

مسألة 21: إذا شهد شاهدان من العاقلة بفسق شاهدي القتل قبلت شهادتهما إن كان القتل عمدا أو شبيها به

(مسألة 21): إذا شهد شاهدان من العاقلة بفسق شاهدي القتل قبلت شهادتهما إن كان القتل عمدا أو شبيها به (51)، و إن كان المشهود به القتل خطاء لم تقبل شهادتهما (52).

الثالث: القسامة و هي الأيمان تقسم على جماعة يحلفونها

اشارة

الثالث: القسامة و هي الأيمان تقسم على جماعة يحلفونها (53)،

______________________________

تجر النفع لاحتمال السراية.

غير صحيحة: بما تقدم في كتاب الشهادة من أن التهمة المانعة عن قبول الشهادة هي في موارد خاصة، و المقام ليس منها.

(51) لثبوت الجرح فيهما، فتشملهما العمومات الدالة على عدم اعتبار شهادة الفاسق.

(52) لتحقق التهمة المانعة عن القبول، فإنهما يدفعان عن نفسهما الغرم بها.

(53) فهي اسم أقيم مقام المصدر، و لا اختصاص لها بأيمان الدماء بحسب اللغة و العرف، و لكن الفقهاء في اصطلاحهم خصصوها بها، و لا مشاحة فيه.

و هي مشروعة في الإسلام، سواء كانت من وضع نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله، كما يظهر من بعض الأخبار، ففي رواية أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن القسامة أين كان بدوها؟ فقال: كان من قبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لما كان بعد فتح خيبر، تخلف رجل من الأنصار عن أصحابه فرجعوا في طلبه، فوجدوه متشحطا في دمه قتيلا، فجاءت الأنصار إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالوا: يا رسول اللّه قتلت اليهود صاحبنا، فقال: ليقسم منكم خمسون رجلا على أنهم قتلوه، قالوا: يا رسول اللّه كيف نقسم على ما لم نر؟ قال: فيقسم اليهود، قالوا: يا رسول اللّه من يصدّق اليهود؟ فقال: انا إذن أدي صاحبكم، فقلت له: كيف الحكم فيها؟ فقال: إن اللّه عزّ و جل حكم في الدماء ما لم يحكم في شي ء من حقوق الناس لتعظيمه الدماء، لو أن رجلا ادعى على رجل عشرة آلاف درهم أو أقل من ذلك أو أكثر لم يكن

ص: 254

و قد تطلق على نفس الأولياء الذين يحلفون (54).

______________________________

اليمين على المدعي، و كانت اليمين على المدعى عليه، فإذا ادعى الرجل على القوم أنهم قتلوا كانت اليمين لمدعي الدم قبل المدعى عليهم، فعلى المدعي أن يجي ء بخمسين يحلفون أن فلانا قتل فلانا، فيدفع إليهم الذي حلف عليه، فإن شاؤوا عفوا، و إن شاؤوا قتلوا، و إن شاؤوا قبلوا الدية، و إن لم يقسموا فإن على الذين ادعي عليهم أن يحلف منهم خمسون ما قتلنا و لا علمنا له قاتلا، فإن فعلوا أدّى أهل القرية الذين وجد فيهم، و إن كان بأرض فلاة أدّيت ديته من بيت المال، فإن أمير المؤمنين كان يقول: لا يبطل دم امرئ مسلم» (1).

و في صحيح زرارة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن القسامة؟ فقال عليه السّلام:

هي حق، إن رجلا من الأنصار وجد قتيلا في قليب من قلب اليهود، فأتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالوا: يا رسول اللّه إنا وجدنا رجلا منا قتيلا في قليب من قلب اليهود، فقال: ائتوني بشاهدين من غيركم، قالوا: يا رسول اللّه ما لنا شاهدان من غيرنا، فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: فليقسم خمسون رجلا منكم على رجل ندفعه إليكم، قالوا: يا رسول اللّه كيف نقسم على ما لم نر؟ قال: فيقسم اليهود، قالوا: يا رسول اللّه كيف نرضى باليهود و ما فيهم من الشرك أعظم، فوداه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. إنما جعلت القسامة احتياطا لدماء الناس كيما إذا أراد الفاسق أن يقتل رجلا أو يغتال رجلا حيث لا يراه أحد خاف ذلك فامتنع من القتل» (2)، إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة، أو كانت في الجاهلية فقررها الإسلام، كما في الحديث:

«القسامة جاهلية» (3)، أي كان أهل الجاهلية يدينون بها و قد قررها الإسلام، و كيف كان فلا ثمرة عملية بل و لا علمية في البحث عن ذلك.

(54) و يصح هذا الإطلاق و الاستعمال من باب الملازمة العرفية بين الحال و المحل، و ليست في ذلك أيضا ثمرة عملية بل و لا علمية.

ص: 255


1- الوسائل: باب 10 من أبواب دعوى القتل الحديث: 5.
2- الوسائل: باب 10 من أبواب دعوى القتل الحديث: 3.
3- النهاية لابن الأثير ج: 4 صفحة: 62.

و موضوعها أن يوجد قتيل في محل لا يعرف من قتله و لا بينة في البين و يدعى الولي على واحد أو جماعة و يقترن دعواه بما يشعر بصدقه في دعواه فيحلف على ما يدعيه و يحكم الحاكم بما يقتضيه (55).

و البحث فيها من جهات
اشارة

و البحث فيها من جهات:

الأولى: في اعتبار اللوث فيها
اشارة

الأولى: في اعتبار اللوث فيها (56)، و هو غير محدود بحدّ معين بل كلما يمكن أن يحصل للحاكم الظن بصدق المدعي في دعواه (57)،

______________________________

(55) كما في اللغة و اصطلاح الفقهاء.

(56) اللوث سواء كان بمعنى القوة، أو بمعنى التلطخ معتبر في موضوع القسامة بالإجماع، و إرسال الفقهاء له إرسال المسلّمات، و تقتضيه الأنظار العرفية أيضا. فيما تعارف بينهم من اهتمامهم بالتحقيق في موارد التهمة، و ان لم يوجد فيما وصل إلينا من النصوص، و يكفينا تسالم الأعلام و فقهاء الإسلام، و مرتكزات أذهان الأنام.

(57) و هو مما يختلف باختلاف القضايا و الخصوصيات و الأزمنة و الأمكنة، و شدة فطانة الحاكم و كثرة ممارسته في خصوصيات القضايا و زيادة تجربياته فيها، و ربما تطول التحقيقات في قضية أياما بل شهورا، فتظهر النتيجة بعد ذلك، و قد ذكر الفقهاء بعضها من باب الغالب، و قد أشير إلى بعضها في قوله تعالى وَ شَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَ هُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ وَ إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَ هُوَ مِنَ الصّادِقِينَ (1)، خصوصا إن كان الحاكم من مصاديق قوله صلّى اللّه عليه و آله: «اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور اللّه تعالى» (2).

و بالجملة: الجامع القريب أنه ما يوجب الظن بصدق المدعي في دعواه.

ص: 256


1- سورة يوسف آية- 27.
2- النهاية لابن الأثير ج 3 صفحة: 428.

كالبينة غير الجامعة لشرائط القبول، أو الشاهد الواحد، أو وجد المقتول متشحطا بدمه و عنده ذو سلاح و عليه الدم، أو وجد في دار قوم مختصة بشخص لا يدخلها غيره أو محلة كذلك، أو في محل مراماة يكون خصمه مقابلا فقول المرأة و الصبي و الفاسق و الكافر قد يكون من موجبات اللوث (58).

مسألة 22: اللوث إما أن يكون وجوده ثابتا أو يكون عدمه معلوما أو أنه مشكوك الوجود و العدم

(مسألة 22): اللوث إما أن يكون وجوده ثابتا أو يكون عدمه معلوما أو أنه مشكوك الوجود و العدم. يجري حكم القسامة في الأول و في الأخيرين يجري حكم المدعي و المنكر (59)، فمع وجود البينة يعمل بها و مع عدمها يحلف المنكر حلفا واحدا (60).

مسألة 23: لو وجد قتيل في الشوارع و الطرق العامة أو نحوها من المجامع العامة فلا لوث

(مسألة 23): لو وجد قتيل في الشوارع و الطرق العامة أو نحوها من المجامع العامة فلا لوث (61)، إلا إذا كانت عداوة في البين فيتحقق حينئذ (62).

______________________________

و للظن مراتب و لموجباته أنواع و أقسام، و لا بد و أن لا يطوي ملفة القضاء في موارد التهمة و اللوث، إلا بعد الفحص الشامل و الاستقصاء الكامل، عسى أن يظهر الحق و يزول الباطل، و اللّه العاصم.

(58) إذا كان ذلك كله بحيث توجب التهمة يثبت اللوث و إلا فلا، و يمكن الاختلاف باختلاف الجهات و الخصوصيات.

(59) أما الأول: فلتحقق موضوعها فيه، فيترتب عليه الحكم قهرا.

و أما الأخيران: فلتحقق المدعي و المنكر وجدانا، فيشملهما حكم المدعي و المنكر لا محالة.

(60) كما هو الشأن في جميع موارد تحقق المدعي و المنكر.

(61) لعدم توفر ما يوجب الظن للحاكم.

(62) لأن الاحتمال متحقق بالنسبة إلى الجميع، و لا ظن بأحد، و مع مجرد

ص: 257

مسألة 24: لو وجد قتيل بين القريتين فاللوث فيه لأقربهما إليه

(مسألة 24): لو وجد قتيل بين القريتين فاللوث فيه لأقربهما إليه (63)، و مع التساوي فهما سواء فيه (64)، و إن كانت في إحداهما عداوة فاللوث فيها و إن كانت أبعد (65).

مسألة 25: لو قتل شخص في زحام الناس

(مسألة 25): لو قتل شخص في زحام الناس من جمعة أو عيد أو إفاضة أو وجد قتيل في سوق أو مفازة أو على جسر و لم يعلم قاتله و لم يكن لوث في البين فديته من بيت مال المسلمين (66)،

______________________________

الاحتمال لا يثبت اللوث. نعم مع العداوة يثبت الظن بالنسبة إلى العدو، فيثبت اللوث أيضا.

(63) لأن الأقربية منشأ للتهمة، و في معتبرة سماعة قال: «سألته عن الرجل يوجد قتيلا في القرية أو بين قريتين قال عليه السّلام: يقاس بينهما فأيهما كانت أقرب ضمنت» (1)، و في موثق محمد بن قيس قال: «سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل قتل في قرية أو قريبا من قرية أن يغرم أهل تلك القرية إن لم توجد بينة على أهل تلك القرية أنهم ما قتلوه» (2)، و غيرهما من الروايات.

(64) لتحقق أصل التهمة في الجملة فيهما، و عدم الترجيح في البين، فيشتركان في اللوث.

(65) لأن العداوة من أهم مناشئ التهمة.

(66) إجماعا، و نصوصا مستفيضة، منها قول الصادق عليه السّلام في معتبرة السكوني: «أن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: من مات في زحام الناس يوم الجمعة، أو يوم عرفة، أو على جسر لا يعلمون من قتله، فديته من بيت المال» (3).

و في معتبرة عبد اللّه بن بكير عن الصادق عليه السّلام قال: «قضى أمير

ص: 258


1- الوسائل: باب 8 من أبواب دعوى القتل الحديث: 4.
2- الوسائل: باب 8 من أبواب دعوى القتل الحديث: 5.
3- الوسائل: باب 6 من أبواب دعوى القتل 5.

و إن كان في البين لوث يعمل بمقتضاه (67).

مسألة 26: المدار في اللوث على مجرد حصول الظن

(مسألة 26): المدار في اللوث على مجرد حصول الظن (68)، لا على المعتبرة فيه شرعا و لا على مجرد الاحتمال (69)، فلو تعارضت الأمارات و لم يحصل ظن في البين فلا موضوع للقسامة بل تفصل الخصومة بسائر الطرق الشرعية (70).

______________________________

المؤمنين عليه السّلام في رجل وجد مقتولا لا يدري من قتله، قال: ان كان عرف له أولياء يطلبون ديته أعطوا ديته من بيت مال المسلمين و لا يبطل دم امرئ مسلم، لأن ميراثه للإمام، فكذلك تكون ديته على الإمام و يصلّون عليه و يدفنونه، قال و قضى في رجل زحمه الناس يوم الجمعة في زحام الناس فمات أن ديته من بيت مال المسلمين» (1).

و في صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «ازدحم الناس يوم الجمعة في إمرة علي عليه السّلام بالكوفة فقتلوا رجلا فودي ديته إلى أهله من بيت مال المسلمين» (2)، إلى غير ذلك من الروايات.

(67) لعموم دليله الشامل للمقام أيضا.

و تلخيص المقال: أن المقتول إما أن يكون قاتله معلوما، أو لا، و الثاني إما أن يكون فيه لوث أو لا، و حكم الكل يعلم مما تقدم.

(68) لظاهر إطلاق الأدلة كما مر، و تصريحات الأجلة، و ما يظهر من القول بخلافه محجوج بظواهر الأدلة، و عمل من كان أهل التحقيق في فصل الخصومات في النفوس و الدماء.

(69) لأنّه خلاف المنساق من جميع الإطلاقات الواصلة إلينا، بعد ردّ بعضها إلى بعض، كما لا اعتبار بمجرد الشك و الاحتمال، لحصوله من دون حاجة إلى الأمارة و نحوها.

(70) اما عدم اعتبار القسامة، فلعدم الموضوع لها بعد الظن، و أنه ليس في

ص: 259


1- الوسائل: باب 6 من أبواب دعوى القتل الحديث: 1 و 2.
2- الوسائل: باب 6 من أبواب دعوى القتل الحديث: 1 و 2.
مسألة 27: بعد تحقق أمارة ظنية على القتل لا يشترط في اللوث أثر القتل

(مسألة 27): بعد تحقق أمارة ظنية على القتل لا يشترط في اللوث أثر القتل (71)، و كذا لا يشترط في القسامة حضور المدعى عليه (72).

مسألة 28: لو وجد الولي شخصا مقتولا في داره و ادعي أن واحدا من أهل الدار قتله فهو لوث تجري فيه القسامة

(مسألة 28): لو وجد الولي شخصا مقتولا في داره و ادعي أن واحدا من أهل الدار قتله فهو لوث تجري فيه القسامة (73)، و لا بد من إحراز كونه في الدار حين القتل و إلا فلا لوث و لو أنكر يقدّم قوله بيمينه (74).

______________________________

البين إلا مجرد الاحتمال و الشك، كما إذا وجد بقرب القتيل شخص بيده سلاح ملطخ بالدم، و بقربه أيضا حيوان يقدر على قتل الإنسان، و كان الاحتمال و التردد متساويا بينهما.

ثمَّ إنه لو حصل الظن هل يقدم الراجح منه على المرجوح كما هو مقتضى الارتكازات، أو لا أخذا بالعمومات و الإطلاقات؟ وجهان.

و أما فصل الخصومة بسائر الطرق الشرعية، فلما تقدم في كتاب القضاء من أنه المتعين لقطع الخصومات.

(71) للأصل، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق، خصوصا في هذه الأعصار التي قد يقتل الشخص بدون أثر ظاهر في البين.

(72) لظهور الإجماع، مضافا إلى إطلاقات الأدلة، فهو كالحكم على الغائب قطعا لمادة الفساد، و اهتماما لدماء العباد.

(73) و هو وجداني للحاكم بعد إحرازه بأن المدعى عليه كان في الدار حين القتل، سواء أحرز ذلك بالعلم أو البينة أو الإقرار.

(74) أما عدم اللوث مع عدم كونه في الدار حين القتل، فهو من القضايا المنتفية بانتفاء الموضوع.

أما تقديم قوله باليمين مع الإنكار، فللأصل، و لقاعدة البينة على المدعي و اليمين على المدعى عليه.

ص: 260

كمية القسامة و ما يتعلق بها

الجهة الثانية في كميتها
اشارة

الجهة الثانية في كميتها و هي في العمد خمسون يمينا و في الخطأ و شبهه خمس و عشرون (1).

مسألة 1: إن كان للمدعي قوم بلغ قدر القسامة حلف كل واحد منهم يمينا

(مسألة 1): إن كان للمدعي قوم بلغ قدر القسامة حلف كل واحد منهم يمينا (2)، و إن نقصوا كررت عليهم الأيمان حتى تكمل القسامة (3)،

______________________________

(1) أما الأول: فللإجماع، و النصوص، منها ما عن الصادق عليه السّلام في معتبرة ابن سنان: «القسامة خمسون رجلا في العمد، و في الخطأ خمسة و عشرون رجلا و عليهم أن يحلفوا باللّه» (1)، و في صحيح ابن فضال عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «و القسامة جعل في النفس على العمد خمسين رجلا، و جعل في النفس على الخطأ خمسة و عشرين رجلا» (2).

و أما الثاني: فلما مرّ من قول الصادق عليه السّلام: «و في الخطأ خمسة و عشرون رجلا»، و إطلاقه يشمل شبه الخطأ أيضا، بقرينة مقابلته مع العمد، و كذا قول الرضا عليه السّلام كما تقدم.

(2) لما تقدم من الإطلاق، و الاتفاق.

(3) لظهور الإطلاق الحالي في أدلة المقام، مضافا إلى ظهور الإجماع، و سيأتي في القسامة في الأعضاء ما يمكن الاستشهاد به للمقام، كصحيحة يونس عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام (3)، فيمكن الاستظهار منها أن الحكم مطلقا

ص: 261


1- الوسائل: باب 11 من أبواب دعوى القتل الحديث: 1.
2- الوسائل: باب 11 من أبواب دعوى القتل الحديث: 2.
3- الوسائل: باب 11 من أبواب دعوى القتل الحديث: 2.

و لو كان القوم أكثر فهم مختارون في تعيين خمسين منهم في العمد و نصفه في غيره (4).

مسألة 2: لو لم يكن للمدعي قسامة- أو كانت و لكن امتنعوا كلا أو بعضا- حلف المدعي و من يوافقه إن كان

(مسألة 2): لو لم يكن للمدعي قسامة- أو كانت و لكن امتنعوا كلا أو بعضا- حلف المدعي و من يوافقه إن كان و كرر عليهم حتى تتمّ القسامة (5)، و إن لم يكن له موافق أصلا كرر عليه نفسه حتى يتم العدد (6).

مسألة 3: إذا كان العدد ناقصا فلهم التوزيع بينهم بأي نحو اختاروا

(مسألة 3): إذا كان العدد ناقصا فلهم التوزيع بينهم بأي نحو اختاروا (7) و إن كان الأولى التوزيع بالسوية (8)، و لو كان في التوزيع كسر فالخيار لهم في اختياره أيضا (9)، و الأولى أن يختاره ولي الدم (10)،

______________________________

كذلك، و إن كان مورد الرواية هو الأعضاء، و لكن قد اشتهر أن المورد لا يكون مخصصا.

(4) لعدم جواز الترجيح بلا مرجح، و عدم دليل على التعيين، فلا محال يتحقق التخيير.

(5) لأن المستفاد من النصوص المتقدمة أن القسامة إنما جعلت لرفع التهمة، و أنها أعم من وجود أهلها فعلا، أو إمكان تكرارها، و بذلك ترتفع التهمة و اللوث.

(6) لأن ذلك هو المستفاد من مجموع النصوص الواردة في الباب، مضافا إلى الإجماع، و يشهد له الاعتبار أيضا.

(7) للأصل، و لأن الحق لهم، فلهم أن يختاروا كلما أرادوا.

(8) لمحبوبية العدل و الانصاف مطلقا، ما لم يكن دليل على الخلاف، فإن كان عددهم عشرة يحلف كل واحد خمسة في العمد، و لو كان عددهم خمسة يحلف كل واحد منهم عشرة في العمد و خمسة في الخطأ.

(9) لأصالة بقاء التخيير إلا أن يدل دليل على المنع، و المفروض عدمه.

(10) لأنه الأصل، و من سواه كالمتفرع عليه، و لذلك يصح أن يجعل

ص: 262

و مع التشاح فالمرجع القرعة (11)، و لا يعد ذلك نكولا (12).

مسألة 4: لا تعتبر الوراثة الفعلية في القسامة بل يكفي كونها من أهل المدعي و عشيرته و قبيلته

(مسألة 4): لا تعتبر الوراثة الفعلية في القسامة (13)، بل يكفي كونها من أهل المدعي و عشيرته و قبيلته (14)، و تعتبر الوراثة في المدعي (15)، و لا تعتبر الرجولية فيه (16)، و إن اعتبرت في القسامة (17)، و إذا لم يتم النصاب في الرجال وزعت عليهم (18)، و مع الفقد يحلف المدعي تمام العدد و إن كان امرأة (19).

______________________________

الكسر مطلقا على ولي الدم.

(11) لتحقق موضوعها من الشبهة و الإجمال، فيترتب الحكم بلا إشكال،

(12) لاختلاف موضوع النكول مع التشاح لغة و عرفا، بل و عقلا أيضا، فلا يجري حكم أحدهما على الآخر لذلك.

(13) للأصل، و إطلاق ما تقدم من النصوص.

(14) لأنه المنساق من ظواهر الأدلة، كقوله عليه السّلام في صحيح سليمان بن خالد: «القسامة على أهل القتيل» (1). أو «.. على أهل المقتول يحلفون باللّه الذي لا إله إلا هو لقتل فلان فلانا» (2)، و كذا قوله صلّى اللّه عليه و آله: «فليقسم خمسون رجلا منكم» (3)، و غير ذلك من الأخبار.

(15) لأنه المستفاد من الأدلة، مضافا إلى الإجماع، و قد تقدم في كتاب القضاء ما يتعلق بالمقام (4).

(16) للأصل، بعد عدم دليل على الخلاف.

(17) لظواهر الأدلة، مضافا إلى تسالم الأجلة.

(18) لما تقدم في المسألة السابقة، فلا وجه للتكرار.

(19) لشمول الإطلاقات المتقدمة لها حينئذ.

ص: 263


1- الوسائل: باب 10 من أبواب دعوى القتل: 7 و 6.
2- الوسائل: باب 10 من أبواب دعوى القتل: 7 و 6.
3- الوسائل: باب 10 من أبواب دعوى القتل: 3.
4- راجع المجلد السابع و العشرين صفحة: 64.
مسألة 5: يجري حكم رد الحلف على المدعى عليه في المقام أيضا

(مسألة 5): يجري حكم رد الحلف على المدعى عليه في المقام أيضا (20)،

______________________________

(20) لعموم دليله الشامل للمقام أيضا كما مر، مع أن المقام أولى بالتثبت و التحفظ، لأهمية الدماء من غيرها.

و أما ما عن جمع من الإلزام بمجرد النكول في خصوص المقام، للإلزام به في سائر الموارد، و لصحيح بريد بن معاوية عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن القسامة؟ فقال: الحقوق كلها البينة على المدعي و اليمين على المدعى عليه، إلا في الدم خاصة. فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بينما هو بخيبر إذ فقدت الأنصار رجلا منهم فوجدوه قتيلا، فقالت الأنصار: إن فلانا اليهودي قتل صاحبنا، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للطالبين: أقيموا رجلين عدلين من غيركم أقيده برمته، فإن لم تجدوا شاهدين، فأقيموا قسامة خمسين رجلا أقيده برمته، فقالوا: يا رسول اللّه ما عندنا شاهدان من غيرنا و إنا لنكره أن نقسم على ما لم نره، فوداه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال:

إنما حقن دماء المسلمين بالقسامة لكي إذا رأى الفاجر الفاسق فرصة من عنده حجزه مخافة القسامة أن يقتل به فكف عن قتله، و إلا حلف المدعى عليه قسامة خمسين رجلا ما قتلنا و لا علمنا قاتلا، و إلا أغرموا الدية إذا وجدوا قتيلا بين أظهرهم إذا لم يقسم المدعون» (1).

و معتبرة ابن فضيل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «إذا وجد رجل مقتولا في قبيلة قوم، حلفوا جميعا ما قتلوه و لا يعلمون له قاتلا، فإن أبوا أن يحلفوا أغرموا الدية فيما بينهم في أموالهم سواء بين جميع القبيلة من الرجال المدركين» (2).

فمخدوش. أما الأول: فهو مشكل في محله، فضلا عن المقام المبني على التحفظ و الاحتياط.

و أما الثاني: فلأنه لا يصح التمسك بإطلاق مثل هذه الأخبار، بل لا بد من

ص: 264


1- الوسائل: باب 9 من أبواب دعوى القتل: 3 و 5.
2- الوسائل: باب 9 من أبواب دعوى القتل: 3 و 5.

فلو لم يحلف المدعي أو هو و عشيرته فله أن يرد الحلف على المدعى عليه فعليه أيضا خمسون قسامة (21)، و لو كانوا أقل من خمسين كررت عليهم حتى يكمل العدد فيحكم ببراءته قصاصا و دية و إن لم يكن له قسامة و نكل عن اليمين الزم بالدعوى (22).

مسألة 6: لو كان المدعي أكثر من واحد يكفي خمسون قسامة

(مسألة 6): لو كان المدعي أكثر من واحد يكفي خمسون قسامة (23)،

______________________________

ملاحظة المجموع و ردّ البعض إلى البعض، ثمَّ الحكم بما يحصل من المجموع.

ففي رواية أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «فإذا ادعى الرجل على القوم أنهم قتلوا» كانت اليمين لمدعي الدم قبل المدعى عليهم فعلى المدعي أن يجي ء بخمسين يحلفون أن فلانا قتل فلانا، فيدفع إليهم الذي حلف عليه، فإن شاؤوا عفوا، و إن شاؤوا قتلوا، و إن شاؤوا قبلوا الدية، و إن لم يقسموا فإن على الذين ادعي عليهم أن يحلف منهم خمسون ما قتلنا و لا علمنا له قاتلا، فإن فعلوا أدى أهل القرية الذين وجد فيهم، و إن كان بأرض فلاة أديت ديته من بيت المال، فإن أمير المؤمنين عليه السّلام كان يقول: لا يبطل دم امرئ مسلم» (1)، و قد تقدم في كتاب القضاء ما يتعلق بالمقام.

(21) لأن الظاهر أن ما كان على المدعي يرد على المدعى عليه، و هو القسامة في المقام، و لا بد و أن يكون موضوع المردود عليه عين ما كان على الراد، إلا إذا دلّ دليل على الخلاف، و هو مفقود.

(22) لأن ذلك كله من أحكام اليمين المردودة بعد ملاحظة أدلتها مع أدلة المقام.

(23) لظهور الإطلاق، و الاتفاق.

ص: 265


1- الوسائل: باب 10 من أبواب دعوى القتل الحديث: 5.

و لو كان المدعى عليه أكثر تتعدد القسامة حسب تعدد المدعى عليه (24).

مسألة 7: الأحوط الرجوع في القسامة إلى الحاكم الشرعي

(مسألة 7): الأحوط الرجوع في القسامة إلى الحاكم الشرعي أو المأذون من قبله (25).

مسألة 8: تثبت القسامة في الأعضاء مع اللوث

(مسألة 8): تثبت القسامة في الأعضاء مع اللوث (26)،

______________________________

(24) لأن كل واحد منهم تتوجه عليه دعوى مستقلة بانفرادها، فيكون منكرا يلزم باليمين، و هو هنا خمسون يمينا، فيكون كل واحد من الآحاد مشمولا للأدلة مطابقة، و بمنزلة العام و المطلق الشامل لكل فرد.

و نسب إلى الشيخ رحمه اللّه كفاية قسامة واحدة هنا أيضا، و ادعى عليه الإجماع في الخلاف، و هو موهون لمخالفته له بنفسه في مبسوطه، و مخالفة جمع له أيضا، كما لا وجه للتمسك بالإطلاق هنا، لفرض صحة دعوى تعدد الحلف فلا محالة.

(25) لأن تشخيص خصوصيات اللوث، و حلف كل واحد منهم و ارتباطه مع المدعي، لا يكون إلا لمن يكون مسلطا على الأمور الشرعية، و هو الحاكم الشرعي، مع أن الشك في شمول الإطلاق لكل واحد مع عدم إذنه، يكفي في عدم الشمول.

ثمَّ هل القسامة المعهودة يمين واحد أو أيمان متعددة؟ يحتمل كل منهما ثبوتا، و لكن المنساق من ظواهر الأدلة هو الأول، إذ المستفاد منها أنهم عليهم السّلام جعلوا هذا العدد يمينا واحدة، لقطع الدعوى، و تحفظا على الدماء المحترمة.

(26) إجماعا، و نصوصا منها صحيحة يونس عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام:

«فيما افتى به أمير المؤمنين عليه السّلام في الديات: فمما افتى به في الجسد و جعله ست فرائض: النفس، و البصر، و السمع، و الكلام، و نقض الصوت من الغنن، و البحح، و الشلل من اليدين و الرجلين، ثمَّ جعل مع كل شي ء من هذه قسامة على نحو ما

ص: 266

و الأقوى أن القسامة فيها ست أيمان فيما فيه دية النفس كالأنف و الذكر و إلا فبنسبتها من الست فيما فيه دون الدية (27)،

______________________________

بلغت الدية، و القسامة جعل في النفس على العمد خمسين رجلا، و جعل في النفس على الخطاء خمسة و عشرين رجلا، و على ما بلغت ديته من الجروح ألف دينار ستة نفر، و ما كان دون ذلك فحسابه من ستة نفر، و القسامة في النفس، و السمع، و البصر، و العقل، و الصوت من الغنن و البحح، و نقص اليدين و الرجلين، فهو ستة أجزاء الرجل، تفسير ذلك: إذا أصيب الرجل من هذه الأجزاء الستة. و قيس ذلك فإن كان سدس بصره أو سمعه أو كلامه أو غير ذلك حلف هو وحده، و إن كان ثلث بصره حلف هو و حلف معه رجل واحد، و إن كان نصف بصره حلف هو و حلف معه رجلان، و إن كان ثلثي بصره حلف هو و حلف معه ثلاثة نفر، و إن كان أربعة أخماس [خمسة أسداس] بصره حلف هو و حلف معه أربعة، و إن كان بصره كله حلف هو و حلف معه خمسة نفر، و كذلك القسامة في الجروح كلها، فإن لم يكن للمصاب من يحلف معه ضوعفت عليه الأيمان، فإن كان سدس بصره حلف مرة واحدة، و إن كان الثلث حلف مرتين، و إن كان النصف حلف ثلاث مرات، و إن كان الثلاثين حلف أربع مرات و إن كان خمسة أسداس حلف خمس مرات، و إن كان كله حلف ست مرات، ثمَّ يعطى» (1)، و تقتضيه حكمة تشريع القسامة.

و منها: معتبرة ظريف المتقدمة عن علي عليه السّلام: «أنه جعل القسامة في النفس على العمد خمسين رجلا، و فيها على الخطأ خمسة و عشرين رجلا، و على ما بلغت ديته من الجروح ألف دينار ستة نفر. فما كان دون ذلك فبحسابه من ستة نفر»(2).

(27) لأن هذا هو المنساق من النص.

ص: 267


1- الوسائل: باب 11 من أبواب دعوى القتل: 2.
2- الوسائل: باب 11 من أبواب دعوى القتل الحديث: 2.

ففي كل ما فيه نصف الدية كاليد الواحدة و الرجل الواحدة ثلاث أيمان و فيما فيه ثلثها اثنتان و هكذا (28)، و إن كان كسر في اليمين أكمل بيمين ففي الإصبع الواحدة يمين واحدة و كذا الجروح (29)، و لكن الأحوط أن تكون قسامة الأعضاء كقسامة النفس خمسين في العمد و خمسا و عشرين في غيره فيما بلغت الجناية الدية و إلا فبنسبتها من خمسين يمينا في العمد و خمس و عشرين في الخطأ و شبهه (30).

مسألة 9: لو حصل للمجني عليه مرض باطني أو قلبي من الجناية تجرى القسامة فيه أيضا

(مسألة 9): لو حصل للمجني عليه مرض باطني أو قلبي من الجناية تجرى القسامة فيه أيضا (31).

______________________________

(28) لتسالم الأصحاب على أنه لا كسر في اليمين.

(29) لما تقدم من عدم الكسر في اليمين.

(30) جمودا على الإطلاقات، و احتياطا في الدماء.

(31) لوجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله الأدلة حينئذ.

ص: 268

شرائط القسامة و هي الجهة الثالثة من البحث
اشارة

شرائط القسامة و هي الجهة الثالثة من البحث.

مسألة 1: يشترط في القسامة أمور

(مسألة 1): يشترط في القسامة أمور:

الأول: علم الحالف فلا يكتفى بالظن (1).

الثاني: جزمه فلا يجزي التردد فيها (2).

الثالث: الظهور العرفي بذكر الخصوصيات التي يرفع بها الإبهام و الإجمال (3).

الرابع: أن يكون الحالف جامعا لشرائط الكمال (4).

الخامس: أن يكون الحلف باللّه تعالى لا بغيره (5).

______________________________

(1) لاعتبار ذلك في كل حلف كما تقدم مكررا.

(2) للأصل، و لما مر في كتاب الأيمان.

(3) لظواهر الأدلة، مضافا إلى الإجماع، و قد تقدم في اليمين في كتاب القضاء ما ينفع المقام.

(4) لما مر في مسألة 9 من كتاب الأيمان و النذور (1).

(5) للأصل، و الإجماع، و النصوص، كما مر جميعها في كتاب الأيمان.

ص: 269


1- راجع ج: 22 صفحة: 256. طبعة النجف الأشرف.
مسألة 2: الأحوط اجتماع القسامة حين الحلف في مجلس واحد

(مسألة 2): الأحوط اجتماع القسامة حين الحلف في مجلس واحد إن رأى الحاكم فيه مصلحة (6).

مسألة 3: يجوز أن تقوم قسامة واحدة

(مسألة 3): يجوز أن تقوم قسامة واحدة لجنايات متعددة ان حصلت (7).

مسألة 4: لا تقبل قسامة الكافر في دعواه على المسلم مطلقا

(مسألة 4): لا تقبل قسامة الكافر في دعواه على المسلم مطلقا (8).

______________________________

(6) لأصالة عدم ترتب الأثر إلا بذلك، و لكنه مشكل لظهور الإطلاق في الكفاية مطلقا، واحدا كان المجلس أو متعددا، هذا إذا رأى الحاكم في الاجتماع مصلحة و لم تكن في التفريق مصلحة ملزمة، و إلا فالأحوط هو التفريق، بل هو لازم حينئذ.

(7) لشمول الإطلاقات لها أيضا، كما تشمل قيام بينة واحدة في موارد مختلفة، كل ذلك مع اجتماع الشرائط.

(8) لعدم معهودية مثل ذلك في الشريعة، إلا إذا ثبت أنها من الحقوق المشتركة بين جميع الناس مطلقا، و هو ممنوع. نعم لا يذهب دم المسلم هدرا، و على الحاكم الشرعي الإصلاح من جهة شرعية أخرى، أو يفديه من بيت المال إن رأى فيه الصلاح.

و النصوص الواردة في القسامة على قسمين.

الأول: ما اشتمل على لفظ «الناس» كصحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال «سألته عن القسامة كيف كانت؟ فقال: هي حق و هي مكتوبة عندنا، و لو لا ذلك لقتل الناس بعضهم بعضا ثمَّ لم يكن شي ء، و إنما القسامة نجاة الناس» (1)، و مثله غيره و ذهب اليه بعض الفقهاء فقالوا بثبوت قسامة الكافر على المسلم، جمودا على مثل هذه الأخبار.

الثاني: ما اشتمل على المسلم كقول الصادق عليه السّلام في صحيح بريد: «إنما

ص: 270


1- الوسائل: باب 9 من أبواب دعوى القتل الحديث: 2.

..........

______________________________

حقن دماء المسلمين بالقسامة» (1)، و يقتضي كثرة اهتمام الشارع بالمسلم.

و مقتضى الصناعة حمل الأول على الثاني، فلا يبقى مجال للأخذ بالعموم و الإطلاق، مع أن هذا مقتضى كثرة اهتمام الشارع بحفظ دماء المسلمين. هذا إذا لم يكن الكافر ذميا أو معاهدا، و إلا فهو في حكم المسلم.

ص: 271


1- الوسائل: باب 9 من أبواب دعوى القتل الحديث: 3.
أحكام القسامة و ما يتعلق بها و هي الجهة الرابعة من البحث
اشارة

أحكام القسامة و ما يتعلق بها و هي الجهة الرابعة من البحث:

مسألة 1: يثبت القصاص بالقسامة في قتل العمد، و الدية على القاتل في الخطأ شبه العمد، و على العاقلة في الخطاء المحض

(مسألة 1): يثبت القصاص بالقسامة في قتل العمد (1)، و الدية على القاتل في الخطأ شبه العمد (2)، و على العاقلة في الخطاء المحض (3).

______________________________

(1) نصا، و إجماعا، ففي الصحيح عن الصادق عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«فأقيموا قسامة خمسين رجلا أقيده برمته» (1)، و في صحيح زرارة عنه صلّى اللّه عليه و آله أيضا: «فليقسم خمسون رجلا منكم على رجل ندفعه إليكم» (2)، و في رواية أبي بصير عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «فعلى المدعي أن يجي ء بخمسين يحلفون إن فلانا قتل فلانا فيدفع إليهم الذي حلف عليه، فإن شاؤوا عفوا، و إن شاؤوا قتلوا، و إن شاؤوا قبلوا الدية» (3)، إلى غير ذلك من الروايات الواردة بين الفريقين (4).

(2) للإجماع، و كون القسامة كالبينة.

(3) على المشهور، و تقتضيه ظواهر النصوص الدالة على أن القسامة كالبينة.

ص: 272


1- الوسائل: باب 9 من أبواب دعوى القتل الحديث: 3.
2- الوسائل: باب 10 من أبواب دعوى القتل: 3.
3- الوسائل: باب 10 من أبواب دعوى القتل: 5.
4- راجع السنن الكبرى للبيهقي ج: 8 صفحة: 117.
مسألة 2: لو ادعى على اثنين و له على أحدهما لوث دون الآخر

(مسألة 2): لو ادعى على اثنين و له على أحدهما لوث دون الآخر تجري القسامة بالنسبة إلى الأول و أما الآخر فلا موضوع لها فيه (4). و لو أراد قتل ذي اللوث بعد القسامة يردّ عليه نصف ديته و كذا لو أراد قتل الآخر بعد اليمين المردودة (5)، كما له أن يترك ذلك و يأخذ نصف الدية من أحدهما (6)، و يجوز الصلح بما يتراضيان عليه (7)، و كذا لو كانت الدعوى على أكثر من اثنين و أراد القتل بعد الثبوت فتلاحظ النسبة في دفع مقدار الدية (8).

______________________________

و أما قولهم عليهم السّلام: «لا تعقل العاقلة إلا ما قامت عليه البينة» (1)، فالحصر فيه إضافي يقابل الإقرار، مضافا إلى وهنه بالإعراض.

(4) اما الأول: فلوجود المقتضي فيه من اعتبار اللوث في مورد القسامة و فقد المانع، فيترتب حكمها لا محالة.

و أما الثاني: فحيث لا لوث فيه لا موضوع فيه للقسامة، فيكون كسائر الدعاوي من كون اليمين على المدعى عليه، فإن حلف سقطت الدعوى بالنسبة إليه، و إن ردّ اليمين على المدعي يحلف و يثبت دعواه، و قد تقدم كل ذلك في كتاب القضاء.

و هذا الحلف لا يدخل في الخمسين، لأن موضوع الخمسين اللوث، و المفروض عدمه في مورد هذا الحلف.

(5) لفرض توجه دعواه على اثنين، فليس له قتل كل واحد منهما منفردا إلا بذلك، و لو قتلهما معا فيعطى كل واحد منهما نصف الدية.

(6) لأنه لا حق له أزيد من ذلك.

(7) لأن الحق لا يتعداهما، فلهما أن يفعلا ما شاءا.

(8) لكون الحكم مطابقا للقواعد، فلا فرق بينما إذا كانت الزيادة أكثر من واحد أو أقل.

ص: 273


1- الوسائل: باب 9 من أبواب العاقلة: 1.
مسألة 3: لو كان لوث في البين و بعض الأولياء غائب أو قاصر

(مسألة 3): لو كان لوث في البين و بعض الأولياء غائب أو قاصر و رفع الحاضر الدعوى إلى الحاكم تسمع دعواه (9)، و يطالبه الحاكم الشرعي بخمسين قسامة و مع الفقد يحلّفه خمسين يمينا في العمد و في غيره نصفها كما مرّ و يثبت حقه و لا يجب انتظار الغائب و لا كمال القاصر و يستوفي حقه و لو قودا (10)، و يسقط حق الغائب و القاصر بقسامة الحاضر أو يمينه (11).

______________________________

(9) للإطلاق، و الاتفاق، و قاعدتي: «إن لكل ذي حق مطالبة حقه» و «عدم الضرر و الضرار».

(10) كل ذلك لتحقق الموضوع شرعا- كما مر في سابقة- فيترتب الحكم عليه قهرا.

(11) لما يظهر من نصوص القسامة المتقدمة و الفتاوى من أنها لو حصلت ثبت الحق لأهله من غير فرق بين الحالف منهم و غيره، مع فرض كونه مدعيا و أنه لا يعتبر فيها حصول الأيمان موزعة على قدر نصيبهم، على وجه إن لم يكن يحصل اليمين من بعضهم على قدر استحقاقه لم يثبت له حق.

كما لا وجه أن لكل ذي حق يحلف تمام الخمسين على وجه يبلغ الأيمان ألف يمين أو أزيد، الذي يمكن القطع بعدمه من النصوص و الفتاوى، كما قال في الجواهر و ما ذكره (قدس اللّه نفسه الزكية)، حسن لكن لا بد من تقييده بما إذا لم يحصل للحاكم الشرعي المباشر لفصل الخصومة قرينة دالة على التشديد، بتكرار القسامة و تأكيدها بالنسبة إلى غير الحاضر، و إلا فلا بد من العمل بها.

و بذلك يمكن الجمع بين الكلمات و ان بعد عن ظاهر بعضها.

و الاحتمالات في المقام كثيرة، لكنها غير مستندة إلى ركن وثيق، و لا تأمل عميق، فمن شاء فليراجع المفصلات.

ص: 274

مسألة 4: لو أكذب أحد الوليين صاحبه لا يقدح في اللوث بعد تحققه

(مسألة 4): لو أكذب أحد الوليين صاحبه لا يقدح في اللوث بعد تحققه ما لم تكن قرينة معتبرة على الخلاف (12).

مسألة 5: لو مات الولي قبل القسامة أو الحلف قام وارثه مقامه

(مسألة 5): لو مات الولي قبل القسامة أو الحلف قام وارثه مقامه (13)، فعليه عين ما كان على الولي مما تقدم (14)، و إن مات في الأثناء يستأنف أصل الإيمان رأسا (15)، و لو مات بعد التمام و الإكمال ثبت للوارث حقه من غير يمين (16)، و لو مات من لا وارث له فلا قسامة (17).

مسألة 6: لو تمت القسامة و استوفى الولي الدية

(مسألة 6): لو تمت القسامة و استوفى الولي الدية فشهدت البينة بأن المدعى عليه لم يكن قادرا على القتل لحبس أو مرض أو غيبة أو نحو ذلك، ففي صحة القسامة و ترتب حكمها عليها أو بطلانها بالبينة وجهان (18).

______________________________

(12) أما عدم القدح، فللأصل بعد تحقق اللوث، و أما القدح مع القرينة المعتبرة، فلفرض عدم اللوث مع القرينة المعتبرة على الخلاف، و المرجع في التكذيب المحاورات العرفية إذ لم يرد فيه تحديد في الشريعة المقدسة.

(13) لظهور اتفاقهم على أنه من الحقوق الموروثة، فيكون إثباته أيضا كذلك.

(14) لأنه لا معنى لقيامه مقام الولي في إقامته الدعوى إلا ذلك.

(15) لأن تمام هذه الأيمان كالوحدة، و لا تبعيض في الواحدة، مع أن الحق انتقل إلى الغير، فلو قلنا بكفاية التبعيض يلزم إثبات الحق يمين غير ذي الحق.

(16) لثبوت الحق حينئذ للمورث، فينتقل إلى الوارث بلا احتياج إلى الإثبات.

(17) لأن وارثه الإمام عليه السّلام، و هو أعلم بتكليفه.

(18) وجه الصحة فصل الخصومة باليمين، فيشملها إطلاق قول أبي

ص: 275

مسألة 7: لو علم ببطلان القسامة فلا وجه لترتب الأثر عليها حدوثا و بقاء

(مسألة 7): لو علم ببطلان القسامة فلا وجه لترتب الأثر عليها حدوثا و بقاء (19)، فلا وجه لأخذ الدية و لو كان الولي قد أخذها استعيدت منه (20)، و لو اقتص الولي بالقسامة أو الحلف فإن اعترف بتعمد الكذب اقتص منه و إلا فعليه الدية (21)، و لو كان بين المدعي و القسامة اختلاف في المذهب بعد كونهما مسلمين بأن لا يعتبروها و لا يقدموا عليها فلا يتم موضوع القود فيها (22).

مسألة 8: لو تمت القسامة و استوفى الولي حقه و انفصلت الخصومة فقال آخر: إني قتلته منفردا

(مسألة 8): لو تمت القسامة و استوفى الولي حقه و انفصلت الخصومة فقال آخر: (إني قتلته منفردا) ليس للولي الرجوع إليه (23)،

______________________________

الحسن عليه السّلام: «ذهبت اليمين بما فيها» (1).

و وجه البطلان كثرة أهمية الدم، و احتمال انصراف الإطلاق عن المقام، و لا يبعد الأول بعد صدق فصل الخصومة باليمين.

(19) لعدم الموضوع للأثر، فينتفي الحكم بانتفاء موضوعه حينئذ.

(20) لما مرّ من انتفاء الحكم بانتفاء الموضوع بعد انكشاف الخلاف.

(21) أما الأول: فلأنه من العمد.

و أما الثاني: فلأنّه من شبه العمد.

(22) لفرض عدم تحقق الموضوع، و للحاكم الشرعي حينئذ فصل الخصومة بأي وجه صحيح شرعي أمكنه حتى «لا يبطل دم امرئ مسلم» (2).

(23) لتمامية الحجة لديه على خلاف إقرار المقر، فكيف يرجع إليه مع الحجة المعتبرة على الخلاف؟!

ص: 276


1- الوسائل: باب 10 من أبواب كيفية الحكم الحديث: 2.
2- الوسائل: باب 29 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 1.

و إن أكذب نفسه و صدّق المقر يبطل حكم القسامة و يصح الرجوع إلى المقرّ (24)، و كذا لو لم تتم القسامة و لم تنفصل الخصومة و لكن كانت دعوى الولي دعوى جزمية قطعية (25)، و إن كانت دعواه ظنية و لم تكن جزمية فله الخيار في استيفاء حقه من القسامة أو الرجوع إلى المقرّ (26)، و هذا التخيير ثابت له ما دام ظنه باقيا (27).

مسألة 9: لو فقد بعض القسامة الشرائط المعتبرة فيه

(مسألة 9): لو فقد بعض القسامة الشرائط المعتبرة فيه فان كان بعد تمامية القسامة فلا أثر له (28)، و إن كان قبل ذلك يبدل الفاقد للشرائط بالجامع لها إن وجد (29)، و إلا تقدم حكمه (30).

______________________________

(24) أما الأول: فلاعترافه بالكذب.

و اما الثاني: فلوجود المقتضي و فقد المانع بعد التصديق.

(25) لأنه مع العلم بخلاف دعوى المقرّ حينئذ، كيف يرجع إليه؟ نعم يصح ذلك بعد تكذيب نفسه كما مرّ.

(26) لفرض اعتبار كل منهما بالنسبة إليه، بعد أن قلنا بسماع الدعوى الظنية.

(27) لأن المناط كله عدم علمه ببطلان دعوى المقرّ، و المفروض بقاؤه مع الظن و التردد في دعوى نفسه، إن قلنا بسماع الدعوى فيهما، كما هو المفروض.

(28) لفرض تمامية الموضوع و ترتب الحكم عليه قهرا.

(29) لشمول الأدلة لهذه الصورة أيضا، سواء جعلناها من الأيمان المتعددة، أو نزّلناها منزلة اليمين الواحدة، كما مرّ، لأن مثل هذه التنزيلات شائعة، فلا يحتاج إلى استيناف أصل القسامة.

(30) من تكرار اليمين على البقية كما مر.

ص: 277

مسألة 10: إذا تحقق اللوث و تحققت القسامة في الخارج و قبل حكم الحاكم

(مسألة 10): إذا تحقق اللوث و تحققت القسامة في الخارج و قبل حكم الحاكم ظهر له أن المقتول كان مهدور الدم بسبب شرعي تذهب القسامة هدرا (31)، كما لو أظهر أهل القسامة أن المقتول كان مباح الدم شرعا فلا قود و لا دية حينئذ (32).

مسألة 11: لو أقام ولي المقتول القسامة على مدعاه و أقام القاتل الحجة الشرعية على أنه كان مهدور الدم شرعا فلا قود

(مسألة 11): لو أقام ولي المقتول القسامة على مدعاه و أقام القاتل الحجة الشرعية على أنه كان مهدور الدم شرعا فلا قود و لا دية على القاتل (34).

مسألة 12: لو تحققت القسامة جامعة للشرائط

(مسألة 12): لو تحققت القسامة جامعة للشرائط فرأى الحاكم الشرعي مصلحة شرعية في استينافها يجوز له ذلك (34).

______________________________

(31) لفرض كشف الخلاف فيها، و أنها اجتمعت على ما ليس له أثر شرعي.

(32) لفرض اتفاق أهل القسامة في أيمانهم على أنه كان مباح الدم، فلا يترتب على القتل شي ء شرعا.

(33) لسقوط قسامة ولي المقتول بالمعارضة بما أقامها القاتل، فلا يبقى موجب للقود و الدية.

ان قيل: هذا خلاف إطلاق قوله عليه السّلام: «و لا يبطل دم امرئ مسلم» (1).

يقال: انه صحيح فيما إذا جرى قوله عليه السّلام فيه، و لكن في المقام بعد تحقق بينة القاتل مثلا أنه كان مهدور الدم لا يجوز التمسك به، لأن المراد به المسلم الذي لم يهدر الشارع دمه. نعم للحاكم الشرعي النظر في القضية بجميع الخصوصيات، فمن الممكن أن يترتب عليها حكم آخر غير ما تقدم.

(34) لوجود المقتضي و هو المصلحة الشرعية، و ولاية الحاكم- و عدم

ص: 278


1- الوسائل: باب 29 من أبواب القصاص في النفس.
مسألة 13: ما تقدم من الأحكام في قسامة النفس تجري في قسامة الأعضاء أيضا

(مسألة 13): ما تقدم من الأحكام في قسامة النفس تجري في قسامة الأعضاء أيضا (35).

مسألة 14: لو اتهم شخص بالقتل و التمس الولي من الحاكم الشرعي حبسه حتى تحضر البينة جاز له إجابته

(مسألة 14): لو اتهم شخص بالقتل و التمس الولي من الحاكم الشرعي حبسه حتى تحضر البينة جاز له إجابته إن كان ممن يحتمل فراره دون من لم يكن كذلك و لو أخّر الولي إقامة البينة إلى ستة أيام يخلّى سبيله (36)، بلا فرق بين قتل النفس و الجراح (37).

______________________________

المانع في البين. و ليس ذلك من إبطال اليمين، بل هو من تحديدها لغرض شرعي.

(35) لظهور الإجماع، و إطلاق الأدلة الشامل لكل واحد منهما.

(36) لأن ذلك في الجملة من شؤون الحسبة، و للحاكم الشرعي الولاية عليها، و لا يعد ذلك من تعجيل العقوبة قبل الاستحقاق حتى لا يجوز، و في خبر السكوني عن الصادق عليه السّلام: «قال: إن النبي صلّى اللّه عليه و آله كان يحبس في تهمة الدم ستة أيام، فإن جاء أولياء المقتول يثبت و إلا خلّي سبيله» (1)، و لا وجه للمناقشة في الحديث بضعف السكوني، لاحتفافه بقرائن توجب سكون النفس إلى التوثيق أو الصدور، و لذا استقر نظر المحققين على الاعتماد عليه.

(37) لأنه بعد أن رأى الحاكم الصلاح فيه، و كان ذلك من شؤون الحسبة، يكون الحكم موافقا للقاعدة، فلا وجه للاقتصار على خصوص مورد النص حينئذ.

ص: 279


1- الوسائل: باب 12 من أبواب دعوى القتل: 1.

فصل في كيفية الاستيفاء و ما يتعلق به

اشارة

فصل في كيفية الاستيفاء و ما يتعلق به قتل العمد يوجب القصاص تعيينا و لا يوجب الدية لا تعيينا و لا تخييرا (1)،

______________________________

(1) للكتاب، و السنة، و الإجماع، أما الأول: فلظاهر قوله تعالى النَّفْسَ بِالنَّفْسِ (1)، و قوله تعالى فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ (2)، و قوله تعالى وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها (3).

و أما السنة: فهي كثيرة (4)، منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن سنان:

«من قتل مؤمنا متعمّدا قيّد منه إلا أن يرضى أولياء المقتول أن يقبلوا الدية، فإن رضوا بالدية و أحب ذلك القاتل فالدية اثنا عشر ألفا- الحديث» (5).

و أما الإجماع: فهو بين المسلمين.

و يمكن الاستدلال بحكم العقل أيضا في تنظيمه النظام الأحسن، فإنه يحكم بقتله قطعا لمادة الفساد في العباد و إزالة البغي و الطغيان عن البلاد، فتتم الأدلة الأربعة عليه في الشريعة المقدسة.

ص: 280


1- سورة المائدة الآية: 45.
2- سورة البقرة الآية: 194.
3- سورة الشورى الآية: 40.
4- الوسائل: باب 19 من أبواب دعوى القتل.
5- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات النفس: 9.

و إذا عفا الولي القصاص يسقط و ليس له مطالبته الدية (2).

مسألة 1: لو بذل الجاني نفسه ليس للولي غيرها

(مسألة 1): لو بذل الجاني نفسه ليس للولي غيرها (3)، و لو عفا الولي بشرط الدية فللجاني الخيار بين القبول و عدمه (4)،

______________________________

و أما النبوي: «من قتل له قتيل فهو يخيّر بين النظرين إما أن يفدي و إما أن يقتل» (1)، فهو مضافا إلى قصور سنده، يمكن حمله على غير المقام، كما يأتي فيه الكلام.

(2) أما الأول: فلأن الحق له فيجوز له إعماله، كما يجوز له إسقاطه، مضافا إلى ظهور الإجماع.

و أما الثاني: فلعدم تشريع الدية في القتل العمدي، فكيف يطالب بما هو غير مشروع؟!

(3) لقاعدة: «أن الجاني لا يجني على أكثر من نفسه»، مضافا إلى الإجماع.

(4) أما أصل صحة هذا الشرط: فللعمومات، و الإطلاقات، و أصالتي الحلية و الصحة، و أما الخيار: فلقاعدتي السلطنة و نفي الضرر و الضرار.

و قد يستشكل في الشرط.

أولا: بأنه لا موضوع له في المقام، لأنه في العقود، و المقام من الإيقاع، فلا وجه له.

و ثانيا: بأنه خلاف الكتاب، لتشريع القصاص في قتل العمد لا الدية، فلا يصح الشرط.

و يرد الأول بأن تقوّمه بالطرفين يجعله كالعقد، و إن صح انطباق الإيقاع عليه من جهة أخرى.

و الثاني: بأن الدية المنفية في العمد إنما هو بحسب الجعل الأولي، لا ما

ص: 281


1- السنن الكبرى للبيهقي ج: 8 صفحة: 52.

و لا تثبت الدية إلا برضاه (5)، فلو رضي بها سقط القود و ثبتت الدية (6).

مسألة 2: لو كان الشرط إعطاء الدية لم يسقط القود إلا بإعطاء الدية

(مسألة 2): لو كان الشرط إعطاء الدية لم يسقط القود إلا بإعطاء الدية (7)، و لا يجب على الجاني إعطاء الدية لتخليص نفسه (8).

مسألة 3: يجوز التصالح على الدية بالأقل أو الأكثر

(مسألة 3): يجوز التصالح على الدية بالأقل أو الأكثر و لو كان بأضعافها فإذا قبل الجاني وجب عليه الوفاء (9).

مسألة 4: لا يجوز للحاكم الحكم بقصاص النفس ما لم يثبت لديه أن تلف النفس كان بالجناية

(مسألة 4): لا يجوز للحاكم الحكم بقصاص النفس ما لم يثبت لديه أن تلف النفس كان بالجناية (10)، فلو اشتبه لديه و لم تقم بينة و لا إقرار من الجاني أن تلف النفس كان بالجناية اقتصر على القصاص في الطرف أو

______________________________

إذا كان عن مراضاة من له الحق و من عليه الحق.

(5) لما مرّ من قاعدتي السلطنة. و نفي الضرر.

(6) لانحصار الأمر بينهما، و هو مقتضى التخيير و الاختيار، فإذا سقط أحدهما ثبت الآخر.

(7) لأن المشروط إنما هو فعل مباشري من طرف الشارط، فلا بد من تحققه خارجا.

(8) للأصل بعد عدم دليل عليه إلا ما يقال: من وجوب حفظ النفس، و في شموله للمقام الذي أذن الشارع في قتله للولي إشكال، بل منع.

(9) أما الأول: فلعموم أدلة الصلح كتابا، و سنة- كما مر في محله- ما لم يكن محذور شرعي في البين و هو مفقود، لأن الحق بينهما، فلهما ما تراضيا عليه مع عدم منع شرعي، كما هو المفروض.

و أما الثاني: فلعموم وجوب الوفاء بالعقود و العهود من الكتاب، و السنة، كما مر غير مرة.

(10) لأصالة عدم حجية الحكم، و عدم نفوذه إلا في ذلك، و أصالة احترام الدماء الثابتة بالأدلة الأربعة، كما تقدم مكررا.

ص: 282

أرش الجناية و لا يحكم بالقصاص في النفس (11).

مسألة 5: يرث القصاص من يرث المال، عدا الزوجة و الزوج

(مسألة 5): يرث القصاص من يرث المال (12)، عدا الزوجة و الزوج فلا يستحقان القصاص (13)، و لكنهما يرثان من الدية مطلقا (14).

مسألة 6: يرث الدية كل من يرث المال

(مسألة 6): يرث الدية كل من يرث المال (15)،

______________________________

(11) لفرض تحقق الاشتباه، و عدم معلومية الحال لديه، فكيف يحكم بإباحة نفس لم يأذن اللّه جلت عظمته في إزهاق روحها، و لا يختص ذلك بالدماء، بل يجري في غيرها أيضا، و يأتي في أحكام السراية ما ينفع المقام.

(12) لعمومات أدلة الإرث و إطلاقاتها من الكتاب- كآية أولي الأرحام (1)، و إطلاق قوله تعالى فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً (2). و السنة مضافا إلى دعوى الإجماع.

(13) لتسالم الأصحاب و إجماعهم عليه.

(14) لإطلاقات الأدلة، و عموماتها، بلا مقيد و مخصص في البين. و ما عن علي عليه السّلام في خبر السكوني: «لا يورث المرأة من دية زوجها شيئا و لا يورث الرجل من دية امرأته شيئا و لا الاخوة من الأم من الدية شيئا» (3)، قاصر سندا، و مهجور بين الفقهاء عملا.

(15) للإطلاقات، و العمومات من أدلة الإرث- كتابا و سنّة- من غير مقيد و مخصص، و في معتبرة إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: «إذا قبلت دية العمد فصارت مالا فهي ميراث كسائر الأموال» (4)، فيشمل الحكم الزوج و الزوجة و غيرهما كما مر.

ص: 283


1- سورة الأنفال الآية: 75.
2- سورة الإسراء الآية: 33.
3- الوسائل: باب 11 من أبواب موانع الإرث: 4.
4- الوسائل: باب 14 من أبواب موانع الإرث: 1.

إلا الإخوة و الأخوات للأم (16)، بل مطلق من يتقرب بها على الأقوى (17)، و إن كان الأولى الاحتياط في غير الإخوة و الأخوات للأم (18).

مسألة 7: لا بد لولي الدم و لو كان واحدا أن يراجع الحاكم الشرعي

(مسألة 7): لا بد لولي الدم و لو كان واحدا أن يراجع الحاكم الشرعي و يستأذن منه في الاقتصاص (19)، و لو بادر الولي بدون الإذن يعزّر و لكن لا قصاص و لا دية عليه (20).

______________________________

(16) للإجماع، و النصوص، منها صحيح سليمان بن خالد عن الصادق عليه السّلام قال: «قضى علي عليه السّلام في دية المقتول أنه يرثها الورثة على كتاب اللّه و سهامهم إذا لم يكن على المقتول دين إلا الإخوة و الأخوات من الأم، فإنهم لا يرثون من ديته شيئا» (1)، و في صحيح عبد اللّه بن سنان قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

قضى أمير المؤمنين عليه السّلام ان الدية يرثها الورثة إلا الاخوة و الأخوات من الأم فإنهم لا يرثون من الدية» (2)، إلى غير ذلك من الروايات.

(17) للأولوية القطعية في حرمان غير الاخوة و الأخوات من الأم من حرمانهما، فيكون ذكرهما- كما تقدم- أو ذكر خصوص الإخوة، كما في بعض النصوص مثل معتبرة محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «الدية يرثها الورثة على فرائض الميراث، إلا الإخوة من الأم، فإنهم لا يرثون من الدية شيئا» (3)، من باب المثال لا التقييد.

(18) لأنه حسن على كل حال، مع تردد بعض في الأولوية، و الاحتياط يحصل بالتراضي و التصالح.

(19) حذرا من عدم التهجم على الدماء المحترمة بلا إذن ممن جعله اللّه تعالى أمينا عليها، بل عن جمع أن ذلك من المناصب الخاصة التي له المباشرة أو التسبيب، خصوصا في الأطراف لدقة الأمر فيها، حتى لا يؤدي أحيانا إلى القتل.

(20) أما التعزير: فلأنه ترك الواجب. و أما عدم القصاص و الدية: فلعدم

ص: 284


1- الوسائل: باب 10 من أبواب موانع الإرث الحديث: 1، 2، 4.
2- الوسائل: باب 10 من أبواب موانع الإرث الحديث: 1، 2، 4.
3- الوسائل: باب 10 من أبواب موانع الإرث الحديث: 1، 2، 4.

مسألة 8: لو تعدد أولياء الدم لا يجوز الاستيفاء إلا بإذن الجميع

(مسألة 8): لو تعدد أولياء الدم لا يجوز الاستيفاء إلا بإذن الجميع لواحد من أنفسهم أو توكيلهم شخصا آخر (21)، و لو استبد أحد منهم و بادر بالقصاص مع عدم الاستيذان من البقية فلا قود عليه و يضمن حصة البقية لو لم يأذنوا (22)، و يعزّر بما يراه الحاكم الشرعي (23)، هذا إذا لم يكن موروثا و أما إذا كان حق القصاص موروثا يترتب عليه حكم الحقوق الموروثة (24)، كما يأتي في الإرث.

______________________________

كون وجوب الاستيذان من الحاكم شرطيا، بل يكون واجبا نفسيا مستقلا.

(21) لثبوت الحق للجميع، فلا بد من إذنهم، و تحفظا على الدماء مهما أمكن. مع أن حق التشفي مما هو ثابت لكل واحد ممن له الولاية على المقتول بالانحلال وجدانا، فلا بد من استرضاء الجميع. و لا يقاس ذلك بحق الخيار و نحوه مما هو واحد عند تعدد ذي الحق، فمن بادر إلى إعمال حقه انتفى الموضوع عن البقية، لأن موضوع تشفي القلب عمن قتل ظلما الذي جعله اللّه تعالى بقوله وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً (1)، غير موضوع حق الخيار المتعلق بالمال، فلا يقاس أحدهما بالآخر، و استرضاء الجميع يحصل بما جعله الشارع موجبا لفصل الخصومة و سقوط حقه، كدفع الدية إلى الأولياء. هذا كله في حق القصاص الأولي المجعول ابتداء للأولياء.

(22) لأن هذا هو مقتضى الجمع بين مراعاة حقه و حق البقية.

(23) لتبادره إلى ما ليس له حق المبادرة إليه بلا إذن من الباقي.

(24) لاختلاف الموضوع حينئذ، لأن الحق الأولى المجعول ابتداء شي ء و الحق المورث شي ء آخر، كما يأتي في الإرث فيسقط حق القصاص بإسقاط واحد منهم، لأنه طبيعة واحدة ثابتة للمجموع من حيث هو بالإرث، كما لا يجوز

ص: 285


1- سورة الإسراء الآية: 33.

مسألة 9: لو تشاحّ الأولياء في مباشرة القتل و تحصيل الإذن يقرع بينهم

(مسألة 9): لو تشاحّ الأولياء في مباشرة القتل و تحصيل الإذن يقرع بينهم (25)، و لو كان فيهم من لا يقدر على المباشرة و وكل من يقدر عليها وجب إدخاله في القرعة (26).

مسألة 10: ينبغي للحاكم الشرعي أن يحضر عند الاستيفاء شاهدين عدلين عارفين بالخصوصيات

(مسألة 10): ينبغي للحاكم الشرعي أن يحضر عند الاستيفاء شاهدين عدلين عارفين بالخصوصيات و الشرائط المعتبرة الشرعية فيشهدان بها لو حصلت منازعة بين المقتص و أولياء المقتص منه كما ينبغي أن تعتبر الآلة لئلا تكون مسمومة توجب فساد البدن و تقطّعه و هتكه عند التجهيزات اللازمة- كالغسل أو الدفن- و لا يجوز استعمال مثل ذلك في قصاص المؤمن و يعزّر فاعله لو فعل ذلك (27).

مسألة 11: لو لم يمكن القصاص من الجاني لمانع شرعي لا يمكن رفعه ينتقل إلى الدية

(مسألة 11): لو لم يمكن القصاص من الجاني لمانع شرعي لا يمكن رفعه ينتقل إلى الدية (28).

______________________________

الاقتصاص إلا مع إذن الجميع.

(25) لأنها لكل أمر مشكل، و المقام منه.

(26) أما أصل صحة الوكالة: فلظهور الإجماع. و أما الدخول في موضوع القرعة: فلوجود المقتضي و فقد المانع، فتشملها الأدلة حينئذ.

(27) أما حضور خبيرين بصيرين بخصوصيات الموضوع، فللتحذر عن حدوث المنازعة و الفساد بين العباد فيما فيه أهم منشأ للخصومة و العناء، فينبغي الدفع لمنشإ النزاع، حتى لا نحتاج إلى الرفع بعد الوقوع.

و أما لزوم امتحان الآلة، فلعدم جواز التعدي عما أذن فيه الشارع الأقدس كما مر.

و أما التعزير، فلأنه فعل خلاف ما يرتضيه اللطيف الخبير في الاقتصاص من عبده الضعيف الفقير.

(28) للأدلة الدالة على عدم ضياع دم امرئ مسلم، كما سيأتي في

ص: 286

مسألة 12: يحرم في قصاص الطرف استعمال الآلة المسمومة الموجبة للسراية

(مسألة 12): يحرم في قصاص الطرف استعمال الآلة المسمومة الموجبة للسراية (29)، فإن استعملها الولي المباشر ضمن (30)، فمع علمه بذلك و أن السم مما يقتل غالبا أو أراد القتل و لو لم يكن مما يقتل غالبا يقتص منه (31)، بعد رد نصف ديته إن مات بهما (32)، و لو كان القتل بغير عمد يرد نصف دية المقتول (33)، و إذا سرى السم إلى عضو آخر و لم يؤد إلى الموت يضمن ما جنى دية أو قصاصا مع تحقق الشرائط (34).

مسألة 13: يحرم تعذيب المقتص منه بأزيد مما جنى

(مسألة 13): يحرم تعذيب المقتص منه بأزيد مما جنى (35)،

______________________________

المسائل اللاحقة.

(29) للإجماع، و لأنه تسبيب إلى قتل النفس المحترمة، و المأذون فيه شرعا إنما هو قصاص الطرف فقط لا إزهاق الروح.

(30) لوقوع الجناية غير المأذون فيها شرعا بفعله، فتشملها العمومات، و الإطلاقات، الواردة في أبواب القصاص و الديات.

ثمَّ إن استعمال السم تارة يكون من الولي مباشرة، و اخرى من غيره بتسبيبه، و ثالثة من غيره بلا دخالة منه أبدا، و حكم الجميع معلوم مما تقدم.

(31) لتحقق الجناية العمدية، فلا بد من ترتب الحكم عليه بعد تحقق الموضوع.

(32) لأن الإذن الشرعي كان بالنسبة إلى النصف فقط، فإذا اقتص منه بتمامه لا بد من رد نصف الدية إليه، لتثبت المثلية المأمور بها شرعا و عقلا.

(33) لتحقق الضمان بالدية لا القصاص، مع فرض عدم العمد.

(34) لأن تحقق الموضوع مع ما يعتبر فيه، يستلزم تحقق الحكم لا محالة، فإن كان من الخطأ فالدية، و إن كان من العمد فالقصاص.

(35) للأدلة الأربعة، فمن الكتاب قوله تعالى:

ص: 287

كالاستيفاء بالآلة الكالّة و المنشار و نحوهما مما يوجب التعذيب زائدا على ما يستحقه من الضرب بالسيف على عنقه (36)، و لو فعل أثم و عزّر و لا شي ء عليه سواه (37).

مسألة 14: لا يقتص إلا بالسيف

(مسألة 14): لا يقتص إلا بالسيف و إن كانت الجناية بغيره كالحرق و الغرق و الرضخ بالحجارة (38)،

______________________________

فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ (1)، و قوله تعالى وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَ لَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصّابِرِينَ (2).

و من السنة إطلاق قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «إذا قتلتم فأحسنوا القتلة» (3)، الشامل للمقام بالأولى.

و من الإجماع: إجماع المسلمين.

و من العقل: حكمه البتي بقبح ذلك، لأنه ظلم يستقل العقل بقبحه.

(36) لأصالة الاحترام في الدماء و النفوس، إلا ما خرج بدليل مخصوص، مضافا إلى ظهور الإجماع.

(37) أما الإثم، فلمخالفة التكليف، و منه يعلم وجه التعزير، و أما انه لا شي ء عليها، فللأصل بعد عدم دليل عليه.

(38) لظهور الإجماع، و معتبرة ابن بكير عن العبد الصالح عليه السّلام «في رجل ضرب رجلا بعصا فلم يرفع العصا عنه حتى مات، قال عليه السّلام: يدفع إلى أولياء المقتول، و لكن لا يترك يتلذّذ به، و لكن يجاز عليه بالسيف» (4)، و في صحيح الكناني عن الصادق عليه السّلام: «عن رجل ضرب رجلا بعصا فلم يقلع عنه الضرب

ص: 288


1- سورة البقرة الآية: 194.
2- سورة النحل الآية: 126.
3- السنن الكبرى للبيهقي ج: 8 صفحة: 60.
4- الوسائل: باب 62 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 3.

و يجوز بالأسهل إن رضي الولي بذلك كاتصاله بالاسلاك الكهربائية مثلا (39)، و نحوه و لا يجوز التمثيل به (40).

مسألة 15: اجرة من يقيم الحدود الشرعية على بيت المال

(مسألة 15): اجرة من يقيم الحدود الشرعية على بيت المال (41)،

______________________________

حتى مات، أ يدفع إلى ولي المقتول فيقتله؟ قال: نعم، و لكن لا يترك يعبث به، و لكن يجيز عليه السيف» (1)، و لا وجه بعد ذلك للتمسك بإطلاق المثلية.

و أما ما نسب إلى نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «من حرق حرقناه، و من غرق غرقناه» (2)، فهو مضافا إلى قصور سنده غير معمول به كما عرفت.

(39) لدعوى الأولوية القطعية من قتله بالسيف بعد أن أذن صاحب الحق به، و كذا القتل بواسطة بعض الاشعاعات الخاصة المشعة على المخ، بحيث لا يحس الجاني بالقتل، كما هو المعروف في هذه الأعصار.

(40) للنهي و لو بالكلب العقور، فعن علي عليه السّلام في المعتبر في وصيته للحسن عليه السّلام: «يا بني عبد المطلب لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين خوضا تقولون: قتل أمير المؤمنين، ألا لا يقتلن بي إلا قاتلي، انظروا إذا أنا مت من هذه الضربة فاضربوه ضربة بضربة، و لا يمثل بالرجل فإني سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إياكم و المثلة و لو بالكلب العقور، ثمَّ أقبل على ابنه الحسن عليه السّلام فقال: يا بني أنت ولي الأمر و ولي الدم فإن عفوت فلك و إن قتلت فضربة مكان ضربة- الحديث-» (3)، و لأنه من الإسراف في القتل المنهي عنه، ففي معتبرة إسحاق بن عمار: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إن اللّه يقول في كتابه:

وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ ما هذا الإسراف الذي نهى اللّه عنه؟ قال: نهى أن يقتل غير قاتله، أو يمثل بالقاتل» (4).

(41) لأنها معدة لمصالح المسلمين، و هي من أهمها و أعظمها.

ص: 289


1- الوسائل: باب 62 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 3 و 1.
2- الوسائل: باب 62 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 3 و 1.
3- الوسائل: باب 62 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 6.
4- الوسائل: باب 62 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 2.

و اجرة الاقتصاص في النفس على ولي الدم (42)، و على المجني عليه لو كان في الطرف (43)، و مع اعسارهما فمن بيت المال إن لم يكن أهم في البيت (44).

مسألة 16: لا يضمن المقتص في الطرف سراية القصاص، إلا مع التعدي في اقتصاصه

(مسألة 16): لا يضمن المقتص في الطرف سراية القصاص (45)، إلا مع التعدي في اقتصاصه (46)، فمع التعمد يقتص في الزائد إن أمكن و إلا فالدية أو الأرش (47).

______________________________

(42) لأنها ترجع إلى مصلحة الولي، فلا بد و أن يكون منه و إن كانت لها إضافة إلى الحكومة الشرعية أيضا في الجملة، و لذا قيل إنها كالسابق على بيت المال، و لكن الظاهر أن الإضافة الأولى أشد و أولى.

(43) الكلام فيه عين الكلام في سابقة من غير فرق.

(44) لفرض الإضافة إلى الحكومة الشرعية في الجملة، هذا إذا لم يكن نظر الحاكم الاستدانة عليهما، و إلا فيستدين عليهما لما مر من أشدية الإضافة إليهما من غيرهما.

(45) للأصل، و الإجماع، و النصوص، منها قول الصادق عليه السّلام في معتبرة الحلبي: «أيما رجل قتله الحدّ، و القصاص، فلا دية له» (1)، و في معتبرة أبي الصباح الكناني عن الصادق عليه السّلام في حديث قال: «سألته عن رجل قتله القصاص، له دية؟ فقال: لو كان ذلك لم يقتص من أحد، و قال: من قتله الحدّ فلا دية له» (2)، إلى غير ذلك من الروايات.

(46) فيضمن حينئذ، لما مرّ من الأدلة الأربعة سابقا.

(47) لتحقق موضوع الاقتصاص مع العمد و الإمكان، و مع عدمه فالدية أو الأرش كما يأتي.

ص: 290


1- الوسائل: باب 24 من أبواب القصاص في النفس 9.
2- الوسائل: باب 24 من أبواب القصاص في النفس 1.

مسألة 17: لو ادعى المقتص منه تعمد المقتص في السراية و أنكره يقبل قول المقتص بيمينه

(مسألة 17): لو ادعى المقتص منه تعمد المقتص في السراية و أنكره يقبل قول المقتص بيمينه (48)، و لو ادعى الخطأ و أنكر المقتص منه يقدم قول المقتص بيمينه (49)، و لو ادعى المقتص حصول الزيادة من جهة المقتص منه من اضطراب أو نحوه و أنكره يقبل قول المقتص منه (50).

مسألة 18: حكم القصاص في الطرف حكم القصاص في النفس

(مسألة 18): حكم القصاص في الطرف حكم القصاص في النفس فكل من يجري بينهما القصاص في النفس يجري بينهما القصاص في الطرف أيضا و كل من لا يقتص له في النفس لا يقتص له في الطرف (51).

مسألة 19: لو لم يكن بعض الأولياء حاضرا في الاستيفاء لغيبة ينظر حضوره إن كانت المدة قصيرة

(مسألة 19): لو لم يكن بعض الأولياء حاضرا في الاستيفاء لغيبة ينظر حضوره إن كانت المدة قصيرة (52)، و لو لم يكن كذلك فهو موكول إلى نظر الحاكم الشرعي المتصدي للقضية (53)،

______________________________

(48) لأن الفعل فعله، و هو أعرف به، مع أن مقتضى الأصل عدم التعمد.

و اليمين لقطع الخصومة و لإثبات قوله.

(49) لما مر في سابقة من غير فرق.

(50) للقطع بوجود الضمان في الجملة، فمقتضى الأصل بقائه إلا إذا دلّت حجة معتبرة على الخلاف، و هي مفقودة.

(51) لاتحاد حكم الجملة و الأبعاض نصا (1)، و فتوى، فلا يقطع يد والد بقطع يد ولده، و لا يد مسلم بقطع يد كافر، و هكذا.

(52) للعمومات، و الإطلاقات، بعد وجود المقتضي و فقد المانع، كما هو المفروض.

(53) لأن ذلك من الأمور الحسبية التي له الولاية عليها قطعا.

ص: 291


1- الوسائل: باب 32 من أبواب القصاص في النفس.

و لو كان بعضهم مجنونا أو صغيرا فالولي يقوم مقامه (54).

مسألة 20: لو عفا بعض الأولياء عند تعددهم عن القصاص أو أخذ الدية

(مسألة 20): لو عفا بعض الأولياء عند تعددهم عن القصاص أو أخذ الدية لا يسقط حق مطالبة القصاص عمن لم يعف أو لم يأخذ الدية (55)،

______________________________

(54) لدليل ولايته الشامل لذلك أيضا، كما مر في كتاب النكاح و الحجر و غيرهما، و في معتبرة إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: «انتظروا بالصغار الذين قتل أبوهم أن يكبروا، فإذا بلغوا خيّروا، فإن أحبّوا قتلوا أو عفوا، أو صالحوا» (1)، و لا بد من تقييده بصورة عدم الجد، و عدم محذور شرعي آخر في البين.

(55) إجماعا، و نصوصا، منها صحيح أبي ولاد الحناط قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قتل و له أم و أب و ابن، فقال الابن: أنا أريد أن أقتل قاتل أبي، و قال الأب: أنا أريد أن أعفو، و قالت الأم: أنا أريد أن آخذ الدية، فقال عليه السّلام:

فليعط الابن أم المقتول السدس من الدية، و يعطي ورثة القاتل السدس من الدية حق الأب الذي عفا، و ليقتله» (2)، و في رواية جميل بن دراج عن علي عليه السّلام: «في رجل قتل و له وليان فعفا أحدهما و أبى الآخر أن يعفو، قال: إن أراد الذي لم يعف ان يقتل قتل ورد نصف الدية على أولياء المقتول المقاد منه» (3)، و يقتضيه الاعتبار أيضا.

و أما ما يظهر منه الخلاف كجملة من الروايات التي فيها المعتبر، فأسقطها عن الاعتبار إعراض المشهور، و موافقتها للعامة، كمعتبرة عبد الرحمن، قلت للصادق عليه السّلام: «رجلان قتلا رجلا عمدا و له وليان فعفا أحد الوليين، فقال عليه السّلام:

إذا عفا بعض الأولياء درئ عنهما القتل، و طرح عنهما من الدية بقدر حصة من

ص: 292


1- الوسائل: باب 53 من أبواب القصاص في النفس: 2.
2- الوسائل: باب 52 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 1، 2.
3- الوسائل: باب 52 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 1، 2.

فلهم أن يقتصوا بعد أن يردوا على الجاني نصيب من فاداه من الدية (56)، بلا فرق بين كون ما دفعه أو صالح عليه بقدر الدية أو أقل أو أكثر (57)، و لو عفا أو صالح بمقدار و امتنع الجاني من البذل جاز لمن أراد الاقتصاص أن يقتص بعد رد نصيب شريكه (58).

مسألة 21: ليس مجرد مطالبة الدية إسقاطا لحق القصاص و لا عفوا ما لم يتحقق العفو أو الدية في الخارج

(مسألة 21): ليس مجرد مطالبة الدية إسقاطا لحق القصاص و لا عفوا ما لم يتحقق العفو أو الدية في الخارج (59)، و لو عفا بعض مجانا لم يسقط القصاص فللباقين الاقتصاص بعد ردّ نصيب من عفى على الجاني (60).

مسألة 22: لو اشترك الأب و الأجنبي في قتل ولده. أو المسلم و الذمي في قتل ذمي

(مسألة 22): لو اشترك الأب و الأجنبي في قتل ولده. أو المسلم و الذمي في قتل ذمي يثبت القصاص على الشريك و يرد الآخر عليه نصف ديته (61)،

______________________________

عفا، و أدّيا الباقي من أموالهما إلى الذين لم يعفوا» (1). و في معتبرة أبي مريم (2)، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام فيمن عفا من ذي سهم فإن عفوه جائز، و قضى في أربعة إخوة عفا أحدهم قال: يعطى بقيتهم الدية، و يرفع عنهم بحصة الذي عفا».

(56) إجماعا، و نصا، كما تقدم في صحيح أبي ولّاد.

(57) لإطلاق الأدلة الشامل لجميع هذه الأقسام.

(58) لشمول الأدلة لهذه الصورة بعد وجود المقتضي و فقد المانع.

(59) للأصل، و العموم، و الإطلاق.

(60) لما تقدم في سابقة من غير فرق، فلا بد حينئذ من اذن الجميع.

(61) أما أصل ثبوت القصاص على الشريك، فللإطلاق، و الاتفاق، و عدم

ص: 293


1- الوسائل: باب 54 من أبواب القصاص في النفس 1 و 2.
2- الوسائل: باب 54 من أبواب القصاص في النفس 1 و 2.

و كذا لو كان أحدهما عامدا و الآخر خاطئا فيقتص من العامد بعد ردّ نصف الدية عليه، فإن كان القتل خطأ محضا فالردّ من العاقلة و إن كان شبهه فمن الجاني (62)، و لو شارك العامد سبع و نحوه ممن لا ضمان عليه يقتص من العامد بعد ردّ الولي عليه نصف ديته (63).

مسألة 23: حق استيفاء القصاص ثابت حتى للمحجور عليه لسفه أو فلس

(مسألة 23): حق استيفاء القصاص ثابت حتى للمحجور عليه لسفه أو فلس (64)، و لو عفى المحجور عليه لفلس على مال و رضي به الجاني ملكه (65)، و الأحوط أن يقسمه على الغرماء (66)، و للمحجور عليه العفو مجانا أو بالأقل من الدية (67).

______________________________

الملازمة بين السقوط عن أحد الشريكين و السقوط عن الآخر، لا عقلا و لا شرعا و لا عرفا.

و أما ردّ نصف الدية، فلأنه مقتضى التشريك في القتل، فمن يقع عليه القصاص شارك مع الآخر في القتل، فيكون الآخر ضامنا أيضا للنصف، و يتحقق أداء الضمان بذلك. و يصح أن يؤدي نصف الدية الولي ثمَّ يرجع بها على الآخر.

(62) لاقتضاء الشركة، و نفي الضرر، و يقتضي الجمع بين الأدلة ذلك.

(63) إجماعا، و نصا، راجع مسألة 25 و 48 من (البحث في الموجب).

(64) للعموم، و الإطلاق، و الاتفاق، بل عدم الموضوع للحجر منه، لأنه إما يكون بالنسبة إلى التصرفات المالية، و الاستيفاء ليس منها، فيجوز لهما الاقتصاص.

(65) لأنه حينئذ كسائر أمواله المكتسبة بعد الحجر، كما تقدم التفصيل في كتاب الحجر، فراجع فلا داعي للإعادة مرة أخرى.

(66) لاحتمال تعلّق الحجر به، و إن ناقشناه في محله.

(67) لأن الواجب في القتل العمدي إنما هو القصاص، فليس ذلك من التصرف المالي حتى يكون ممنوعا منه. نعم لو كان الواجب ردّ الدية مع

ص: 294

مسألة 24: الدية بحكم تركة المقتول

(مسألة 24): الدية بحكم تركة المقتول فإذا قتل شخص و عليه دين فديته التي أخذها الورثة تصرف في أداء دينه و وصاياه كسائر أمواله (68)، و لا فرق في ذلك بين القتل عمدا مع الصلح على الدية أو شبه عمد أو كان ما صولح عليه في العمد كان بمقدار ديته أو أقل أو أكثر و كان من جنسه أو لا (69).

مسألة 25: لو قتل شخص و عليه دين و ليست له تركة فالأحوط لولي الدم عدم الاستيفاء

________________________________________

سبزوارى، سيد عبد الأعلى، مهذّب الأحكام (للسبزواري)، 30 جلد، مؤسسه المنار - دفتر حضرت آية الله، قم - ايران، چهارم، 1413 ه ق

مهذب الأحكام (للسبزواري)؛ ج 28، ص: 295

(مسألة 25): لو قتل شخص و عليه دين و ليست له تركة فالأحوط لولي الدم عدم الاستيفاء إلا بعد ضمان الدين و توثيقه (70).

______________________________

الاقتصاص لكان ذلك منه، كما لو كان معه ولي آخر لزمه دفع نصف الدية إن أراد القود وحده و قد عفى شريكه.

(68) إجماعا، و نصا، فعن ابن سعيد قال: «سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن رجل قتل و عليه دين و لم يترك مالا و أخذ أهله الدية من قاتله، أ عليهم أن يقضوا الدين؟ قال: نعم. قلت: و هو لم يترك شيئا، قال: إن أخذوا الدية فعليهم أن يقضوا الدين» (1)، و قد تقدم في كتابي الوصية و الدين أن أول ما يخرج من تركة الميت بعد التجهيزات الدين و الوصية، ثمَّ الميراث. و الدية من التركة كما مر.

(69) كل ذلك لإطلاق الدليل الشامل لجميع ذلك.

(70) البحث في هذه المسألة تارة: بحسب الأصل، و أخرى: بحسب العمومات، و ثالثة: بحسب الأدلة الخاصة.

أما الأولى: فقد يقال إن مقتضى أصالة البراءة عن الضمان جواز الاستيفاء بدونه.

و فيه: أن الشك في أصل ثبوت الولاية بدونه، فيرجع إلى عدم الولاية بدونه، و هي مقدمة على أصالة البراءة بعد قصور العمومات عن الشمول للمقام.

ص: 295


1- الوسائل: باب 24 من أبواب الدين و القرض: 1.

..........

______________________________

لما يأتي، و لنا أن نتمسك بالعمومات الدالة على عدم جواز تفويت مال الغير إلا بالضمان و الاستيثاق، ثمَّ الاستيفاء، لأن ذلك من شؤون ولاية الولي عرفا.

و أما الثانية: فهي عمومات ولاية الولي من الكتاب و السنة، كقوله تعالى:

وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً (1)، و عن الصادق عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «من قتل مؤمنا متعمدا قيد منه إلا أن يرضى أولياء المقتول أن يقبلوا الدية» (2)، و مثله غيره.

و فيه: أنه لا يصح التمسك بها بعد الشك في شرعية ولايته بدون الاستيثاق و الضمان، فمن نسب إليهم الجواز بدون الضمان- و منهم ابن إدريس- إن كان مستندهم ذلك فلا وجه له.

و أما الأخيرة: ففي معتبرة أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «في رجل يقتل و عليه دين و ليس له مال، فهل لأوليائه أن يهبوا دمه لقاتله و عليه دين؟ فقال: إن أصحاب الدين هم الخصماء للقاتل، فإن وهبوا أوليائه دية القاتل فجائز و إن أرادوا القود فليس لهم ذلك حتى يضمنوا الدين للغرماء، و إلا فلا» (3).

و نوقش فيها بضعف السند، و موافقتها للعامة، و اختلال النظم.

أما الأول: فلا وجه له بعد الاعتناء بضبطها، و البحث عنها، و الاعتماد عليها.

و أما الثاني: فكذلك، إذ ليس كل موافق للعامة لا بد و أن يطرح، و إنما هو في موارد خاصة ليس المقام منها.

و أما الأخير: فيحمل على الهبة فيما زاد من نصيبهم عن مقدار الدين، و قال في الجواهر: «الضمان في خصوص القود مجبور بالشهرة المحكية في الدروس، و الإجماع المحكي في الغيبة» و قوله عليه السّلام: «إن أصحاب الدين هم

ص: 296


1- سورة الإسراء الآية: 33.
2- الوسائل: باب 19 من أبواب القصاص في النفس: 3.
3- الوسائل: باب 24 من أبواب الدين و القرض.

..........

______________________________

الخصماء للقاتل»، بيان لقاعدة كلية يعني لا بد من مراعاة حقهم، فتشمل صورة الهبة و صورة القود معا، لا أن يكون علة لإحداهما فقط، و التأمل في الحديث يقتضي بأنه ليس فيه الاختلال و لا مخالفة القواعد. نعم كان الأولى ذكر قوله عليه السّلام: «إن أصحاب الدين هم الخصماء للقاتل» بعد تمام الجملتين، ليكون أوضح في العلية لهما، و لعله لم يراع هذه الجهة لأجل تنبيه العلة للهبة من غيرها، و إلا فالعلة علة لهما، و يشهد له خبره الآخر كما في التهذيب قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قتل و عليه دين؟ فقال: إن أصحاب الدين هم الخصماء للقاتل، فإن وهب أولياؤه دمه للغرماء و إلا فلا» (1)، بل و خبره الثالث عن الكاظم عليه السّلام قلت له: «جعلت فداك، رجل قتل رجلا متعمدا أو خطأ و عليه دين و ليس له مال و أراد أولياؤه أن يهبوا دمه للقاتل؟ قال: إن وهبوا دمه ضمنوا ديته، فقلت: إن هم أرادوا قتله؟ قال: إن قتل عمدا قتل قاتله. و أدّى عنه الإمام الدين من سهم الغارمين، قلت: فإنه قتل عمدا و صالح أولياؤه قاتله على الدية، فعلى من الدين؟ على أوليائه من الدية؟ أو على امام المسلمين؟ فقال: بل يؤدوا دينه من ديته التي صالحوا عليها أولياؤه، فإنه أحق بديته من غيره» (2)، فان عموم التعليل في قوله عليه السّلام: «فإنه أحق بديته من غيره» يدل على أنه حكم أولي مطابق للقاعدة، يجري في جميع الصور و الفروض، و ما قاله عليه السّلام في الصدر: «إن قتل عمدا قتل قاتله، و أدّى عنه الإمام الدين من سهم الغارمين» كان حكما ثانويا بيّنه عليه السّلام لجهة من الجهات.

و بالجملة: التأمل في هذه النصوص يقتضي بأنه يمكن إرجاعها إلى شي ء واحد، و إمكان تطبيقها على ما لدينا من القواعد العامة.

و إنما عبرنا بالاحتياط خوفا من مخالفة جمع من الأصحاب، كابن إدريس و من تأخر عنه، بل قد ادعي الإجماع على جواز الاستيفاء من دون الضمان،

ص: 297


1- الوسائل: باب 59 من أبواب القصاص في النفس: 1.
2- الوسائل: باب 59 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 2.

مسألة 26: لو قتل واحد شخصين أو أكثر عمدا دفعة أو متعاقبا قتل بهم

(مسألة 26): لو قتل واحد شخصين أو أكثر عمدا دفعة أو متعاقبا قتل بهم (71)، و لا سبيل لأوليائهم على ماله (72)، فإذا عفا بعض الأولياء كان للباقين القصاص بلا رد شي ء (73)، فإن تراضى الأولياء مع الجاني بالدية فلكل واحد منهم دية كاملة (74).

مسألة 27: الأحوط عدم جواز الاستبداد- فيما لو تعدد الأولياء

(مسألة 27): الأحوط عدم جواز الاستبداد- فيما لو تعدد الأولياء و لزوم الاستيذان من الجميع (75)،

______________________________

و دعوى الإجماع موهونة بدعوى الإجماع على الخلاف، و ليس لهم دليل بعد الإجماع الموهون إلا الأصل و العمومات، و قد مر ما فيهما، فراجع و اللّه العالم بحقائق الأحكام.

(71) للعموم، و الإطلاق، و قاعدة السببية المسلّمة بين الكل.

(72) للأصل، و الإجماع، و قاعدة: «أن الجاني لا يجني على أكثر من نفسه»، كما تقدم مكررا.

(73) لفرض ثبوت الحق لهم مستقلا أيضا، مضافا إلى النص، و الإجماع، ففي الصحيح عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن رجل قتل رجلين عمدا و لهما أولياء، فعفا أولياء أحدهما و أبى الآخرون؟ فقال: يقتل الذي لم يعف، و إن أحبوا أن يأخذوا الدية أخذوا» (1).

و مقتضى إطلاقه عدم الفرق بين ما إذا كان العفو على مال أو بدونه، إلا أن يدعي الانصراف إلى الثاني.

(74) لثبوت الحق لكل واحد منهم، فلهم إعمال حقهم بالتراضي بالدية، مضافا إلى ما تقدم في الصحيح.

(75) لأن الحق و إن كان لكل واحد منهم مستقلا فله العمل بحقه كيف ما

ص: 298


1- الوسائل: باب 52 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 3.

و لو اختلفوا في الاستيفاء و لم يمكن الاجتماع فالمرجع القرعة (76)، و لو استبد أحد منهم و قتل الجاني بلا استيذان من البقية فلا شي ء عليه (77)، و لكن يعزّره الحاكم (78)، و يسقط الموضوع بالنسبة إلى غيره (79).

مسألة 28: يجوز التوكيل في استيفاء القصاص

(مسألة 28): يجوز التوكيل في استيفاء القصاص (80)، و حينئذ فلو عزله قبل استيفائه القصاص فإن علم الوكيل بالعزل و مع ذلك استوفاه فعليه القصاص (81)، و إن لم يعلم فلا قصاص و لا دية عليه (82)، و لو عفا الموكل عن القصاص قبل الاستيفاء و علم به و مع ذلك استوفاه فعليه

______________________________

يشاء و أراد، و لكن حيث أن الموضوع واحد و في معرض الاختلاف و التنازع، فلا بد و أن يستأذن من الجميع دفعا لذلك.

(76) لتحقق موضوعها، فلا بد من الرجوع إليها.

(77) لأنه أعمل حقه بحق، فإن الاستيذان ليس واجبا شرطيا بل هو واجب نفسي، لمصالح خاصة تقدم بعضها.

(78) لأنه ترك الواجب الشرعي فله التعزير بما يراه، كما مر مكررا، هذا إذا أمكن الاستيذان و استبد، و أما إذا لم يمكن الاستيذان لعذر موجه سقط التعزير أيضا.

(79) لزوال الموضوع رأسا، فلا موضوع لإعمال حقهم، فيكون منتفيا بانتفاء الموضوع.

(80) لأصالة جواز الوكالة في كل شي ء إلا ما خرج بالدليل، و لا دليل على الخلاف في المقام، و تقدم في أول كتاب الوكالة بعض الكلام، فلا وجه للتكرار مرة أخرى.

(81) لتحقق القتل العمدي بلا رخصة شرعية، مضافا إلى الإجماع.

(82) للأصل بعد عدم تحقق موجب القصاص و الدية.

ص: 299

القصاص (83)، و إن لم يعلم فعليه الدية (84)، و يرجع فيها على الموكل (85).

مسألة 29: لو استوفى الوكيل القصاص بعد موت الموكّل جاهلا بموته فلا قصاص عليه

(مسألة 29): لو استوفى الوكيل القصاص بعد موت الموكّل جاهلا بموته فلا قصاص عليه و لكن عليه الدية (86)، و إن كان عالما و مع ذلك استوفاه فعليه القصاص (87).

مسألة 30: لا يقتص من الحامل حتى تضع حملها

(مسألة 30): لا يقتص من الحامل حتى تضع حملها (88)، و إن تجدد الحمل بعد الجناية بل و لو كان الحمل من زنا (89)،

______________________________

(83) لأنه من القتل العدواني، فيترتب عليه حكمه، و هو القصاص كما تقدم.

(84) لمباشرته لقتل نفس محترمة، و مقتضى أصالة الاحترام في نفس الإنسان الضمان، إلا إذا ثبت العدوان.

(85) لأنه مغرور من قبله، مضافا إلى ظهور الإجماع.

(86) أما الأول: فللأصل بعد عدم تحقق الموجب للقصاص.

و أما الثاني: لأنه من شبه العمد الذي فيه الدية كما مر، لأن الوكالة قد زالت بالموت.

(87) لتحقق موضوعه- و هو القتل العمدي بعد العلم بالعزل بموته- فيترتب عليه حكمه و هو القصاص، مضافا إلى ما مرّ في المسألة السابقة.

(88) للإجماع، و لما يستفاد مما ورد في حدّ الحامل (1)، و لأنه إسراف في القتل و هو حرام لقوله تعالى وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ (2).

(89) لإطلاق الدليل الشامل لجميع ذلك. و ولد الزنا و إن كان لا يرث من

ص: 300


1- الوسائل: باب 16 من أبواب حد الزنا و راجع ج: 27: صفحة: 279.
2- سورة الإسراء الآية: 33.

و لو ادعت الحمل و شهدت لها أربع قوابل قبل قولها (90)، و لو لم يكن لها شهود فالأحوط التأخير إلى أن يتبين الحال (91)، و لو وضعت حملها فلا يجوز قتلها إذا توقف حياة الصبي عليها (92)، بل لو خيف موت الولد وجب التأخير (93)، نعم لو لم يكن خوف و كان من يعيش به الولد جاز القصاص (94)، و لو قتل المرأة قصاصا فبانت حاملا فالدية على ولي القاتل (95).

______________________________

الزاني و لا يلحق به، و لكنه لا يجوز قتله كما تقدم مكررا.

(90) لقيام الحجة الشرعية على الحمل حينئذ.

(91) لعدم جواز التهجم على الدم المحترم مهما أمكن، و لإمكان استفادة ذلك مما ورد على تصديق قولها في الحمل، و الحيض، و العدة (1).

(92) لفحوى ما تقدم في سابقة، فإذا وجب التأخير مع احتمال الحمل لتبين الحال، فالتأخير مع وجود الولد و الخوف عليه يكون أولى.

(93) لما تقدم في سابقيه بالفحوى.

(94) لوجود المقتضي له حينئذ و فقد المانع، فتشمله الإطلاقات، و العمومات.

(95) للمباشرة و التسبيب، إن لم يكن سبب آخر أقوى في البين، كما إذا صار مغرورا من قبل حكم الحاكم و نحو ذلك، فلو كان المباشر جاهلا و علم الحاكم، ضمن الحاكم، لأنه أذن بالقصاص الموجب للغرور.

ثمَّ إنه قد تقدم أن ضمان الدية على الولي إنما يكون من ماله في شبه العمد، و في الخطأ المحض على العاقلة، كما أن ضمان الحاكم مع الخطأ المحض من بيت المال، و في العمد من ماله كما مر.

ص: 301


1- الوسائل: باب 24 من أبواب العدد من كتاب الطلاق.

مسألة 31: لو قطع يد رجل و قتل رجلا آخر تقطع يده أولا ثمَّ يقتل

(مسألة 31): لو قطع يد رجل و قتل رجلا آخر تقطع يده أولا ثمَّ يقتل (96)، بلا فرق بين كون القطع أولا و القتل بعده أو العكس (97)، و لو قتله ولي المقتول قبل قطع يده أثم و للحاكم تعزيره (98)، و لا ضمان عليه (99)، و لو سرى القطع في المجني عليه قبل القصاص استحق وليه و ولي المقتول القصاص (100)، و لو سرى بعد القصاص فلا يجب شي ء في تركة الجاني (101)،

______________________________

(96) جمعا بين الحقين، و إجماعا، و عملا بكل واحد من السببين.

(97) لإطلاق الدليل الشامل لكل واحد منهما، كما تقدم سابقا.

(98) أما الإثم: فلأنه خالف الحكم الظاهري الشرعي. و أما التعزير:

فلمخالفته لهذا الحكم، فحينئذ يعزّره الحاكم الشرعي بما يراه، لأن له الولاية على ذلك كما تقدم مكررا.

(99) للأصل بعد عدم دليل على الخلاف، و عدم كون أصل القتل عدوانا، بل استحقاقا شرعيا لأصل القتل و إزهاق الروح مطلقا، فلا وجه لضمانه للجزء بعد كونه مستحقا للكل مطلقا.

(100) لتمامية سبب الاستحقاق بالنسبة إلى كل واحد منهما، أحدهما بواسطة القتل المباشري الحاصل من القاتل، ثانيهما بواسطة سراية جناية الجاني.

(101) للأصل، فإن الدية لا تثبت في العمد إلا صلحا، و المفروض عدمه، و القصاص قد فات محله.

إن قلت: مقتضى قوله عليه السّلام: «لا يبطل دم امرئ مسلم» (1)، أخذ الدية من تركة الجاني.

ص: 302


1- الوسائل: باب 29 من أبواب القصاص في النفس.

و لو قطع فاقتص منه ثمَّ سرت جراحة المجني عليه فلوليه القصاص في النفس (102).

مسألة 32: لو هلك قاتل العمد سقط القصاص بل و الدية

(مسألة 32): لو هلك قاتل العمد سقط القصاص بل و الدية (103)، و لو هرب فلم يقدر عليه حتى مات فإن كان له مال أخذ منه و إلا أخذ من الأقرب فالأقرب (104).

______________________________

قلت. أولا: أنه محكوم بقوله عليه السّلام: «ليس يجني أحد أكثر من جنايته على نفسه» (1)، فبعد فرض تحقق القصاص لا وجه للدية، كما تقدم.

و ثانيا: أن ما تقدم من قوله عليه السّلام: «لا يبطل دم امرئ مسلم» في ما إذا كان موضوعه ثابت شرعا من وجود الجاني، أو تحقق الضمان، فيشكل شموله لمثل المقام أصلا.

(102) لوجود المقتضي للقصاص في النفس بالسراية و فقد المانع، فلا بد من ترتب الأثر حينئذ، و لا يكون اعتداء زائدا حتى نحتاج إلى دفع الدية، كما هو معلوم، لأن السراية حصلت من فعله و باختياره كما هو واضح، فيقتص منه، و لا وجه لدفع الدية بعد ذلك.

(103) أما الأول: فلقاعدة: «انتفاء الحكم بانتفاء الموضوع»، مضافا إلى الإجماع.

و أما الثاني: فلأن الدية في العمد إنما تجب بالصلح، و مع عدم طرف للصلح كيف يتحقّق ذلك؟! فمقتضى الأصل عدمها أيضا.

و دعوى: أن مقتضى قوله عليه السّلام: «لا يبطل دم امرئ مسلم» وجوب الدية في المقام.

غير صحيحة: لأن ذلك مع فرض بقاء الموضوع، فلا يشمل مثل المقام الذي نشك فيه بعد عدم تحقق الصلح على الدية، و انتفاء الموضوع.

(104) لخبر أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قتل رجلا

ص: 303


1- تقدم في صفحة: 218.

مسألة 33: إذا قطع يد رجل فقطع يد الجاني قصاصا و مات المجني عليه بالسراية

(مسألة 33): إذا قطع يد رجل فقطع يد الجاني قصاصا و مات المجني عليه بالسراية ثمَّ مات الجاني بالسراية أيضا فلا قصاص و لا دية (105)، و لو سرى القطع إلى الجاني أولا ثمَّ سرى قطع المجني عليه لم تقع سراية الجاني قصاصا (106).

مسألة 34: لو ضرب ولي المقتول القاتل و تركه باعتقاد أنه قد مات فبرأ بعد العلاج

(مسألة 34): لو ضرب ولي المقتول القاتل و تركه باعتقاد أنه قد مات فبرأ بعد العلاج فإن كان ما ضربه به كالسيف مما يستعمل في القتل و القصاص لم يقتص من الولي، بل جاز له ضربه ثانيا قصاصا، و إن لم يكن

______________________________

متعمدا ثمَّ هرب القاتل فلم يقدر عليه؟ قال: إن كان له مال أخذت الدية من ماله، و إلا فمن الأقرب فالأقرب، و إن لم يكن له قرابة أدّاه الإمام، فإنه لا يبطل دم امرئ مسلم» (1).

و في رواية ابن أبي نصر البزنطي عن أبي جعفر عليه السّلام «في رجل قتل رجلا عمدا ثمَّ فرّ فلم يقدر عليه حتى مات، قال: إن كان له مال أخذ منه، و إلا أخذ من الأقرب فالأقرب» (2)، و قد ذكر فيها: «فلم يقدر عليه حتى مات»، و نسب إلى أكثر الأصحاب، بل الإجماع العمل بمضمونه، و لكن لا بد من الاقتصار على المتيقن منه.

(105) لوقوع ذهاب النفس في كل منهما بسبب اختياري، و هو قطع اليد إن كان ذلك مستلزما للسراية عادة، فلا موضوع للقصاص.

(106) لصيرورتها هدرا من أجل وقوعها قبل سراية المجني عليه. فما قتله الحدّ أو القصاص فهو هدر كما مر، نصا، و إجماعا (3)، و لكن يكون سراية المجني عليه مضمونا بتدارك من ماله، و إلا فمن بيت مال المسلمين لتحقق الضمان حينئذ.

ص: 304


1- الوسائل: باب 4 من أبواب العاقلة الحديث: 1، 2.
2- الوسائل: باب 4 من أبواب العاقلة الحديث: 1، 2.
3- تقدّم في مجلد السابع و العشرين صفحة: 291.

كذلك كان للجاني الاقتصاص ثمَّ للولي أن يقتله قصاصا أو يتاركان (107).

مسألة 35: لو قطع يد شخص فعفى المقطوع ثمَّ قتله القاطع فللولي القصاص في النفس

(مسألة 35): لو قطع يد شخص فعفى المقطوع ثمَّ قتله القاطع فللولي القصاص في النفس و الأحوط التراضي ثانيا بالنسبة إلى دية اليد (108)،

______________________________

(107) كما عن جمع منهم المحقق (رحمة اللّه تعالى عليه) في الشرائع، لأن الولي في الصورة الأولى فعل ما هو جائز له شرعا، فإن دم الجاني كان هدرا بالنسبة إليه، و كان يجوز له قتله فقتله بزعمه بما يقتل به و ما يقتص به.

و أما في الصورة الثانية: فإن ما ضربه الولي به لم يكن جائزا شرعا، لأن جواز قتل الجاني بكيفية خاصة لا يستلزم جواز سائر أنحاء الأذية له، بل يرجع في حكمها إلى عموم قوله تعالى فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ (1)، و سائر العمومات، و الإطلاقات.

و أما خبر أبان بن عثمان عمن أخبره عن أحدهما عليهما السّلام أنه قال: «أتي عمر بن الخطاب برجل قد قتل أخا رجل فدفعه إليه و أمره بقتله، فضربه الرجل حتى رأى أنه قد قتله، فحمل إلى منزله فوجدوا به رمقا فعالجوه فبرأ، فلما خرج أخذه أخ المقتول، فقال له: أنت قاتل أخي ولي أن أقتلك، فقال له: قد قتلتني مرة، فانطلق به إلى عمر فأمر بقتله، فخرج و هو يقول: و اللّه قتلتني مرة، فمروا على أمير المؤمنين عليه السّلام فأخبروه خبره، فقال: لا تعجل عليه حتى أخرج إليك، فدخل على عمر فقال: ليس الحكم فيه هكذا، فقال: ما هو يا أبا الحسن؟ قال:

يقتص هذا من أخ المقتول الأول ما صنع به ثمَّ يقتله بأخيه، فنظر الرجل أنه إن اقتص منه أتى على نفسه، فعفا عنه و تتاركا» (2)، فهو مع قصور سنده، إن أمكن إرجاعه إلى ما ذكر، و إلا فلا بد من رد علمه إلى أهله.

(108) أما القصاص: فلعموم أدلته، و إطلاقاتها الشاملة للمقام بلا إشكال.

ص: 305


1- سورة البقرة الآية: 194.
2- الوسائل: باب 61 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 1.

و لو قتل رجل صحيح رجلا مقطوع اليد قتل به على تفصيل بالنسبة إلى اليد (109)،

______________________________

و أما حكم الدية: فالبحث فيه تارة بحسب ما ارتكز في الأذهان من الانظار. و اخرى: بحسب ما وصل إلينا من الأخبار.

أما الأولى: فمقتضاها أن العفو جعل الجناية كأن لم تكن، فلا قصاص لها، و لا دية، إلا إذا ثبت بقرينة أن العفو لم يكن دائميا بل ما داميا، أي ما لم يقع من الجاني جناية أخرى أشد من الأولى، فيكون العفو كأن لم يكن، و هذا هو الغالب في أحوال المجني عليهم فيصير العفو الواقع أولا عفوا ظاهريا ما داميا لا واقعيا حقيقيا، و في مثله لا أثر للعفو، و حينئذ لا يصح التمسك بالإطلاق، لوجود القرينة المقرونة بالكلام، و لو شككنا في بقاء العفو و زواله، فمقتضى الأصل بقائه بناء على جريانه في مثل المقام.

و أما الثانية: ففي المرسل عن الصادق عليه السّلام: «في رجل شج رجلا موضحة ثمَّ يطلب فيها فوهبها له، ثمَّ انتفضت به فقتلته، فقال: هو ضامن للدية إلا قيمة الموضحة، لأنه وهبها و لم يهب النفس» (1)، و هو ظاهر في بقاء العفو- و لو بعد ارتكاب جناية أشد- لو لا قصور سنده. و يمكن حمله على ما إذا أحرز بقاء العفو أو شك فيه، فيجري فيه الأصل، و الاحتياط فيما قلناه في المتن.

إن قيل: العفو كالإسقاط، و لا معنى لعدمه بعد ثبوته و تحققه.

يقال: نعم لو كان مطلقا، لا ما إذا كان مقيدا و محدودا بحدّ معين.

إن قيل: الظاهر هو الإطلاق.

يقال: لو لا القرينة الحافة، و هي كون العفو مقيدا بعدم جرءة الطرف على جناية أشد.

(109) أما أصل القصاص، فللعمومات و الإطلاقات، كتابا، و سنة، مثل قوله

ص: 306


1- الوسائل: باب 7 من أبواب الشجاج و الجراح.

و لو قطع كفا بغير أصابع قطعت كفه بعد رد دية الأصابع (110).

______________________________

تعالى النَّفْسَ بِالنَّفْسِ (1)، و من الروايات ما تقدم (2).

و أما التفصيل: فهو لرواية مسورة بن كليب عن الصادق عليه السّلام قال: «سئل عن رجل قتل رجلا عمدا، و كان المقتول أقطع اليد اليمنى؟ فقال: إن كانت قطعت في جناية جناها على نفسه، أو كان قطع فأخذ دية يده من الذي قطعها، فإن أراد أولياؤه أن يقتلوا قاتله أدّوا إلى أولياء قاتله دية يده التي قيد منها إن كان أخذ دية يده و يقتلوه، و إن شاؤوا طرحوا عنه دية يد و أخذوا الباقي، قال: و إن كانت يده قطعت في غير جناية جناها على نفسه، و لا أخذ لها دية، قتلوا قاتله و لا يغرم شيئا، و إن شاؤوا أخذوا دية كاملة، قال: و هكذا وجدناه في كتاب علي عليه السّلام (3)، و هي معتبرة و قد عمل بها من لا يعمل إلا بالقطعيات.

(110) لرواية حسن بن الحريش عن أبي جعفر الثاني قال: «قال أبو جعفر الأول لعبد اللّه بن عباس «يا ابن عباس أنشدك اللّه هل في حكم اللّه اختلاف؟ فقال: لا، قال: فما تقول في رجل قطع رجل أصابعه بالسيف حتى سقطت فذهبت، و أتى رجل آخر فأطار كف يده، فأتي به إليك و أنت قاض كيف أنت صانع؟ قال: أقول: لهذا القاطع أعطه دية كفه، و أقول لهذا المقطوع: صالحه على ما شئت و أبعث إليهما ذو عدل، فقال له:

قد جاء الاختلاف في حكم اللّه و نقضت القول الأول، أبى اللّه أن يحدث في خلفه شيئا من الحدود، و ليس تفسيره في الأرض، أقطع يد قاطع الكف أصلا ثمَّ أعطه دية الأصابع، هذا حكم اللّه» (4)، و هي معتبرة، و نسب العمل بمضمونها إلى

ص: 307


1- سورة المائدة الآية: 45.
2- راجع صفحة: 280.
3- الوسائل: باب 50 من أبواب القصاص: 1.
4- الوسائل: باب 10 من أبواب قصاص الطرف: 1.

مسألة 36: لو كان على الجاني دين و لم يكن له تركة يؤدي منها دينه

(مسألة 36): لو كان على الجاني دين و لم يكن له تركة يؤدي منها دينه و أراد ولي المجني عليه القود فان استوثق للديان ديونهم بوجه شرعي معتبر يجوز له المبادرة إليه (111)، و إلا فيشكل المبادرة (112).

مسألة 37: يثبت القصاص لولي المجني عليه بعد موته

(مسألة 37): يثبت القصاص لولي المجني عليه بعد موته فلا يجوز له أن يقتل الجاني قبل موته (113)، فإذا بادر إلى ذلك لولي الجاني الاقتصاص منه كما أن له الرضا بالدية أو العفو (114).

مسألة 38: لو استلزم القود إثارة فتنة قوية بين الناس فللحاكم الشرعي تأخيره

(مسألة 38): لو استلزم القود إثارة فتنة قوية بين الناس فللحاكم الشرعي تأخيره حتى ترفع الفتنة و إلا فلا بد منه (115).

______________________________

الأكثر، بل الإجماع في الجملة.

(111) لوجود المقتضي و فقد المانع.

(112) من إذهاب موضوع حق الغير بالمبادرة، إذ لو أخّر القود إلى مدة أدّى الجاني ديونه كاملا حسب الفرض، فلا تجوز المبادرة، و من سلطنته عليه كما في قوله تعالى مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً (1)، فيجوز له المبادرة، نعم للحاكم الشرعي تأجيل القود لأجل ما يراه من المصلحة.

(113) أما الأول: فلعدم ثبوت الموضوع إلا بذلك، مضافا إلى ظواهر الأدلة مثل قوله تعالى وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً (2)، و تقدم ما يدلّ على ذلك من السنة.

و أما الثاني: فللأصل بعد عدم تحقق الموضوع بعد.

(114) أما الأول: لتحقق موضوع القصاص، فيشمله ما تقدم من الروايات.

و أما الثاني: فللعمومات، و الإطلاقات المتقدمة.

(115) أما الأول: لأن المقام حينئذ يصير من مصاديق تقديم الأهم على المهم، فلا بد من تأخير القود.

ص: 308


1- سورة الإسراء الآية: 33.
2- سورة الإسراء.

مسألة 39: لو توقف إجراء القصاص على تخريب دار لإخراج الجاني منها

(مسألة 39): لو توقف إجراء القصاص على تخريب دار لإخراج الجاني منها، فإن كان السبب منه فلا ضمان على أحد و إن لم يكن كذلك فمن بيت المال (116).

مسألة 40: المصارف التي تصرف لإجراء الحدود و القصاص على قسمين

(مسألة 40): المصارف التي تصرف لإجراء الحدود و القصاص على قسمين.

الأول: المصارف العامة لكل قصاص و حدّ.

الثاني: المصارف الخاصة بالمحدود و الجاني فالأول على بيت المال دون الثاني (117).

______________________________

و أما الثاني: لئلا يستلزم تعطيل حدود اللّه تبارك و تعالى. نعم للحاكم الشرعي مراعاة الجهات الخارجية في إجراء القصاص.

(116) أما الأول: فلقاعدة السبب.

و أما الأخير: فلعدم موجب للتضمين على أحد، فلا بد من قيام بيت المال بذلك.

(117) أما الأول: فلأنها من لوازم القصاص و الحدود اللذين وضعهما الشارع، فيكون عدّتها عليه كالسوط و السيف و نحوهما، مما تتقوم القصاص أو الحدود بها كما تقدم.

أما الثاني: و هي ما تختص بخصوص الجاني أو المحدود، كثمن دواء لعلاج مرض كان فيه سابقا إن توقف الحدّ على رفعه، أو اجرة وضع الحمل مثلا لو كان الجاني امرأة، فتكون جميعها عليه لتسبيبه بذلك، فإن جنايته كانت باختياره فصارت سببا لذلك.

ص: 309

فصل في آداب القصاص

اشارة

فصل في آداب القصاص تقدم بعضها في المسائل السابقة إلا أن هنا مسائل:

مسألة 1: الواجب إنما هو القتل فقط

(مسألة 1): الواجب إنما هو القتل فقط و أما سائر الجهات من الإيذاء القولي أو الفعلي فهي باقية على أحكامهما الأولية من الحرمة أو الكراهة (1).

مسألة 2: يجب حفظ حياته إلى حين تحقق القصاص

(مسألة 2): يجب حفظ حياته إلى حين تحقق القصاص (2)، و إن توقف ذلك على بذل المال فيؤخذ منه إن كان له مال و إلا فعلى بيت مال المسلمين و إلا فتجب كفاية (3).

مسألة 3: لا بد للحاكم الشرعي من إمهال الجاني عند القود لأداء ما عليه فعلا

(مسألة 3): لا بد للحاكم الشرعي من إمهال الجاني عند القود لأداء ما عليه فعلا من الواجبات الشرعية كالوصية لأداء ديونه و غيرها (4).

______________________________

(1) للأصل، و العمومات، و الإطلاقات، بعد عدم دليل على الخلاف، بل الأحكام الوضعية باقية على حالها، فلا يجوز و يضمن لو أخذ الدم منه مثلا بدون رضاه، و كذا لو استقله في العمل.

(2) لما تقدم في النفقات من العمومات، و الإطلاقات، الشاملتان له، بلا دليل على الخلاف.

(3) لأنه ما لم يقتص منه يكون كسائر المسلمين، فيجري عليه ما يجري على المسلمين.

(4) لأن ذلك من أهم الأمور الحسبية، فيجب ذلك عليه، فإن الواجبات لا تتحقق إلا بذلك، و قد تقدم في كتاب الطهارة ما يتعلق بالمقام.

ص: 310

مسألة 4: لا يجوز سجن الجاني إلا إذا كان في معرض الفرار و لم تتحقق الكفالة

(مسألة 4): لا يجوز سجن الجاني إلا إذا كان في معرض الفرار و لم تتحقق الكفالة (5)، فيسجن حتى يجري عليه القصاص (6)، و لا يسقط القود بفرار الجاني و يقتص منه متى وجد ما لم يتراضيا بالدية (7).

مسألة 5: لو استجار الجاني بأحد فإجارة و لم يتمكن القود منه

(مسألة 5): لو استجار الجاني بأحد فإجارة و لم يتمكن القود منه لا يسقط القصاص و لا يجوز لأحد إجارته (8).

مسألة 6: ينبغي الإحسان إلى الجاني حتى يجري عليه القصاص

(مسألة 6): ينبغي الإحسان إلى الجاني حتى يجري عليه القصاص (9).

______________________________

(5) أما الأول: فلأنه إيذاء و هتك بل إضرار له، فلا يجوز.

و أما الثاني: فلما تقدم في كتاب الكفالة من أن الكفيل هو الضامن لإحضاره، فإذا لم تتحقق الكفالة الشرعية و كان الجاني في معرض الفرار، يسجن حينئذ.

(6) لوجوب القصاص فيجب مقدماته.

(7) للإطلاقات، و العمومات، من غير دليل على الخلاف. نعم لو تراضيا بالدية سقط القود، كما تقدم مكررا.

(8) أما الأول: فللأصل، و الإطلاقات، و العمومات.

و أما الثاني: فإن كان الجوار لأصل دفع القود عنه رأسا فهذا تعطيل للحدود و لا يجوز شرعا، كما مر في أول كتاب الحدود، و إن كان لأجل الإمهال مدة قليلة بحيث لا يستلزم ذلك، فيمكن القول بالجواز إن اقتضاه رأي الحاكم الشرعي.

(9) للعدل، و الإحسان الإلهي، فعن علي عليه السّلام لما قتله ابن ملجم: «احبسوا هذا الأسير و أطعموه و أحسنوا إساره، فإن عشت فأنا أولى بما صنع بي، إن شئت استقدت، و إن شئت عفوت، و إن شئت صالحت، و إن مت فذلك إليكم، فإن بدا لكم أن تقتلوه فلا تمثلوا به» (1)، و قريب منه غيره، و تقدم ما يدلّ

ص: 311


1- الوسائل: باب 62 من أبواب قصاص النفس الحديث: 4.

مسألة 7: مصارف تجهيزات الدفن من تركة الجاني

(مسألة 7): مصارف تجهيزات الدفن من تركة الجاني و إن لم يكن له تركة فمن بيت مال المسلمين و إلا فتجب كفاية (10).

مسألة 8: لا يجوز تشريح بدنه بعد القود

(مسألة 8): لا يجوز تشريح بدنه بعد القود (11).

مسألة 9: لو أراد الولي القود من الجاني فخلّصه شخص منه، سجن الشخص حتى يتمكن الولي من الجاني

(مسألة 9): لو أراد الولي القود من الجاني فخلّصه شخص منه، سجن الشخص حتى يتمكن الولي من الجاني فإن مات الجاني أو لم يقدر عليه فالدية على الشخص الذي خلّصه (12).

______________________________

على ذلك أيضا.

(10) لما تقدم في تجهيزات الميت، فلا حاجة للإعادة هنا مرة أخرى.

(11) لأصل، و العمومات، و الإطلاقات، بل ذلك مثلة، و هي محرمة كما تقدم، و عن علي عليه السّلام «لا يمثل بالرجل، فإني سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إياكم و المثلة و لو بالكلب العقور» (1)، و مرّ قول الصادق عليه السّلام في الصحيح: «لا يترك يعبث به» (2).

(12) لقاعدة التسبيب، و عن الصادق في معتبرة حريز: «في رجل قتل رجلا عمدا، فرفع إلى الوالي، فدفعه الوالي إلى أولياء المقتول ليقتلوه، فوثب عليه قوم فخلّصوا القاتل من أيدي الأولياء، قال عليه السّلام: أرى أن يحبس الذين خلّصوا القاتل من أيدي الأولياء حتى يأتوا بالقاتل، قيل: فإن مات القاتل و هم في السجن؟ قال: إن مات فعليهم الدية يؤدونها جميعا إلى أولياء المقتول» (3).

إلى هنا انتهى هذا المجلد و الحمد للّه تعالى على ما تفضل، و يبدأ الجزء التاسع و العشرون إن شاء اللّه تعالى ب (فصل في قصاص الأطراف).

محمد الموسوي السبزواري 7- 5- 1406.

________________________________________

سبزوارى، سيد عبد الأعلى، مهذّب الأحكام (للسبزواري)، 30 جلد، مؤسسه المنار - دفتر حضرت آية الله، قم - ايران، چهارم، 1413 ه ق

ص: 312


1- الوسائل: باب 62 من أبواب قصاص النفس الحديث: 6، 2.
2- الوسائل: باب 62 من أبواب قصاص النفس الحديث: 6، 2.
3- الوسائل: باب 16 من أبواب قصاص النفس.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.